طريقة دفن الكنوز عند الرومان

ما هي طريقة دفن الكنوز عند الرومان؟ وما هي الطقوس الجنائزية في الحضارة الرومانية؟ إن الحضارة الرومانية من أعظم الحضارات القديمة، وقد تأثرت كثيرًا بالحضارة اليونانية وكانت مقلدة لها بدرجة كبيرة، ومن العادات المشهورة بالحضارة الرومانية هي الطريقة المتعبة في دفن كنوزها، ولما تشكله الكنوز من أهمية لكل حضارة فلذلك اهتم موقع زيادة بالبحث وتقديم طرق دفن الكنوز في الحضارة الرومانية.

طريقة دفن الكنوز عند الرومان

إن الحضارة الرومانية كانت من الحضارات التي يظهر في آثارها التأثر بالحضارات المختلفة، وكانت حضارة التوسكانيين واليونانيين السابقة للحضارة الرومانية تؤمن بوجود الحساب بعد الموت، فكانوا يؤمنوا أن الأتقياء الأخيار ستذهب أرواحهم إلى الأعلى لتسعد معهم الآلهة وتصاحبهم في الولائم، أما الأشرار ستنزل أرواحهم إلى الجحيم ليعيشوا هناك.

لم تختلف نظرة الرومان للموت عن أسلافهم من اليونانيين والتوسكانيين، لكنهم تميزوا بحبهم لكبار السن والاهتمام بهم، واهتموا بهم حتى بعد موتهم فإذا ماتوا قاموا بدفنهم وأقاموا لهم مراسم الدفن على أكمل وجه، وداوموا على زيارة قبورهم والاهتمام بها حتى أصبحت مثل المعبد أو المزار، وقاموا بأداء طقوس معينة للموتى حتى أصبح هناك عبادة للأسلاف تتمحور حول أداء بعض من الفروض المعينة للموتى.

من أهم الكنوز في الحضارة الرومانية هي الكنوز المرتبطة بالطقوس الجنائزية، وكانت أهم طريقة دفن الكنوز عند الرومان هي دفن الكنوز مع الميت وذلك بغرض أن تبقى معه للأبد في حياته الأخرى وليس بغرض التخزين.

كما يوجد كنوز أخرى وهي الكنوز التي دُفنت أثناء الحروب والغزوات فيكون الدفن الخاص بها سريعًا، في البيوت والاسطبلات أو أي مكان قريب من مكان السكن، وتكون تلك الكنوز غير مرفقة بأي إشارة لمن قام بهذا الدفن، وقد يُعرف المكان المدفون فيه الكنز عن طريق أن يقوم من قام بدفنه بترك وصية لأهله.

أو أن تكون تلك الكنوز كنوز عسكرية وهي عبارة عن الكنوز التي تُدفن أثناء الرجوع من الغزوات، وتكون تابعة للدولة التي تستولى عليها الجيوش كغنائم حرب، ويتم دفنها في مدافن قريبة من المستعمرات أو الحصون التابعة لذلك الجيش، وذلك ليسهل العودة إليها بعد ذلك، وفي أغلب الأوقات كانت تُوضع خريطة للكنز وتُرسل إلى الملك.

أو أن تكون تلك الكنوز هي كنوز البحار وهي عبارة عن الكنوز التي تكون موجودة على السفن العائدة من الغزوات أو الحروب، وتكون محملة بكمية ضخمة من الكنوز سواء كانت كنوز الاقطاعيين الأثرياء العائدين إلى بلادهم، أو الهدايا التي كانت تُقدم إلى المماليك، أو كنوز القراصنة وقطاع الطرق المحملة بالكثير من الكنوز، لكن لسوء الحظ أن معظم تلك السفن قد فُقدت ولم يٌعثر إلا على القليل منها.

اقرأ أيضًا: كيفية استخراج الكنوز بدون حفر

الطقوس الجنائزية في العصر الروماني

بعد معرفة طريقة دفن الكنوز عند الرومان ومدى أهميتها بالنسبة لهم، فإن الطقوس الجنائزية أيضًا كانت أمرًا مهمًا بالنسبة لهم، نظرًا لأن الرومان كانوا يؤمنون بالحياة الأخرى والحساب بعد الموت.

