قصة سيدنا يوسف عليه السلام كاملة

قصة سيدنا يوسف عليه السلام كاملة مشوقة وبها العديد من الحكم والمواعظ، فهي توضح كيف كان الله سبحانه وتعالى رؤوفًا به، كما أنها تتضمن حيل النساء وكيدهن ومكرهن، وكيف قام سيدنا يوسف بالعفو عن إخوته، ومن خلال موقع زيادة سنقدم لكم قصة سيدنا يوسف عليه السلام كاملة، بالإضافة إلى كافة الأحداث التي وردت بها.

قصة سيدنا يوسف عليه السلام كاملة

قصة سيدنا يوسف عليه السلام كاملة

إن قصة سيدنا يوسف –عليه السلام- حين وردت في القرآن الكريم، وردت كاملة في سورة واحدة، عن باقي قصص الأنبياء التي جاءت في عدة سور، فقد قال الله تعالى “نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَٰذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (3)”

تعتبر هذه القصة من أحسن القصص؛ فسيدنا يوسف عليه السلام صبر على إخوته، بالإضافة إلى تعبير الرؤيا وتفسيرها، فهي سورة غنية بالمشاهد والانفعالات، من الجدير بالذكر أن هناك سببًا مهمًا يميز هذه القصة، وهو أنها من البداية إلى النهاية تمضي في نمط واحد، وسوف نقوم بسرد قصة سيدنا يوسف عليه السلام كاملة في السطور التالية:

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: قصة يأجوج ومأجوج كاملة وصفاتهم ووقت ظهورهم

سيدنا يوسف وإخوته

كان سيدنا يوسف – عليه السلام- لديه 11 أخًا، وكان محبوبًا من قبل والده، وقد رأى سيدنا يوسف في المنام أن 11 كوكبًا والشمس والقمر يسجدان له، وقال الله تعالى “إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ” وعندما قصه على والده، حذره من أن يقصه أو يقوله أمام إخوته.

ذلك لأن سيدنا يعقوب –عليه السلام– كان يدرك تمام الإدراك أن وراء هذه الرؤيا شيء عظيم لأبنه، لهذا حذره من ألا يقص الحلم أمام إخوته، فقال الله تعالى “قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا ۖ إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (5)“.

ذلك لأن سيدنا يوسف –عليه السلام– لم يكن شقيقهم، فلقد تزوج سيدنا يعقوب من امرأة أخرى أنجبت له سيدنا يوسف وأخيه؛ قال الله تعالى “إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰ أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (8)”؛ لذلك وسوس الشيطان لأخوات سيدنا يوسف بقتله، وقال الله تعالى “اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ”، فقاموا بالكذب على أبيهم بأنهم سيأخذون سيدنا يوسف؛ ليلعب معهم، قال الله تعالى “أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ”.

إلقاء سيدنا يوسف في الجب

رفض والده خوفًا من أن يأكله الذئب، لقوله تعالى “قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَن تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ”، وبعد إصرارهم أخذوا معهم أخيهم، وعادوا في المساء يبكون، عن قوله تعالى “وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ”، داعين بأن الذئب قد أكله، ومعهم قميصه به دم.

قال الله تعالى “قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ ۖ وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ”، ولكن سيدنا يعقوب كان يعرف كذبهم، فقد قاموا الإخوة برمي أخيهم في البئر، فقال الله تعالى “قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ”.

لكن بعد ذلك مر به أشخاص من البدو فأخذوه، لقول الله تعالى “وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَىٰ دَلْوَهُ ۖ قَالَ يَا بُشْرَىٰ هَٰذَا غُلَامٌ ۚ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً ۚ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ”، وباعوه بثمن رخيص، قال الله -تعالى-: “شَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ”.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: قصة قصيرة عن حادث سير جديدة ومثيرة لهذا العام 2024

كيد زوجة العزيز

في إطار سرد قصة سيدنا يوسف عليه السلام كاملة، نذكر أنه اشتراه أحد الأعراف من مصر، طالبًا من زوجته الصغيرة أن ترعاه، قال الله تعالى “قَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا ۚ وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ۚ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ” فقد كانت الزوجة تسعى إلى إنشاء قصة عشق بينها وبين سيدنا يوسف -عليه السلام- وأخذت تراوده.

