احاديث أبي هريرة

احاديث أبي هريرة الصحيحة عن الرسول – صلَّى اللهُ عليه وسلَّم – كثيرة جدًا، وشاملة لكافة نواحي الدين من أحكام عبادات ومعاملات وحدود، مما جعل علماء الحديث يلقبونه براوية الإسلام لما له من فضل عظيم في حفظ السنة النبوية ونقلها إلينا.

احاديث أبي هريرة

روى أبو هريرة رضي الله عنه عن رسول الله قرابة الـ 5374 حديث صحيح السند، أتفق البخاري ومسلم  326 حديث منهم، وله في مسند الإمام أحمد وحده 3870 حديثًا.
ذلك بسبب مرافقته لرسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فترة طويلة نسبيًا، وبسبب سعة حفظه والبراعة الذهنية التي امتاز بها.

إقرأ أيضًا: متى اسلم ابو هريرة ومعلومات عن حياته

اسم أبو هريرة وكنيته

اختلف المؤرخون في اسمه فقيل هو عبد الرحمن بن صخر، وقيل عبد شمس وقيل عبد عمرو، وأصح الأقوال التي وصلتنا إنه كان اسمه قبل الإسلام عبد شمس بن صخر، فلما أكرمه الله بنور الإسلام غير اسمه لعبد الرحمن بن صخر الدوسي؛ يُروى عنه إنه قال: كان اسمي في الجاهلية فسماني رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عبد الرحمن.
هو الدوسي  الأزدي من قبلية دوس بن عدان بن عبد الله بن زهران ، أمه ميمونة بنت الصبح.

كنيته: أبو هريرة بسبب هرة (قطة) كان يحملها ويعتني بها وقيل كان يضعها في كمه في الأيام الباردة.
كان رسول الله – صلَّى اللهُ عليه وسلَّم – يدعوه أبا هر.
قال عن نفسه: “نشأت يتيمًا وهاجرت مسكينًا وكنت أجيرًا لبسرة بنت غزوان بطعام بطني وعقبة رجلي. فكنت أخدم إذا نزلوا، وأحدو إذا ركبوا، فزوجنيها الله، فالحمد لله الذي جعل الدين قوامًا وجعل أبا هريرة إمامًا” (رواه سلمان بن حيان).

قال ابن عبد البر: غلبت عليه كنيته فاصبح لا اسم له.

إسلام أبي هريرة

أسم أبو هريرة – رضي الله عنه في الثامن والعشرون من عمره مع جماعة من قومه من قبيلة دوس اليمانية، عندما وصلوا إلى المدينة كان النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قد خرج  لخيبر.
أسلم على يد الصحاب الجليل “الطفيل بن عمرو الدوسي”  مع ما بين السبعون والثمانون أهل بيت.
روى ابن سعد في الطبقات الكبرى عن أبي هريرة أنه قال: لما قدمت على النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قلت في الطريق:

يَا لَيْلَةً مِنْ طُولِهَا وَعَنَائِهَا  *** عَلَى أَنَّهَا مِنْ دَارَةِ الْكُفْرِ نجت

أثر الرسول في تنشئة أبي هريرة

كان للنبي – صلَّى اللهُ عليه وسلَّم – الدور الأكبر في تربة أبي هريرة، فمنذ لحظة إسلامه لم يفارق صاحبه، ففي سنوات قليلة حصل عنه من العلم ما لم يحصله الكثير من لصحابة المكين الذين لهم السبق في الإسلام والهجرة.
كان النبي – صلَّى اللهُ عليه وسلَّم – كثيرًا ما يوجهه، فعنه أن رسول الله قال: “يا أبا هريرةَ! كُنْ وَرِعًا تَكُنْ من أَعْبَدِ الناسِ، وارْضَ بما قسم اللهُ لكَ تَكُن من أَغْنَى الناسِ، وأَحِبَّ للمسلمينَ والمؤمنينَ ما تُحِبُّ لنفسِكَ وأهلِ بيتِكَ، واكْرَهْ لهم ما تَكْرَهُ لنفسِكَ وأهلِ بيتِكَ تَكُنْ مؤمنًا، وجاوِرْ مَن جاوَرْتَ بإحسانٍ تَكُنْ مُسْلِمًا، وإياكَ وكثرةَ الضَّحِكِ ؛ فإنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ فسادُ القلبِ” ( صحيح الجامع 7833).

