الفرق بين الخلع والطلاق والفسخ لغويا واصطلاحيا

الفرق بين الخلع والطلاق والفسخ يختلف لغةً واصطلاحًا نعرضه عليكم فيما يلي، حيث انتشرت ظاهرة الطلاق بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة والذي يرجع إلى عدم تحمل أحد الطرفين المسؤولية أو عدم حصوله على الحقوق الشرعية، لذا فإننا سنقوم بذكر الفرق بين الخلع والطلاق والفسخ بشيء من التفصيل، هذا إلى جانب الأحكام الشرعية والقانونية لكلًا منهم من خلال موقع زيادة.

الفرق بين الخلع والطلاق والفسخ لغويًا

الفرق بين الخلع والطلاق والفسخ لغويا واصطلاحيا

ثمة فرق كبير بين المعنى اللغوي والاصطلاحي حيث إن المعنى اللغوي هو الذي أطلقه العرب عن الكلمة، بينما الاصطلاحي هو المعنى الذي اجتمع عليه الناس لتلك الكلمة، فالمعنى اللغوي لكلمة الخلع بضم الخاء هو الانفصال أو نزع الشيء عن الشيء، وقد اشتقت كلمة الطلاق من الطلق ألا وهي التحرر، بينما يكمن المعنى اللغوي للفسخ في إنهاء الرابطة وانحلالها.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: الحالات التي لا يقع فيها الطلاق

الفرق الاصطلاحي بين الخلع والطلاق والفسخ

الزواج هو الرابطة التي أحلها الله لكي تجمع بين المرأة والرجل ليعيشوا معًا في بيت واحد ويتشاركوا كافة شؤون حياتهم، وتكون العلاقة بينهم أساسها المودة والرحمة وأن يستطيع كلًا منهما تحمل المسؤولية ومواجهة الأزمات الحياتية بحكمة وتعاون فيما بينهم فيقول الله تعالى عن الزواج:

“وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ َيتَفَكَّرُونَ”.

لكن في حال عدم تمكنهم من تحمل الصدمات والأزمات التي تمر عليهم يتجهون إلى الانفصال الذي أصبح حلًا سهلًا يلجأ إليه كل من لا يستطيع تحمل المسؤولية.

هناك ثلاث أنواع للانفصال وهم الخلع والطلاق والفسخ، ولكل منهما معنى يختلف عن الآخر بالإضافة إلى أن لكل منهم شروط، ولكي نتمكن من التعرف على الفرق بين الخلع والطلاق والفسخ سنقوم بذكر مفهوم كلًا منهم على حدة في السطور التالية.

الخلع هو أحد أشكال الانفصال والذي فيه تقوم الزوجة بتقديم شكوى للمحكمة، والذي يكون ناتج عن الكثير من الأسباب وقد تتضمن كراهية الزوجة لزوجها وعدم قدراتها على استكمال حياتها معه، العنف الأسري، وغيرها من الأسباب التي تختلف من شخص لآخر، والجدي بالذكر أن الدين الإسلامي قد أباح الخلع لكنه غير مستحب، وسبب جوازه هو انتهاء المشاكل التي لا يستطيع الزوجين حلها.

أما الطلاق فهو الانفصال الذي يتم بين الزوجين بشيء من التراضي، فقد يُقر كل من الزوجين على عدم قدرتهما على حل خلافاتهم ومواجهة الأزمات الحياتية، أو بسبب عدم حصول أحد الطرفين على حقوقه، فيلجؤون إلى الطلاق، وينقسم إلى نوعان وهما الطلاق الرجعي وهنا يحق للزوج رد زوجته إلى عصمته مرة أخرى ولكن بشرط ألا تكون انتهت فترة العدة، والجدير بالذكر أن رد الزوجة لا يشترط قبولها في حالة الطلاق الرجعي وتظل الزوجة في بيت زوجها، كما أنه لا يدفع الزوج مهر جديد عند رده إليها، والنوع الآخر هو الطلاق البائن وهو الذي يتساوى مع الخلع، وفي هذه الحالة يتحتم خروج الزوجة من بيت زوجها؛ حتى تقضي فترة عدتها، ويتحتم على الزوج في الطلاق البائن تقديم مهر جديد وعقد قران الجديد في حال إرجاعها لعصمته، وفي كلتا الحالتين هو غير محبب فيقول رسول الله (ص): “إن أبغض الحلال عند الله الطلاق“.

