بحث عن غزوة أحد

بحث عن غزوة أحد قد يكون من أهم الأبحاث التي تطرقت إليها أيدي الباحثين عن المراجع الهامة لغزوات الرسول صلى الله عليه وسلم، بل أنها فعليًا من أهم الغزوات التي مرت على المسلمين في بداية الدعوة الإسلامية، لذلك رأينا في موقع زيادة أن نقوم بالبحث المثمر في أحداث غزوة أُحُد.

بحث عن غزوة أحد

أن الدروس التي استفاد منها المسلمين من غزوة أحد قد تكون من أهم الدروس التي تعلمها المسلمون على مر السنين وتسببت في ارتقاء جيش المسلمين إلى أن أصبح أعظم جيش في العالم، بشهادة أعداء الإسلام أنفسهم.

اقرأ أيضًا: بحث عن عمر بن الخطاب

أسباب غزوة أحد

كانت هزيمة غزوة بدر على يد المسلمين هي السبب الأول في الإعداد لغزو المسلمين من جديد، فكانت هزيمة قريش في بدر أثارت نزعة الانتقام لجميع أهل قريش بمكة.

كان على رأس هذه الفكرة مخطط الحرب الجديدة لغزوة أُحُد أكبر قادة قريش، ومنهم:

  • عكرمة بن أبي جهل.
  • أبو سفيان بن حرب.
  • صفوان بن أمية.
  • عبد الله بن أبي ربيعة.

أنزل الله تعالى في ذلك قوله (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، فَسَيُنْفِقُونَها ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ) [36 الأنفال]

ثم قامت قريش لفتح باب التطوع لقتال المسلمين فحرضت كلًا من صفوان ابن أمية ومسافع بن عبد مناف الجمحي على تحريض العرب بما امتلكوه من ملكة الشعر على قتال المسلمين.

كذلك من أسباب إسراع قريش لحرب المسلمين هو هزيمة قريش في غزوتين، ضيعت فيهما من المال والعتاد، وكذلك من شرف قريش ما كانت تطمع بتعويضه عند النيل من النبي صلى الله عليه وسلم.

عُدَّةَ جيش قريش

لا بد لنا في موضوعنا بحث عن غزوة أحد أمن نبين قدرة جيش الكفار الذي أعدته قريش لحرب المسلمين، حيث جمعت ما يقارب ثلاثة آلاف جندي.

كما اصطحبوا 15 من النساء ليحثوا الرجال على القتال، أما سلح النقل فكان ثلاثة آلاف من البعير، وكانت قيادة الجيش لأبو سفيان بن حرب، وحمل اللواء من نصيب بني عبد الدار، وقاد سلاح الفرسان خالد بن الوليد وعكرمة بن أبي جهل.

كشف تحرك جيش مكة من استخبارات المسلمين

يعد وجود استخبارات النبي صلى الله عليه وسلم من أهم ما نتعلمه في موضوعنا بحث عن غزوة أحد، فلما علم العباس بن عبد المطلب بتحرك جيش المشركين أرسل مستعجلًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وكان النبي قد كلفه بكشف تحركات المشركين بمكة.

فما كان من رسول العباس إلا أن توجه إلى المدينة مسرعًا ليقطع المسافة بين مكة والمدينة في ثلاثة أيام فقط.

استلم النبي صلى الله عليه وسلم الرسالة وهو خارج المدينة فما لبث أن عاد إليها ليتشاور مع الصحابة حول الأمر.

حالة الطوارئ في صفوف المسلمين

تجولت دوريات متعددة حول محيط المدينة وعبر طرقها للكشف عن أي تحركات غريبة قد تكون من المشركين، وتولى قادة الأنصار حراسة النبي صلى الله عليه وسلم، كما قام بعض الصحابة بحراسة المسجد النبوي.

قريش على أسوار المدينة

من الأمور الهامة في موضوعنا بحث عن غزوة أحد، أن نهتم بالتفاصيل مثل وقوف قريش على أسوار المدينة، حيث قررت هناك هند بنت عتبة زوجة أبي سفيان بنبش قبر أم النبي صلى الله عليه وسلم، إلا أن الله تعالى ألقى في قلوبهم الرعب من هذا الأمر.