كانت توسوس له الزوجة على الفاحشة، لكنه رفض، وقال الله تعالى “وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ ۚ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ۖ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (23)“.

فأنشئت له مكيدة، فزجه العزيز إلى السجن حتى تهدأ الأوضاع، حتى تسكت الألسنة التي تداول الخبر وتقوم بنشره، قال الله تعالى “وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ ۖ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا ۖ إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ”.

حادثة النسوة بعد رؤيتهن لسيدنا يوسف

أحضرت زوجة العزيز بعضًا من النساء من المدينة، وأعطت كل واحدة منهن سكينًا، وطلبت من سيدنا يوسف –عليه السلام– أن يخرج عليهن، فعندما رأوه قطعن أيديهن من الدهشة، عوضًا من أن يقطعن الأترج الذي قامت بتقديمه الزوجة لهن، قائلين أنه ملكٌ وليس بشرٌ.

هكذا استطاعت أن تقدم برهانًا لما فعلته، فقال الله تعالى” فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ ۖ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَٰذَا بَشَرًا إِنْ هَٰذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ (31)، قَالَتْ فَذَٰلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ ۖ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ ۖ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِين (32)”.

سيدنا يوسف في السجن

في إطار سرد قصة سيدنا يوسف عليه السلام كاملة، نضيف أن كان معه في حبسه رجلان، ففي أحد الليالي رأى أحد الرجلين أنه يعصر خمرًا، ورأى الثاني أن هناك طائرًا يأكل من فوق رأسه، لقوله تعالى “وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ ۖ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا ۖ وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ ۖ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ ۖ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (36).

عندما طلبوا من سيدنا يوسف –عليه السلام– أن يعطي لهم تفسيرًا لما رأوه، قال للرجل الأول أنه سيعدو ساقي الخمر للملك، أما الثاني فسيصلب وتأكل الطيور من رأسه، طالبًا من الرجل الأول أن يخبر الملك بظلامته بعد أن يخرج، لقوله تعالى “يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا ۖ وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِن رَّأْسِهِ ۚ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ (41)“.

في ليلة رأى العزيز في منامه رؤية أفزعته، إذ رأى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع بقرات عجاف. وسبع سنبلات خضر، وسبع سنبلات يابسات، ومن أجل تفسيرها قام بجمع كبار المنجمين، قال الله تعالى “وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَىٰ سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ ۖ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ (43)“، ولكنهم عجزا عن تفسيرها، لقوله تعالى ” قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ ۖ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ (44)“.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: قصة وطنية قصيرة عن المملكة العربية السعودية

رؤية العزيز

في ذلك الحين تذكر أن سيدنا يوسف يستطيع تفسير الأحلام، فأرسلها العزيز لسيدنا يوسف، وقال له إنكم تزرعون سبع سنين يكون فيها الخير كثيراً فما تحصدونه فاتركوه في سُنبله إلا مما تأكلون، ثم يأتي بعد ذلك سبع سنين شديدة يقلّ فيها الخير ثم يأتي عام يعود فيه الخير والبركة.

قال الله تعالى “يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَّعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ (46)، قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تَأْكُلُونَ (47)، ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تُحْصِنُونَ (48)، ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ (49).

ثبوت براءة سيدنا يوسف

بعد أن أتى الساقي إلى العزيز، ومع تفسير الرؤية من سيدنا يوسف، قال الله تعالى “وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُم بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ”، وأمر العزيز بإخراج سيدنا يوسف من السجن، ولكن سيدنا يوسف رفض، قبل أن يسأل الملك السيدات أولًا اللواتي قطعن أيديهن، لقوله تعالى “، قال الله تعالى “وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ ۖ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَىٰ رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ ۚ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ (50).

من خلال سردنا لقصة سيدنا يوسف عليه السلام كاملة، جمع الملك النساء اللواتي قمن بقطع أيديهن ومعهن زوجته؛ ليسألهن عما حدث لأيديهن، فقد اعترفن على أن سيدنا يوسف لم يصدر منه أي سوء، فبعد ذلك اعترفت زوجته بأنها هي التي راودته عن نفسه، قال الله تعالى “قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ ۚ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوءٍ ۚ قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (51).

