مدة هجر الزوجة شرعًا

مدة هجر الزوجة شرعًا من الأمور الدينية التي اختلفت بها الآراء، فمن أصول العلاقة الزوجية في الدين الإسلامي هي المودة والرحمة، فكلًا من الطرفين يكون بحاجة للآخر، وبالتالي لا يجوز للزوج أن يهجر زوجته دون وجود أسبابًا واضحة ذلك، ولذا سنعرض من خلال موقع زيادة مدة هجر الزوجة شرعًا.

مدة هجر الزوجة شرعًا

تعددت الآراء حول مدة هجر الزوجة شرعاً، كما تختلف المدة التي حددها الشرع حسب نوع الهجر، فهناك الهجر في الفراش أو الهجر في الكلام، وهذا ما سنتحدث عنه من خلال الفقرات التالية.

أولًا: مدة هجر الزوجة في الفراش شرعًا

هناك قولين مختلفين من أقوال العلماء فيما يخص مدة هجر الزوجة شرعًا في الفراش وهما:

الرأي الأول: قال بعض علماء الحنيفية والشافعية والحنابلة أنه يمكن للزوج أن يهجر زوجته في الفراش، التي لا تطيعه للمدة التي يريدها حتى تعود تلك الزوجة عن نشوزها.

فقد استدلوا على ذلك بالآية التي وردت في أمور الهجر، بأن المرأة المطلقة جاء ذكر هجرها في الآية بدون قيود زمنية، وقالوا إن هجر الفراش كالطلاق لا يمكن تقييده إلا بدليل.

الرأي الثاني: أصحاب الرأي الثاني هم أهل المالكية، حيث قالوا إن مدة هجر الزوجة في الفراش هي شهر، ويمكن للزوج أن يزيدها إلى أن تصل إلى الأربعة أشهر، وكان دليلهم على هذا أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – لم يجامع زوجاته كلهم لمدة شهرًا كاملًا.

كما أن الشرع قد حدد مدة عدم مجامعة الزوج لزوجته، لمدة قد تصل إلى أربعة أشهر، ولأن هذه هي المدة التي يمكن للمرأة فيها أن تتحمل بعد الزوج عنها.

اقرأ أيضًا: حكم الشرع في انفصال الزوجين بدون طلاق

ثانيًا: مدة هجر الزوجة في الكلام شرعًا

هناك اختلافًا أيضًا فيما يخص المدة التي يجوز فيها هجر الزوجة، وعدم التحدث معها، وكان الرأيان هما:

الرأي الأول: قال البعض إنه لا يمكن للزوج أن يهجر زوجته في الكلام فوق الثلاثة أيام، حتى وإن استمرت في نشوزها، وكان دليل تلك الفئة هي حديث الرسول-صلى الله عليه وسلم- (ولا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أنْ يَهْجُرَ أخاهُ فَوْقَ ثَلاثَةِ أيَّامٍ) [رواه سعد بن أبي وقاص بإسنادً صحيح]

الرأي الثاني: هو رأي بعض الشافعية، وأجازوا أن الزوج يمكنه أن يهجر زوجته في الحديث لأكثر من ثلاثة أيام، في حال لم تعود عن نشوزها وكان الزوج يرغب بتأديبها، واستدلوا على ذلك أن الرسول- صلى الله عليه وسلم- في غزوة تبوك قد هجر المتخلفين لمدة زادت عن الثلاثة أيام.

حكم هجر الزوج لزوجته

بعد أن تعرفنا إلى مدة هجر الزوجة شرعًا، سنعرف حكم الشرع بالأساس فيما يخص هجر الزوج لزوجته، ففي البداية يجب العلم أن الشرع يحرم هجر الزوج لزوجته، في حال عدم وجود سببًا مقنعًا لهذا، أما في حال تواجد الأسباب الكافية يجيز الشرع في هذه الحالة هجر الزوج لزوجته لكن بالمدة المحددة التي سبق ذكرها.

حكم هجر الزوجة مشتقًا في الأساس من القاعدة التي تحرم هجر المسلم لأخيه المسلم فوق ثلاثة أيام، وجاء حديث الرسول-صلى الله عليه وسلم- تأكيدًا لهذا (لا تَباغَضُوا، ولا تَحاسَدُوا، ولا تَدابَرُوا، وكُونُوا عِبادَ اللَّهِ إخْوانًا، ولا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أنْ يَهْجُرَ أخاهُ فَوْقَ ثَلاثَةِ أيَّامٍ) [رواه أنس بن مالك بإسنادٍ صحيح]

كما استند البعض عند إجازة هجر الزوج لزوجته إلى هجر النبي-صلى الله عليه وسلم- لزوجاته شهرًا كاملًا، كما أن هناك من القرآن الكريم ما أحل هجر الزوجة في حال نشوزهاـ وكان ذلك في قول الله تعال “وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ” [سورة النساء الآية 34] وتكون مدة هجر الزوجة شرعاً كما سبق وذكرناها.

