من أسباب الفلاح ذكر الله والصلاة

من أسباب الفلاح ذكر الله والصلاة الدليل على هذا في سورة من القرآن الكريم تكرر كثيرًا، وتعددت التراكيب الصرفية للفلاح التي وردت في القرآن، لذلك قد تناول الفقهاء منذ فجر الفقه الإسلامي مفهوم الفلاح وسبل الفلاح في القرآن حتى وصلنا إلى أساتذة الجامعة الذين قاموا بتصنيف الرسائل في أسببا الفلاح في القرآن الكريم والسنة النبوية.

بهذا أصبح لنا تراث فقهي عظيم حول أساب الفلاح في القرآن وفي هذا الموضوع على موقع زيادة سنتناول بعض من أسباب الفلاح ذكر الله والصلاة الدليل على هذا في سورة القرآن.

من أسباب الفلاح ذكر الله والصلاة الدليل على هذا في سورة

الفلاح في اللغة العربية هو الفوز والنجاح والنجاة من السوء، كما أن من معناه البقاء المؤبد في النعيم والسلامة، ومنه فلحت الأرض أي أخرجت النبات وأثمرت.

أما الفلاح في القرآن الكريم فقد تكرر لفظ (الفلاح) أربعين مرة بين الماض والمضارع واسم الفاعل على النحو التالي:

  • أربع مرات بصيغة الفعل الماضي مثل: في سورة المؤمنون ” قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1)”
  • ثلاث وعشرون بصيغة الفعل المضارع مثل: في سورة طه وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا ۖ إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ ۖ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَىٰ (69)”
  • ثلاث عشر مرة بصيغة اسم الفاعل مثل: ” في سورة البقرة: “أُولَٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5)”

فنجد أن أسباب الفلاح تعددت في القرآن فمثلًا من أسباب الفلاح ذكر الله والصلاة الدليل على هذا في سورة المؤمنون: ” قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6)”

فنجد أن صفات المؤمنين الذين وصفهم الله تعالى بالفلاح تتعدد مثل:

  • أداء الصلاة
  • الخشوع في الصلاة.
  • الإعراض عن اللغو.
  • أداء الزكاة المستحقة.
  • حفظ فروجهم إلا على المواطن التي أحلها الله.

أما أن ذكر الله من أسباب الفلاح فنجد تلك الإشارة صريحة في سورة الأنفال في قول الله تعالى: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45)”

فنجد أن الله تعالى قد أمر المؤمنين في الآية الكريمة بأمرين لتحصيل الفلاح هم:

  • الثبات إذا كان في حرب يلاقون عدو الله فلا يهربون
  • ذكر الله كثيرًا، والدعاء على العدو هذا والاستعانة بالله، فيقول الطبري لتفسيره لتك الآية: “… وأشعروا قلوبكم وألسنتكم ذكره …”

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: ما معنى حي على الفلاح

الحديث عن الفلاح في القرآن

علماء التفسير الموضوعي للقرآن الكريم وضحوا تعدد أساليب القرن الكريم في ذكر الفلاح وذكر منزلته، من تلك الأساليب:

ذكر الأسباب المُعِينة لتحصيل الفلاح

ذكر الله تعالى في محكم التنزيل في أكثر من موضع أسباب تحصيل الفلاح -مثل الصلاة وذكر الله كما أردفنا نحو قوله:

  • في سورة القصص: “فَأَمَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَىٰ أَن يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ (67)”
  • في سورة الحج قوله: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ۩ (77)”.

ذكر القدوة المتبعة ممن اتصفوا بالفلاح

يعلمنا القرآن الكريم بأسلوب القدوة الحسنة بذكر الصحابة رضوان الله عليهم وغيرهم من المفلحون في الدنيا والآخرة، فمن يعمل بعملهم ممن يأتي بعدهم يلحق بهم، ورد ذلك في أكثر من موضع في القرآن مثل:

  • قوله في سورة الأعراف: ” الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ”
  • كما خص الله تعالى الأنصار بالفلاح في سورة الحشر فقال: ” وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9)”.

ذكر الثواب العظيم للفلاح في الدنيا والآخر

قد ورد الثواب العظيم المحفوظ لعباد الله المتبعين لأوامر الله المؤدية للفلاح مثل قوله في سورة التوبة “لَٰكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ ۚ وَأُولَٰئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (88)”

أيضًا لهم الثواب العظيم يوم القيامة وهو النجاة فقال الله تعالى في سورة الأعراف: ” وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ ۚ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (8) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَٰئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُم بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ (9)”.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: دعاء الاستفتاح وجهت وجهي

التحذير والترهيب من الأعمال المانعة للفلاح

في أكثر من موقع في القرآن الكريم ورد التحذير من أعمال تمنع الفلاح عن المؤمنين نحو قوله في سورة يوسف: ” … قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ۖ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (23)” وفي سورة الانعام قال: ” وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ ۗ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (21)”.

