خطبة عن الصداقة قصيرة

خطبة عن الصداقة قصيرة تحتوي على الكثير من المعاني السامية والقيم الأخلاقية التي تضيع في مجتمعنا الحالي، حيث إن علاقة الصداقة من أفضل العلاقات التي تنشأ، وبالأخص عندما تكون خالية من أي أهواء أو مصالح شخصية، فنظرًا إلى أهمية علاقة الصداقة فسنعرض اليوم من خلال موقع زيادة خطبة عن الصداقة قصيرة.

خطبة عن الصداقة قصيرة

إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، جل عن الشبيه والمثيل والكفء والنظير، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وصفيه وخليله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله الطيبين وأصحابه الغر الميامين ما اتصلت عين بنظر ووعت أذن بخبر وسلم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد أيها الإخوة المسلمون: فقد خلق الله عز والإنسان على فطرته السليمة والتي بطبيعتها تلجأ إلى أن يكون لديه صداقات ليؤنس بهم في الأرض.

الصديق هو الشخص الوحيد الذي يمكنك اختياره بكمال إرادتك فهو ليس فرضًا عليك، فالإنسان يولد يجد أخوته ووالديه ويكونوا هؤلاء الأشخاص ثوابت في حياته.

أما الصديق فالإنسان يختاره بكمال إرادته ولذلك فقد حث الإسلام على اختيار الصاحب الوفي الذي يعينك على فعل الصواب ويبعدك عن طريق الشر.

الصداقة من العلاقات التي قيدها الله والإسلام بضوابط وآداب، فيجب على الأشخاص اتباع تلك الآداب من أجل الرقي بمستوى الأمم والعلاقات الإنسانية، فالصديق له حقوق من صديقه وعليه واجبات تجاهه يجب عليه فعلها.

لعلنا اليوم نتكلم عن الصداقة من مفهوم الدين فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “المرء على دين خليله ” حديث حسن، رواه أبو هريرة.

مفهوم هذا الحديث يعني أن الشخص على دين صاحبه الذي يجالسه دائما ويسافر معه وربما يرافقه في أكله وشاربه.

فقال: “المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل” وكأن النبي صلى الله عليه وسلم ينبه هنا إلى أن المرء إذا صاحب السيئين من الممكن أن يوقعوا به في فعل الأشياء السيئة التي يعتادوا عليها وهو لم يشعر.

فهناك مقولة شهيرة وهي: “الصاحب ساحب”، ومعناها أن الصاحب هو الذي يجرك معه إلى طريق الخير أو يجعلك تغوص في أعماق الشر ويكون سبب في هلاكك وضياع دنياك وآخرتك، فعليك اختيار الصديق قبل الطريق.

فضل الصداقة

إن الصداقة من أسمي الأمور التي يحث الإسلام على بنائها، فالصاحب لصاحبه ونيسًا وأزيرًا، وهو الذي يدفع صاحبه على فعل الخيرات أو عدم فعلها ولذا جاء قول الله عز وجل موجهًا نبينا -عليه الصلاة والسلام-: (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ) [الكهف:28].

كانت الإشارة إلى رسول الله في هذه الآية أن يختار الصاحب الذي يعينه على عبادة الله ويساعده على المسارعة في فعل الخيرات والأمور الصالحة، فالعبادات دومًا تحتاج إلى معين، وخير المعين هو الصديق الذي يتواجد معك بصفة دائمة.

الصديق هو الشخص الذي يقف بجوارك في جميع أوقاتك سواء كانت تلك الأوقات سعيدة أم حزينة، فيتشارك مع صديقه النجاحات والانتصارات والأحلام التي سعوا سويًا لتحقيقها، فعلى سبيل المثال في يوم تخرجك ستجده بجوارك يحرص دومًا على مساندتك وإظهارك في أجمل صورك.

في يوم زفافك يكون الحفل مليء بالأصدقاء التي جاءت لتشاركك فرحتك الكبيرة بهذا اليوم، وبكل تأكيد لم يكتمل اليوم إلا بوجود أصدقائك، وليس شرط أن يكون عدد الأصدقاء كثير فأحيانًا صديق واحد فقط يغنيك عن مجموعة بأكملها، فكل ما عليك أن تختار الصحبة الصالحة.

اقرأ أيضًا: خطبة عن الصداقة حقوق وواجبات

عظمة الصداقة

الصداقة من أهم النعم التي أوزعها الله عز وجل على عباده، فالصديق مثله كمثل الأخ فهو ملجأ للأسرار والأحزان، فأحيانًا يكون بداخلك حزن كبير لا تستطيع إخراجه إلا مع صديقك الذي تطمئن في الحديث معه، ومن الممكن أن يكون لديك سر لا تؤمن أحد عليه غير مع صديقك.

على الإنسان أن يحافظ دومًا على اختيار الأصدقاء التي تقف بجوارك وقت الضيق وتشد من أوقات حزنك شدًا لكي تتخطى مرحلة صعبة في حياتك.

