من سن في الاسلام سنة حسنة

من سن في الاسلام سنة حسنة من الأعمال الواقعة تحت مظلة الشريعة، ولا تخالف ما أنزله الله تعالى في كتابه العظيم من الأعمال المحمودة التي يثاب عليها صاحبها، فله أجر ما عمله بنفسه، وأجر من عمل بها بعده.

من سن في الاسلام سنة حسنة

السنة الحسنة هي أن يبتدئ الإنسان عملًا طاعةً لله تعالي فيقتدي به غيره من المسلمين، ويتابعونه على ذلك.

ورد في لسان العرب “وكل من ابتدأَ أَمراً عمل به قوم بعده قيل: هو الذي سَنَّه”.

وقد أرشدنا إليها رسول الله في حديث أبي هريرة قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم: “من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئًا”.

يحثنا الحديث على عمل الخير والإبداع فيه بما لا يعارض القرآن والسنة والبعد عن اثم قد يتبعه الناس من بعده.

إقرأ أيضًا: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة.. تفسير الآية وسبب نزولها

شرح حديث من سن في الاسلام سنة حسنة

قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عن جرير بن عبد الله البجلي – رضي الله عنه – قَالَ: “قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ سَنَّ سُنَّةَ خَيْرٍ فَاتُّبِعَ عَلَيْهَا فَلَهُ أَجْرُهُ وَمِثْلُ أُجُورِ مَنْ اتَّبَعَهُ غَيْرَ مَنْقُوصٍ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا وَمَنْ سَنَّ سُنَّةَ شَرٍّ فَاتُّبِعَ عَلَيْهَا كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهُ وَمِثْلُ أَوْزَارِ مَنْ اتَّبَعَهُ غَيْرَ مَنْقُوصٍ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا” (الترمذي 2675).

معنى سن سنة أي أحيى سنة، وجعلها ظاهرة للناس ليتبعونها فيكون له مثل أجر الذين اتبعوها إلى يوم الدين.. لكن ذلك لا يعني الابتداع فيه وخلق عبادات لم ينزل بها الله من سلطان وكلام الرسول – صلى الله عليه وسلام لا يتناقد مع ذاته في قوله: “كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار” (الترمذي).. فكلام النبي يكمل بعضه، ويصدقه بإجماع الفقهاء، فبذلك المقصود من الحديث هو أن يحي الإنسان السنة ويظهرها.

قصة حديث من سن في الاسلام سنة حسنة

أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كان يخطب بالناس وقال: قول الله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ”.. يحث الناس على الصدقة لإخوانهم الذين جاءوا من مضر، فجاء رجل من الأنصار يحمل صُرَّة يكاد كتفه يعجز عن حملها، ووضعها ثم تتابع الناس حتى أصبحت الصدقة كَوْمَيْنِ من طعام وثياب فلما رآها رسول الله تهلل وجهه وقال هذا الحديث.

يحكي القصة الصحابي الجليل “جرير بن عبد الله ” – رضي الله عنه.

إقرأ أيضًا: وكان فضل الله عليك عظيما.. وأشهر الأدعية التي نذكرها لشكر الله باللسان

تعلمنا من حديث الرسول

  • أهمية الصدقة وفضلها العظيم في الإسلام.
  • ضرورة استحباب الناس للأمور العظيمة في الدين وتحذيرهم من القبائح .
  • بيان عظمة شفقة النبي صلى الله عليه وسلم.
  • سبب فرحة الرسول – صلى الله عليه وسلم – بمبادرة المسلمين إلى طاعة الله وبذلهم لأموالهم وامتثالهم لأمر رسول الله بسرعة، وشفقة المسلمين على بعض، وتعاونهم على الخير والتقوى.
  • فضل المسارعة والمبادرة إلى عمل الخيرات.
  • ألا يحتقر المسلم أي عمل خير يقدمه لله مهما كان صغيرًا.
  • إن العمل بالبدع يترتب عليه توقف العمل بالسنن، وقال الصحابة الذين تعايشوا في هذا الواقع: “ما أحييت بدعة إلا وأميتت سنّة”.
  • أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال لمن ابتدع في الدين بدعة محدثة فإن عمله مردود عليه حابط ولا يقبله الله كما في الحديث الوارد عن السيدة عائشة رضي الله عنها.. قالت: ” قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ” (البخاري2697).