إسلام أم أبي هريرة
دعاء النبي له بحب الناس

أم أبي هريرة هي الصحابية الجليلة ميمونة بنت صبيح – رضي الله عنها – روى ابن حبان عن ابي هريرة قال: “أمَا واللهِ ما خلَق اللهُ مؤمنًا يسمَعُ بي ويراني إلَّا أحَبَّني قُلْتُ: وما عِلْمُكَ بذلكَ يا أبا هُرَيْرَةَ؟ قال: إنَّ أُمِّي كانتِ امرأةً مُشرِكةً وكُنْتُ أدعوها إلى الإسلامِ فتأبى علَيَّ فدعَوْتُها يومًا فأسمَعَتْني في رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ما أكرَهُ فأتَيْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأنا أبكي فقُلْتُ: يا رسولَ اللهِ إنِّي كُنْتُ أدعو أُمِّي إلى الإسلامِ فتأبى علَيَّ وأدعوها فأسمَعَتْني فيكَ ما أكرَهُ فادعُ اللهَ أنْ يهديَ أمَّ أبي هُرَيْرَةَ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: (اللَّهمَّ اهدِها) فلمَّا أتَيْتُ البابَ إذا هو مُجافٍ فسمِعْتُ خَضْخَضةَ الماءِ وسمِعَتْ خَشْفَ رجُلٍ أو رِجْلٍ فقالت: يا أبا هُرَيْرَةَ كما أنتَ وفتَحتِ البابَ ولبِسَتْ دِرْعَها وعجِلَتْ على خِمارِها فقالت: إنِّي أشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وأشهَدُ أنَّ مُحمَّدًا رسولُ اللهِ فرجَعْتُ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أبكي مِن الفرَحِ كما بكَيْتُ مِن الحُزنِ فقُلْتُ: يا رسولَ اللهِ أبشِرْ فقدِ استجاب اللهُ دعوتَكَ قد هدى اللهُ أمَّ أبي هُرَيْرَةَ وقال: قُلْتُ : يا رسولَ اللهِ ادعُ اللهَ أنْ يُحبِّبَني أنا وأُمِّي إلى عبادِه المُؤمِنينَ ويُحبِّبَهم إليَّ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: (اللَّهمَّ حبِّبْ عُبَيدَكَ وأُمَّه إلى عبادِكَ المُؤمِنينَ وحبِّبْهم إليهما)”.

يحكي الحديث قصة إسلام أم أبي هريرة، ودعوة الرسول – صلَّى اللهُ عليه وسلَّم – له بأن يجعل حبه في قلوب العباد، ويتبين من الحديث شدة تعلق أبي هريرة بالنبي وإنه كان الملجأ الأول له في الفرح وفي الحزن.

الأحاديث الصحيحة التي رواها أبو هريرة متفردًا

هناك الكثير من الأحاديث الصحيحة التي رُويت عن حافظ الأمة، لكن لم يكن وحده الذي رواها فقد ثبت عن آخرين من الصحابة الكرام إنهم رووا نفس الأحاديث لكن كما ورد في رسالة المحدث محمد ضياء الرحمن “أبو هريرة في ضوء مروياته بشواهدها وحال انفرادها”  أن الأحاديث الصحيحة عن أبي هريرة وانفرد بروايتها وحده قليلة جدًا لا تتجاوز 220 حديثًا، وأن هذا ما وصل إليه حتى الآن.

أن بعد البحث التحقيق وصل أن الأحاديث الثابتة والصحيحة التي أنفرد بروايتها الصحاب أبي هريرة – رضي الله عنه – نحو 110 حديثًا فقط.