يجب تنبيه الأزواج أنه ليس من حقه في هجر الزوجة إذا كان تعصي أمرًا غير مشروع قد طلبه منها الزوج، أو أن يهجرها لأمرٍ شخصي خاص بها ولا علاقة له بذلك، كما أنه ليس له الحق في إرغام الزوجة أن تتنازل عن حقوقها، ولا حق له في هجرها وهو يعلم أن الهجر لن يؤدي إلى غرضه ومقصده.

اقرأ أيضًا: هل يجوز طلب الطلاق بسبب كثرة المشاكل

ضوابط هجر الزوج لزوجته في الشرع

بالرغم من أن هناك في الدين الإسلامي ما يبيح هجر الزوج لزوجته في حال تواجدت الأسباب الكافية شرعًا لذلك، إلا أن الشرع قد منع الرجل من القفز إلى المرحلة الأخيرة في تأديب الزوجة مباشرةً، فقد وُضِعت بعض الضوابط الهامة التي يجب على الرجل اتباعها تدريجيًا لتأديب الزوجة.

كان الاستدلال على هذه الضوابط مصدره هو الآية الكريمة في كتاب الله تعالى حين قال: “وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا” [سورة النساء الآية 34] فكانت خطوات ومراحل تأديب الزوج لزوجته:

1- المرحلة الأولى: التوعية والوعظ

في حال ظهرت من الزوجة أي دلائل على نشوزها، فكانت ترفض الاستجابة لزوجها في الفراش، أو إنها رفضت الاستمتاع بعلاقتها مع الزوج، أو تكبرت الزوجة على زوجها وكانت دائمة العبوس بوجهه، فكل تلك من أساليب النشوز وعدم الطاعة.

في هذه الحالة يجب على الزوج أن يقوم بوعظ زوجته ويحاول أن يلين قلبها تجاهه، وأن يذكرها بالأيام الطيبة وحسن العشرة التي تجمع بينهما، وأن يذكرها بالواجبات التي يجب عليه تقديمها كزوجة وأن الله تعالى هو من أمرها بذلك.

كما يمكنه أن يلجأ للترهيب الذي يعد من أحد طرق التوعية، فيبدأ بتخويف الزوجة من عقاب الله الذي ستناله في حال لم تطع أوامر زوجها، وأنها إذا رفضت الاجتماع به تظل الملائكة تلعنها حتى الصباح، وإن لم يجد الزوج في هذه الطرقة نفعًا، عليه أن يلجأ للمرحلة الثانية من تأديب الزوجة.

2- المرحلة الثانية: الهجر في الفراش

في هذا النوع من الهجر يكون هجر الزوج لزوجته في الفراش فقط ولا يشتمل ذلك باقي المنزل، فلا يجب على الزوج أن يتجنب زوجته أمام أطفالها أو أمام الناس؛ لأن ذلك يجرح كرامتها ويسيء إليها، فكل ما على الزوج فعله هو أن يتجنب الزوجة في الفراش.

قد يعتقد البعض أن هذه الأنواع من الطرق التأديبية قد لا تجدي نفعًا، بل على العكس فهذه الطريقة من أكثر الطرق التي قد تؤثر في نفس الزوجة، وتجعلها تشعر بأنها مهملة وأن زوجها لا يرغب بها وأنها قليلة الأنوثة.

اقرأ أيضًا: هل تستطيع الزوجة السفر دون موافقة زوجها

3- المرحلة الثالثة: الضرب الغير مبرح

في حال جرب الزوج كل الطرق التي سبق ذكرها ولم يجدي ذلك نفعًا فعليه أن يلجأ لآخر الحلول، وهو الضرب الغير مبرح، حيث إن فيه يتجنب الزوج ضرب زوجته على الوجه أو بأماكن جمالها.

يكون الضرب خفيفًا لا يقصد منه التسبب في الألم لها أو الانتقام منها، بل الغرض فقط هو إيصال فكرة التقصير في حق زوجها وتنبيههًا، ويقصد بالضرب الغير مبرح ضرب الزوجة على يدها أو كتفها.

كما يمكن أن يلجأ الزوج لإدخال طرف محايد بينهما، ولمحاولة إرجاع الزوجة عن نشوزها وهو ما يسمى بالتحكيم بين الزوجين، وتكون مهمة هذا الشخص أن يصلح بين الزوجين، وتلك المهمة عظيمة ويكلف الله بها من يعرف عنهم الحكم بالهداية.

ننصح الأزواج بعدم اتباع الطرق العنيفة لتأديب الزوجة وعدم تخطي المدة المسموح بها في الشرع للهجر، والتذكر دائمًا أن علاقة الزوجين قائمة على الحب والتراحم، فيجب على كلاهما أن يقوم بواجباته تجاه الطرف الآخر.

قد يعجبك أيضًا