علامات حسن الخاتمة عند الغسل

علامات حسن الخاتمة عند الغسل هي عظةٌ وعبرة للأحياء، فحسن الخاتمة هو الغاية والهدف النهائي من الدنيا، غاية العباد الصالحين المخلصين لله -عز وجلّ-، فماذا يريد المرء أكثر من قبض روحه والله راض عنه؟ أم أكثر من مقابلته لوجه الله الكريم وهو طاهرٌ صادق العهد والوعد مع الله؟ فينال بذلك سعادة أبدية لا يشقى بعدها أبدًا، ومن خلال موقع زيادة سنتحدث عن علامات حسن الخاتمة عند الغسل.

علامات حسن الخاتمة عند الغسل

علامات حسن الخاتمة عند الغسل

 

إن العمل الصالح الذي يعتاد عليه المرء في حياته يعود عليه بالخير كله، فإن مات وهو صالحٌ مُخلص لله -تعالى-، كان له حسن الخاتمة، لذلك يكون العمل الصالح النافع هو سبيل نجاة الإنسان في دنياه وآخرته.

حيث إن أفضل الأعمال عند الله ما كان خالصًا لوجهه -تعالى- دون رياء، بل نابعٌ من قلبه، من إيمانه بالله -عز وجل- وتوكله عليه -سبحانه وتعالى-، فمن يخشى الله ويرجو العفو يكن له الله خير مُعين في آخرته، فيُرزق بحسن الخاتمة في الدنيا، لتكون له بدايةً لنوال نعيم الآخرة بإذن الله -تعالى-.

نستشهد هنا بقول الله -تعالى- في كتابه العزيز بسورة القصص: إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ”، فتوفيق حسن الخاتمة هو من عند الله وحده -سبحانه وتعالى-، فالله هو الموفق والمستعان، فمن وفقه الله للعمل الصالح قبل قبض روحه، كان مُقدرًا له بحسن الخاتمة، وفيما يلي سنوضح علامات حسن الخاتمة عند الغسل:

إن علامات حسن الخاتمة هي التي ندركها في ظل حياة المرء، التي تدل على صلاح حاله وإقباله على العبادة، فتكون استبشارًا أنه إن توفته المنية وهو في مثل هذا الحال، كانت له حسن الخاتمة.

لكن بعد الموت ليس هناك ثمة علامات مؤكدة في السنة الشريفة بصلاح العبد وحسن خاتمته، لكننا نستأنس ونستحسن ما يُمكن حدوثه أثناء الغسل من أثار طيبة فنستبشر بها حسن الخاتمة للمتوفي، إلا أنها لا تكون على سبيل القطع والجزم.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: علامات حسن الخاتمة

العلامة الأولى

من المفترض في بداية الغُسل أن يقوم المُغسل بتجريد المتوفي من ملابسه ووضع سترة عليه، ثم الضغط على بطنه لإخراج البقايا منها، من المفترض هنا أن يتغير لون السُرة مرات كثيرة، ولكن من علامات حسن الخاتمة ألّا يخرج من المتوفي أي شيء من بعد موته.

العلامة الثانية

أن نرى المتوفي عند الغسل إصبع السبابة عنده يشير إلى الشهادة، وفيه توحيدًا لله -عز وجلّ-، فمن يفعل ذلك بالضرورة كانت لا إله إلا الله حالًا له قبل موته، فهي كلمة النجاة والخلاص، فيها نوال نعيم الجنة والنجاة من النار.

العلامة الثالثة

إذا كان وجه المتوفي منيرًا مُضيئًا، حتى لو الإضاءة خافتة في الغُرفة التي يحدث فيها الغسل، فهذا هو نور إيمانه الذي وُجد على وجهه حتى بعد وفاته.

العلامة الرابعة

أن يخرج من المُتوفي رائحة طيبة ملازمة له تُشبه المسك، حتى عند النزول إلى قبره فتظل الرائحة الطيبة ملازمة له تفوح من جسده، دلالةً على طهارته وطيب نفسه.

