حكم الاختلاط في العمل

حكم الاختلاط في العمل بدين الإسلام له شقّين، فقد وضع الله تعالى بعض التشريعات الواجب اتّباعها، فشرع الله أغلى من هوى النفس، وهناك بعض التشريعات في دين الإسلام التي تخصّ الاختلاط بين المرأة والرجل في العمل، ومن الضروري أن يلتزم بها المسلمون، لذا سوف نعرض لكم فيما يلي حكم الاختلاط في العمل من خلال موقع زيادة.

حكم الاختلاط في العمل

إن الإسلام دين الوسطيّة والاعتدال، فمن تعاليم الإسلام أنه لا يجوز التعامل أو الاختلاط بين الرجل والمرأة في إطار غير شرعي أو خارج الحدود الشرعية، لكن لم يُحرم الشرع تعامل المرأة مع الرجل مع الالتزام بحدود الله تعالى، ومع وجود بعض النقاط الهامة التي سنتطرق إليها فيما بعد.

فإن كان هناك اجتماع في مكان ما بين جنسين فهو من الأمور الجائزة في الإسلام، مع الالتزام بتعاليم الدين، وعدم خضوع المرأة بالقول، أو إظهار المفاتن، أما عن التعامل الجاد في حدود العمل فهو من الأمور الجائزة.

اقرأ أيضًا: حكم الاحتفال بعيد الميلاد في غير يومه

حكم عمل المرأة

بعض الناس قد يختلط عليهم الأمر في تشريع الإسلام لخروج المرأة للعمل، فقد اختلف الزمان وأصبحت الآن المرأة تحتاج إلى كسب الرزق، ومشاركة الزوج أو الأهل في شئون الحياة، وهو لا بأس به في الإسلام وجائز، على أن يكون العمل آمن للمرأة، وأن تكون ملتزمة بحدود الله تعالى.

أي أن خروج المرأة للعمل من القضايا المحسومة، التي لا يمكن الجدال في تحريمها من جوازها، فهي جائزة في الإسلام، وقد كانت المرأة أيام الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ تخرج من المنزل وفق الضوابط الشرعية، كما كنَّ يختلطن مع الرجال في وقت الصلاة على أن يصلي كل منهما في مكان مختلف.

حكم الاختلاط في العمل دار الإفتاء

قد أشاد فقهاء دار الإفتاء ودارسي كتب الدين بأن الاختلاط بين النساء والرجال جائز في الشرع في وجود بعض الضوابط، ومن المحرم أن يكون هناك خلوة بين المرأة والرجل.

فلا يجوز أن تعمل في مكان لا يتواجد به سواها، فعن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ أن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ قال: لا يخلُوَنَّ رجلٌ بامرأةٍ فإن الشيطانَ ثالثهما [صحيح مجموع فتاوي الباز].

كما أن هناك ما يرفع الخلوة، حيث إن وجود أكثر من رجل مع المرأة في مكان واحد يزيل الخلوة، ويزيل الذنب، فعن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنه ـ أن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ قال: “ لا يَدْخُلَنَّ رَجُلٌ، بَعْدَ يَومِي هذا، علَى مُغِيبَةٍ، إلَّا وَمعهُ رَجُلٌ أَوِ اثْنَانِ[حديث صحيح مسلم].

هو ما قاله النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ عندما دخل أبي بكر على أسماء بنت عميس ووجد ثلاثة رجال يسألونها عن شيء في منزلها دون وجود زوجها، فغضب من ذلك، لكن رسول الله ـ عليه الصلاة والسلام ـ برأها من ذلك الأمر.

أي أنه يجوز للمرأة الاختلاط في العمل مع الرجال مع الحفاظ على الضوابط الشرعية في التعاملات، ويزول عنها تحريم الخلوة في حالة اجتمعت مع رجلين شرط أن يكونا صالحين وتأمن لهما.

كما قد جاء في ذلك الأمر روى أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ عن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال: جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأنْصَارِ إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَخَلَا بهَا، فَقَالَ: واللَّهِ إنَّكُنَّ لَأَحَبُّ النَّاسِ إلَيَّ [حديث صحيح البخاري].

أشاد كذلك فقهاء دار الإفتاء بأن تلك الخلوة معناها أن الرجل يجلس مع المرأة في وجود ناس، لكن لا يسمعون كلامهما وهو من الأمور المباحة في الإسلام، لكن في حالة كان الأشخاص ليسوا محلّ ثقة فهو من الأمور الغير جائزة.

اقرأ أيضًا: حكم الاحتفال بعيد الميلاد

ضوابط الاختلاط في العمل

بعد التعرف إلى حكم الاختلاط في مجال العمل وأنه جائز في حالة حافظت المرأة على الضوابط الخاصة بالشرع والاختلاط، سوف نتطرق إلى عرض الضوابط الواجب اتباعها في العمل بين الرجل والمرأة، وتتمثل هذه الضوابط فيما يلي:

1ـ الالتزام بغض البصر

قد قال الله تعالى في كتابه الكريم: (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) [سورة النور: الآية 30].