تولي سيدنا يوسف خزائن الأرض

أمر الملك بإخراج سيدنا يوسف –عليه السلام– من سجنه، وطلب منه سيدنا يوسف أن يجعله وليًا على خزائن الأرض، لقوله تعالى “وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي ۖ فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ (54)،قَالَ اجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَائِنِ الْأَرْضِ ۖ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (55).

عودة أخوات سيدنا يوسف بعد خروجه من السجن

جاءت سنوات الجدب التي أشار إليها سيدنا يوسف، وجاء أخواته ليشتروا الحبوب من مصر؛ لأنهم عرفوا أن هذه الأرض بها ملكًا صالحًا، ودخلوا على سيدنا يوسف وهو في مجلسه، فاستطاع أن يتعرف عليهم، ولكنهم لم يتعرفوا عليه، قال الله تعالى “وَجَاءَ إخوة يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ (58)“.

طلب منهم أن يحضروا أخيهم من أبيهم في المرة القادمة؛ حتى يتمكنوا من الحصول على الحبوب، فإذا لم يأتوا به لن يحصلوا على أية حبوب، قال الله تعالى “وَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَّكُم مِّنْ أَبِيكُمْ ۚ أَلَا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنزِلِينَ (59)، فَإِن لَّمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلَا كَيْلَ لَكُمْ عِندِي وَلَا تَقْرَبُونِ (60)“.

وافقوا الإخوة على شرط سيدنا يوسف، قال الله تعالى “قَالُوا سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ (61)“، وعادوا إلى أبيهم يطلبون منه أن يدع أخيهم يذهب معهم، فيرفض سيدنا يعقوب بقول الله تعالي “فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَىٰ أَبِيهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (63) قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا أَمِنتُكُمْ عَلَىٰ أَخِيهِ مِن قَبْلُ ۖ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا ۖ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ”.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: فوائد من قصة مريم عليها السلام

لقاء سيدنا يوسف بأخيه بنيامين وواقعة صواع الملك

في إطار سرد قصة سيدنا يوسف عليه السلام كاملة، نذكر أنه أخذ سيدنا يعقوب عليهم عهدًا، قال الله تعالى “قالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّىٰ تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِّنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَن يُحَاطَ بِكُمْ ۖ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَكِيلٌ (66)، وذهبوا إلى يوسف –عليه السلام– ومعهم أخيهم بنيامين، ثم قال يوسف – عليه السلام – إلى أخيه أنه هو؛ حتى يطمئن قلبه، ولا يحزن بما يفعل أخواته، قال تعالى “وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىٰ إِلَيْهِ أَخَاهُ ۖ قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ”.

فبعد أن جهز سيدنا يوسف المونة لهم، وضع سيدنا يوسف مكيال الملك في رجل أخاه، قال تعالى ” فَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ (70) طالبًا من الحراس أن يدعوا أن مكيال الملك قد ضاع أو سرق، وجاء رسول يجعلهم يتوقفون لاتهامهم بالسرقة.

بعد التفتيش أخرجوا الحراس المكيال من رجل أخاه، ولكنهم أنكروا هذا، وبتلك الطريقة تمكن سيدنا يوسف من أخذ أخيه بنيامين، قال الله تعالى “قَالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِم مَّاذَا تَفْقِدُونَ (71) قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَن جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ (72) قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُم مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ (73).

حكم واقعة صواع الملك

كان حكم ذلك أن يأخذوا أخيهم منهم، ويرد إلى الملك، قال الله تعالى “قَالُوا جَزَاؤُهُ مَن وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ ۚ كَذَٰلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (75) فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِن وِعَاءِ أَخِيهِ ۚ كَذَٰلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ ۖ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ ۚ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ ۗ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ”

لكنهم تبرأوا منه ومن فعلته، واتهموا يوسف أيضًا بأنه سارق، فشعر سيدنا يوسف بالحزن لما سمعه من أخواته، فقال الله تعالى “قَالُوا إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ ۚ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ ۚ قَالَ أَنتُمْ شَرٌّ مَّكَانًا ۖ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ (77)“.

لكنهم أصبحوا يتوسلون إلى سيدنا يوسف؛ حتى لا يأخذ منهم أخيهم، ويمكن أن يأخذ أي أحد منهم بدلًا عنه؛ هذا لأنهم قاموا بوعد أبيهم على أنهم سيحافظون على بنيامينـ لكن سيدنا يوسف أبى، قال الله تعالى “قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ ۖ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (78) قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَن نَّأْخُذَ إِلَّا مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ إِنَّا إِذًا لَّظَالِمُونَ (79).