كما أشرنا فإن من علامات حسن الخاتمة عند الغسل، أنه إن وُجدت مثل هذه العلامات وكان العبد معروفًا عنه تقواه وصلاحه في حياته، كانت هذه العلامات استبشارًا له بحسن الخاتمة.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: هل سرعه سير الجنازة من علامات حسن الخاتمة

الموت حقيقةٌ مؤكدة

قال الله -تعالى-: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۖ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ۗ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ” (الآية 185 سورة آل عمران).

فالموت أمر حتميّ لا مفر من حدوثه على جميع بني البشر، فالله وحده من له الدوام، كما أن الموت ليس بنهاية، وإنما هو بداية حياة الأخرة، ففي سورة الرحمن يقول الله -عز وجلّ-: كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ” (الآية 26).

لذلك فإن الموت حق علينا جميعًا، كما أن الساعة حق وكل ما وعد الله به حق، فبالتالي على المرء أن يستعد لموته طيلة حياته، وألا يغفل عنه ويلهى بالحياة الدنيا فقط، فعندما يضعه في الاعتبار يُصبح لزامًا عليه أن يعمل صالحًا لوجه الله -تعالى-، حتى يكن بقلبه شيء من الاطمئنان عند حلول أجله المقدر.

يقول الله -تعالى- في سورة المؤمنون: حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ۚ كَلَّا ۚ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا ۖ وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100)”.

على الناس جميعًا أن يكونوا على استعداد لاستقبال هادم اللذات، مفرق الجماعات، فليس من الصواب الانشغال بملذات الدنيا، وهم على علم بأنها زائلة مثلما هم زائلون، وقال الله -تعالى-: قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ۖ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ” (الآية 8 سورة الجمعة)، وبالتالي يكون القلب الذي يغفل عن ذكر الموت، قلبًا فاسدًا لا يخشى الله -عز وجل-.

كما أن الذين يكثرون من ذكر الموت في قلوبهم وأذهانهم، يجعل الله في قلوبهم نورًا ويرزقهم بالتوبة النصوحة، ونشاط العبادة، ويرزقهم أيضًا الهوان في الشعور بسكرات الموت التي يعاني منها الخلق عند موتهم.

سكرات الموت

للموت سكرات وعلامات، يجعلها الله هينة على بعضًا من عباده كالشهداء في سبيله، ويجعلها رحمةً ببعض عباده بشدتها عليهم حتى يرفع من درجاتهم عنده، وهم الأقربون من العباد كالأنبياء، ويجعلها معاناة قاسية للقاسية قلوبهم في الدنيا.

قيل في وصف شدة عذاب سكرات الموت أنه لو لم يكن في حياة الإنسان عذابًا غيرها لاكتفى من العذاب طيلة حياته، فهي أشد على المرء من ضرب السيف، وآلامها أشد من نشر المناشير.

كما أن سكرات الموت ليست بالبدن وإنما هي في الروح، فالسكرات هي انتزاع لتلك الروح، ذلك الانتزاع الذي يأخذ معه القوة في القلب واللسان والبدن، فيشعر المرء بالهوان والضعف كأنه لم يضعف أبدًا قبلها.

عندما يصل الألم من سكرات الموت في كل موضع من المرء، ينقطع صوته وتضعف قوته وحيلته، لتبدأ أعضاءه بالموت التدريجي، ليشعر ببرودة قدميه بدايةً ومرورًا لسائر الأعضاء حتى تصل إلى الحلقوم عندها يفارق الحياة.

نرى في قول الله -تعالى- دليلًا على ذلك عندما قال -عز وجلّ-: “فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (83) وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ (84) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَكِن لَّا تُبْصِرُونَ (85)” (سورة الواقعة).

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: علامات حسن الخاتمة عند الاحتضار للمحتضر

علامات حسن الخاتمة

قد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ الزَّمَنَ الطَّوِيلَ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ، ثُمَّ يُخْتَمُ له عَمَلُهُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، وإنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ الزَّمَنَ الطَّوِيلَ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، ثُمَّ يُخْتَمُ له عَمَلُهُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّة” (صحيح مسلم).