الحالة الأخيرة من الانفصال هي الفسخ والتي يشار إليه بحل الرابطة، وفي هذه الحالة تنتهي أحكام الربط، والجدير ذكره أن الفسخ والطلاق يتشابهان كثيرًا في معانهما ولكن يختلفان في أن الطلاق تنتهي فيه أثار عقد الزواج، أما الفسخ فينحل فيه الرابطة الزوجية.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: هل يجوز الطلاق بدون حضور الزوجة وما حكمه في القانون

الأحكام القانونية للخلع

إن الخلع من أشكال الانفصال وتقوم فيه الزوجة بتقديم شكوى لمحكمة الأسرة وذلك في حالة عدم موافقة الزوج على الطلاق بالتراضي، وبموجب تلك الدعوة تتنازل الزوجة عن كافة حقوقها المالية والتي تضم نفقة العدة ونفقة المتعة ومؤخر الصداق، بالإضافة إلى أنها ترد للزوج المهر (مقدم الصداق)، وتُقر أنها تبغض زوجها وأنها تخشى عدم تطبيقها لحدود الله نتيجة البغض.

الجدير ذكره أن المحكمة لا تقوم بالتصديق على الدعوة إلا بعد إجراء محاولات للصلح بين الزوجين ويتم ذلك في فترة لا تتعدى ثلاثة أشهر، وفي حال عدم موافقة الزوجين على الصلح فإنها تحكم بالخلع وهو حكم غير قابل للطعن.

يُسمح للزوجة المسيحية بتقديم دعوة الخلع في حال اختلافها مع وزجها في المذهب أو الطائفة أو الدين.

من أبرز ما يميز الخلع هو أن القانون المصري عمل على تقنين الخلع؛ حتى يزيل الأعباء المادية التي تُفرض على الزوج الذي يرفض الطلاق خشية من عدم قدرته على سداد كافة حقوق الزوجة المادية، بالإضافة إلى أنه يعفي الزوجة من إفشاء الأسرار الزوجية، والجدير ذكره أن الخلع يعتبر طلاق بائن فتكن الزوجة بائنة بينونة صغرى في حال عدم اكتمال الثلاث، ولا يجوز الرجوع إلا عند تقديم الزوج عقد قران ومهر جديدان، كما أنه لا يجوز الرجوع إلا بعد أن تتزوج وتُنكح من غير طليقها وانتهاء ذلك الزواج بالطلاق أو الوفاة.

الأحكام الشرعية للخلع

عادةً ما تُشتق الأحكام القانونية في تلك الأمور من الأحكام الدينية التي ذكرها الدين الإسلامي، فقد قال الله تعالى:

“الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلاّ أَنْ يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ”.

هذا إلى جانب الحديث النبوي الذي البخاري عن ابن عباس، حيث جاءت امرأة ثابت بن قيس إلى رسول الله وقالت:

«يا رسول الله، إني ما أعتب عليه في خلق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام ما أطيقه بغضًا، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتردّين عليه حديقته؟ وكانت صداقًا لها، فقالت: نعم وأزيد، فقال لها: أما الزيادة فلا وأمره أن يقبض الحديقة ويخلي سبيلها.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: الطلاق الرجعي في المحكمة وحكمه وطريقة إثبات الرجعة

الأحكام القانونية للطلاق

إن الطلاق هو أحد أشكال الانفصال الذي يتم بالتراضي فيما بين الزوجين وذلك عندما يجدون أنه لا سبيل لاستمرار الحياة بينهم، والجدير بالذكر أنه في تلك الحالة يٌسمح للزوج برد زوجته إلى عصمته قبل انقضاء فترة العدة، وفي حال رفضها يقوم القاضي باستدعاء الزوجة من بيت أبويها، ويُسمح القانون للأجداد في رؤية الحفيد بعد الطلاق.