قد وضع الله تعالى بعض الأوامر والتشريعات الإسلامية الخاصة بالتعامل بين المرأة والرجل حفاظًا على النفس من الوقوع في الخطأ، ومن ضمن تلك التشريعات هي ضرورة غض البصر لكل من المرأة والرجل، فلا يجوز أن يطيل أحدهم النظر إلى الطرف الآخر.

سواء بشهوة أو غير شهوة، ففي ذلك فتنة للنفس، وهو ما قد يجعلها ترتكب ما لا يرضي الله ـ عز وجل ـ، أي يجوز للرجل والمرأة أن يختلطا في العمل بحدود التعامل الشرعي، فلا يطيل أحدهما النظر إلى الآخر ولا التدقيق في مفاتنه.

فإن عدم غض البصر يسبب ضعف القلب، والخضوع في القول، أو نشوب المشاكل بين المتزوجين وتوتر العلاقة بينهما، ففيه حفظ للنفوس من شرها، وفي حالة عدم غض البصر فإن الاختلاط في العمل يكون مُحرم بتلك الحالة.

2ـ التزام المرأة بالزي الشرعي

ثاني التشريعات التي وضعها الله تعالى في تعامل المرأة مع الرجال الغير محارم، هي الظاهرة في قوله تعالى: (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ) [سورة النور: الآية 31]، وهي من التعاليم الهامة في كل الأحيان سواء عند الاختلاط في العمل أو المجالات الأخرى.

أي يكون اختلاط المرأة مع الرجال في العمل جائز في حالة التزمت المرأة بالزي الشرعي، وهو ألا يظهر من جسدها سوى اليدين والوجه، وهو ما يحفظ للمرأة عفتها وحيائها، كما يبعد من نظر الرجال إليها والتمعن فيها، وفيه حفظ للنفس من الوقوع في الخطأ.

3ـ عدم الخضوع بالقول

من ضمن الضوابط الخاصة بحكم الاختلاط في العمل هي ألا تخضع المرأة بالقول، أي لا تتكلم بحديث نبرته فيها إثارة أو إغراء ومزاح، وألا تتساير مع الرجل في الحديث بشكل مبالغ فيه.

أو خارج نطاق العمل، حتى لا يصاب قلب كل منهما بالفتنة، أو الوقوع في ارتكاب المزيد من المعاصي، فقد قال الله تعالى في كتابه الكريم: (فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا) [سورة الأحزاب: الآية 32].

4ـ الاعتدال في المشي

أحد ضوابط الاختلاط في العمل هي ألا تتكسر الفتاة أثناء مشيها أمام الرجال في العمل، أو تتحرك بحركة مائلة، فهي ليست من شيّم المسلمات العفيفات، وهو من الأمور التي قد تتسبب في الأذى لها، وغير جائزة، فينبغي أن تسير على استحياء.

5ـ عدم التزين

من ضمن الأمور الواجب على المرأة عدم القيام بها في أماكن الاختلاط مع الرجال هي التزين بالعطور والروائح الجميلة، أو الملابس التي تفتن والموضحة للجسم، وحتى المكياج، حيث إنها من الأمور الجائزة للمحارم فقط.

6ـ الخلوة بين المرأة والرجال

أحد ضوابط حكم الاختلاط في مجال العمل هي أن يحرص كل من الرجل والمرأة على ألا يتحدثا خلوة فيما بينهما، حيث إن ذلك قد يتسبب في فتنة القلب، والتعرض للوقوع في ارتكاب الأخطاء والمعاصي.

اقرأ أيضًا: هل الغناء حرام

7ـ عدم التلامس بين الرجل والمرأة

من ضمن ضوابط حكم الاختلاط في العمل التي أشاد بها فقهاء الدين الدارسين لسنة النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ وكتاب الله تعالى، هي أنه لا يجوز أن يحدث تلامس بالسلام أو المزاح بين الرجل والمرأة، فلا يحلّ لرجل أن يمس امرأة لا تحلّ له.

فإن حدث فحكم الاختلاط في العمل هنا مُحرم، واحذروه ففيه فتنة رهيبة، وعن أسامة بن زيد ـ رضي الله عنه ـ أن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام قال: ما تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أضَرَّ علَى الرِّجالِ مِنَ النِّساءِ” [حديث صحيح مسلم].

على أن يقع إثم التلامس والاختلاط بالنسبة للطبيب والمرضى، فتلك من الضرورات التي تبيح المحذورات، ويجوز للرجل أن يكشف على المرأة طالما يلتزم بشرف المهنة.

تلك الضوابط توضح أن حكم الاختلاط في العمل جائز في حالة وجودها، وينبغي أن يلتزم كل مسلم بتعاليم وحدود دينه، للحفاظ على النفس من الوقوع في الخطأ، فالاختلاط دون آداب فيه ضياع لعفة المرأة، وقيمة الرجل.

إن اتّباع سنة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ووضع شرع الله أولى الاحتياطات التي تعدّ حصن الأمان لنفس المسلم في الدنيا، والبحث عن تعاليم الدين تساهم في القيام بمختلف الأمور في الحياة دون خوف من الوقوع في الإثم.

قد يعجبك أيضًا