لم يختلف تفكيرهم كثيرًا بشأن الموت عن الحضارات السابقة، فكانوا يؤمنون بأن رحلة الميت تبدأ بدفنه في باطن الأرض، ثم بعدها تبدأ رحلته في العالم الآخر لكي يحاسب على أعماله، فيصل بعدها المتوفى إلى شارون صاحب المركب الذي سيعبر به عبر نهر الموت نتايكس فيعطيه المتوفى أجرته ثم يعبر به.

بعد عبور المتوفى للنهر سيقابل الكلب صاحب الرؤوس الثلاثة سيرابيون ليتأكد أن القادم ميتًا وليس حيًا، وبعدها يذهب المتوفى إلى إله الموت بلوتو ليحاسبه على أعماله في الدنيا.

فكانوا حريصين على دفن الميت بالشكل الصحيح لتهدأ روحه، وحتى لا يصيب أهل المتوفى اللعنة، وتشير الأساطير مدى اهتمامهم بدفن الميت بالشكل الصحيح بعد موته فجاء في قصص حروب طروادة كيف توسطت الآلهة مع أخيليوس ليعيد جثمان هيكتور ويتمكنوا من دفنه بالطريقة الصحيحة ” الحرق” وذلك وفقًا للعادات والأصول.

قبل البدء في أي طقوس الدفن عن الرومان كان يُشاع خبر موت المتوفى ويأتي الأصدقاء والأهل ويجتمعون في بيت المتوفى، وتقوم النساء بالندب عن طريق الأناشيد والعبارات المرتجلة المختلطة بالبكاء والصراخ، ثم تبدأ الطقوس الجنائزية التي تُقام للمتوفى.

إذ يقوم أحد ًا من أهله أو شخصًا متخصص في شؤون الموت بغسل جثته إما بالماء أو بالخمر، ثم يدهنون جثته بالعطور ويلبسونه أفضل الثياب، أو ثيابًا رسمية في حالة كان المتوفى ذو منصب مهم في الدولة، ثم بعد ذلك يضعون في فمه قطعة نقدية لكي يدفعها لشارون لكي يعبر به عبر نهر الموت.

بعد تجهيز الميت يقومون بوضعه بوضع النائم في السرير الجنائزي بحيث تكون أقدامه في اتجاه الباب، ويزينونه بالأزهار ويضعون أمام باب البيت شجرة صنوبر وذلك حتى لا يصيب البيت عدوى الموت، فكانوا يعتقدون أن الموت معدي ومن الممكن أن ينتشر بين أهل البيت.

كما كانوا يعبرون عن حزنهم على المتوفى عن طريق ارتداء ملابس باللون الأسود، أو يقوم البعض بقص جزءٍ من شعره ويقدمه للميت مع التقديمات التي ستقدم له لاحقًا.

دفن الميت في الحضارة الرومانية

تظل جثة المتوفى في البيت لثلاثة أيام لكي يمارس أهله كل أشكال الحزن والبكاء والندب عليه، ويزوره الأهل والأصدقاء لكي يودعوه الوادع الأخير، وأحيانًا تقام بعض الولائم على شرف المتوفى أي في وجوده قبل أن يرحل.

ثم بعد ذلك يضعوا المتوفى في تابوت من الخشب أو الفخار، ويبدأ موكب الجنازة الذي يطوف في شوارع المدينة قبل أن يصل إلى ساحة المدينة، ويكون في مقدمة الموكب النادبات المأجورات الاتي يقمن بالندب والنحب واقتلاع الشعور والبكاء على المتوفي، وفي بعض الأحيان كانوا يبالغن في هذه المظاهر حتى صدر قرارًا بمنع ذلك.

يلي النادبات صف من العازفين يحملون اثنا عشر زمارة وكان عددهم أكثر من ذلك في البداية إلا أن القوانين حددت عدهم، ثم يليهم صف الراقصين الذي يمثل أحدهم دور الميت، ثم يليهم صف من الممثلين الذين يرتدون أقنعة الموت وأقنعة تمثل وجوه أسلاف الميت وخاصةً من كان منهم ذو شأن عظيم.

ذلك ليذكروا أهل المتوفى بأنه ليس فقيدهم فقط من مات فهناك من أهم منه مات أيضًا، ويسير أبناء المتوفى أو أهله وأصدقائه بثياب الحزن ومعهم والعبيد وبقية الناس.