ذلك لأن بها أحاديث ضعيفة الإسناد، وأحاديث ظاهرها الضعف مثل الحديث المروي عنه في سنن أبي داود برقم 248: “إنَّ تحت كلِّ شعرةٍ جنابةٌ فاغسِلوا الشَّعرَ وأنقُوا البشَرَ”.

أسباب عدم قطعية عدد الأحاديث الصحيحة التي رواها أبو هريرة متفردًا

كما أن العدد هذا غير قطعي وتقريبي لسببين:

أولهم: أن بعض الأحاديث المروية عن أبي هريرة لم يتم ذكرها لوجود شاهد أخر لها، لكن هذا الشاهد قد يكون ضعيفًا، فلو كان هناك حديث لأبي هريرة و له أسناد آخر ولو ضعيف لا يتم ذكره مثل حديث “من لم يشكر الناس، لم يشكر الله عز وجل” فهذا الحديث مروي عن أبي هريرة لكن هناك طريق آخر له عن أبي سعيد الخدري لكنه ضعيف.

وحديث “من نسي وهو صائم، فأكل أو شرب، فليتم صومه؛ فإنما أطعمه الله وسقاه” فهذا الحديث مروي بسند صحيح عن أبي هريرة، لكنه  له شاهد آخر عن الصحابية أم إسحاق لكنه ضعيف ذُكر في مسند الإمام أحمد  برقم 27069.

أما السبب الثاني: أن بعض الأحاديث الصحيحة التي وردت عن أبي هريرة – رضي الله عنه – وردت بأسانيد صحيحة بطرق أخرى لكن السياق مختلف، فلا يتم ذكر مثل تلك الأحاديث ضمن الأحاديث التي تفرد أبي هريرة بذكرها.

مثل حديث ورد في صحيح البخاري برقم 744 يقول: “كانَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَسْكُتُ بيْنَ التَّكْبِيرِ وبيْنَ القِرَاءَةِ إسْكَاتَةً – قالَ أَحْسِبُهُ قالَ: هُنَيَّةً – فَقُلتُ: بأَبِي وأُمِّي يا رَسولَ اللَّهِ، إسْكَاتُكَ بيْنَ التَّكْبِيرِ والقِرَاءَةِ ما تَقُولُ؟ قالَ: أَقُولُ: اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وبيْنَ خَطَايَايَ، كما بَاعَدْتَ بيْنَ المَشْرِقِ والمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنَ الخَطَايَا كما يُنَقَّى الثَّوْبُ الأبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ بالمَاءِ والثَّلْجِ والبَرَدِ.

نفس الحديث ورد عن السيدة عائشة – رضي الله عنها قالت  أن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم  قال: “اللهمَّ إنِّي أعوذُ بك من الكسلِ والهَرَمِ والمأثمِ والمغْرمِ ، ومن فتنةِ القبرِ ، وعذابِ القبرِ ، ومن فتنةِ النارِ ، وعذابِ النارِ ، ومن شرِّ فتنةِ الغنى . وأعوذُ بك من فتنةِ الفقرِ . وأعوذُ بك من فتنةِ المسيحِ الدجَّالِ . اللهمَّ اغْسلْ عني خطاياي بالماءِ والثلجِ والبَرَدِ ، ونقِّ قلبي من الخطايا كما يُنَقى الثوبُ الأبيضُ من الدنسِ ، وباعدْ بيني وبين خطاياي كما باعدتَ بين المشرقِ والمغربِ” (صحيح الجامع 1288).

كما أن الطبراني رواه في المعجم الكبير 8  برقم 704″إذا صلى أحدكم فليقل: اللهم باعد بيني وبين خطيئتي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم أعوذ بك أن تصد عني وجهك يوم القيامة، اللهم نقني عن خطيئتي كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس، اللهم أحيِني مسلمًا، وأمِتْني مسلما” لكن عن طريق خبيب ابن سليمان  بسند صحيح، فمثل هذا الأحاديث لا يعدها علماء الحديث من الأحاديث التي تفرد أبو هريرة بنقلها.

