تفسير الآية ” اليوم اتممت لكم دينكم “

اليوم اتممت لكم دينكم وهي الآية الثالثة من سورة المائدة، والتي جاءت لتكلل الرسالة المحمدية بالنجاح والتمام بعد طول فترة الدعوة التي امتدت لثلاث وعشرين سنة، قضاها الرسول لنشر الدين وبيان أحكام الله يدعو إلى الإسلام ويرثي دعائم الدين الخاتم، المتمم لكل ما سبقه من أديان ورسالات، وسوف نقدم لكم في هذا الموضوع عبر موقع زيادة الإلكتروني تفسير الآية ” اليوم اتممت لكم دينكم ” ومناسبة نزولها ورد فعل المسلمين واليهود عليها .

يمكنك الاطلاع على أول سورة نزلت كاملة والأسماء التي أطلقت عليها وايضا المواضيع التي تناولتها من خلال قراءة هذا الموضوع: أول سورة نزلت كاملة والأسماء التي أطلقت عليها والمواضيع التي تناولتها

اليوم اتممت لكم دينكم

  • يجيء الله بالآية الخاتمة للأمور والقضايا التشريعية فيقول سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: اليوم أتممت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا”.
  • وقد نزلت هذه الآية يوم الجمعة وكان ذلك في يوم عرفة في حجة الوداع، تحديدا بعد صلاة العصر.
  • كان الرسول واقفا بجبل عرفات يمتطي ناقته العضباء، فنزل عليه جبريل عليه السلام بهذه الآية ليقول راوي الحديث وناقله، استشعرت الناقة ثقل ما تحمل من رسالة حيث لم تستطع الثبات فمالت.
  • وبهذه الآية تكون قد سبقتها كل القضايا التشريعية الذي نزل بها الدين الحنيف.

لا يفوتكم التعرف على معلومات عن اللهم صل وسلم على نبينا محمد بالحركات وما فضل الصلاة على النبي اضغط هنا: اللهم صل وسلم على نبينا محمد بالحركات وما فضل الصلاة علي النبي

في سبيل انتشار الدعوة

  • على مدار ثلاث وعشرون سنة قضاها الرسول في إرساء دعائمه وتوطيد أحكامه، لقي فيها الإسلام كل أنواع العقبات التي قد توجد في الطريق، وبرغم هذا كله شاء الله أن يتم نوره، و تتنزل رحماته التي تأتي عيانا بيانا في الرسالة المحمدية.
  • يروي هارون بن عنترة عن أبيه بكاء الفاروق عمر بن الخطاب يوم نزول تلك الآية ولما سئل عن السبب، قال تمام الدين الآن يعني نقصانه قبل ذلك.

للمزيد من المعلومات حول علامات الساعة في القرآن الصغرى والكبرى والأدلة عليها يمكنك النقر على الرابط المرفق: علامات الساعة في القران الصغرى والكبرى والأدلة عليها

قصد الفاروق ومراحل التدرج في نزول التشريعات الإسلامية

قصد الفاروق هنا ليس نقصا جوهريا، وإنما نقص في ورود الأحكام التي لزم لنزولها التتابع والتدرج في الفترات، لا يصح أن ينزل القرآن دفعة واحدة، إذ أن الناس كانوا سوف لا يتبينون ولا يفهمون ما فيه، بل جاءت كل آية ردا على أمر ما في موقف ما توجب فيه حكم رباني.

مثال هذا حكم تحريم الخمر، فلم ينزل الأمر الإلهي بتحريم الخمر في التو والحال، بل لزم هذا الأمر التدرج فيه حتى لا يعرض الناس عنه كليتا، فجاءت الآية الأولى في التحريم “لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون” ثم بعد ذلك بفترة تبعتها آية تبين فيها خطورة الخمر وكذلك فوائده للإنصاف فيقول الله تعالى: ” فيه إثم كبير ومنافع، وضرهما أكبر من نفعهما”.