حيث خاف قادة قريش من عاقبة ذلك، من رسول الله صلى الله عليه وسلم أو من المسلمين سواء كانت ناتج الحرب بالنصر أو حتى بالهزيمة.

خطة دفاع المسلمين

بعد أن حرصت استخبارات المسلمين على نقل حال جيش قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم، عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسًا عسكريًا ليتشاور مع الصحابة حول الخطة الدفاعية للجيش، كما أخبرهم برؤياه التي رآها فقال (إني قد رأيت والله خيرا، رأيت بقرا يذبح، ورأيت في ذباب سيفي ثلما، ورأيت أني أدخلت يدي في درع حصينة، وتأول البقر بنفر من أصحابه يقتلون، وتأَول الثلمة في سيفه برجل يصاب من أهل بيته وتأَول الدرع بالمدينة).

ثم اقترح النبي صلى الله عليه وسلم عليهم أن يتحصنوا بالمدينة، ففي حالة أن المشركين بقوا محاصرين للمدينة كان شرًا عليهم، فبالمدينة كل ما يكفي المسلمين من متاع، وأما لو دخلوها حاربهم الرجال في أزقتها والنساء من أسطح المنازل.

رأي المسلمين

كان رأي الصحابة هو الخروج للمشركين ولقائهم خارج المدينة لكيلا يظنون أنهم جبناء، وطلبهم لجهاد المشركين من الله تعالى، أما رأس النفاق “عبد الله بن أبي بن سلول” فقد بايع قول النبي بالبقاء بالمدينة، ولم يكن ذلك إلا لكرهه للقاء المشركين.

أما حمزة بن عبد المطلب فقد أشار بالخروج وقال (والذي أنزل عليك الكتاب، والذي أنزل عليك الكتاب لا أطعم طعامًا حتى أجادلهم بسيفي هذا خارج المدينة)، فأخذ النبي برأي المشورة على رأيه وخرج للمشركين.

خروج الجيش الإسلامي إلى ساحة القتال

قام النبي صلى الله عليه وسلم بصلاة الجمعة مع المسلمين، وخطب فيهم بالنصر لو أنهم صبروا وأطاعوا، وأمرهم بالاستعداد التام للعدو، وفرح المسلمون بذلك فرحًا شديدًا.

ثم صلى العصر وقام كل من أبو بكر وعمر بن الخطاب بتدريع النبي صلى الله عليه وسلم، فألبساه وعمماه.

لما رأى الصحابة أنهم عارضو أمر النبي صلى الله عليه وسلم، أشفقوا من ذلك فخرجوا إليه وأعادوا إليه الأمر في الخروج من المدينة أو البقاء فيها، فرد عليهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله (ما ينبغي لنبي إذا لبس لأمته – درعه – أن يضعها، حتى يحكم الله بينه وبين عدوه). [رواه أحمد والنسائي]

تقسيمة جيش المسلمين

قام النبي صلى الله عليه وسلم بتقسيم جيش المسلمين إلى ثلاثة كتائب:

  • كتيبة المهاجرين بقياد مصعب بن عمير.
  • كتيبة الأوس والأنصار بقيادة أسيد بن حضير.
  • كتيبة الخزرج والأنصار بقيادة الحباب بن المنذر.

كان قوام جيش المسلمين يتألف من:

  • ألف مقاتل.
  • مائة درع.
  • خمسون فارس، وقيل لم يكن من الفرسان أحد.

وترك النبي صلى الله عليه وسلم على المدينة ابن أم مكتوم يقوم للصلاة بمن فيها، فلما أذن النبي للجيش بالخروج، فتحرك جيش المسلمين إلى الشمال يتقدمه السعدان أمام النبي صلى الله عليه وسلم بمقدار ذراعين.

التمرُّد والخيانة

بعد الفجر بدأ يتحرك النبي صلى الله عليه وسلم بجيش المسلمين حتى رأى المسلمون الكفار أمامهم، وهنا قام عبد الله بن أبي بن سلول بالانسحاب ومعه ثلاثمائة مقاتل من أصل ألف، أي ثلث عدد جيش المسلمين، وقال “ما أدري علامَ نقتل أنفسنا؟” ثم كانت حجته بأن النبي أخذ برأي باقي المسلمين بالخروج ولم يأخذ برأيه في البقاء بالمدينة.

