أقوال الحسن البصري

أقوال الحسن البصري تعد من أشهر ما قيل في مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن أجمل ما قيل في الزهد، سواء أكان شعرًا، أو كانت حكم ومواعظ نثرية، لذلك في السطور القادمة عبر موقع زيادة سنعرض لكم أقوال الحسن البصري، ونبذة تعريفية قصيرة عنه، وعرض أبرز ما جاء عن الحسن البصري في حياته.

أقوال الحسن البصري

أبو سعيد الحسن بن يسار البصري، هو أحد كبار علماء أهل السنة والجماعة، كما أنه أحد كبار التابعين، ولد في العام الحادي والعشرين من هجر رسول الله، أي قبل عامين من استشهاد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه.

كان أبو الحسن البصري مولى زيد بن ثابت الأنصاري أحد صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت أمه تخدم أم سلمة زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل إن أم سلمة رضي الله عنها وعن أمهات المؤمنين جميعًا قد أرضعت الحسن البصري في مهده.

قيل عن الحسن البصري أنه كان أكثر رجال عصره فقهًا، وكان أعلمهم، وتوفي الحسن البصري في السنة العاشرة بعد المائة من هجرة رسول الله، توفي في البصرة.

دفن في أحد الأماكن الأثرية في العراق وهو مرقد الحسن البصري، ومن أكثر ما اشتهر به هي أقواله، ومن ضمن أشهر أقوال الحسن البصري:

  • بئس الرفيقان، الدينار والدرهم، لا ينفعانك حتى يفارقاك“، كان الحسن البصري من أكثر الناس علمًا، وأكثرهم حرصًا على ترك محاسن الدنيا، كما كان من أكثر الناس بلاغةً، وهو يصف سوء المال بسوء الصديق، ولا ينفعان الإنسان إلا حين ينفقهما.
  • بلغنا أن الباكي من خشية الله لا تقطر من دموعه قطره حتى تعتق رقبته من النار“، في هذه المقولة تعظيم لتقوى القلوب التي تجعل العين تدمع خشية من الله سبحانه وتعالى، وقال إن هذه الدموع تعتق رقبته من نار جهنم، وهي كناية عن عذاب جهنم.
  • طلب الجنة بلا عمل ذنب من الذنوب“، الإسلام دين عمل وعبادة، ولا فرق بين العباد إلا في تقوى الله، ويشرح البصري هذا ويقول إن طلب الجنة دون العمل لرزقها ذنب.

اقرأ أيضًا: أبرز المؤلفات الموثوقة في التفسير

من خواطر ما قاله الحسن البصري

من أشهر أقوال الحسن البصري خواطره، فكتب في هذه الخواطر العديد من الحكم والمواعظ، التي تكال بكل ذهب الدنيا أبيضه وأصفره وأسوده، لذلك في هذه الفقرة سنعرض لكم من خواطره.

يا ابن آدم لا تغتر بقول من يقول: المرء مع من أحب، أنّه من أحب قوماً اتبع آثارهم، ولن تلحق بالأبرار حتى تتبع آثارهم، وتأخذ بهديهم، وتقتدي بسنتهم وتصبح وتمسي وأنت على منهجهم، حريصاً على أن تكون منهم.

 فتسلك سبيلهم، وتأخذ طريقهم وإن كنت مقصراً في العمل، فإنما ملاك الأمر أن تكون على استقامة، أما رأيت اليهود، والنصارى، وأهل الأهواء المردية يحبون أنبياءهم وليسوا معهم، لأنّهم خالفوهم في القول والعمل، وسلكوا غير طريقهم فصار موردهم النار، نعوذ بالله من ذلك“.

هذه الخاطر تعد الأجمل من بين ما قاله الحسن البصري، فقد بدأ خاطرته بنداء إلى الإنسان، ثم أردف بعد النداء التحذير، والنداء يثير الذهن، فإن كان بعده تحذير كان أو ما يتلقاه المستمع.

التحذير كان مقتبسًا من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أبو موسى الأشعري، وأخرجه البخاري برقم 6170 في صحيحه “المَرْءُ مع مَن أحَبَّ“، في فرع المعاني من علم البلاغة يسمى هذا تفصيل بعد إجمال.

فبعد أن جمع كلامه فسره ووضحه على أهل الأهواء المردية، أي أهل البدع والضلال، وذكر منهم اليهود، لأنهم كان يشقون الأنبياء، ويقتلونهم، ويعادون الله فيما أنزل على عباده، لعل خير دليل قصة بقرة موسى.

ثم اختتم البصري كلامه بأنها مورد من اتبع هواه، وأضل عن الطريق النار، ثم ذكر ما يسميه النحاة أسلوب التحذير، وهو في قوله “نعوذ بالله من ذلك“، وعند البلاغيين هي تذييل من علوم المعاني.