التحذير من نتائج عدم اتباع أسباب الفلاح

كما وردت أسباب الفلاح في القرآن الكريم ووردت أيضًا النتائج المترتبة على اتباع تلك الأسباب، ورد أيضًا التحذير من النتائج المترتبة على عدم أتباع تلك الأسباب نحو قول الله تعالى في سورة آل عمران: ” وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ ۚ وَأُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (105)”

فالآية الأولى ذٌكر فيها الأسباب المؤدية إلى الفلاح أما الآية الثاني ذُكر فيها نتائج عدم اتباع تلك الأسباب ( الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) وفي الآية الثانية ذكر الله تعالى النتائج المترتبة على عدم تلك الأسباب

في تفسير تلك الآية قال الطبري أن الله ينهي الأمة أن تكون مثل الأمم السابقة المتفرقة والمختلفين فيما بينهم وأنهم تركو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: دعاء الصباح اصبحنا واصبح الملك لله

أسباب تحصيل الفلاح في الدنيا والأخرة

بعد أن تناولنا بعض من أسباب الفلاح ذكر الله والصلاة الدليل على هذا في سورة من القرآن نذكر بإجمال في تقسيم أصولي قول المفسرين للأسباب التي تعين ابن آدم على تحصيل الفلاح، فقد ذكر الله الأعمال المؤدية إلى الفلاح في القرآن الكريم في كثير من المواضع، إلا أنها منقسمة إلى قسمين أعمال القلوب وأعمال الجوارح .

أولًا: أعمال القلوب المؤدية للفلاح

أعمال القلوب هي فعل القلب، أي الفعل الذي يحدث داخل الإنسان في قلبه وعقله وتفكيره، قال عنها شيخ الإسلام ابن تيمية في (مجموع فتاوى ابن تيمية ٧/٥٢٨ وما بعده):

“… فأما قول القلب: فهو التصديق الجازم بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، ويدخل فيه الإيمان بكل ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم… وهذا التصديق يتبعه عمل القلب، وهو حب الله ورسوله، وتعظيم الله ورسوله، وتعزير الرسول، وتوقيره، وخشية الله، والإنابة إليه، والإخلاص له، والتوكل عليه، إلى غير ذلك من الأحوال، فهذه الأعمال القلبية كلها من الإيمان، وهي مما يوجبها التصديق والاعتقاد …”

أهم تلك الأعمال المذكورة في القرآن الكريم:

  • الإيمان، ذُكر الإيمان في بعض المواضع منفردًا وفي مواضع أخرى ذُكر مقترنًا بالعمل الصالح.
  • الإيمان بالغيب
  • الإيمان بالكتب المنزلة على الرسل السابقين والإيمان بكل الأنبياء المرسلين.
  • الإيمان بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم ونصرته واتباع أوامره والانتهاء عن نواهيه.
  • تقوى الله، أي يجعل العبد صوب عينه في كل أعماله ما أمر به الله ورسوله و ما نهى عنه، وقد تكرر هذا المعنى في القرآن الكريم خمسة مرات.
  • الصبر، أي الصر على كل أوامر الله تعالى والانتهاء عما نهى عنه قدر المستطاع لطبيعتنا البشرية
  • التفكر في آلاء الله تعالى وآياته في الكون.
  • التوبة، فقد وردت التوبة مقترنة بالفلاح في معنيان هما:
    المعني الأول: التوبة من الشرك
    المعنى الثاني التوبة من التقصير في الأعمال والغفلة.
  • الإخلاص لله تعالى في الأعمال
  • الخشوع، فالخشوع في الصلاة تعلق بالفلاح في آية سورة المؤمنون اسابق ذكرها، والخشوع يحصل بتفريغ القلب للصلاة والانشغال بها عن عداها
  • الولاء والبراء، أي موالاة الله عز وجل والولاء للرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنون، والبراء من حاد الله ورسوله.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: ما حكم سجود السهو في الصلاة

ثانيًا: أعمال الجوارح المؤدية للفلاح

بعد أن تناولنا بعض من أسباب الفلاح ذكر الله والصلاة الدليل على هذا في سورة من القرآن نذكر الأعمال الأخرى التي يؤديها المسلم وتؤدي للفلاح التي ذكرها الله تعالى في كتابه، فقد جمع الله بين أعمال القلوب وأعمال الجوارح في آية واحدة في سورة القصص هي: ” فَأَمَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَىٰ أَن يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ (67)”

فلا يكون العمل الصالح بالجوارح إلا نتيجة على إيمان سابق ثابت في القلب، ومما ورد من تلك الأعمال في القرآن الكريم:

  • الصلاة، ذكر الله تعالى في القرآن الصلاة مقترنة بالفلاح في أكثر من موضع كما ذكرنا سابقًا، فرد ذلك على عدة صور نحو:
  • إقامة الصلاة
  • تعلق القلب بالصلاة والاهتمام بها
  • تعليق الفلاح بالركوع والسجود، وذلك يدل على عظم أمر تلك الأركان في الصلاة.

كما انه لا يخفى على أي مسلم نداء الصلاة (الأذان) يقول فيه المؤذن “حيَّ على الصلاةِ حيَّ على الصلاةِ حيَّ على الفلاحِ حيَّ على الفلاحِ” أي أن الصلاة هي الفلاح بذاته.

  • الإنفاق في سبيل الله.
  • ذكر الله تعالى، ورد ذكر الله مقترنًا بالفلاح في أكثر من موضع كما ذكرنا سابقًا، وفي عدة مواضع أخرى كما في سورة الجمعة: ” فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10)”
  • الجهاد في سبيل الله.
  • الإكثار من فعل الخيرات.
  • الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

بذلك نكون قد تناولنا ان من أسباب الفلاح ذكر الله والصلاة الدليل على هذا في سورة من القرآن الكريم وعرجنا في عجالة على أسباب أخرى للفلاح في القرآن الكريم، بجانب المرور على أساليب ذكر الفلاح في القرآن الكريم، ندع الله أن يكون قد وفقنا لما يحبه ويرضاه والصلاة والسلام على سيد الخلق.

قد يعجبك أيضًا