حياة الرسول صلى الله عليه وسلم حكى عنها جميع الصحابة رضي الله عنهم، وذكروا أدق التفاصيل التي مر بها في حياته، وتكلم وكتب عنها كل العلماء والفقهاء، وقرأها كل المسلمين والمسلمات، وحتى غير المسلمين من المستشرقين والدارسين والباحثين عن الإسلام الذين وقفوا عند كل ملمح من ملامح حياته.
في السطور التالية على موقع زيادة نبين حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وأهم الملامح من حياته بإيجاز يشمل أكثر المواقف والمراحل التي كان لها عظيم الأثر في نفوس من اطلعوا على سيرته، وكتبوا عنها في كتبهم وبينوها للناس للاستفادة منها والعلم بها.
حياة الرسول صلى الله عليه وسلم
إن في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم الذي أرسله الله سبحانه وتعالى ليهدي الناس لدين الحق من الدروس والعبر، فقال الله تعالى:
(هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ).
لقد امتلأت سيرته العطرة بالكثير من المواقف والأحداث التي نخرج منها بالكثير من الدروس والعبر المستفادة من خلال معرفتها والوقوف على كل مرحلة في حياته صلى الله عليه وسلم.
يمكنك أيضًا الاضطلاع على: كتاب نساء حول الرسول للكاتب محمد إبراهيم سليم
اسم الرسول صلى الله عليه وسلم ونسبه
اسمه أبو القاسم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركه بن إلياس بن مضر بن مزار بن معد بن عدنان.
عدنان من ولد إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام بإجماع العلماء ولكن اختلفوا فيما بين عدنان وإسماعيل من الآباء.
كان النبي صلى الله عليه وسلم من خير قبيلة وأشرف نسب، واصطفى الله له خير الأنساب.
إن الله سبحانه وتعالى اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل، واصطفى من بني إسماعيل كنانة، واصطفى من بني كنانة قريشًا، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم من بني هاشم.
مولد الرسول صلى الله عليه وسلم
ولد الرسول صلى الله عليه وسلم في صبيحة يوم الإثنين التاسع من شهر ربيع الأول (على أغلب رأي الجمهور من العلماء) في عام الفيل، ولأربعين سنة خلت من ملك كسرى أنوشروان.
يوافق يوم ولادته العشرون أو الإثنين وعشرون من شهر إبريل سنة 571 من الميلاد، وسمي عام ولادته بهذا الاسم لأنه العام الذي حمى الله فيه بيته الحرام من جيش أبرهة الأشرم الذي جهز جيشًا جرار ومعه فيله ليهدم الكعبة المشرفة.
بعث الله عليهم طيرًا تحمل حجارة تُسقطها عليهم فأهلكتهم، وذكر الله سبحانه وتعالى تلك الحادثة في القرآن الكريم في سورة الفيل.
يمكنك أيضًا الاضطلاع على: عمر الرسول عندما بعث وحياة الرسول قبل البعث
طفولة الرسول صلى الله عليه وسلم
مات أبوه عبد الله قبل أن يولد، ولما ولدته أمه آمنة بنت وهب أرسلته إلى جده عبد المطلب، فدخل به الكعبة، واختار له اسم محمد ولم يكن هذا الاسم منتشرًا بينهم، وختنه في يومه السابع كعادة العرب.
أول من أرضعته ثويبة مولاة أبي لهب، والتي أرضعت قبله عمه حمزة بن عبد المطلب الذي كان يكبره بعامين.
التمس له جده بعد ذلك مرضعة أخرى من بني سعد بن بكر هي حليمة السعدية التي رأت منه الخير والبركة ثم ردته لأمه في السنة الرابعة.
ماتت بعد ذلك أمه بعد بلوغه العام السادس ليصبح يتيم الأب والأم، فتعهد جده بتربيته الذي أحبه وأحسن معاملته ثم مات جده بعد بلوغه عامه الثامن.