لكن هذا المنافق لم يصدق في تبريره هذا بل أنه تعمد بإرباك جيش المسلمين أمام جيش الكفار في لحظة اللقاء وبداية المعركة.

همت طائفتان من الأنصار أن تفشلا بما أشعله رأس النفاق من فتنة، لكن الله تعالى ثبت المؤمنين على الحق، فقال تعالى في هذا (إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا، وَاللَّهُ وَلِيُّهُما، وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) [122 آل عمران]

وقال تعالى في هذا الموقف (وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نافَقُوا، وَقِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا، قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا، قالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتالًا لَاتَّبَعْناكُمْ، هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمانِ، يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما يَكْتُمُونَ) [167 أل عمران]

بعد تقلص جيش المسلمين إلى سبعمائة مقاتل فقط، سأل النبي الصحابة عن دليل إلى جبل أحد دون أن يمر على المشركين الذين كانوا بينه وبين الجبل، فقام أبو خثيمة فدل النبي صلى الله عليه وسلم على طريق مختصر يمر بأحد المزارع.

فوصل المسلمون بفضل الله تعالى إلى جبل أحد فحصن النبي صلى الله عليه وسلم ميمنة الجيش ومؤخرته بالجبل، وجعل وجهه للمشركين.

اقرأ أيضًا: بحث عن غزوات الرسول

جبلُ الرُمَاة

هنا تهيأت صفوف جيش المسلمين، واختار النبي صلى الله عليه وسلم أفضلهم من الرماة وهم خمسون راميًا، وضعهم فوق الجبل بقيادة عبد الله بن الجبير بن النعمان الأنصاري.

فأمرهم بالتمركز فوق الضفة الجنوبية من وادي القناة، الذي عرف فيما بعدها بـ “جبل الرُماة”، وموقعه بالنسبة لجيش المسلمين هو الجنوب الشرقي منهم، وعلى بُعد 150 متر من جيش المسلمين.

من هذه النقطة في موضوعنا  بالبحث في غزوة أحد يتوجب علينا أن نوضح أن النبي صلى الله عليه وسلم قد شدد على الرماة خاصة ما يجب عليهم أن يفعلوه، فقال عليه الصلاة والسلام للرماة (احموا ظهورنا، فإن رأيتمونا نقتل فلا تنصرونا، وإن رأيتمونا قد غنمنا فلا تشركونا).

بقية الجيش الإسلامي

جعل النبي صلى الله عليه وسلم تقسيمة جيش المسلمين على النحو التالي:

الميمنة بقيادة المنذر بن عمرو والميسرة بقيادة الزبير بن العوام مع المقداد بن الأسود، أما في مواجهة فرسان الكفار وعلى رأسهم خالد بن الوليد فقد جعل هذا على عاتق الزبير بن العوام، أما في مقدمة الجيش فكان خيرة رجال الإسلام من الذين عرف عنهم القوة والبسالة ويوزن الواحد منهم بألف من الرجال.

السابع عشر من شوال في السنة الثالثة من الهجرة

قام النبي صبيحة السبت بعد أن قسَّم الجيش فجرد سيفا باترا ونادى أصحابه (من يأخذ هذا السيف بحقه؟ فقام إليه رجال ليأخذوه- منهم علي بن أبي طالب، والزبير بن العوام، وعمر بن الخطاب- حتى قام إليه أبو دجانة سماك بن خرشة، فقال: وما حقه يا رسول الله؟ قال: «أن تضرب به وجوه العدو حتى ينحني. قال: أنا آخذه بحقه يا رسول الله، فأعطاه إياه).

لما أخذ أبو دجانة السيف من النبي صلى الله عليه وسلم، قام فاعتصب بعصابة حمراء، علم الصحابة أنه لو اعتصب بها لقاتل حتى الموت، ثم تبختر بين صفَّي الجيش، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم (إنها لمشية يبغضها الله إلا في مثل هذا الموطن).

مناورات سياسية من المشركين

حاول أبو سفيان أن ينشب الفرقة بين جيش المسلمين فأرسل للأنصار رسالة قال فيها أن خلوا بيننا وبين ابن عمنا فننصرف عنكم، لا حاجة لنا لقتالكم، فأسمعه الأنصار ما يكره سماعه، وبدا للمشركين ترابط المسلمين وبأسهم الشديد.

