الفرق بين الطباق والمقابلة في اللغة العربية

الفرق بين الطباق والمقابلة في اللغة العربية لا يعلمه العديد من الأشخاص، فهم يعتبرون أنهما يحملان معنى واحدًا، لكن هذا غير صحيح على الإطلاق، لذلك فإننا من خلال موقع زيادة سوف نساعدكم في التعرف إلى الفرق بين الطباق والمقابلة في اللغة العربية، وسنوافيكم بجميع المعلومات اللازمة.

الفرق بين الطباق والمقابلة في اللغة العربية

الطباق والمقابلة هما من المحسنات البديعية المعنوية في علم البديع والذي هو واحدًا من أبرز فروع علم البلاغة، حيث إن هناك محسنات بديعية تهتم بالتزيين اللفظي للنصوص الأدبية كالجناس والسجع وحسن التقسيم، إلى جانب المحسنات البديعية التي تهتم بالتزيين المعنوي كالطباق والمقابلة التي نحن بصدد الحديث عنهما في هذا الموضوع.

يختلط مفهوم هذين المحسنين المعنويين على أذهان الكثيرين لا سيما محبي اللغة العربية، فإذا كنت ممن يحبون هذه اللغة العظيمة فعليك أن تكون على دراية كاملة بالفرق بين الطباق والمقابلة في اللغة العربية، وهو كالآتي:

  • الطباق لا يأتي في الأغلب إلا بين الضدين، ويقصد بالضدين هو اللفظ وضده.
  • المقابلة تكون أعم أي أنها تعتمد على الأكثر، فهي من الممكن أن تكون في أربع كلمات متضادة نصفهما في صدر الكلام، والنصف الآخر في عجزه.
  • من المحتمل أن تصل المقابلة إلى جمع الأكثر من ذلك أي ما يعادل عشر كلمات متضادة، خمسة منهم في صدر الكلام، وخمسة في عجزه.
  • الطباق هو المحسن البديعي المعنوي الذي لا يكون سوى بالأضداد.
  • أما المقابلة فإنها تكون إما بالأضداد أو دون الأضداد، حيث إنها من الممكن أن تجمع بينهما في مكان واحد.

على الرغم من أن هذه الفروقات واضحة، فإنه لن يكتمل فهمها بشكل كافٍ إلا في حالة التطرق في مفهوم كل منهما وأنواعه بشكل أكثر.

لذلك فإننا سوف نعرض لكم في السطور التالية المعلومات المفيدة التي من خلالها يمكننا فهم الفرق بين الطباق والمقابلة في اللغة العربية بعمق، وذلك من خلال الحديث عن كل منهما على حدا.

اقرأ أيضًا: الطباق في اللغة العربية

أولًا: معلومات عن الطباق في اللغة العربية

الطباق هو واحد من أبرز المحسنات المعنوية التي تتواجد في علم البديع، فهو الذي يجمع بين اللفظين سواء أكانا اسمين، أو فعلين، أو حتى حرفين، وبين الفرق بينهما في الكلام الواحد وفي آن واحد.

أي أن الطباق هو من يجمع المتضادين في سياق الكلام قد يكونا متشابهين أو مختلفين كاسم وفعل معًا، وهذا الأمر ما يوفر للغة الجمال، وفي النقاط التالية سوف نذكر لكم المعلومات الهامة عنه:

1- مزايا الطباق في اللغة العربية

إليك فيما يلي أهمية استخدام الطباق في اللغة العربية:

  • إن الطباق يساهم في منح الجملة المعني الكامل، ويعمل على توضيح المقصود بها.
  • الطباق هو الذي يضيف على النص الأدبي الجمال والحيوية اللذين كان ينقصانه.
  • يلعب الطباق دور كبير في ربط الأشياء مع بعضها، فعلى سبيل المثال إذا قمت بقول كلمة أبيض، فإنه على الفور سوف يطرأ في بالك كلمة أسود.
  • يوضح الطباق أهمية الحروف وصداها الذي يبقى دائمًا في فكر الإنسان وأيضًا في حياته.

2- أنواع الطباق في اللغة العربية

لكي تتعرف إلى الفرق بين الطباق والمقابلة في اللغة العربية بوضوح، ينبغي أن تتعرف أولًا إلى أنواع الطباق، حيث إنه ينقسم إلى نوعين وهما كالآتي:

  • طباق الإيجاب: ففي هذا النوع من الطباق يتم الجمع بين أمرين وهما اللفظة وضدها، ويكون حالتين إما بالإثبات بينهما، أو بالنفي بينهما، فعلى سبيل المثال كلمتي يضحك ويبكي، أو كلمتي يُميت ويحي.
  • طباق السلب: هذا النوع يجمع بين اللفظة ونفيها، أي أن أحدهما تكون منفية بليس والأخرى تكون غير منفية ومثبتة، فعلى سبيل المثال كلمتي يعلمون، ولا يعلمون.