عودة الإخوة إلى أبيهم بدون بنيامين

من خلال قصة سيدنا يوسف عليه السلام كاملة، نوضح أن الإخوة عادت بدون أخيهم بنيامين إلى أبيهم، وحكوا له ما حدث معهم في مصر، حزن سيدنا يعقوب شديدًا على بنيامين وأخيه يوسف، ففقد بصره قال الله تعالى “ وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ (84)“.

طلب سيدنا يعقوب من أبنائه أن يذهبوا ويبحثوا عن إخوانهم، قال الله تعالى “يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (87)“.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: قصة وطنية قصيرة عن المملكة العربية السعودية

سيدنا يوسف يعفِ عن إخوته

بعد أن أصاب سيدنا يعقوب الضرر والحزن، عادوا الإخوة إلى مصر بحثًا عن أخيهم، وعندما دخلوا على يوسف – عليه السلام – قالوا “يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا ۖ إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ”، فسألهم سيدنا يوسف “هَلْ عَلِمْتُم مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ”.

تفاجأوا الإخوة لما سمعوه من أخيهم يوسف، قائلين “أَإِنَّكَ لَأَنتَ يُوسُفُ ۖ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَٰذَا أَخِي ۖ قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا ۖ إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ”، فحكى لهم ما حدث له وكيف كان الله رؤوفًا به، فاعتذروا عما فعلوه معه، قائلين “تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ” (91)، فعفا عنهم سيدنا يوسف، سائلًا الله لهم المغفرة “قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ ۖ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ ۖ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (92)”.

عودة البصر إلى سيدنا يعقوب

أعطى سيدنا يوسف قميصًا له لإخوته؛ حتى يلقينه على وجه أبيهم، وهو قميص من الجنة، قال تعالى “اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَٰذَا فَأَلْقُوهُ عَلَىٰ وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ (93)“.

شعر سيدنا يعقوب أثناء قدوم أبنائه، برائحة أبنه يوسف، وأخبر الناس من حوله، قائلًا “إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ ۖ لَوْلَا أَن تُفَنِّدُونِ (94)، لكنهم أنكروا هذا وقالوا “تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ (95)“.

عادوا الإخوة إلى أبيهم وألقوا عليه القميص، وما إن ألقوه حتى عاد بصر سيدنا يعقوب مرة أخرى، قال الله تعالى “فَلَمَّا أَن جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَىٰ وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا ۖ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُون (96)“، وتوسلوا إلى أبيهم قائلين: “قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ (97)“، قال سيدنا يعقوب “قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي ۖ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (98)“.

سيدنا يعقوب يلتقي بولديه في مصر

سافر سيدنا يعقوب وأبنائه إلى مصر؛ لكي يرى ولديه، فاستقبلهم يوسف استقبالًا حسنًا، قال الله تعالى “فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىٰ إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ (99)“.

رؤية سيدنا يوسف تتحقق

من خلال قصة سيدنا يوسف عليه السلام كاملة، نذكر أنه قام سيدنا يوسف برفع والده على كرسي العرش، فإذ بهم ينحنوا له احترامًا، وتلك هي الرؤيا التي رآها سيدنا يوسف في صغره، فالأحد عشر كوكبًا هم إخوة يوسف –عليه السلام– والشمس والقمر هما والديه.

قال الله تعالى “وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا ۖ وَقَالَ يَا أَبَتِ هَٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا ۖ وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي ۚ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ ۚ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (100)“.

دعاء سيدنا يوسف

حمد يوسف ربه على ما أتاه وأكرمه به، قائلًا “۞رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ۚ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (101)“.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: اكتب قصة آثر الرسول فيها أصحابه على نفسه
من خلال موضوعنا هذا كنا قد قدمنا قصة سيدنا يوسف عليه السلام كاملة، مستشهدين بآيات القرآن الكريم، ونرجو أن نكون قد قدمنا قدرًا كافيًا من العلم والمعرفة، وأنه قد استطعنا سرد قصة سيدنا يوسف عليه السلام كاملة بطريقة بسيطة وسهلة، ونتمنى أن نكون قد أفدناكم.

قد يعجبك أيضًا