ولم هيأ الله بالتدريج على المسلمين أمر الخمر وما فيه من شبهة، نزلت الآية القاطعة بالتحريم فيقول:” إنما الخمر والميسر والأزلام رجز من عمل الشيطان فاجتنبوه” فجاءت الآية قاطعة لا محل فيها للأخذ والرد، ولو كانت نزلت هذه الآية من أول مرة لأعرض عنها الجميع وشق عليهم الأمر ولم يأخذوا بها.

يمكنك ايضا قراءة المزيد عن تفسير ايات قرانية ومعرفة اسباب النزول من خلال قراءة هذا الموضوع: سورة ذكر فيها الخبز تفسير الآية وسبب نزولها

الرسالة المحمدية الخاتمة

جاءت الدعوة الخاتمة متممة لما سبقها من رسالات، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم عن هذا في الحديث الصحيح:” أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إنَّ مَثَلي ومثلَ الأنبياء منْ قَبلي، كَمَثَلِ رجلٍ بنى بَيْتًا، فأحْسَنَهُ وأجْمَلَهُ، إلا مَوْضعَ لَبِنَةٍ من زاوية، فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفونَ بِهِ، ويَعْجَبونَ له، ويقُولونَ: هَلَّا وُضِعَتْ هذه اللَّبِنَة؟!) قال: (فأنا اللَّبِنَة، وأنا خاتمُ النَّبيِّينَ) رواه الشيخان واللفظ للبخاري.

فجاء الرسول ليكمل ما بدأه الرسل من قبله، إذ أنه بالنظر إلى ماهية الأديان، نجدها جميعا تصب في دائرة واحدة، كلها تدور حول نفس الفكرة والمنهج، ألا وهي الدعوة إلى عبادة الله الأوحد وعدم الإشراك به شيئا وتجنب المعاصي والفاحش من القول والفعل.

تعطينا الآيات القرآنية الحكم والمواعظ والكثير من الأحكام الشرعية التي قد وضعها الله سبحانه لعباده لإعمار الأرض والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومنها ما قيل في الفاحشة والحكم الشرعي الذي يجب تطبيقه على صاحبها، وقد جمعنا لك عبر مقالواللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم.. تفسير الآيات

من انقطاع الرسل إلى تمام الرسالات

من المعلوم أن الإسلام جاء بعد فترة من الرسل، أي فترة انقطاع دون أي أمر من السماء ووحي لأهل الأرض وتلك الفترة امتدت من بعد سيدنا المسيح عيسى بن مريم عليه السلام، كانت لم يكن هناك حاكم أو مشرع، تباينت المعبودات وانتشرت الديانات الوثنية وأخذ الشرك ينتشر و يستشري إلى أن ساد الجهل وعمت الضلالة.

فقد كان الناس يعبدون الأوثان، يتقربون إلى حجر أصم لا يسمع ولا يرى، يخلقون إلههم بأيديهم ولا يملكون لهم الضر ولا النفع، يتقربون منهم بالقرابين والهدايا، بل كان منهم من يصنع إلهه بالنهار ليشعر بالجوع في الليل فيأكله، ومنهم من يتخذ أكثر من إله.

يقولون هذا إله الشر وهذا إله الخير، لم يكتفوا بـ الحجارة الصماء التي يصنعونها و يؤلهونها فقط، بل كان منهم من يعبد الشمس والقمر ومنهم من كان يعظم النار وهؤلاء هم المجوس.

بعث الله الرسول في هذا العصر ليخرجهم من ظلام الجهل إلى نور الإيمان، ومن الضلالة إلى الهدى، ينتشلهم من الضياع و النار، ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار.

