قصة شجرة الدر

قصة شجرة الدر من أكثر القصص الملهمة لكل شخص طموح، تلك المرأة التي بدأت حياتها كجارية تباع وتُشترى حتى أصبحت زوجة ملك مصر.. وضعتها الأقدار في موقف حماية أرض مصر من الغزو الصليبي ومن بعدها أصبحت هي ملكة مصر وضربت العملة باسمها ويُدعى لها على المنابر، لكن كما قال الشاعر” ما طار طير وارتفع.. إلا كما طار وقع” وقعت جثتها من فوق أسوار القلعة ولم تجد من يواريها لعدة أيام.

قصة شجرة الدر

كانت جارية اسمها عصمة الدين وكنيتها أم الخليل ولقبها شجر الدر، أختلف في أصلها هل هي تركية أم أرمنية أم من الشام في سوريا، اشتراها الملك الصالح نجم الدين أيوب وأنجبت منه أبنه الخليل.

كانت تمتاز بالجمال والذكاء الحاد كما إنها كانت تستطيع القراءة والكتابة وبعض الحساب مع الغناء الذي تتشاركه مع باقي الجواري المحظيات.

أعجب بها الملك الصالح أيوب، وكانت الملكة الوحيدة لقلبه بعدما أصبحت أم ولد.

إقرأ أيضًا: اجمل الروايات العالمية 11 رواية عشقها القراء في كل بلاد العالم

اهتمام الملك الصالح نجم الدين أيوب بالمماليك

منذ توليه الحكم عام 1240م أهتم بشراء المماليك وتدريبهم، وقام بالإكثار من المماليك الاتراك؛ وهم من ساندوه في بسط سلطانه على سائر البلاد.

كان أغلب جيش نجم الدين أيوب من المماليك الأتراك وبنى لهم قلعة في جزيرة الروضة بوسط النيل، وجعلها مقر لجيشه منهم وأصبحوا يسمون مماليك البحرية بسبب ذلك.

في خضم الحملة الصليبية السابعة عام 1250م ظهرت براعة هؤلاء المماليك، وقاموا بالهدف الذي وُجدوا من أجله.

موت السلطان نجم الدين أيوب

في أثناء زحف الصلبين على القاهرة بعدما سقطت دمياط بقيادة ملك فرنسا لويس التاسع توفى زوج شجر الدر السلطان نجم الدين أيوب، وأخّفت شجر الدر هذا الخبر حتى لا تضعف الروح المعنوية للجنود في هذا الموقف الصعب.
 قامت بجمع كل الأمراء والقادة وأصحاب السلطان في البلد في ذاك الحين، ثم أخبرتهم أن السلطان يأمرهم أن يحلفوا له أن يكون الملك من بعده لولده “توران شاه”، فأجابوها بذلك وأقسموا لها.

أرست سريعًا من يحضر توران شاه من حصن كيفا، وقامت هي بالتوقيع باسم السلطان والختم على مراسيم الدولة بالختم السلطاني، حتى وصل الملك الجديد “توران شاه” إلى المنصورة .

توران شاه يرد الجميل لزوجة أبيه

لم يحفظ توران شاه أي من الأفعال هذه لزوجة أبيه، ونسي أنها حافظت له على كرسي العرش حتى يأتي؛ فاتهمها إنها تخبأ ثروة أبيه، وطالبها برد ما تحت أيديها من مجوهرات.. خافت شجر الدر منه جدًا وقامت بمراسلة المماليك ليحموها من بطشه.

تولية شجر الدر عرش مصر

في تلك الأثناء كانت العلاقة بين المماليك وتوران شاه قد تدهورت جدًا، وانتهت بقتل المماليك لتوران شاه، بعدها قاموا باختيار شجر الدر هي الملكة وتم تولية “عز الدين أيبك” أتابك للعسكر.
لكن عز الدين كان مجرد صورة أمام الجنود فهو لا يأخذ أي قرار دون مشورتها.

رد فعل العرب على تولية شجر الدر الملك

لا ننس في تلك الأثناء لم تكن مصر تحت حكم الدولة الأيوبية، في استقلال تام عن دار الخلافة العباسية، وإنما كانت تتبع الخلافة العباسية تبعية صورية، فثارت العرب وأرسلوا المكاتيب إلى مصر تقول “إن كانت الرجال قد عدمت عندكم، فأخبرونا نسير لكم رجلاً”
هذه احدى المشاكل التي واجهة شجر الدر.
بجانب أن فكرة أن تحكم امرأة المسلمين لم تكن قد سبقها أحد بها، المسلمون لم يعتادوا طوال تاريخهم أن تتولى عليهم امرأة، وهي أحست بالحرج لذلك الوضع المريب.

إقرأ أيضًا: شخصيات عربية تميزت بصفات معينة ايجابية وسلبية

محاولة شجر الدر كسب ودّ الشعب والحكام

قامت شجر الدر بالتقرب إلى الساسة وأهل الدولة فمنحتهم الرتب وزادت أقطاعاتهم التي يتحصلون على خراجها.

