الفرق بين التفسير والتأويل

الفرق بين التفسير والتأويل: مفهومهم وأنواعهم وشروطهم المختلفة يمكنك التعرف عليها عبر موقع زيادة حيث تنوعت العلوم الشرعية واختلفت في مسمياتها كما اختلفت في فوائدها، لكن يبقى علم التفسير هو أشرف العلوم وأرفعها منزلة، ولذلك فهو شرف في ذاته كما أنه شرف لأهله ولمتعلمه أيضًا، ولارتباط علم التفسير والتأويل بالقرآن فقد أطلق على أهله أهل القرآن، وقديمًا كان التفسير والتأويل مترادفان، ولكن المصطلح أصبح الآن متغايرًا.

كما أقدم لكم: ما هي مراحل نشأة علم التفسير؟ أهمية مرحلة الفهم والتلقي

ما هو علم التفسير؟

الفرق بين التفسير والتأويل

هو علم يختص بالبحث في معاني كلمات القرآن الكريم ومحاولة الوصول إلى أقصي درجات التعمق بها وفهم ما تحتوي عليه من معان وأحكام ومقاصد شريفة وغايات نبيلة، ويعرف التفسير في اللغة بالكشف والتوضيح والبيان، وقد ذكر لفظ التفسير في القرآن الكريم مرة واحدة في سورة الفرقان حيث قال تعالى( ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا).

أما التفسير في الإصطلاح فقد اختلف العلماء بشكل كبير في تعريفه، لكنهم اتفقوا جميعًا على أنه يختص بنزول السور وأحوال الكتاب الكريم وترتيب ما يحتوي عليه من سور والتعريف بالناسخ والمنسوخ  والخاص والعام وأسباب النزول، وأفضل وأوجز ما قد يقال فيه أنه علم يختص بالقرآن وبيان ما فيه من مقاصد وغايات.

ما هو التأويل؟

التأويل في اللغة هو الرجوع، وقد ورد لفظ التأويل في القرآن أكثر من مرة حيث قال تعالى( وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به)، فذكر هنا في لفظ مصدره، وأحيانًا يذكر بمعنى التحقق والوقوع كما جاء على لسان يوسف عليه السلام( هذا تأويل رؤياي من قبل).

والتأويل أعم وأشمل من التفسير حيث يحتاج إلى قوة في الملاحظة، ودقة في الإشارة لإستلهام المعاني الخفية التي لا تدرك بالحواس ولهذا فلابد من أن يكون المؤول على إطلاع تام بشروط التأويل حتى لا يقود المعنى إلى معنى آخر غير المراد أو يحقق شيء يخالف مراد الله عز وجل من الألفاظ.

إليك من هنا: خصائص النمط الحجاجي والفرق بينه وبين النمط التفسيري

أنواع تفسير القرآن

لا يقتصر علم التفسير على نوع واحد فله عدة أنواع منها:

1ـ التفسير بالقرآن

ويقصد به أن يتم اللجوء إلى آية قرآنية لفهم المراد من آية أخرى، كما في قوله تعالى( فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم) فقد تم فهم المراد منها أو تفسيرها بقوله تعالى( قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين)

2ـ التفسير بالرأي

وفيه يكون المفسر عالمًا بلغة العرب وعلى إطلاع واسع بمعاني الألفاظ وما قد تحمله من معان، كما ينبغي أن يكون له باع في معرفة الناسخ والمنسوخ ، وعالم بمعرفة نزول الآيات، وعلى مقدرة بأن يستنبط التفسير أو المعنى دون تحريفه عن المقصود منه، كما يسمى بالتفسير بالاجتهاد.

3ـ التفسير بالسنة

وفي هذا النوع يتم اللجوء إلى السنة النبوية المطهرة لمعرفة المقصود من الآية القرآنية، ومثال ذلك لما نزل قوله تعالى ( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم) شق على الصحابة معرفة المراد منها وتوجهوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم قائلين يا رسول الله(أينا لم يظلم نفسه) فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم (ليس كما تظنون، إنما هو كما قال لقمان لابنه يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم)

4ـ التفسير بالإشارة

وهذا النوع من التفسير يحتاج إلى عدة ضوابط، فلا يستطيع سوى من اختصهم الله بفهم  خاص ودراية كبيرة بالقول فيه، حيث قد يلجأ المفسر في هذه الحالة إلى تفسير اللفظ على غير ظاهره، لذلك لابد من اشتراط بعض الضوابط التي تمكن المفسر من اعتماد هذا النوع من التفسير وقد ذكر ابن القيم بعضها مثل أن لا يناقض التفسير معنى الآية، وغيرها.

5ـ التفسير بما أثر عن الصحابة

وهو أحد أنواع التفسير التي يتم الاستعانة فيه بما أثر عن الصحابة من أقوال، وقد يأخذ حكم المرفوع إذا لم يكن للرأي فيه مجال، وقد يأخذ حكم الموقوف لأنه لم يسند إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أو كان للرأي مجال فيه.