تصنيف الأحاديث الصحيحة التي رواها أبو هريرة متفردًا

قارن العلماء بتصنيف الأحاديث الصحيحة التي تفرد بنقلها أبو هرير – رضي الله عنه – إلى أحدى عشر بابًا مرتبة حسب الأبواب الفقهية وهي:

أحاديث أبي هريرة في العقيدة

روى أبو هريرة حديثين في العقيدة هما:

  • عن الرسول – صلى لله عليه وسلم قال: ” إنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وتِسْعِينَ اسْمًا، مِائَةً إلَّا واحِدًا، مَن أحْصاها دَخَلَ الجَنَّةَ” (صحيح البخاري7392).
  • عن الرسول – صلى لله عليه وسلم قال: ” لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الخَلْقَ، كَتَبَ في كِتَابِهِ، فَهو عِنْدَهُ فَوْقَ العَرْشِ: إنَّ رَحْمَتي تَغْلِبُ غَضَبِي” صحيح مسلم 2751).

أحاديث أبي هريرة في فضائل الأعمال

روى أبو هريرة عن النبي – صلى لله عليه وسلم خمسة وعشرون حديثًا في فضائل الأعمال والترغيب والترهيب منهم:

  • ” مَن غَدَا إلى المَسْجِدِ، أَوْ رَاحَ، أَعَدَّ اللَّهُ له في الجَنَّةِ نُزُلًا، كُلَّما غَدَا، أَوْ رَاحَ” صحيح مسلم (669).
  • ” كلُّ خُطبةٍ ليس فيها تَشهُّدٌ فهي كاليَدِ الجَذْماءِ” (سنن ابي داود 4841).

أحاديث أبي هريرة في الأحكام

روى أبو هريرة عن الرسول – صلَّى اللهُ عليه وسلَّم – في الأحكام تسعة أحاديث منها:

  • ” الرَّهْنُ يُرْكَبُ بنَفَقَتِهِ، إذَا كانَ مَرْهُونًا، ولَبَنُ الدَّرِّ يُشْرَبُ بنَفَقَتِهِ، إذَا كانَ مَرْهُونًا، وعلَى الذي يَرْكَبُ ويَشْرَبُ النَّفَقَةُ” (صحيح البخاري 2512).
  • “كانَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذَا نَهَضَ مِنَ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ اسْتَفْتَحَ القِرَاءَةَ بـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ} [الفاتحة:1] وَلَمْ يَسْكُتْ” ( صحيح مسلم 599).

إقرأ أيضًا: دعاء الهم والحزن والضيق من الأحاديث والقرآن الكريم

أحاديث أبي هريرة في الأخلاق والآداب

روى أبو هريرة عن الرسول – صلى اله عليه وسلم – في باب الأخلاق ولآداب خمسة عشر حديثًا منهم:

  • ” قالَ اللَّهُ: ثَلاثَةٌ أنا خَصْمُهُمْ يَومَ القِيامَةِ: رَجُلٌ أعْطَى بي ثُمَّ غَدَرَ، ورَجُلٌ باعَ حُرًّا فأكَلَ ثَمَنَهُ، ورَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أجِيرًا فاسْتَوْفَى منه ولَمْ يُعْطِ أجْرَهُ” (صحيح البخاري 227).
  • ” قالَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: أنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ، وقالَ: يَدُ اللَّهِ مَلْأَى لا تَغِيضُها نَفَقَةٌ سَحّاءُ اللَّيْلَ والنَّهارَ، وقالَ: أرَأَيْتُمْ ما أنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّماءَ والأرْضَ، فإنَّه لَمْ يَغِضْ ما في يَدِهِ، وكانَ عَرْشُهُ علَى الماءِ، وبِيَدِهِ المِيزانُ يَخْفِضُ ويَرْفَعُ” (صحيح البخاري 4684).