3- أمثلة متنوعة عن الطباق في اللغة العربية

سوف نعرض لكم فيما يلي بعض الأمثلة التي من خلالها يمكن فهم المحسن المعنوي الطباق وبالتالي معرفة الفرق بين الطباق والمقابلة في اللغة العربية، وإليكم بالأمثلة:

  • قال تعالى: (وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَىٰ (43) وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا (44)) [سورة النجم].

فمن خلال هاتين الآيتين نلاحظ أن هناك طباقًا، ففي الآية الأولى يكون الطباق بين كلمتين وهما أضحك وأبكى، أما في الآية الثانية الطباق يوجد بين كلمتي أمات وأحيا.

هذا النوع من الطباق هنا هو طبقا الإيجاب، وذلك لأن الله عز وجل ذكر الكلمة وضدها، وكان الطباق هنا بين متشابه أي بين فعلين.

  • قال تعالى: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ۗ) [البقرة: 286].

في هذه الآية يكون الطباق بين حرفي جر وهما “لها، عليها”، ونوعه إيجاب، وذلك لأن الطباق وقع بين الكلمة وضدها، فكلمة لها تشير إلى الثواب، بينما كلمة عليها تشير إلى العقاب.

  • قال أبو تمام في قصيدة السيف أصدق أنباءً من الكتب:

وصيروا الأبراج العليا مرتبة … ما كان منقلباً أو غير منقلب

يكمن الطباق هنا في لفظين وهما مُنقلب، وغير مُنقلب، ويكون نوعه طباق سلب، وذلك لجمعه بين اللفظة ونفيها.

اقرأ أيضًا: علامات الترقيم في اللغة العربية

ثانيًا: معلومات عن المقابلة في اللغة العربية

المقابلة هي واحدة أيضًا من المحسنات البديعية المعنوية التي تتواجد في علم البديع، ولكنها تختلف عن الطباق في كونها جعل القسم الأول من الكلام يحتوي على معنيين متوافقين، أو ربما أكثر من معنيين.

أما القسم الثاني من الكلام فإن المقابلة في اللغة العربية تجعله يناظر القسم الأول، أي أنه يحتوي على معانٍ تكون مضادة لتلك التي تتواجد في القسم الأول.

فعلى سبيل المثال قول المثل الشهير عدو عاقل أفضل من صديق جاهل، فهنا نحن نجد القسم الأول من الجملة يحمل كلمتي عدو عاقل، وفي القسم الثاني تضادهما أي كلمتي صديق جاهل، وفي السطور التالية سوف نبرز لكم أنواعها، وأمثلة عنها.

1- أنواع المقابلة في اللغة العربية

تنقسم المقابلة في اللغة العربية إلى أربعة أنواع، وفي النقاط التالية سوف نبرزهم لكم:

  • مقابلة كلمتين بكلمتين، وذلك في قوله تعالى: (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا (10) وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا (11)) [سورة النبأ].
  • مقابلة ثلاثة كلمات بثلاثة كلمات، وذلك في قوله تعالى: (.. وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ..) [سورة الأعراف: 157].
  • مقابلة أربعة كلمات بأربعة كلمات، وذلك في قوله تعالى: (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَاتَّقَىٰ (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَىٰ (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَىٰ (7) وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَىٰ (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَىٰ (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَىٰ (10)) [سورة الليل].

الكلمات هي: أعطي واتقي والحسني واليسرى، ونظيرها بخل واستغنى وكذب والعسرى.

  • مقابلة خمس كلمات بخمس كلمات، مثل قول الشاعر المتنبي:

أزُورُهُمْ وَسَوَادُ اللّيْلِ يَشفَعُ لي … وَأنثَني وَبَيَاضُ الصّبحِ يُغري بي

2- مزايا المقابلة في اللغة العربية

سوف نوضح لكم فيما يلي مزايا المقابلة في اللغة العربية أي الغرض البلاغي منها:

  • تساهم المقابلة في إعطاء أثر كبير وفعّال للمعنى والأسلوب، فالمعنى من خلالها يزداد قوة وكذلك وضوح، والأسلوب يكون أكثر فهمًا.
  • تعمل المقابلة على عرض الكلمات المتضادة في نسق جيد يساهم في إثارة الانتباه والقوة داخل العقل.
  • تكسب المقابلة الكلمات جرسًا موسيقيًا يجعل من يسمعه يشعر بالراحة وتلتذ نفسه.

3- أمثلة متنوعة على المقابلة في اللغة العربية

الفرق بين الطباق والمقابلة في اللغة العربية يكمن فيما يتناوله كل منهما، فالطباق يركز على الأضداد فقط، أما المقابلة يركز على الأضداد وغيرها، وها نحن سوف نعرض لكم أمثلة على المقابلة فيما يلي لوضوح معناها بشكل أكثر:

  • قال تعالى (فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا) [التوبة: 82].