إجمالًا.. لا يجوز بعد كل ما سبق أن يقول أحد من الناس بجواز بدعة.. أو يسوق لها المبررات، والحق بين، والباطل بين.. وعليه من ابتدع أي معصية تخالف شريعة الله تعالى وتشغل الناس عن أمور دينهم فله مثل اوزار الذين اتبعوه من بعده وذلك لا ينقص من وذرهم شيءً، ولكن ليس معنى ذلك أن الدين بالهوى يمكن للإنسان التغيير فيه بالصورة التي تروق له، فالرسول – صلى الله عليه وسلم –  حذر من مثل هذا الأمر في كل خطبه، فأنكر البدع، وقال المولى عز وجل في القرآن هذا المعنى في سورة الشورى: “أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّه” (21).

أن هذا معناه إنكار للشرع ما لم ينزله الله، فالذي يأتي بالبدع من رأسه دون دليل من القرآن والسنة يكون عمله مردود عليه، مثل القيام ببناء المساجد على القبور والاحتفال بالموالد بجانب الصلاة على هذه القبور.. فيجب على كل مسلم ومسلمة الحذر من مثل هذه الممارسات المضللة.

رؤية أخرى في تفسير الحديث

يرى بعض المفسرين أن المعنى المقصود ليس هو ابتكار فعل جديد لم يكن موجود من قبل ولكن المقصود هو إن يقوم الإنسان بإحياء طاعة (سنة كانت أو فرض) لم تكن حية بين الناس في هذا الزمان والمكان.

ففي قصة الحديث نجد أن الرجل الاول الذي تصدق لم يبتكر فعلًا جديدًا وإنما أخذ بزمام المبادرة وقام الناس بالسير على خطاه.

مثلا في واقعنا الآن إذا ذهب رجل إلى بلاد قوم لا يعرفون صلاة الوتر، ويقوم بتعليمهم إياها، يصبح قائدًا يسير المسلمون ورائه، وهكذا يكون الحال في كل الطاعات.

إقرأ أيضًا: احاديث نبوية تحث على التحلي بالأخلاق الحسنة والكريمة

جريمة المبتدع في الدين

إن المبتدع الذي يعتقد إنه يضيف إلى دين الله الذي أنزله على رسوله لفعله هذا عدة مساوئ بغيضة اهمها:

  • اتهام الدين بالنقص وإن الله – حاشاه – قصر في الدين، وهناك مجال للزيادة والتعديل على عكس قوله تعالى: “الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا” (المائدة3).
  • إن الرسول – صلى الله عليه وسلم – قصر في تبليغنا الدعوة أو أن النبي جاهلًا بهذه البدعة والفكرة الجديدة.
  • أن فتح الباب للبدع يؤدي في النهاية إلى تغير الدين، وتحريفه وفق الأهواء.
  • أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – قد كتم العلم وغش الأمة.

حاشاه رسولنا الكريم أن يكون قد قام بمثل أيًا مما سبق، نشهد أنه بلّغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى آتاه اليقين.

بذلك نكون قد نقلنا أقوال الفقهاء ومفسرين الحديث في قول رسول الله – صلى الله عليه وسلم – من سن في الاسلام سنة حسنة وقصة الحديث والفوائد المستفادة من دراسته والجريمة التي يقوم به الشخص المبتدع نرجو الله أن نكون قد وفقنا وافدناكم.. نحن في انتظار تعليقاتكم، واستفساراتكم حول هذا الأمر جعله الله في ميزان حسناتنا.

قد يعجبك أيضًا