دعاء قضاء الحاجة الذي لا يرد

دعاء قضاء الحاجة الذي لا يرد من أهم الأدعية لكل مسلم، والتي يلجأ العبد إليها مناجيًا ربه تعالى ومتوسلًا ولاجئًا، فعلى الرغم من أن الرزق مكتوب ومقدور لكل الناس المسلم منهم والكافر، إلا أن الله تعالى أمرنا نحن المسلمين بالتوجه إليه وحده في طلب العون، ونتناول في موقع زيادة هذا الموضوع.

دعاء قضاء الحاجة الذي لا يرد

قبل أن نستطرد حديثنا عن الدعاء، نلقي لكم بعض ما جاء من دعاء قضاء الحاجة الذي لا يرد:

(لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ سُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مُوجِبَاتِ رَحْمَتِكَ وَعَزَائِمَ مَغْفِرَتِكَ وَالْغَنِيمَةَ مِنْ كُلِّ بِرٍّ وَالسَّلامَةَ مِنْ كُلِّ إِثْمٍ أَسْأَلُكَ أَلا تَدَعَ لِي ذَنْبًا إِلا غَفَرْتَهُ وَلا هَمًّا إِلا فَرَّجْتَهُ وَلا حَاجَةً هِيَ لَكَ رِضًا إِلا قَضَيْتَهَا لِي ثُمَّ يَسْأَلُ اللَّهَ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ مَا شَاءَ فَإِنَّهُ يُقَدَّرُ).

هذا هو الدعاء المتداول الذي ورد في أمر أنه لا يُرد، ولكن الحديث ضعيف السند، غير أنه معمول به من المسلمين جميعًا ويتداولونه على أن الله تعالى لا يرد من دعاه بهذا الدعاء أبدًا.

وقد ورد هذا الدعاء في عقب صلاة الحاجة أو كما نسميها اليوم (صلاة قضاء الحاجة)، التي ورد ذكرها بأحاديث ضعيفة ومنكرة كسند ومتن أو تضعيف رجاله، لكن المحتوى الذي ورد في نص وصيغة الدعاء نفسه فيه خير، إلا أنه لا يصح نسبه وصلاة الحاجة للنبي صلى الله عليه وسلم.

اقرأ أيضًا: أدعية مستجابة لقضاء الحاجة بسرعة مجربة

صحة متن وسند صلاة الحاجة ودعائها

قيل إن الحديث التالي هو المتداول على أنه دعاء قضاء الحاجة الذي لا يرد، وهو الحديث الوارد في صلاة الحاجة كما يلي: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى الأَسْلَمِيِّ قَالَ : ( خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ إِلَى اللَّهِ أَوْ إِلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ فَلْيَتَوَضَّأْ وَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ لِيَقُلْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ سُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مُوجِبَاتِ رَحْمَتِكَ وَعَزَائِمَ مَغْفِرَتِكَ وَالْغَنِيمَةَ مِنْ كُلِّ بِرٍّ وَالسَّلامَةَ مِنْ كُلِّ إِثْمٍ أَسْأَلُكَ أَلا تَدَعَ لِي ذَنْبًا إِلا غَفَرْتَهُ وَلا هَمًّا إِلا فَرَّجْتَهُ وَلا حَاجَةً هِيَ لَكَ رِضًا إِلا قَضَيْتَهَا لِي ثُمَّ يَسْأَلُ اللَّهَ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ مَا شَاءَ فَإِنَّهُ يُقَدَّرُ).

رواه ابن ماجة (إقامة الصلاة والسنة/1374)

قال الترمذي هذا حديث غريب وفي إسناده مقال: فائد بن عبد الرحمن يُضعَّف في الحديث، وقال الألباني: بل هو ضعيف جداً، قال الحاكم: روى عن أبي أوفى أحاديث موضوعة.

مما يعني أن المتداول عن أن دعاء قضاء الحاجة الذي لا يرد هو لا أصل له من صحة السند.

اقرأ أيضًا: فضل سورة يس لقضاء الحاجة

أصل الدعاء إلى الله تعالى

إن أصل الأمر من الكتاب والسنة أن الله تعالى لا يرد أي دعاء دعاه به العبد وهذا حق على الله تعالى، ولا شك في كلام الله تعالى، إذ قال عز وجل (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) [60 غافر]

إذن فالله تعالى يجيب كل الدعاء من العباد طالما أن العبد دعا ربه بإخلاص وبلا غفلة، أما الاستجابة فطرقها تكون من الله لمصلحة العبد، فهو خالقه ويعلم الأصلح له.

فقد يقول الكثير من الناس إني أدعوا الله ولا يستجب لي، لكنه غفل عن أن الله تعالى قد قال وقوله الحق أنه سيجيب من دعاه كما جاء في الآية.

فلو أن ما دعا به العبد ليس فيه مضرة له وليس هنا ما قدر له خيرًا مما دعا، فسيؤتيه الله تعالى ما سأل، اما لو أن الله تعالى يعلم أن في مسألة عبده مضرة له من هذا الدعاء، أو أن الله تعالى كان قد قدر له خيرًا مما سأله العبد، فإن الله أعلم بعباده، ولن يأتي من الله تعالى للعباد إلا الخير.