انتقلت كفالة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى عمه أبي طالب الذي مكث عنده فترة طويلة تربى فيها مع أولاده، وظل يرعاه ويحميه بل ودافع عنه بعد النبوة رغم أنه ظل على الكفر حتى مات.
شباب الرسول صلى الله عليه وسلم
رعى النبي صلى الله عليه وسلم الأغنام منذ طفولته وحتى مطلع شبابه، فأكسبه ذلك الحلم والصبر، وأثر ذلك في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وظهر تلك الصفات عليه.
عندما كبر وأصبح شابًا اشتغل بالتجارة مع عمه أبي طالب الذي كان يعتمد عليه في كل شيء، وعرف بين قومه والتجار بالصادق الأمين.
اشتهر بين الناس بحسن خلقه وطيب نفسه ورجاحة عقله وحلمه وصبره، ولم يسجد لصنم قط، ولم يحلف بالأصنام في تجارته ومعاملته مع الناس كما كان يفعل بقية التجار.
ظهرت أخلاقه وصفاته الطيبة في كل الأحداث التي شارك فيها قومه من حروب ومعاهدات ومشاكل كانت تتجلى فيها حكمته وحلمه ورجاحة عقله.
شارك في سن مبكر في حلف الفضول الذي كان حلف يجتمع فيه عشائر القبيلة من سادات قريش وكبرائها وحكمائها لمناقشة وحل كل المشاكل التي تخص القبيلة.
من مهام ذلك الحلف أيضًا حل النزاعات ونصرة المظلوم مما يدل على مكانته بين قومه، وكان حلف الفضول من مفاخر العرب قبل الإسلام.
زواج الرسول صلى الله عليه وسلم
اشتهر الرسول صلى الله عليه وسلم قبل بعثته بين التجار بالصادق الأمين وبأخلاقه الحسنة، وتلك الشهرة شجعت كثير من التجار وأصحاب الأموال إلى الثقة فيه وعهدوا له بالاشتغال لهم في أموالهم وتجارتهم.
كانت السيدة خديجة بنت خويلد من بني أسد بن عبد العُزى ذات نسب في قريش، وكانت تستأجر من التجار من يعمل لها بأموالها ويشتغل بها في التجارة، فعندما سمعت عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وما عرف عنه من صدقه وأمانته وحسن تدبيره في التجارة طلبت منه أن يتاجر لها بأموالها فوافق.
تضاعفت تجارة السيدة خديجة بعد عمل الرسول بأموالها في التجارة، فزادت له ما اتفقوا عليه لما رأته من مضاعفة الأرباح وتمنت أن يتزوجها، وبينت رغبتها في الزواج منه له، فذكر الرسول ذلك لأعمامه، فذهبوا إلى أهلها وطلبوها منهم فوافقوا، وكان عمره خمسة وعشرون عامًا (على أغلب رأي الجمهور من العلماء).
أنجب الرسول صلى الله عليه وسلم من السيدة خديجة كل أولاده عدا إبراهيم، وهم: القاسم وزينب وفاطمة وأم كلثوم وعبد الله، وعاش معها الرسول خمس وعشرين عامًا حتى ماتت حيث كانت خير أزواجه طوال حياة الرسول صلى الله عليه وسلم.
يمكنك أيضًا الاضطلاع على: معلومات عن الرسول للأطفال وتاريخ وفاته
بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم
كان الرسول صلى الله عليه وسلم إذا نام ورأى رؤية تتحقق كما رآها، وكان يقص رؤياه على السيدة خديجة وترى تحققها بعد ذلك، وكان من عادته صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من تجارته أن يخلو بنفسه في غار حراء ثم يعود إلى أهله.
في يوم الإثنين الموافق الواحد والعشرون من شهر رمضان، وكان قد أكمل الرسول من العمر أربعين سنة وهو خاليًا كعادته في غار حراء يتأمل، فإذا بملك عظيم الهيئة فقال له في الحديث الذي روي عنه صلى الله عليه وسلم:
“اقرأ، قلت: ما أنا بقارئ، قال: فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجَهد، ثم أرسلني فقال اقرأ، قلت: ما أنا بقارئ، قال فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ، قلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثالثة ثم أرسلني فقال: “اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْأِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ”، وكانت هذه هي أولى آيات القرآن.