تأتي جثة المتوفى في تابوت مغطى بالأقمشة المطرزة الملونة باللون الذهبي أو الأرجواني ويوجد حوله المرفقات الجنائزية من حلى وأواني ونقود وكنوز ستُوضع مع المتوفى في قبره، وتتوقف الجنازة عندما تصل إلى الساحة العامة لكي تبدأ خطب الرثاء، ثم بعد انتهاء خطب الرثاء يقوموا بالتوجه إلى المدافن التي غالبًا ما تكون في خارج المدينة.

في حالة كان الميت سيدُفن فيتم وضع جثته في القبر ويرتل عليه الكهنة بعض التراتيل، ويُوضع معه جميع المرفقات الجنائزية التي قد يحتاجها، ويودعه أهله الوداع الأخير، ثم يقوموا برش الخمر على القبر وأحيانًا يقوموا بذبح بعض الحيوانات، ويُضع على القبر باقات زهور وأغصان السرو.

بعد الانتهاء من مراسيم الدفن يقوم الكهنة برش الماء على الناس، ويرجع أهل المتوفى إلى البيت ليبقوا فترة حداد مدتها 9 أيام، وفي اليوم التاسع من الحداد يذهب أهل المتوفى إلى القبر لكي يقدموا الطعام والزهور، ويستمروا في تلك العادات في المناسبات.

اقرأ أيضًا: الأماكن السياحية في الأقصر

حرق الميت في الحضارة الرومانية

في حالة كان الميت سيُحرق فتُجهز له كومة من الحطب يتم ترتيبها على شكل مذبح ويُوضع الميت عليها ويلتف الناس حوله في خشوع وحزن وأحيانًا يتم عزف الموسيقى الحزينة، ثم يقوم أحد أهل المتوفى بإشعال النار في الجثة ويُلقى الناس عليها بعض التقدمات، وبعد حرق الجثة تمامًا يتم جمع الرماد ووضعه في آنية مقدسة تُوضع في المقابر.

قد اختلفت تلك الطقوس على مر العصور إلا أنها لم تتخلص من العادات السابقة بل أصبحت مزيجًا بين القديم والحديث، وذلك حتى العصر البيزنطي ودخول المسيحية فأصبحت الطقوس مزيجًا من العادات القديمة والعقيدة المسيحية التي تؤمن بعودة الروح إلى الجسد مرة أخرى بعد الموت.

الطقوس الجنائزية التي تغيرت في العصر البيزنطي

وفقًا لما ذكرناه سابقًا فإن الطقوس الجنائزية للشعوب الرومانية ثم البيزنطيين لاقت أهمية كبيرة وطقوس مقدسة، فلم يكن الأمر مجرد واجبات وطقوس عائلية لكن كان أقرب إلى فرض ديني، كما كُتب على الشخص الذي لا تقام له الطقوس بهيام روحه بين عالم الأحياء وعالم الأموات.

لذا فإن طريقة دفن الكنوز عند الرومان والطقوس الجنائزية للدفن في العصر البيزنطي تغير بها بعض الأشياء تتمثل فيما يلي:

  • أصبح الميت في أغلب الأوقات يكفن.
  • الجنازة لم تعد تضم الممثلين والراقصين وغيرهم بل أصبحت تضك الأهل والأصدقاء والأقارب فقط.
  • لم تعد الجنازة تتوجه للساحة العامة بل تتوجه إلى الكنيسة ليُصلى على المتوفى هناك، ويبدأ الكهنة والمسؤولين بتلاوة بعض المقطوعات والتراتيل من العهد القديم والعهد الجديد خاصةً معجزة الخلاص للميت، ومن الممكن أن يتم توزيع بعض الأطعمة الجنائزية المكونة من القمح والجوز.
  • تتجه الجنازة بعد الخروج من الكنيسة إلى المدفن الذي إما يكون قبرًا عاديًا أو من طراز المعازب أو خشخاشة، فيُوضع فيه الميت وهو في التابوت الذي غالبًا يكون مصنوع من الخشب.