مما يلييث التالي هو المتداول على أنه  عليه وسلم.أو تضعيف رجاله، لكن المحتوى الذي ورد في نص وصيغة الدعاء نفسه فيه خير، إلا أنه لاعلمنا أن الله تعالى يرزق كل خلقه أجمعين من أنس وجان ومن طير وحيوان، ولا يرهق الله تعالى ذلك أبدا، فلديه تعالى خزائن السماوات والأرض، ولا يقدر أحد على أخذ شيء أو الحصول على رزق ليس الله بمعطيه إياه.

قال تعالى (وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (22) فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ (23)) [22-23 الذاريات]

فمن من الأرض بقادر على أن ينال رزقًا من السماء التي وضع الله بها أرزاق عباده، فالسبيل الوحيد الذي مكن الله منه المسلمين والصالحين من خلقه هو طلب الرزق من الله تعالى القادر على أن ينزل لك هذا الرزق من السماء.

حتى أن الدعاء هو الوسيلة الوحيدة لدفع القدر، و(لا يرد القدر إلا الدعاء) كما قال صلى الله عليه وسلم.

فبطلبك حاجتك من الله تعالى واستجداءه وسيلتك الوحيدة ليعطيها الله لك دافعًا عنك ما قدره لك من قدرها، فالدعاء يدفع القدر.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (والدعاء ينفع ممَّا نزل وممَّا لم ينزل، وإن البلاءَ لينزل فيتلقَّاهُ الدُّعاء فيعْتَلِجَانِ إلى يوم القيامة)، أي أن الدعاء والقضاء يتدافعان.                   [الترمذي والحاكم]

الطريقة الصحيحة لدعاء الله تعالى

بما أننا فهمنا أن “دعاء قضاء الحاجة الذي لا يرد” ليس من السنة الصحيحة على نحو ما جاء من علماء الحديث في النقل والتجريح بشأن أمر صلاة الحاجة والحديث الذي يليها.

فمن المستحب أن تعمل بما عمل به النبي صلى الله عليه وسلم من الدعاء بما استطعت وبما شئت في أوقات يحب الله أن يستجيب فيها للعبد الطائع المخلص، مثل أن تدعوا الله

  • عقب التسليم من الصلوات.
  • أن تدعوه في جوف الليل والثلث الأخير منه لما جاء من حديث النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الأمر.

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يَنْزِلُ رَبُّنا تَبارَكَ وتَعالَى كُلَّ لَيْلةٍ إلى السَّماءِ الدُّنْيا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ، يقولُ: مَن يَدْعُونِي، فأسْتَجِيبَ له؟ مَن يَسْأَلُنِي فأُعْطِيَهُ؟ مَن يَستَغْفِرُني فأغْفِرَ له؟) [صحيح البخاري]

  • كما أن للصائم دعوة لا ترد، ومن حكَّمه الله أو أمره على قوم فعدل فيهم لا ترد دعوته، وهذا حال دعوة من ظُلم.

فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثَلاثَةٌ لا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ الإِمَامُ الْعَادِلُ وَالصَّائِمُ حِينَ يُفْطِرُ وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ يَرْفَعُهَا فَوْقَ الْغَمَامِ وَتُفَتَّحُ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَيَقُولُ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ وَعِزَّتِى لأَنْصُرَنَّكِ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ). [رواه الترمذي]

  • في حالة السجود أثناء الصلاة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أَقْرَبُ ما يَكونُ العَبْدُ مِن رَبِّهِ، وهو ساجِدٌ، فأكْثِرُوا الدُّعاءَ) [صحيح مسلم]
  • حين ينزل المطر.
  • عند سماع الأذان.
  • عند ختم القرآن.
  • في أوقات الخشوع والتدبر في خلق الله تعالى.
  • ما بين الأذان والإقامة.
  • يوم الجمعة وليلته.

اقرأ أيضًا: الصلاة الإبراهيمية لقضاء الحوائج

أدعية من القرآن والسنة

دعاء قضاء الحاجة الذي لا يرد هو أي دعاء يدعو العبد به ربه وهو مخلص منيب القلب، ولا نعلم من ديننا من الأدعية الثابتة الصحيحة إلا التي صحت عن النبي صلى الله عليه وسلم، والتي تلاها الله عز وجل لنا في كتابه، ومنها:

  • (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ) [28 نوح]

  • (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ)

[40 إبراهيم]

  • (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) [147 أل عمران]

  • (بَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) [10 الحشر]

  • (ا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ۗ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ۖ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا ۚ أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) [286 البقرة]

  • (رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ) [89 الأنبياء]

  • (اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ الهُدَى وَالتُّقَى، وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى، وفي روايةٍ: وَالْعِفَّةَ) [صحيح مسلم]

  • (اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بكَ مِنَ العَجْزِ والكَسَلِ، والجُبْنِ والبُخْلِ والهَرَمِ، وأَعُوذُ بكَ مِن عَذابِ القَبْرِ، وأَعُوذُ بكَ مِن فِتْنَةِ المَحْيا والمَماتِ) [صحيح البخاري]

  • (يا مُقلِّبَ القلوبِ ثبِّت قلبي على دينِكَ) [صحيح الترمذي]

  • (اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بكَ مِنَ الهَمِّ والحَزَنِ، والعَجْزِ والكَسَلِ، والجُبْنِ والبُخْلِ، وضَلَعِ الدَّيْنِ، وغَلَبَةِ الرِّجالِ) [صحيح البخاري]

قال النبي صلى الله عليه وسلم (الدعاء العبادة) فلا تترك الدعاء أبدًا فهو دليل حاجتك إلى الله، ويستحي الله أن يرد يدا عبده صفر.

قد يعجبك أيضًا