أحاديث أبي هريرة في الجهاد في سبيل الله

روى أبو هريرة عن الرسول صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ستة أحاديث عن الجهاد في سبيل الله منها

  • “مَن ماتَ ولَمْ يَغْزُ، ولَمْ يُحَدِّثْ به نَفْسَهُ، ماتَ علَى شُعْبَةٍ مِن نِفاقٍ” (صحيح مسلم 1910).
  • ” لا يَجتَمِعُ في النَّارِ مَن قتَلَ كافِرًا، ثم سَدَّدَ بَعدَه.” (مسند أحمد7575).

أحاديث أبي هريرة في الجهاد في قصص الانبياء

روى أبو هريرة عن الرسول صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عشرة أحاديث عن قصص الأنبياء منها:

  • ” رَأَى عِيسَى ابنُ مَرْيَمَ رَجُلًا يَسْرِقُ، فَقالَ له عِيسَى: سَرَقْتَ؟ قالَ: كَلَّا، وَالَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هو فَقالَ: عِيسَى آمَنْتُ باللَّهِ وَكَذَّبْتُ نَفْسِي” (مسلم 2368).
  • ” كان زكريَّا نجَّارًا” (صحيح ابن حبان 5142).

كما أن له أحاديث في أبواب فقهية أخرى نحو (الفتن وعلامات الساعة، السيرة النبوية، قصص الأمم السابقة…) لا يتسع المقام لذكرها جميعًا.

شُبهات حول أحاديث رواها أبو هريرة رضي الله عنه

بعض المغرضون يطعنون في صحة ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه من أحاديث، بل يدعون أن كبار الصحابة قد قالوا بقولهم وشكوا فيما يرويه.

  • فيقال أن سيدنا عمر – رضي الله عنه – قد ضربه لأنه كثير الرواية من الأحاديث عن الرسول – صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
  • أن سيدنا عثمان بن عفان وسيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنهما قد كذباه.
  • أن السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قد قامت بإنكار حديث له هو: ” إذا استيقظَ أحدكُم من نومهِ فليغسلْ يدهُ قبل أن يُدخلَها في وضوئهِ ، فإن أحدكُم لا يدري أين باتتْ يدهُ”.
  • أن عبد الله بن عباس وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما لم يأخذا بحديث ” مَنْ حملَ جَنازَةً فلْيتوضأْ ومَنْ غَسَّلَها فَلْيَغْتَسِلْ” (الكامل في الضعفاء 399/3).
  • حديث ” مَن اتخَذَ كلبًا، إلا كلبَ صيدٍ، أو ماشيةٍ، أو زَرْعٍ، نَقَصَ مِن أجرِه كلَّ يومٍ قيراطٌ” فقيل لعبد ابن عمر أن أبا هريرة يقول في هذا الحديث أو كلب زرع ورواية ابن عمر تقول: ” مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا، إلَّا كَلْبَ صَيْدٍ، أوْ ماشِيَةٍ، نَقَصَ مِن أجْرِهِ كُلَّ يَومٍ قِيراطانِ” فقال عبد الله بن عمر: “أن لأبي هريرة زرعًا”.