عليك الاهتمام باختيار الصديق الذي يتسم بالمواصفات الحسنة، فالصديق الجيد هو الذي إذا جلس في مجلس لم تتواجد به وذُكرت سيرتك بالشر رد عنك غيبتك ويدافع عنك وكأنك تتواجد في المجلس، وإذا لم يتم ذكرك بالسوء وجاءت سيرتك أمام من يجلسون فعليه أن يذكر محاسن اخلاقك وصفاتك الجيد.

الصديق هو المنارة التي ترشد صديقه إلى الخير وحسن العبادة والتخلق بأخلاق الأنبياء وذلك عندما يكون صديق خلوق ومن خير الصحبة، وعلى العكس تمامًا ستجده عند اختيار أشر الأصدقاء.

الصداقة هي الصدق القائم بين الأصدقاء، فهو أحد أركان الصداقة الأساسية، وعلى الصديق ان يكون صادق في مودته ومشاعره تجاه أصدقائه.

ستجد أن الصداقة تقتصر فقط على الإنسان وتختص به حيث إن الله عز وجل فضل الإنسان عن غيره من سائر المخلوقات وميزه بالعقل، ولذا فبعقله يستطيع أن يختار الصديق الوفي الخلوق ذو الاخلاق العالية الذي يسحبه لطريق الخيرات، ويبعده عن فعل المنكرات.

هناك جملة شهيرة تقول “الصداقة كنز لا يفنى” وهي بالفعل كنز بالنسبة لجميع الأشخاص، فهناك أشخاص تكون في أتعس حالاتها النفسية بسبب أنه لا تملك أي أصدقاء، فعند خروجها إلى أي مكان تجدها وحيدة، تخرج للتنزه بمفردها وفي مناسباتها السعيدة لن تجد أحد بجوارها، وهذا الشعور من أسوأ المشاعر الإنسانية على الإطلاق.

لذا يجب على المرء أن يحافظ دومًا على تكوين الصداقات واختيار الأصدقاء الصالحة.

اقرأ أيضًا: مما تتكون الخطبة المحفلية

حث الإسلام على اختيار الصديق الصالح

الصديق عنصر هام في حياة الإنسان، ولذا يجب أن يكون رفيق الرحلة صالحًا مصلحًا فذكر أحد الحكماء مقولة عن الصداقة قائلًا: الصديق هو أنت بالنفس إلا أنه غيرك بالشخص” ولذا يجب عليك اختيار الصديق قبل الطريق فبصداقته تكون نسخة أخرى منه في صفاته وأفعاله.

هناك الكثير من آيات الله التي توضح مدى أهمية الصداقة، وهذه الآيات تتمثل في الآتي:

  • قال الله عز وجل: (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ) [الزخرف: 67].
  • قول الله تعالى: (إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ) [العنكبوت: 25].

كما أن جاءت بعض الأحاديث الشريفة التي تدل على أن الصداقة من أسمى الأشياء وأرقى العلاقات الاجتماعية، وهذه الأحاديث تتمثل في الآتي:

  • قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خيرُ الأصحابِ عند اللهِ خيرُهم لصاحبِهِ، وخيرُ الجيرانِ عند اللهِ خيرُهم لجارِهِحديث صحيح، رواه عبد الله بن عمرو.
  • قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إِنِّما مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالِحِ، وجَلِيسِ السُّوءِ، كَحامِلِ المِسْكِ، ونافِخِ الكِيرِ، فَحامِلُ المِسْكِ، إِمَّا أنْ يَحْذِيَكَ، وإِمَّا أنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وإِمَّا أنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، ونافِخُ الكِيرِ، إِمَّا أنْ يَحْرِقَ ثَيابَكَ، وإِمَّا أنْ تَجِدَ رِيحًا خَبيثَةً” حديث صحيح، رواه أبو موسى الأشعري.
  • قَالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: “إنَّ مِن أمَنِّ النَّاسِ عَلَيَّ في صُحْبَتِهِ ومَالِهِ أبَا بَكْرٍ، ولو كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا غيرَ رَبِّي لَاتَّخَذْتُ أبَا بَكْرٍ، ولَكِنْ أُخُوَّةُ الإسْلَامِ ومَوَدَّتُهُ، لا يَبْقَيَنَّ في المَسْجِدِ بَابٌ إلَّا سُدَّ إلَّا بَابَ أبِي بَكْرٍ” حديث صحيح، رواه أبو سعيد الخدري.

الصداقة كنز لا يفني، ويجب اغتنام فترة طفولتك وشبابك وحتى كهلك في تكوين صداقات تسحبك دومًا إلى طريق الخيرات وتنتشلك من وقوعك في الشرور، وهذا كان موضوعنا اليوم في خطبة عن الصداقة قصيرة.

قد يعجبك أيضًا