في الحديث حثٌ على طلب حسن الخاتمة بالقول والعمل، وفيه إشارةً إلى أن الأعمال بخواتيمها، فالمؤمن الصادق يظل على عهده مع الله حتى موته، كما أننا لا نستطيع أن نُجزم أن الفاسد لا يصلح، فربما ينال التوبة في أواخر حياته فيفوز بحسن الخاتمة ونعيم الجنة.

في حديثنا عن علامات حسن الخاتمة عند الغسل، نشير إلى أن هناك عدة أمور تظهر على الميت حين يقبض الله روحه، أي ما قبل الغسل، فهي علامات نستبشر بوجودها عند الصالحين الأسوياء المتمسكين بالشرع والحق في حياتهم، مثل التالي:

  • النطق بالشهادتين بأن لا إله إلا الله محمدٌ صلى الله عليه وسلم رسول الله.
  • الموت في يوم الجمعة أو ليلة الجمعة.
  • الموت شهيدًا في سبيل الله.
  • الموت أثناء القيام بعمل صالح محبب عند الله.
  • الموت من الوباء والأمراض.
  • الموت بسبب الغرق أو الحريق أو الهدم.
  • موت المرأة وهي في فترة نفاسها.
  • الموت حين الدفاع عن النفس أو العرض أو المال أو الدين.

لتكون خاتمتك حسنة

إن ما عليك فعله لتكون ممن حسُنت خاتمتهم ويرزقهم الله رحمته وعفوه، هو أن تكون سيرتك في الحياة الدنيا طيبةً حسنة، تخشى الله وتتقيه في عباده، بأن تكون كالتالي:

  • نيتك صالحة أبدًا، فلا يكون أداءك للأعمال الصالحة ناجمًا عن رياء أو زهو، بل خالصًا لوجه الله -تعالى-، فالإخلاص هو مفتاح قبول الأعمال عند الله -عز وجلّ-.
  • كما يجب أن تكون محافظًا على أداء الصلوات، فمن سوء الخواتيم أن يقبض الله روح مؤمن لا يصلي، في غفلة منه عن ساعة موته وآخرته؛ لذا ينبغي عدم تفويت الصلاة مهما كان السبب.
  • يجب أن تؤمن بالله قولًا وعملًا، وتتقيه سرًا وعلنًا، والعمل على الإصلاح للنفس وللغير.
  • تطبق الآية الكريمة التي تقول: إِن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلًا كَرِيمًا” (سورة النساء الآية 31)، وإتباع هدى النبيّ -صلى الله عليه وسلم-.
  • تتوكل على الله في كل أمور الدنيا والدين، فتسأله الثبات والتوفيق عند المحيا والممات.

في حديث عن الرسول -صلى الله عليه- وسلم أنه قال: “المُؤْمِنَ إذا حَضَرَهُ المَوْتُ بُشِّرَ برِضْوانِ اللَّهِ وكَرامَتِهِ، فليسَ شيءٌ أحَبَّ إلَيْهِ ممَّا أمامَهُ، فأحَبَّ لِقاءَ اللَّهِ وأَحَبَّ اللَّهُ لِقاءَهُ، وإنَّ الكافِرَ إذا حُضِرَ بُشِّرَ بعَذابِ اللَّهِ وعُقُوبَتِهِ، فليسَ شيءٌ أكْرَهَ إلَيْهِ ممَّا أمامَهُ، كَرِهَ لِقاءَ اللَّهِ وكَرِهَ اللَّهُ لِقاءَهُ” (صحيح البخاري).

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: خروج اللسان عند الموت وعلامات الموت وحسن الخاتمة

إن الحياة الدنيا ما هي إلا دار الفناء، وأننا نرغب من الله حُسن الجزاء، فلا يوجد ما أحبُّ لدينا من لقاء الله -سبحانه وتعالى-، وبعد أن عرضنا لكم علامات حسن الخاتمة عند الغسل نسأل الله العظيم أن يرزقنا بحسن الخواتيم جميعًا.

قد يعجبك أيضًا