فلما تقاربت الفئتين أخرج المشركين منهم “أبا عمر الراهب” وقد
أسماه الرسول صلى الله عليه وسلم “أبا عمر الفاسق”، وذلك بأنه كان رأس الأوس في الجاهلية، فلما بلغ النبي المدينة جاهر له هذا الفاسق بالعداوة.

اشتعال فتيل المعركة

كان أول من تقدم من المشركين بعد أن اقترب الجيشان هو طلحة بن أبي طلحة العبدري، وكان هو حامل لواء الكفار، ووصف بأنه من أشجع فرسان قريش ولقبه المسلمون بكبش الكتيبة.

حيث تقدم راكبًا على جمل عظيم، ودعا إلى المبارزة التي تسبق التحام الجيشين، فخرج له الزبير بن العوام ولم يمهله وقتًا، حيث قفز إليه على الجمل وأخذه أرضًا ثم ذبحه أمام أعين فرقته.

فلما رأى المسلمون ذلك كبروا ربهم وأثنى النبي على الزبير فقال (إن لكل نبي حواريا، وحواريي الزبير).

ثم التحم الجيشان وكان على أشد ما يكون في كل بقاعه، لكن المكان أكثر احتدامًا كان حول لواء المشركين، فبعد أن قتل الزبير قائدهم تدافع بنو عبد الدار لحمل اللواء.

قضى كل بني عبد الدار حتفهم وهم يحاولون رفع لواء المشركين، فأخذ اللواء غلام من الحبشة يدعى “صواب” كان خيرًا في القتال من سادته الذين سبقوه، فقاتل حتى قطعت كلتا يداه فبرك بصدره على اللواء وهو يقول “اللهم قد أعذرت”.

بعد أن سقط صواب لم يجد اللواء أحدًا يحمله فبقي ساقطًا لا يقدر على حمله أحد من المشركين.

أًمِتْ، أَمِتْ

كان هذا شعار المسلمين يوم أحد حيث كان المسلمون يخترقون صفوف الكفار كماء تنهار أمامه السدود، أما أبو دجانة فقد صنع بالمشركين ما عاهد النبي صلى الله وسلم عليه حقًا، فقد كان يدخل الصفوف فيخترقها إلى آخرها تاركًا على جانبيه صفين من قتلى المشركين.

أسد الله حمزة بن علد المطلب

أما أسد الله حمزة بن عبد المطلب، فلما انتهى من حملة لواء المشركين طاح في جيشهم، فتوجه إلى أشدهم قوة في القتال يصرعهم الواحد تلو الآخر، حتى سقط بضربة من ظهره فلم يصرع حمزة عن مواجهة ولكنه تم اغتياله.

وقد أثر مقتل حمزة في النبي صلى الله عليه وسلم أشد الأثر حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدر وجهه لهند بنت عتبة بعد إسلامها، فقد كانت من المتآمرين على قتل حمزة بهذه الطريقة.

هزيمة المشركين

لما رأى جيش الشرك أنه يقاتل جيش يكثر عدده عما هم عليه حقًا، فقد شعر المشركين أنهم يقاتلون ثلاثون ألفًا لا بضع مئات من المسلمين، فلم يقدروا عليهم أبدًا، بل لم يستطيعوا أن يصلوا إلى لوائهم ليحملوه منذ مقتل صواب، فبدأت في الانسحاب ونسيت ما كانت تتحدث عنه من الثأر والمجد القديم بين القبائل.

” قال ابن إسحاق: ثم أنزل الله نصره على المسلمين، وصدقهم وعده، فحسوهم بالسيوف حتى كشفوهم عن المعسكر، وكانت الهزيمة لا شك فيها. روى عبد الله بن الزبير عن أبيه أنه قال: والله لقد رأيتني أنظر إلى خدم- سوق- هند بنت عتبة وصواحبها مشمرات هوارب، مادون أخذهن قليل ولا كثير … إلخ، وفي حديث البراء بن عازب عند البخاري في الصحيح: فلما لقيناهم هربوا، حتى رأيت النساء يشتدون في الحبل، يرفعن سوقهن قد بدت خلاخيلهن، وتبع المسلمون المشركين، يضعون فيهم السلاح، وينتهبون الغنائم.”