كما قامت بتقليل الضرائب المفروضة على الشعب لاستمالة قلوبهم ناحيتها، كما أنها قررت ألا يظهر اسمها صراحتًا، فكانت المراسيم والمنشورات التي تخرج من القلعة عليها ختم باسم “أم الخليل الصالحية” وضربت العملة باسم “السكة المستعصمية الصالحية والدة المنصور خليل” كانت تحرص على ذكر اسم ابنها “الخليل منصور” لتظهر للناس أنها ذات صلة بالبيت الأيوبي وتحكم باسمهم عن طريق ولدها الخليل وزوجها الملك الصالح أيوب، مما يضفي على ملكها مسحة الشرعية أمام الناس والدولة العباسية.

أما لقب المستعصمية فهو نسبة إلى الخليفة المستعصم بالله مما يظهر ولائها لبيت الخلافة العباسي.

المشكلات التي واجهت حكم شجر الدر

كان وجود الفرنسيون في مصر من أهم تلك المشكلات التي تقف عائقًا أمام حكم شجر الدر وتزعزع أركانه.

نعم أن لويس التاسع قد تم أسره بعد معركة المنصورة وحُبس في دار ابن لقمان في المنصورة؛ لكن لا يزال الجنود يحتلون دمياط، وأصبحت ميناء لهم وقاعدة بحرية في يد الفرنسيين؛ وعلى ذلك جرت المفاوضات بين السلطانة شجر الدر من ناحية وبين الملك المهزوم لويس التاسع من الناحية الأخرى، و استقر الاتفاق على:

  • الأفراج عن لويس التاسع وجميع الأسرى الفرنسيين.
  • دفع الفرنسيين مبلغ 800 ألف دينار لمصر.
  • جلاء الفرنسيين عن دمياط.
  • تعهد لويس التاسع بعدم العودة لغزو السواحل الإسلامية كلها.

في عام 1250 تم تسليم دمياط والأفراج عن لويس التاسع ونصف عدد الجنود المأسورين مع دفع نصف مبلغ الفدية فقط، وبقاء النصف الآخر من الجنود على أن يتم دفع باقي الفدية  قبل الإفراج عنهم.

أما مشكلة غضب بيت الخلافة العباسي واستهزائهم بالمصرين فلم يتم حلها بعد، فلم تجد شجر الدر بدًا إلا أن تخلع نفسها من السلطنة، بعد حكم دام ثلاثة أشهر إلا بضعة أيام تعد على أصابع اليد.

زواج شجر الدر من أيبك

وبعد مشورة القضاة وأولي العلم تزوجت أيبك وتولى هو حكم مصر ، بذلك كان أول مملوكي يحكم مصر، لُقب بالملك العزيز وجلس على العرش في عام 648ه في شخر ربيع الآخر.

يرى المؤرخون مثل ابن تغري بردي إن شجر الدر سيطرت على الملك سيطرة كاملة وكان هو مجرد واجهة للحكم وهي الحاكم الفعلي، ولم تكتفي بذلك بل أوعزت بقتله عندما علمت بعزمه على الزواج من بنت صاحب الموصل بدر الدين لؤلؤ، فاتقد أنه سأم منها ومن حكرها عليه في كل تصرفاته ويريد استبدالها أو ربما سيقتلها، فأخذت هي السبق بقتله؛ قامت بتحريض مجموعة من الخدم فقتلوه في الحمام في عام 657هـ، وكأن شجر الدر قامت بسن سنة جديدة في دولة المماليك الناشئة فأصبحت دولة قتل الأمراء لبعضهم.

اسمها شجر الدر وليس شجرة الدر

قد يتبادر إلى ذهنك عزيزي القارئ أنك قرأت اسم شجر الدر في هذا الموضوع أكثر مما قرأت كلمة “شجرة” نتيجة خطأ إملائي، ولكن في الحقيقة مسمى شجرة الدر مجرد خطأ شائع واسمها الحقيقي هو شجر الدر.. إنما ما كتباها “شجرة الدر” إلا مرات معدودة لتقريب الصورة من القارئ الذي عرفها شجرة بالخطأ وحتى لا يظن وهو الباحث عن قصة شجرة الدر أنه أمام محتوى مختلف عن ذلك الذي كان يبحث عنه.

إقرأ أيضًا: اجمل الروايات الرومانسية العربية 10 روايات يبحث عنهم القارئ العربي

موت شجر الدر

بالطبع مماليك المعز أيبك لم يسامحوا شجر الدر لقتلها لسيدهم وأستاذهم، قاموا بالتحقيق مع الخدم الذين قتلوه ومن ثم قتلوهم، مع القليل من التحريض من أم علي زوجته الأخرى وأبنه،  في يوم السبت الموافق 11 ربيع الآخر من عام 657هـ وجد المصريون جثة امرأة عارية ملقاة من فوق أسوار القلعة ظلت على هذا الحال ثلاث أيام  تبين فيها إنها شجر الدر، ثم نقلها رجل مجهول ودفنها في الضريح الذي بنته لنفسها.

قالت بعض المصادر التاريخية أنها قُتلت ضربًا بالقباقيب من قبل جواري أم علي.

هكذا نكون قد تناولنا قصة شجرة الدر كيف صعدت إلى كرسي عرش مصر وما الدور الذي قامت به للدفاع عن هذه الأرض وكيف كانت نهايتها، نرجو أن نكون قد أفدناكم.

قد يعجبك أيضًا