قصة عيسى عليه السلام في القرآن الكريم والدروس المستفادة منها

قصة عيسى عليه السلام في القرآن ذكرها الله سبحانه وتعالى كاملة، حيث تم ذكرها ثلاثة عشر مرة في ثلاثة وثلاثون آية، وتحدث عن معجزاته ومعاناته في نشر دعوة الله وصبره على الأذى، فعيسى عليه السلام من أولي العزم من الرسل، فقد حماه الله من الشيطان الرجيم، وكان يطلق عليه النبي عيسى ابن مريم وابن الله ويسوع وأطلق عليه المسلمون نبي الله عيسى عليه السلام وأرسل الله معه كتابه الإنجيل، فمن خلال موقع زيادة سنعرف قصة عيسى عليه السلام في القرآن.

قصة عيسى عليه السلام في القرآن

قصة عيسى عليه السلام في القرآن

كان مولد عيسى عليه السلام معجزة لأنه ولد بدون أب وهو يتشابه مع بني الله آدم كما ذكر في القرآن، فقد اصطفى الله عيسى ليكون نبيه ويحمل رسالته فبعثه لبني إسرائيل حيث قال -تعالى-: “مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ [المائدة: 117[، فهو من أولي العزم من الرسل وهو من نسل نبي الله داوود عليه السلام، وهو آخر نبي بُعث لبني إسرائيل، فذكر الله حياة النبي عيسى كاملة من مولده وحتى رفعه إلى السماء.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: قصة سيدنا يوسف عليه السلام كاملة

من هو عيسى عليه السلام؟

هو من نسل نبي الله داوود عليه السلام نشأ في بيت آل عمران، وعمران هو والد السيدة مريم، فماذا فعلت السيدة مريم بعدما عرفت بحملها؟

عُرفت السيدة مريم بعفتها فاختارها الله عن باقي نساء الأرض، وتربت في بيت نبي صالح وكانت عابدة لربها تجلس دائمًا في المحراب، وذات يوم بشرها جبريل عليه السلام بحملها وأنه سيكون له شأن عظيم، واسم مولودها هو المسيح عيسى وينسب لأمه مريم فقال تعالى في هذه البشارة “إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ” سورة آل عمران (45).

فأخذها التفكير في موقف قومها عندما يجدوا أنه أصبح لها غلام دون زواج، فأوحى الله لها باعتزال الناس واتخذت مكانًا بعيدًا عن أعينهم فقال تعالى: “قالَتْ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ ۖ قَالَ كَذَٰلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۚ إِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ” سورة آل عمران (47).

مولد عيسى عليه السلام

كانت السيدة مريم أثناء ولادتها قلقة من عتاب قومها لها وعندما حان وقت ولادتها تمنت أن تموت، وعندما ولدت عيسى عليه السلام ناداها جبريل عليه السلام ليطمئنها ويخبرها أن الله معها فلا تحزن وأن غلامها سيكون له شأن عظيم ونبي من أنبياء الله، وطلب منها أن تهز النخلة التي كانت تتكئ عليها في ولادتها لتحصل منها على الفاكهة لتأكل وأمرها الله بألا تتكلم مع الناس وتجعل صمتها نذرًا لله.

أين ولد عيسى عليه السلام؟

تكاثرت الأقاويل حول مكان مولد النبي عيسى ولكن لا يعلم أحد بالتحديد أين ولد، فتمثلت تلك الأقاويل في:

  • استنادا إلى قول الله “وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا” سورة مريم (16)، قالوا أنه ولد بمكان شرقي ولكن لم يقدروا على تحديده.
  • استندوا إلى قول الله: “فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا”سورة مريم(22)، أنه ولد داخل كربلاء.
  • تكاثرت الأقاويل حول أن المسيح ولد فوق صخرة بيضاء في إحدى أراضي براثا.

عيسى يتكلم في مهده

عندما ذهبت السيدة مريم إلى قومها و رأوها تحمل غلامها بين ذراعيها انهالوا عليها باللوم والعتاب وذكروها بأن أهلها كانوا قومًا صالحين وكيف يأتي ولد بلا أب، ولأن السيدة مريم نذرت صمتها لله فتجلت قدرة الله أن يتكلم النبي عيسى في مهده قائلًا “يْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31) وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (32) وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا” سورة مريم.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: قصة يأجوج ومأجوج كاملة وصفاتهم ووقت ظهورهم

عيسى عليه السلام يحمل الرسالة

هاجر عيسى عليه السلام مع والدته السيدة مريم من بيت لحم مسقط رأسه إلى مصر، ثم عاد مرة أخرى إلى بيت المقدس وكان عمره وقتها ثلاثة عشر عامًا، ومع بلوغه الثلاثين من عمره أوحى الله للنبي عيسى بنؤته وحمله كتاب الإنجيل وأرسله لبني إسرائيل فقال الله -تعالى-:
“قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَوَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ” سورة المائدة. [١٠]

زهد سيدنا عيسى عليه السلام

كان عيسى عليه السلام شديد الزهد فقد كان يأكل أوراق الأشجار دون طهيها وكان يساعد المساكين بكل ما يمتلكه وجعل بيته مأوى لمن لا مأوى له، فكان شديد الخوف من الله ويتوكل عليه في كل شيء.

قصة عيسى عليه السلام في القرآن وسبب تسميته بالمسيح

ذكر أنه تمت تسميته بالمسيح لأنه كان شديد السياحة في الأرض ليدعو الناس إلى توحيد الله ويعلمهم قواعد دينهم، وقيل أنه سمي بهذا الاسم لأنه عندما كان يمسح بيده على أي مريض يتم شفائه.