خطأ الرُماة

خلال المعركة حاول خالد بن الوليد أن يلتف حول جيش المسلمين ثلاث مرات، إلا أن محاولاته باءت بالفشل، وهذا بسبب أن الرماة قد اتبعوا أمر النبي صلى الله عليه وسلم في الحفاظ على مكانهم ولم يعطوا الفرصة للمشركين في الالتفاف حول جيش المسلمين.

ألا أنهم وقعوا فيما حذرهم منه النبي صلى الله عليه وسلم، فتبدلت الأوضاع من نصر ساحق للمسلمين إلى مباغتة المشركين للمسلمين من خلفهم، بل كاد النبي صلى الله عليه وسلم أن يقتل بسبب هذه المخالفة المباشرة لأمره بعدم ترك مكانهم.

فقد سبق وبينا أن ببداية أمر الغزوة أمر النبي صلى الله ليه وسلم الرماة أن يبقوا في أماكنهم وألا يبرحوه تحت أي ظرف حتى يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالنزول من على الجبل.

لكن للأسف، ترك من الرماة عدد هو أربعين من أصل خمسين رامٍ، ليصيبوا من الغنائم ما رأوا المسلمين يصيبوه عقب بداية التأكد من النصر، ذلك رغم أن عبد الله بن جبير قائدهم قد ذكرهم بأمر النبي صلى الله عليه وسلم.

إلا أنهم لم يلقوا بالًا فنزلوا من الجبل وتركوا موقعهم ليشاركوا في جمع الغنائم، حتى لم يبق إلا بن الجبير وتسعة من الرماة، استماتوا على أمر النبي صلى الله عليه وسلم.

خالد بن الوليد يطوق جيش المسلمين

هذه من أهم الدروس المستفادة في بحث عن غزوة أحد، حيث لم تكن الهزيمة واردة إلا بالعصيان الواضح لأوامر القيادة، حيث انتهز خالد بن الوليد بعبقرتيه الحربية خطأ الرماة فتوجه ملتفًا إليهم فأباد عبد الله بن الجبير ومن معه من التسعة الباقين، ثم انسدل من خلف جيش المسلمين مناديًا على كتائب المشركين ليطوقوهم، فأسرعت إحدى النساء المشركات فرفعت اللواء المطروح في التراب.

موقف النبي صلى الله عليه وسلم من الحصار

تمت الإحاطة التامة بالمسلمين من كل الجهات، ولم يكن مع النبي صلى الله عليه وسلم إلا تسعة من الصحابة في مؤخرة الجيش، حيث بوغت النبي ومن معه بفرسان خالد بن الوليد الذي كان لم يسلم بعد، فقام النبي صلى الله عليه وسلم بالنداء على أصحابه ليجتمعوا ويشقوا طريقهم إلى هضاب أحد.

اقرأ أيضًا: متى كانت غزوة تبوك

تخبط جيش المسلمين

عمت الفوضى في صفوف المسلمين تمامًا، ثم سمعوا من يصيح بقوله: إن محمدًا قد مات، فذهب صواب المسلمين تمامًا، وكادت معنويات المسلمين تسقط، فرمى منهم السلاح الكثير وفر منهم من فر، حتى أن بعضهم ففكروا اللجوء لرأس النفاق عبد الله بن أبي بن سلول ليأخذوا منه الأمان من سيف أبي سفيان.

خلال هذه اللحظات اجتمع حول النبي صلى الله عليه وسلم:

  • سعد ابن أبي وقاص.
  • طلحة بن عبيد الله.
  • أبو بكر الصديق.
  • أبو دجانة.
  • مصعب بن عمير.
  • علي ابن أبي طالب.
  • سهل بن حنيف.
  • مالك بن سنان.
  • أم عمارة نسيبة بنت كعب المازنية.
  • قتادة بن النعمان.
  • عمر بن الخطاب.
  • حاطب بن أبي بالتعة.
  • سهل بن حنيف.

من أمور التي من الله بها على المسلمين في هذا الموقف هو سكنة النعاس ليشعروا بالأمن والسكينة، قال أبو طلحة: كنت فيمن تغشاه النعاس يوم أحد، حتى سقط سيفي من يدي مرارا، يسقط وآخذه، ويسقط وآخذه. [صحيح البخاري]

فبهذا الانسحاب المنظم، وبفضل الله تعالى على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى المسلمين، وصل المسلمين لنقطة الأمان فوق جبل أحد.