الأحكام الشرعية للطلاق

فيما يخص الطلاق فقد حدد القرآن الكريم إمكانية رد الزوجة لعصمة زوجها في المرة الأولى والثانية قبل انقضاء فترة العدة وهو ما يسمى بالطلاق المؤقت، أما في حال طلاق الزوجة للمرة الثالثة فلا يجوز الرجوع بينهم إلا عند زواجها بغير طليقها بنية البقاء مع الزوج الآخر، وعند طلاقها من زوجها الجديد يجوز رجوعها لطليقها بمهر وعقد قران جديد.

ورد في سورة البقرة {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خفتم أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}.

 الجدير بالذكر أن هناك بعض علماء الفقه والدين حرموا الطلاق بسبب ما يتركه من أذى نفسي على كلًا من الطرفين، ولكن على الجانب الآخر أحله أغلب علماء الدين استنادًا على قول الله تعالى: “لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنُّ أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ”

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: كفارة يمين الطلاق دار الافتاء المصرية وأنواع الأيمان

أباح الدين الإسلامي الانفصال بين الزوجين عندما يقران بعدم قدرتهم على استكمال الحياة بينهم ولكن قيده بعدة حالات تجعله طلاقًا صحيحًا أو باطلًا.

يجب أن يكون المطلق لا يعاني من أي خلل عقلي، فقد قضت الشريعة الإسلامية بأن المجنون هو الشخص الذي يعاني من خلل في العقل والفقدان التام للإدراك وحالته شديدة الاضطراب، وفي تلك الحالة تكون جميع أقواله وأفعاله باطلة ولا يبنى على أساسهما حكمًا، على الجانب الآخر إذا كان المريض يعاني من الجنون المؤقت أي يفقد عقله لمدة ويعود فإن الطلاق لا يقع إلا إذا كان الشخص كان في حالة الوعي والإدراك.

لا يقع الطلاق إذا كان الشخص أصيب بصدمة وقعت أثرًا على أفعاله وأقواله، واللذان ينتجان في تلك الحالة عن عدم الإدراك السليم وهي الحالة التي يفقد فيها الإنسان قدرته على التمييز بين الأفعال الصحيحة والخاطئة وكما هو الحال إذا كان الزوج في حالة غضب شديد، أما في حال الطلاق الهزل بهدف المزاح فهو واقع حتى إذا لم يقصده الشخص وذلك استنادًا على قول رسول الله (ص): “ثلاث جدَّهن جد وهزلهن جد: النكاح والطلاق والرجعة”.

ثمة حالات أخرى يسقط فيها حكم الطلاق مثل الطلاق المحرم وهو الذي يقع أثناء حيض المرأة أو عقب الجماع، الطلاق المكروه وهو الذي يقع الطلاق فيه دون سبب وهو ما اختلف عليه علماء الدين، فمنهم من قال أنه مكروهًا ومنهم من قال أنه محرمًا؛ لأنه يصبح إتلاف وضرر للأموال.

يصبح الطلاق باطلًا في حالة الإجبار.. حيث حكم علماء الدين أنه في حال إن  أُجبر الزوج على طلاق زوجته يسقط ويصبح طلاق غير صحيح، وذلك استنادًا لقول رسول الله (ص): “إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه”، وجاء معنى الإكراه هنا هو تعرض الزوج لتهديدًا.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: شروط الطلاق في المحكمة وكيف يتم؟

الفرق بين الخلع والطلاق والفسخ اختلف لغةً واصطلاحًا، حيث تشابه الطلاق البائن مع الخلع في شروطه وأحكامه، بينما تشابه الطلاق الرجعي مع الفسخ، لذا قمنا بذكر الفرق بينهم بالإضافة إلى أحكامهم، ونتمنى من الله أن لا يتم اللجوء إلى الطلاق استنادًا لقول رسول الله “إن أبغض الحلال عند الله الطلاق”.

قد يعجبك أيضًا