الفرق بين التفسير والتأويل

الفرق بين التفسير والتأويل

ويمكن القول أن التفسير والتأويل متقاربان جدًا في المعنى، حيث يحملان نفس المعنى تقريبًا إذا ذكرا في العموم، بينما يعتبر التأويل متغايرًا عن التفسير إذا ذكرا في الخصوص، وفيما يلي بيان لبعض أوجه الاختلاف الطفيفة بين المعنيين.

من حيث المعنى

يهتم التفسير ببيان المعنى وتوضيحه بشكل لا يحمل الشك، فيوضح ويحدد إذا ما كان المعنى المراد حقيقيًا أم مجازيًا، بينما التأويل يعتمد على غلبة الظن والاحتمالية بدون ترجيح فلا يستطيع المؤول أن يجزم بحقيقة اللفظ أو المراد منه بشكل قطعي.

من حيث دعم السنة

في الغالب يعتمد التفسير على دعم السنة النبوية المطهرة، بمعنى أن يتم اللجوء إلى السنة أو قو ل النبي صلى الله عليه وسلم أو أقوال الصحبة المعاصرين لفهم المعنى المراد على الوجه المطلوب لذلك يطلق على التفسير أحيانًا التفسير بالرواية، بينما يعتمد التأويل بالاجتهاد أو محاولة الدراية فهو يعتمد على الاستنباط.

من حيث الألفاظ

في الغالب يقتصر التفسير على بيان المعاني والألفاظ الخاصة، كالمقصود بالكلمة الواحدة او اللفظ الواحد بشكل مباشر دون الحاجة إلى كثرة التفكير والتدقيق، بينما التأويل يعتمد على الجمل والمعاني التي قد تتعلق بها، ويتطلب كثير من إعمال العقل والاجتهاد.

من حيث عدد المعاني

يعمد التفسير إلى إعطاء الطالب الجواب الشافي، فيقدم للباحث معنى واحد فقط ولا يترك له مجالًا لمحاولة إعمال العقل أو الانقياد وراء الاحتمالات، بينما يقدم التأويل للباحث عدة معان مختلفة ويمكنه تخير المعنى الذي يميل إليه قلبه، كما يمكنه استنباط آراء جديدة لكن عليه إيجاد دليل يدعمها.

إليك من هنا: إن الإنسان خلق هلوعا والفرق بين التفسير والتأويل

أهمية علم التفسير

لعلم التفسير فضل على سائر العلوم وذلك لما يأتي:

  • أنه يعين على معرفة المقصود من كلام الله وفهم المراد ومن أوتي فهم معاني القرآن فقط أوتي خيرًا كثيرًا.
  • أنه يتعلق بأشرف الكلام، وأعظمه أجرًا وأجله قدرًا وأكثره بركة، فهو كلام الخالق جلا وعلا الذي لا يأتيه الباطل.
  • كما أنه يوفق صاحبه للطريق المستقيم، الذي به العصمة والهداية ( ومن يعتصم بالله فقد هدى إلى صراط مستقيم).
  • أنه من أعظم أسباب هداية القلب وتطهير النفس وهو الطريق لخشوع الجوارح.
  • أن المفسرين هم ورثة الأنبياء وهم حمال الأمانة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (بلغوا عني ولو آية).
  • أنه يجعل لصاحبة أوفر النصيب من العلم كما جاء في الحديث(من أراد العلم فليثور القرآن، فإن فيه علم الأولين والآخرين).
  • كذلك يجعل صاحبه في زمرة خير الأمة كما قال صلى الله عليه وسلم( خيركم من تعلم القرآن وعلمه).

شروط المفسر

هذا وللمفسر شروط، إذ لا يستطيع أن يقدم على هذا العلم سوى شخص تتوافر فيه الشروط الآتية:

  • إصلاح النية وحسن المقصد، فالأعمال بالنيات.
  • حسن الخلق فينبغي أن يكون المفسر مثالًا يحتذى به في العلم والأدب.
  • التحري والتثبت فلا يكتب إلا الشيء الموثوق في صحته ولا يتبع هواه.
  • حسن السمت وأن يكون للمفسر هيبة خاصة ووقار بين الناس.
  • قول الحق فلا ينبغي أن يخشى في الحق لومة لائم.
  • الروية فلا يفسر إلا شيء قد أتطلع عليه ووثق من مصادره واجتهد للوصول إلى معناه.
  • احترام العلماء الذين سبقوه فيقدمهم على نفسه ولا يبترهم حقهم.
  • أن يكون عزيز النفس يترفع عن سفاسف الأمور ولا يقبل الدنية في دينه.
  • إتقان تعلم العلم قبل الشروع فيه فلا يقدم عليه إلا وهو أهل له.
  • أن يكون له باع في تعلم اللغة العربية حيث أن القرآن نزل (بلسان عربي مبين).

إليك من هنا: يوم يفر المرء من أخيه تفسيرها عند ابن كثير والطبري وعلماء التفسير

وإلى هنا نكون قد تناولنا موضوع الفرق بين التفسير والتأويل، وتحدثنا عن أفضلية علم التفسير عن غيره من العلوم، كما ذكرنا شروط المفسر وأنه لا ينبغي على هذا العلم إلا من هو أهل له، ويمكننا القول أن التفسير والتأويل مترادفان إن افترقا لكن إذا اجتمعا فالتأويل أعم.

قد يعجبك أيضًا