دعوة موسى عليه السلام لقومه

دعا موسى عليه السلام قومه إلى عبادة الله الواحد والابتعاد عن الشرك ودعاهم بما جاء به كتاب الإنجيل وبشرهم بقدوم النبي محمد عليه الصلاة والسلام، وحثهم على الإيمان بكل الكتب السماوية التي كانت قبله.

قصة عيسى عليه السلام وردة فعل قومه

مثلما حدث مع كل نبي في بداية دعوته فلم يستمع قوم عيسى عليه السلام له وأعرضوا عنه وظلوا على كفرهم حيث لم يؤمن به إلا القليل منهم وسموا الحواريون وساعدوه في نشر الدعوة، وذكر الله في كتابه الكريم أن دعوة عيسى عليه السلام سيؤمن بها طائفة من بنى إسرائيل ويكفر بها طائفة أخرى.
فقال -تعالى-: “َيا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ ۖ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ ۖ فَآمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ ۖ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَىٰ عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ” سورة الصف (14).

معجزات عيسى عليه السلام لقومه

أعطاه الله قدرة إحياء الموتي وقدرته على شفاء الأعمى والأبرص والأكمم فقال الله -تعالى-:
إذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَىٰ وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا ۖ وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ ۖ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي ۖ وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي ۖ وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَىٰ بِإِذْنِي ۖ وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنكَ إِذْ جِئْتَهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ” سورة آل عمران(110).

فكان يقدر على التشكيل من الطين والنفخ فيه فيتحول إلى طائر، وكان يستطيع إخبار الناس بما يخفون في بيوتهم، بعد رؤية الناس لمعجزات عيسى عليه السلام فاتخذوه هو وأمه إلهًا فقال الله -تعالى-: “مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ” سورة المائدة (75).

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: قصة حدثت لي في الطفولة ولن أنساها

قوم عيسى يطلبون مائدة من السماء

أراد قوم عيسى عليه السلام دليل من الله على صدق دعوة النبي عيسى فطلبوا منه أن ينزل الله لهم من السماء مائدة حيث قال تعالى يإِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ ۖ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ”سورة المائدة(112)، وقال بنى إسرائيل أنه في اليوم الذي تنزل فيه المائدة من السماء سيكون بمثابة عيد لهم يتعبدون فيه الله كما يتعبد باقي الناس في أعيادهم.

فقد طلب بني إسرائيل أن يكون على المائدة طعام لا ينفذ فأخبرهم عيسى عليه السلام بأنها ستكون مثلما يريدوا ولكن هناك شرد ألا يدخروا من طعام المائدة أو يخبئوا منه أو يخونوا إتفاقهم معه لأنهم أن فعلوا ذلك توعد الله تعالى لهم بالعذاب الشديد الذي لم يشهده أحد غيرهم.

قصة عيسى عليه السلام وتحقق المعجزات

لما طلب عيسى عليه السلام من الله المائدة أعطاه الله ما طلبه وقال -تعالى-: َقالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ ۖ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ”سورة المائدة(114)، فكانت مائدة كبيرة من الطعام تنزل عليهم من السماء أينما نزلوا.

موقف بني إسرائيل بعد نزول المائدة

بالرغم من تحذير عيسى عليه السلام لقومه وأخبرهم بتوعد الله لهم في قوله -تعالى-: “قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ ۖ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَّا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ” سورة المائدة (115)، إلا أنهم بعد انقضاء حدث المائدة خبئوا من الطعام وادخروا منه لليوم التالي، وكفروا بعيسى عليه السلام وبالآيات التي أنزل بها وبقوا مستمرين على كفرهم فأنزل الله عليهم عذابه ومسخهم إلى قردة وخنازير.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: اذكر قصة الثلاثة الذين حبستهم الصخرة ففرج الله عنهم

عيسى عليه السلام ورفعه إلى السماء

لم يتوفق قوم عيسى عليه السلام عند كفرهم بني الله بل حاولوا قتله وصلبه إلا أن الله حمى نبيه وجعل شخص آخر في صورة نبيه فقام بنى إسرائيل بقتله وصلبه وتكاثرت الأقاويل حول أن هذا الشخص من قوم عيسى عليه السلام، إلا أنه كان خائنًا واتفق مع الرومان لقتل عيسى عليه السلام ويدعى يهوذا الإسخريوطي، وقد أخبرنا رسول الله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم أن الله سينزل عيسى عليه السلام إلى الأرض في آخر الزمان وسيكون نزوله من علامات الساعة الكبرى وسيقوم بنصر الإسلام.

الدروس المستفادة من قصة عيسى عليه السلام في القرآن

جميع قصص الأنبياء تأتي بكثير من العبر و المواعظ وتتمثل عبر قصة سيدنا عيسى عليه السلام في الآتي:

  • من يخالف أوامر الله وأنبياؤه يستحق أشد العذاب.
  • الله عليم بعباده وما يناسبهم فهو دائمًا يختار الخير لهم.
  • جميع رسائل الأنبياء واحدة وذات مضمون واحد وهى عبادة الله الواحد والابتعاد عن الشرك والكفر.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: قصة ملكة الثلج كاملة بالعربية مكتوبة
الله يصطفي أنبياؤه ويمدهم بالصبر والإيمان ليصبروا على إيذاء قومهم لهم، فعرفنا قصة عيسى عليه السلام في القرآن وكيف كانت حياته مليئة بالمعجزات منذ أن وُضع في رحم أمه دون أب إلى رفعه للسماء، و رأينا جزاء من يكفر بالله ورسوله وعرفنا كيف تعامل قوم النبي معه، ونتمنى أن نكون قد أفدناكم.

قد يعجبك أيضًا