وجوه إبطال الشبهات الموجهة إلى رواية أبي هريرة للأحاديث

  • شبهة أنه روى عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – بتأخاذه موقف عدائي ضد أبو هريرة رضي الله عنه، وأنه قام بضربه بسبب كثرة الأحاديث الذي رواها..
    فهي أحاديث وروايات ضعيفة لا يمكن الأخذ بها وكل ما في الأمر أن سيدنا عمر كان شديد الخوف على الأمة وكان يخشى أن يأخذ الناس الأحاديث ويضعونها في غير موضعها.
  • لم يثبت في كتب التاريخ أو أي روايات عن سيدنا عثمان بن عفان أو على بن أبي طالب رضي الله عنهما قد كذبا أبا هريرة رضي الله عنه أو حتى ردوا له أحاديث
    وكل ما يرد في هذا الشأن ضعيفة لا يصح الأخذ به.
  • حديث ” مَنْ حملَ جَنازَةً فلْيتوضأْ ومَنْ غَسَّلَها فَلْيَغْتَسِلْ” فقد رواه كثير من أئمة الحديث ولم يذكر أي من علماء الحديث إنكار الصحابة له، ولم ينفرد به أبو هريرة وحده.
  • حديث “إذا استيقظَ أحدكُم من نومهِ فليغسلْ يدهُ قبل أن يُدخلَها في وضوئهِ ، فإن أحدكُم لا يدري أين باتتْ يدهُ” الذي يزعم المشككون أن السيدة عائشة رضوان الله عليها قد أنكرته، هي ذاتها من روته؛ فكيف تنكره.
    وإنما كان هذا السؤال مجرد استفسار من التابعي الكريم “قين الأشجعي”.
  • تعليق عبد الله بن عمر رضي الله عنهما على حديث: ” مَن اتخَذَ كلبًا، إلا كلبَ صيدٍ، أو ماشيةٍ ، أو زَرْعٍ ، نَقَصَ مِن أجرِه كلَّ يومٍ قيراطٌ”  لم يرد به الإساءة إلى أبي هريرة أبدًا ولا انتقاص أجره ولا تكذيبه؛ وإنما أراد التوضيح أن سيدنا أبو هريرة حفظه أفضل لحاجته إليه وصاحب الحاجة اشد حرصًا على حفظها من غيره، بل أن عبد الله بن عمر ذاته روى عن أبى هريرة نفس الزيادة بعدما سمعها منه.

شبهة أن أبو هريرة وضع أحاديث تحريم الكلب لأنه يحب القطط

هذه الشبهة من المواضيع المضحكة حد البكاء بسبب ما وصلت له حال الأمة فلم يتحدث عنها أحد من القدماء ولا حتى من أرادوا الطعن في زمة أبي هريرة، وإنما تحدث بها بعض الجهلاء في العصر الحديث ممن يحبون تربية الكلاب، وهي باطلة على كل الأوجه  بأسباب أهمها:

  • لا يُعقل أن أحد الصحابة قد يكذب على رسول الله – صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعدما سمعوه يقول: “مَن كَذَبَ عليَّ مُتعمِّدًا فليَتَبَوَّأْ مَقْعَدَه مِن النَّارِ” (البخاري 108) وأبى هريرة أحد رواة هذا الحديث.
  • أن الصحابة رضوان الله عليهم لن يكذبوا ولو نظير أرواحهم.
  • أن من أحد الشبهات التي ثبتنا بطلانها في الأعلى أن أبا هريرة أضاف كلمة ” أو زَرْعٍ” في الحديث الخاص بالكلاب.
  • أن هذا الحديث رواه أخرون كثر غير أبي هريرة نحو” (عبد الله بن عمر في مسند أحمد 139/ 7 وغيره ) (حديث ضعيف السند لعبد الله بن مسعود في مجمع الزوائد 47-4).
    أي أن أبا هريرة بريء مما يزعمون.

شبهة أن أبى هريرة أحاديثه من الإسرائيليات

يقول بعد المغرضين وأصحاب الأهواء المنحلة أن أحاديث أبا هريرة رضي الله عنه و أرضه من الإسرائيليات كلها ويستدلون على ذلك بالآتي:

  • أنه كان يروي الأخبار والأقوال عن كعب الأحبار ومن ثم يقول إنها من السنة.
  • أن أبا هريرة كان يعرض الأحاديث على كعب الأحبار ليقارنها بالتوراة.
  • كعب الأحبار كان يخدع أبي هريرة ويكذب عليه.
  • أن أبا هريرة قد روى عن عبد الله بن سلام وهو يهودي لم يسلم وكان من المنافقين.