رجع بعد هذا الموقف العظيم الذي مر به يرتجف إلى زوجته خديجة التي كانت له نعم الزوجة فهدأته وذكرته بصفاته وأخلاقه، ثم ذهبت به إلى ابن عمها الذي كان له علم من الكتب السابقة، وقصوا عليه ما حدث، فعرفهما أن الملك الذي رآه هو جبريل من ملائكة الله الذي يرسله بالوحي إلى الرسل.
يمكنك أيضًا الاضطلاع على: وصايا الرسول تربية الأبناء والأساليب الصحيحة للتعامل مع الأطفال
دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الله
توالى بعد ذلك نزول الوحي على الرسول صلى الله عليه وسلم ثم بدأ الدعوة إلى الله وتوحيده وعبادته ودعوة أهله الأقربين وصحابته ومن يتوسم فيهم الأخلاق الحسنة.
إن أول من آمن به بعد زوجته خديجة رضي الله عنها أبو بكر الصديق وعلي بن أبي طالب وزيد بن حارثة، وكان أبو بكر الصديق من الرجال الأشراف الذين لهم مكانتهم بين القبيلة وساعد الرسول في نشر الدعوة واستجاب له عدد من الرجال.
عندما زاد عدد الذين آمنوا بدعوة الرسول إلى التوحيد انتقل مكان الدعوة إلى دار الأرقم بن أبي الأرقم، وكان يبلغ من العمر ستة عشر عامًا، وكان بعيدًا عن الشك يذهب المسلمون إلى الرسول ويتعلمون أمور دينهم، ويربي نفوسهم على طاعة الله ورسوله.
كانت الدعوة طوال تلك الفترة سرية لمدة ثلاث سنوات إلى أن جاء الأمر على الرسول صلى الله عليه وسلم بالدعوة إلى الله جهرًا بأن صعد إلى جبل الصفا مناديًا:
“يَا بَنِي فِهْرٍ، يَا بَنِي عَدِيٍّ، يَا بَنِي هَاشِمٍ”ٍ. ثم قال لهم: “أَرَأَيْتُكُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلاً بِالْوَادِي تُرِيدُ أَنْ تُغْيرَ عَلَيْكُمْ، أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؟ قالوا: نَعَمْ؛ مَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ إِلاَّ صِدْقًا، فقال: “فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ”.
عارض عمه أبو لهب ومن وراءه من سادات قريش وكبرائها الرسول صلى الله عليه وسلم، بينما دافع عمه أبو طالب عنه ونصره لحبه الشديد له رغم عدم إتباع دعوة ابن أخيه حتى مات على الكفر، ولم يهتم الرسول بكل ما لاقى هو وصحابته من العناد والكفر.
بعد مضي أربع سنوات من البعثة وبعد ما لاقاه من صد لدعوته من أهل مكة ما آمن معه إلا القليل جدًا من الوجهاء وكثير من المستضعفين، فبدأ يوجه دعوته للقبائل ونشرها في مواسم الحج ولم يترك أحد إلا وعرض عليه الإسلام.
دعا الكثير من القبائل حتى أنه كان يخرج في ظلام الليل ليذهب على القبائل ويدعوها للإسلام، وبعد مضي أحد عشر عامًا على بعثته الشريفة استجاب لدعوته اثنا عشر شابًا من يثرب، ثم بعث مصعب بن عمير ودعا هو ومن آمن معه أهل يثرب إلى أن دخل من أهلها عددًا كبيرًا إلى الإسلام، وأصبحت يثرب مكانًا مناسبًا لانتقال المسلمين من مكة إليها.
هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة
جاء أمر الله للرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته بالهجرة من مكة إلى يثرب حتى يتخلصوا من كل ما لقوه من قتل وتعذيب من كفار مكة، ولإعطاء الفرصة أمام الدعوة الإسلامية للانتشار.