الهجوم الأخير

بعد أن وصل المسلمين للنقطة الآمنة فوق الجبل حاول المشركين بقيادة أبو سفيان وخالد بن الوليد الوصول إلى النبي، فتصدى لهم عمر بن الخطاب وعدد من الصحابة حتى أنزلوهم عن الجبل، كما قام سعد بن أبي وقاص برميهم بالسهام فأردى منهم الكثير.

لم يكن المشركين قد تيقنوا من مقتل النبي صلى الله عليه وسلم، فانشغلوا هم ونساؤهم من التنكيب والتشويه لقتلى المسلمين، فأخذوا يقطعون الآذان والأنوف والفروج، حتى أن هند بنت عتبة بقرت بطن حمزة بن عبد المطلب، وأخرجت كبده وأكلت منها حتى لفظت ما أكلته، واتخذوا من أنوف المسلمين وآذانهم قلائد وخلاخيل.

شماتة المشركين وعودتهم خائبين

بعد أن انتهى المشركين من عبثهم بجثث المسلمين، اقترب أبو سفيان من الجبل وهو ينادي: أفيكم محمد؟ فأشار لهم النبي بالسكوت، فلم يجيبه أحد، فقال: أفيكم ابن أبي قحافة؟ – هو أبو بكر الصديق – فلم يجيبوه، فقال: أفيكم عمر بن الخطاب؟ فلم يجيبوه.

لم يسأل أبو سفيان عن غيرهم من المسلمين، وذلك لعلمه أن الإسلام قائم بهم، ثم قال: أما هؤلاء فقد كفيتموهم؟ فلم يتمالك بن الخطاب نفسه فرد عليه قائلا: يا عدو الله إن الذين ذكرتهم أحياء، وقد أبقى الله ما يسوئك، فقال: قد كان فيكم مثله لم أمر بها ولم تسؤنِ.

ثم تابع قائلًا: إعلُ هبل.

فقال النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة: ألا تجيبونه؟

قالوا: فماذا نقول؟

قال: قولوا الله أعلى وأجل.

فقال أبو سفيان: لنا العزى ولا عُزى لكم.

فقال النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة: ألا تجيبونه؟

قالوا: فماذا نقول؟

قال: قولوا الله مولانا ولا مولى لكم.

فقال أبو سفيان: أنعمت فعال، يوم كيوم بدر، والحرب سجال.

فقال عمر: لا سواء، قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار.

فقال أبو سفيان: هلم إلي يا عمر.

فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ائته فانظر في شأنه؟

فلما جاءه عمر، قال له أبو سفيان: أنشدك الله يا عُمر أقتلنا محمدًا؟

قال عمر: اللهم لا، وإنه ليستمع كلامك الآن.

فقال أبو سفيان: أنت أصدق عندي من ابن قمئه وأبر.

العودة إلى المدينة

لما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من دفن الشهداء والثناء على الله والتضرع إليه انصرف راجعا فمر بامرأة من بني دينار، وقد أصيب زوجها وأخوها وأبوها بأحد، فلما نعوا لها قالت: فما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: خيرا يا أم فلان، هو بحمد الله كما تحبين، قالت: أرونيه حتى أنظر إليه، فأشير إليها، حتى إذا رأته قالت: كل مصيبة بعدك جلل.

لما دخل النبي صلى الله عليه وسلم بيته قال لفاطمة ابنته (إغسلي هذا من دمه يا بنية فوالله لقد صدقني اليوم)، كما ناولها علي بن أبي طالب سيفه لتغسله وقال لها كما قال صلى الله عليه وسلم.

اقرأ أيضًا: متى كانت غزوة حنين

أعداد قتلى أحد

قتل من الأوس 24، ومن الخزرج 41، ومن المهاجرين 4، أما أعداد قتلى المشركين فقد تراوح تقديرها بين 22 إلى 37 قتيل، والله تعالى أعلى وأعلم.
من الدروس المستفادة في موضوعنا بحث عن غزوة أحد، من أهمها التصدي للشائعات، والاستعداد للتضحية في سبيل الحق، واتباع أمر القائد في كل الظروف.

قد يعجبك أيضًا