لكن مع حدوث بعض التغييرات بخصوص الطقوس الجنائزية للدفن في العصر البيزنطي، قد ظلت بعض العادات متبقية مثل:

  • عادة حرق الجثث أحيانًا.
  • بعض المرفقات الجنائزية قد بقيت تُوضع مع المتوفى مثل: القطعة النقدية لكن ليس لنفس السبب، بعض أواني الخمر والعطور لكي تساعده عند بقائه في القبر ومشاركته في حفلات التأبين التي ستُجرى له في المستقبل، كما يتم وضع بعض الصلبان والحلي والأجراس معه وذلك من أجل حماية القبر وتقديسه ولإبعاد الشياطين عن القبر والمتوفي.
  • يجدر الإشارة إلى أن تلك العادات تغيرت قليلًا في العصر الحالي فلم يعد الميت يُغسل أو يُكفن أو يتم وضع جثته في البيت لثلاث أيام، كما اختفت المرفقات الجنائزية وأصبح يتم الاكتفاء ببعض المسابح والصلبان.

المدافن في العصر الروماني

بعد معرفة طريقة دفن الكنوز عند الرومان يجب معرفة أن تلك المدافن التي يتم دفن الكنوز فيها كان يتم الاعتناء بها بشكل كبير، فكان الاعتناء بالمدافن وفخامتها وحمايتها من العادات المهمة جدًا عند الرومان.

قد تنوعت مدافن الناس من أبسط الأنواع أو أفخمها، وذلك على حسب غناهم ومستوياتهم الاجتماعية، كما وجه الأباطرة الرومانيين اهتمام كبير بمدافنهم مثل الإمبراطور أوكتفيان والمعروف أيضًا باسم (أوكتافيوس وأغسطس) الذي قد بنى مدفنه على شكل تومولوس بقطر 87 متر، وفوقه ثلة من التراب المغروس بالأشجار على ارتفاع 44 متر.

مثلما يوجد الإمبراطور هادريان الذي بنى مدفنه على شكل مبنى صرحي دائري قطره 64 متر وارتفاعه 50 متر، وقد بناه فوق قاعدة مربعة عرضها 84 متر.

اقرأ أيضًا: كيفية البحث عن الكنوز تحت الأرض

أشكال المدافن عند الرومان

قد اختلفت أشكال المدافن في العصر الروماني، فمنها قبور عادية محفورة في الأرض الترابية أو الصخرية، أو المدافن الجماعية التي تُحفر في الأرض أو تُبنى بالحجارة تحت الأرض على شكل غرف وقاعات، أو ممرات مختلفة تضم القبور المحفورة في جدرانها وأرضيتها على شكل معازب.

من الممكن أيضًا أن تُبنى القبور فوق الأرض على شكل أبراج دائرية ومربعة أو أبنية هرمية الشكل، أو أبنية تشبه المعابد أو أشكال أخرى، أو من الممكن بناء المعازب التي يوضع الميت في جدرانها، أو تُضع التوابيت في صالاتها، ومن أشكال المدافن:

  • أن يكون قبر عادي في الأرض، وفوق القبر أو قربه يُبنى بعض النصب للدلالة عليه.
  • أن يتم وضع القبور في مصطبة مستطيلة أو دائرية ويمكن وضع النصب بجانبها أو فوقها.
  • أن يحفر القبر في الأرض وتُبنى فوقه غرف بواجهات فخمة تشبه واجهات الأبنية.
  • كما يوجد بعض القبور التي يرجع تاريخها إلى آلاف السنين وظل استخدامها في العصور الكلاسيكية مثل: المدافن الرجمية، التومولوس، الدولمن، وهي عبارة عن قبور مبنية بطرق مختلفة فوق الأرض، ومطمورة بكومة من الحجارة دائرية الشكل.
  • قبور الدياميس التي انتشرت في العصر البيزنطي وهي عبارة عن سراديب طويلة توجد تحت الأرض، ويتم الحفر في جدرانها كي توضع فيها الجثث، وتُوضع الجثث في القبور مباشرة أو في تابوت مصنوع من الخشب أو الحجارة أو الفخار أو الرخام أو الرصاص.

إن طرق دفن الثروات عند الرومان كثيرة ومتنوعة، فالحضارة الرومانية من أشهر الحضارات القديمة وأعظمهم، وكان لديها العديد من الطرق التي تتبعها في الدفن سواء دفن الكنوز أو الأشخاص، ولأن الكنوز تشكل أهمية كبيرة سواء للأشخاص أو الدولة فتعمل على دفنها بطريقة آمنة لكي تبقى أبد الدهر بعيدة عن اللصوص.

 

قد يعجبك أيضًا