هاجر الرسول عليه السلام ومعه أبو بكر ليلًا ونام عليًا في مكانه الذي ترك معه الأمانات ليردها، وفي الطريق بين مكة ويثرب أقام الصاحبين في غار ثور، وتتبع الكفار آثار الصاحبين الكريمين لكن الله سبحانه وتعالى خيب رجائهم ومحاولتهم في الوصول إلى الرسول وصحابه.
كان الأنصار في يثرب يتلهفون شوقًا لمجيء الرسول طوال الثلاثة أيام حتى وصل إلى يثرب التي سميت فيما بعد باسم المدينة المنورة بقدومه إليها، ثم أصبحت بعد ذلك نواة الدولة الإسلامية التي ثبتت وانتشرت منها إلى كل العالم.
قامت الدولة الإسلامية في المدينة المنورة بقيادة الرسول صلى الله عليه وسلم فيها على المبادئ الصحيحة للدين الإسلامي، فآخى الرسول فيها بين المهاجرين والأنصار، وبذلك أسقط كل ما كان بين القبائل من عصبيات وفوارق، وظهرت فيما بينهم أخلاق الإسلام من حب وإخاء وكرم وإيثار وتضحية، فكان الرسول صلى الله عليه وسلم هو وصحابته خير قدوة لمن تبعهم.
يمكنك أيضًا الاضطلاع على: قول الرسول عن الحب والزواج وما هو الحب في الإسلام؟
جهاد الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته رضي الله عنهم
أسس الرسول صلى الله عليه وسلم دعائم الدولة الإسلامية في المدينة المنورة، وعاش فيها عشر سنوات تخللها كثير من الحروب والأحداث الهامة في بداية التاريخ الإسلامي منذ هجرته صلى الله عليه وسلم.
كان الهدف من تلك الحروب والأحداث التي سميت بالغزوات تثبيت دعائم الدعوة الإسلامية وحمايتها من المخاطر والأعداء وإتاحة الفرصة لنشر الدين الإسلامي الذي كان يقف أعداء الإسلام أمامه صدًا مانعًا إلى أن نصرهم الله في قتالهم ضد أعدائهم.
جاهد الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته في تلك الغزوات والسرايا واستشهد عدد كبير منهم رضي الله عنهم، وأصيب الكثير يرجون من الله إحدى الحسنيين النصر أو الشهادة.، ودخل الناس في دين الله أفواجًا لما رأوه وعرفوه من أخلاق الدين الإسلامي.
كان من أوامر الرسول صلى الله عليه وسلم قبل الجهاد منع قتل النساء والأطفال والشيوخ واقتلاع الأشجار، فالإسلام ليس دين عدوان وتخريب، وقتل بدين السلام والتسامح، ولكن ليس دينًا يدعو للضعف والذل والانهزام.
انتصر الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته في أغلب الغزوات والسرايا، وحتى التي لم ينتصروا فيها كانت إرادة الله فيها تعليم الصحابة ومن بعدهم أن النصر في طاعة الله ورسوله.
فتح مكة
كان من بنود صلح الحديبية أن من أراد الدخول في حلف المسلمين دخل، ومن أراد الدخول في حلف قريش دخل، دخلت قبيلة خزاعة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، ودخلت قبيلة بنو بكر في عهد قريش، وقد كانت بين القبيلتين حروب ونزاعات قديمة، فأراد بنو بكر أن يصيبوا من خزاعة فاقتتلوا وأعانت قريش بني بكر بالسلاح والرجال، وبذلك تم نقض العهد.
في شهر رمضان من السنة الثامنة للهجرة غادر الجيش الإسلامي المدينة المنورة في عشرة آلاف من الصحابة بقيادة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى مكة، ودخل مكة متواضعًا لله الذي أكرمه بفتح مكة رافعًا راية الإسلام، وهربوا جميعًا إلا قليلًا من الخوف ودخلوا بيوتهم.