بيان إبطال شبهة أن أبى هريرة أحاديثه من الإسرائيليات

  • لم يثبت دليل واحد على أن أبا هريرة نقل أحاديث مروية عن الإسرائيليات؛ بل كان ينسب كل ما يقوله إلى قائله.
  • لا يعقل أن يكون ممن ينبهون عدم الكذب على رسول الله و يحذرون منه وفي الوقت ذاته يكذب هو.
  • أن الصحابة رضوان الله عليهم – بما فيهم أبو هريرة – قد أجمعوا على التحذير من روايات أهل الكتاب.
  • جمهور المحدثين الكبار قد أجمعوا على أن كعب الأحبار من المحدثين الثقة وروايته مقبولة عندهم، ولم ينقل عنه كذب أبدًا، ونقل عنه من كبار الصحابة غير أبي هريرة.
  • أن الصحابي عبد الله بن سلام رضي الله عنه أحد الصحابة الثقات وقد بشره النبي – صلَّى اللهُ عليه وسلَّم – بالجنة، فكيف يكون منافق والرسول صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الذي لا ينطق عن الهوى يعلم المنافقين.

“بالطبع من يطعن في أبي هريرة بالباطل لا يريد إلا الطعن في المرويات التي نقلها عن الرسول صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهو أكثر الصحابة رواية للأحاديث، وبالتالي يشكك في السنة النبوية كلها ويسقطها من الاحتجاج الشرعي”.

دور أبي هريرة في أحداث الفتنة الكبرى

كان أبي هريرة – رضي الله عنه – من الفريق الذي أختار اعتزال الفتنة التي وقعت بين الصحابة الكرام بعد خلافة عمر رضي الله عنه.
فلم يشهد أي من معاركهم ( معركة الجمل ومعركة صفين) مثله مثلما فعل الكثير من صحابة رسول الله رضوان الله عليهم أجمعين.

إقرأ أيضًا: الكهف نور ما بين الجمعتين فضل قراءة سورة الكهف

وفاة أبي هريرة

أختلف المؤرخون في تاريخ موت أبي هريرة – رضي الله عنه – بين عام 57 للهجرة وعام 58 وعام 59، وأرجح ما وصلنا إنه مات سنة سبعة وخمسون من الهجرة، وكان عمره حينها  ثمان وسبعون عام
صحب رسول الله – صلَّى اللهُ عليه وسلَّم – أربعة أعوام فقط ، وعاش بعده سبعة وأربعون عام قضاها في الدعاء الله وتعليم الأمة ما تحلمه من صاحبه – عليه أفضل الصلاة والسلام – رحمه الله تعالى واسكنه فسيح جناته وجزاه عنا خيرًا.

بذلك نكون قد نقلنا لكم أقوال الفقهاء وعلماء الحديث في أحاديث أبي هريرة وبعض الشبهات التي أثيرت حولها، نسأل الله أن ينفعنا بما علمنا إياه وأن يوفقنا لأتباع سبل المؤمنين السابقين من المهاجرين والأنصار وأن يجمعنا بهم في جنته وأن يجعلنا ممن قال فيهم: “وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ” (الحشر 10).

_______________________

المصادر المرجعية

  • “سيرة أعلام النبلاء”  للحافظ الذهبي.
  • “الطبقات الكبرى” لابن سعد.
  • “فضائل الصحابة” لأحمد بن حنبل وبنفس الاسم للنسائي.
  • “الإصابة في تميز الصحابة ” للحافظ بن حجر.
  • “الاستيعاب في معرفة الأصحاب”  لابن عبد البر الاندلسي.
  • “رجال صحيح مسلم” لابن مَنْجُوَيه.
  • كتاب “فضائل الصحابة رضي الله تعالى عنهم”، باب من فضائل أبي هريرة الدوسي رضي الله عنه للإمام مسلم.
  • كتاب “أبو هريرة في ضوء مروياته بشواهدها وحال انفرادها” لصاحبه محمد ضياء الرحمن.
قد يعجبك أيضًا