اقرأ أيضًا: احبب من شئت فإنك مفارقه

رسالة الحسن البصري لعمر بن عبد العزيز

لا يمكن أن ننكر أن عمر بن عبد العزيز كان أكثر الحكام عدلاً بعد الفاروق عمر، ولعل بعض الناس أطلقوا عليه خامس الخلفاء الراشدين، وقد أرسل إليه الحسن البصري رسالة تعد أكثر أقوال الحسن البصري حكمة.

الإمام العدل يا أمير المؤمنين كالأم الشفيقة البرة الرفيقة بولدها، حملته كرهاً، ووضعته كرهاً، وربته طفلاً تسهر بسهره، وتسكن بسكونه، ترضعه تارة وتفطمه أخرى، وتفرح بعافيته، وتغتمّ بشكايته.

والإمام العدل يا أمير المؤمنين وصي اليتامى، وخازن المساكين، يربي صغيرهم، ويمون كبيرهم، والإمام العدل يا أمير المؤمنين كالقلب بين الجوارح، تصلح الجوارح بصلاحه، وتفسد بفساده“.

الرسالة تعد من أطول الرسائل المرسلة إلى حاكم أموي، لكن حِلم عمر بن عبد العزيز كان مما هيأ الحسن البصري إلى كتابة هذه الرسالة التي تتكون من خمس فقرات تقريبًا، وهذه الفقرة تعد من الفقرات الأساسية في الرسالة.

فهي بعد البسملة، وبعد الحمد والثناء على رسول الله صلى الله عليه وسلم، انتقل إلى صلب الموضوع وهو نداء الإمام العادل، وحذفت أداة النداء للدلالة على قرب المنادى، ثم يصف الحسن البصري الإمام العادل بالأم الحنونة.

التي ترفق بابنها، على الرغم من الألم والتعب الذي تسببه له في حملها.

ثم يعدد البصري صفات الأمير العادل، فيقول إنه من يتولى الأيتام، ويطعم المساكين، يعين الكبير، وأهم خصيصة في الإمام العادل هو أن يصلح ويوفق بين قلبه وجوارحه.

ثم ينهي رسالته بوصفها كالدواء المر الذي لا بد منه للشفاء ثم ينهيها بتحية الإسلام كأنه يحاوره وجهًا لوجه فيقول ” فأنزل كتابي إليك كمداوي حبيبه يسقيه الأدوية الكريهة لما يرجو له في ذلك من العافية والصحة، والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته“.

اقرأ أيضًا: حكم الإمام الشافعي

من أشعار الحسن البصري

لم تكن أقوال الحسن البصري تتلخص في الرسائل والحكم وفنون النثر خاصة من الأدب، بل كان ينظم الشعر، ومن أشهر ما عرف من أشعاره قصيدة الليلة الأخيرة، ويقول فيها:

وفي الصباح يا مدينة الضباب** والشمس أمنيّة مصدور تدير رأسها الثقيل.

من خلل السحاب** سيحمل المسافر العليل.

ما ترك الداء له من جسمه المذاب** ويهجر الدخان والحديد.

يلمح وجه الله فيها وجهه الجديد** في عالم النقود والخمور والسّهر.

ربّ صباح بعد شهر بعد ما الطبيب** يراه من يعلم ماذا خبّأ القدر.

هذه الأبيات الستة هي ما افتتح بها الحسن البصري قصيدته الطويلة “الليلة الأخيرة”، ويها يصف الحسن البصري ليلة من ليالي البصرة، بما فيها من مجون من السكارى المدمنين على الخمور، ومن التعلق بالله سبحانه وتعالى، وكأنه يرسم لوحة بين الشيء ونقيضه.

ثم يبدع في استعمال الألوان البيانية، وتبدأ من حمل السحاب للمسافر، فهذه استعارة مكنية صور حمل المسافر في السحاب مثل المطر، الذي تحمله، أما جسمه المذاب فهي استعارة مكنية عن نار المرض التي صهرت حديد جسده.

كما فيها كناية عن شدة المرض والبلاء الذي أصاب الجسد القوي، بعد أن انتهى من وصف الليلة ينطلق إلى وصف رحلة عودة العبد الذي اغتنم من الذنوب كثيرها، من شرب للخمور وسهر، والنقود في الأبيات السابق كناية عن القمار.

أما ذكره “من يعلم ماذا خبّأ القدر“، استعارة مكنية حيث صور الحسن البصري القدر بساحرٍ يخبئ في جعبته العديد من الألعاب والخدع.

الحسن البصري يعد من أشهر المتكلمين في الزهد، كما أنه من أشهر التابعين، وتربى في بيت النبوة، لذلك كن على اطلاع بما كتب، وتدبر معناه.

قد يعجبك أيضًا