حطم الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته ثلاثمائة وستون صنمًا، وأخذ مفتاح الكعبة ومحى كل الصور التي كانت فيها، ثم بايع المسلمين والمسلمات، وعفا عنهم جميعًا، وقال لهم: “اذهبوا فأنتم الطلقاء” رغم كل ما عاناه ورآه هو وصحابته منهم إلا أنه علم الإنسانية كلها معنى العفو عند المقدرة وعدم الانتقام.
أقام بمكة تسعة عشر يومًا ثم رجع إلى المدينة المنورة، واستمر جهاد الرسول وصحابته بعد فتح مكة، لتثبيت دعائم الإسلام وحماية الدعوة من أعدائها ونشر الدين الحنيف، وغزا مع صحابته ثلاث غزوات بعد الفتح هم غزوة حنين وغزوة الطائف وغزوة تبوك.
كانت في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم فريضة الحج لمرة واحدة فقط، وذلك في السنة العاشرة من الهجرة التي خطب فيها خطبة الوداع .
يمكنك أيضًا الاضطلاع على: أين يوجد قبر الرسول في المدينة المنورة ؟
وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم
قال الرسول صلى الله عليه وسلم في خطبة حجة الوداع: “لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا“. رواه مسلم، وظهر في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وأفعاله ما ينذر باقتراب وفاته.
كان قد أتم تبليغ آيات القرآن، ودرس القرآن الكريم كاملًا مع جبريل مرتين، فأدى الأمانة ونصح الأمة.
أصابه المرض في آخر شهر صفر بعد جنازة شهدها في البقيع، بدأ بصداع في رأسه ثم اشتد عليه المرض في بيت ميمونة رضي الله عنها، فأذن له أزواجه أن يكون في بيت عائشة.
في صلاة فجر يوم الإثنين وكان أبو بكر يؤم المسلمين للصلاة، فكشف رسول الله صلى الله عليه وسلم ستر حجر عائشة، ونظر إلى صفوف المسلمين في الصلاة، فتبسم صلى الله عليه وسلم ثم أشار إليهم بإتمام الصلاة وأرخى الستر.
أشار الرسول صلى الله عليه وسلم إلى السيدة عائشة أن تلين له السواك، وما إن فرغ منه رفع إصبعه ويده الشريفة، وأخذته بحة شديدة ثم حرك شفتيه قائلًا:
“مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا فعلِمتُ أنَّه خُيِّر“، ثم قال: “ اللَّهُمَّ الرَّفيقَ الأعْلى“، كررها ثلاثًا ثم لحق بالرفيق الأعلى.
لحق بالرفيق الأعلى صلى الله عليه وسلم في ضحى يوم الإثنين الموافق الثاني عشر من ربيع الأول من السنة الحادية عشرة للهجرة في عمر ثلاثة وستين عامًا، وترك لنا سيرته العطرة التي تملأ الدنيا كلها وحتى قيام الساعة من عبق نسائم حياة الرسول صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيرًا وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين خير صلاة وأزكى سلام.
خلاصة الموضوع في 6 نقاط
ذكرت فيما سبق حياة الرسول صلى الله عليه وسلم أفضل من وُلِد في هذه الدنيا خاتم الأنبياء والمرسلين، والتي نستخلص من حياته أشرف الدروس وأنفعها وأفضله ونلخصها فيما يلي:
- نسب الرسول صلى الله عليه وسلم من أشرف أنساب الخلق أجمعين.
- الأحداث العظام يُمهد لها بأحداث عظيمة فذاك مولد الرسول صلى الله عليه وسلم في عام الفيل.
- المراحل الأولى في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم تمهد لتكوين شخصية ليست كغيرها من الشخصيات بل هي بناء لشخصية نبي.
- الجهاد في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم كان من أجل حماية الدعوة الإسلامية من أعدائها وإتاحة الفرصة لنشر الدين.
- فتح مكة يبين الصفات والأخلاق العظيمة التي كان يتصف بها الرسول صلى الله عليه وسلم.
- إن المراحل التي في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم تبين حرصه الشديد على نشر الدعوة وتثبيت دعائمها بين الناس حتى بعد وفاته.