فهذه الآية تحمل المقابلة، ففي القسم الأول منها يوجد كلمتي يضحكوا وقليلًا، وفي القسم الثاني جاء كلمتان ضدهما وهما ليبكوا وكثيرًا، وهذا النوع هو المقابلة المركبة أي كلمتين بكلمتين.

  • قال المتنبي:

فَتحُ الفُتوحِ تَعالى أَن يُحيطَ بِهِ … نَظمٌ مِنَ الشِعرِ أَو نَثرٌ مِنَ الخُطَبِ

ففي هذا البيت وقعت المقابلة في الشطر الثاني منه، أي أن جملة نثر من الخطب جاءت لتقابل جملة نظم من الشعر.

  • قال المتنبي:

فَلاَ الْجُودُ يُفْنِي الْمَالَ وَالْجَدُّ مُقْبلٌ … وَلاَ الْبُخْلُ يُبْقي الْمَالَ وَالْجّدُّ مُدْبِرُ.

هنا يوجد المقابلة ثلاثة بثلاثة، ففي البيت الأول جملة الجود يفني، وكلمة مقبل يقابلها في البيت الثاني جملة البخل يبقي، وكلمة مدبر.

  • قال النابغة الذبياني:

فَتىً تَمَّ فيهِ ما يَسُرَّ صَديقَهُ … عَلى أَنَّ فيهِ ما يُسيءُ المُعادِيا.

فإن المقابلة هنا تكون بين الشطر الأول من القصيدة والشطر الثاني في لفظ يسر صديقه، والذي يقابله التضاد يسوء الأعاديا.

خلافات علماء البلاغة بشأن مفهومي الطباق والمقابلة

بعد أن تعرفنا إلى الفرق بين الطباق والمقابلة في اللغة العربية، سوف نعرض لكم الخلافات التي دارت بين العلماء بشأن مفهومها، حيث إن البلاغين انقسموا إلى قسمين، وهما كالآتي:

القسم الأول من علماء البلاغة كانوا يرون أن الطباق في معناه أعم من المقابلة، مبررين بذلك أن الطباق يعد في اللغة العربية هو الأصل، أما المقابلة ما هي إلا فرع منه، ومن أبرز العلماء الذين انتموا لذلك الرأي هو الإمام القزويني.

فهو كان يرى بأن الطباق يمتلك أثر كبير على المعنى، ويساهم في جعل النص الأدبي في غنى عن أي شيء من خلال إبراز المعاني المتضادة فيه بشكل واضح ومفصل، لهذا اعتبر الطباق هو الأصل لا سيما لوقوعه في الأضداد فقط.

أما القسم الثاني من علماء البلاغة والذي اشتمل رأى الأغلبية، فإنهم رأوا أن المقابلة هي التي تعد بمثابة الأعم والأشمل والأصل، بينما الطباق هو الفرع في اللغة العربية، وكان على رأس هؤلاء العلماء الذين أخذوا بذلك الرأي هو ابن حجة الحموي.

كذلك عبد العزيز عتيق والذي ردد قائلًا إن البلاغيين اختلفوا بشأن المقابلة في اللغة العربية فمنهم من قال إنها نوعًا من المطابقة، وتركز على التضاد، ومنهم من قال إنها نوع مستقل يأتي في علم البديع، وهذا كان الرأي الأصح.

اقرأ أيضًا: أسهل أنواع الخطوط العربية على الإطلاق

القيمة البلاغية للطباق والمقابلة في اللغة العربية

على الرغم من أننا نتناول الحديث عن الفرق بين الطباق والمقابلة في اللغة العربية لنشير إلى اختلاف مفهومهما، إلا إننا لا يمكننا أن نذكر بأنهما يمتلكان نفس القيمة البلاغية.

فالطباق والمقابلة في اللغة العربية يعدان مصدر الجمال، حيث إنهما يساهمان في إيقاظ الشعور لكي يتم الموازنة بين اللفظ وضده، وبالتالي يحدث ما هو جميل أي الإمتاع الفني.

إلى جانب ذلك فإن الطباق والمقابلة يعملان على توكيد المعنى وتوضيحه، وزيادة الأسلوب جمالًا ووضوحًا، مما يجعل الكلام حسنًا، ويتسع نطاق المعرفة والتعلم في أذهاننا حول التمييز بين ما هو خطأ وما هو صواب.

الفرق بين الطباق والمقابلة في اللغة العربية يوضح لنا أن التقارب بين مفهومهما ليس شرطًا على توضيحهما نفس الأمر، فالطباق يتركز على ضدين فقط، أما المقابلة تشمل من أربعة إلى عشرة.

قد يعجبك أيضًا