يمكن التعرف على معلومات عن اقوال الرسول عن الظلم وبعض الأحاديث القدسية التي تمقت الظلم اضغط هنا: اقوال الرسول عن الظلم وبعض الأحاديث القدسية التي تمقت الظلم

بداية نزول الدعوة على النبي محمد

بدأ الوحي بتجلي جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم بينما كان يتعبد في غار حراء، وقال له “اقرأ” فقال له الرسول: ما أنا بقارئ، فأعاد جبريل عليه السلام الأمر وقال له “اقرأ” فرد الرسول ما أنا بقارئ أعادها جبريل ثلاث وكل مرة لم تختلف إجابة محمد صلى الله عليه وسلم فقد كان أميا لا يعرف القراءة والكتابة.

فقال له جبريل اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم، الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم..” إلى آخر سورة العلق، ففزع الرسول صلى الله عليه وسلم وهرول إلى السيدة خديجة خائفا ليرتعش وهو يقول:” زملوني زملوني”.

وبعد ذلك تذهب السيدة خديجة إلى ابن عمها ورقة بن نوفل وكان من أهل الكتاب، ليخبرها بنبوة الرسول صلى الله عليه وسلم وأنه نبي هذه الأمة بعدما رأى خاتم النبوة على كتفه الشريف.

يمكن التعرف على معلومات عن دعاء سيدنا موسى لربه وعلى فرعون و وفاة سيدنا موسى عليه السلام اضغط هنا: دعاء سيدنا موسى لربه وعلى فرعون ووفاة سيدنا موسى عليه السلام

المشاق التي واجهها الرسول في رحلته إلى الله

ومن هنا تبدأ رحلة شاقة في نشر الدعوة تكبد خلالها الرسول صلى الله عليه وسلم الكثير والكثير من المشاق بداية من جهره بالدعوة إلى أن أذن الله تعالى لروحه بالخروج ومجاورة ربه.

رحلة عصيبة، لاقى خلالها عند الأهل وتنكر الأصحاب وإيذاء نفسه وأصحابه وزوجاته بالقول والفعل، ومع ذلك لم يتوانى للحظة ولم يرجع خطوة، بل كان مقدام يحمل هم الرسالة ويعلم حجم ما يمتلكه، دفع الكثير بداية من نزول آية أقرأ وصولا لأية: ” اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا “.

لا يفوتكم التعرف على معلومات عن حديث الرسول عن القطط وحقائق من السنة على طهارة القطط اضغط هنا: حديث الرسول عن القطط وحقائق من السنة على طهارة القطط

موقف أبو بكر من نزول الآية

بعدما نزلت الآية المتممة للقضايا التشريعية في الدين، يوم عرفة وبعدما تلاها الرسول صلى الله عليه وسلم على الحضور من الناس ، تهللت أساريرهم لاكتمال الدين، وأخذوا يهنئون بعضهم فرحين بما آتاهم الله من فضله، لكن أبو بكر الوحيد الذي بكى فاستغرب الحضور من هذا الأمر فقال لهم، باكتمال الدين ونزول هذه الآية تلك إشارة صريحة من الله بإقتراب موعد أجل رسول الله، وهذا يدل على فطنة وكياسة الصديق بل ورقته أيضا.

يمكن التعرف على معلومات عن وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب وتفسير الآية الكريمة اضغط هنا: وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب وتفسير الاية الكريمة

موقف اليهود من تلك الآية

جاء رجل يهودي إلى سيدنا عمر بن الخطاب وقال له: يا أمير المؤمنين إن عندكم في كتابكم آية، لو قد نزلت علينا نحن معشر اليهود، لاتخذنا هذا اليوم عيدا، قال له سيدنا عمر بن الخطاب وما هي تلك الآية فقال له:” اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا”.

يمكنك الحصول على المزيد من المعلومات حول مكان ظهور المهدي المنتظر اسمه وصفاته وعلامات ظهوره عن طريق هذا الرابط: مكان ظهور المهدي المنتظر اسمه وصفاته وعلامات ظهوره

الإسلام هو الدين الخاتم، حيث تتفق كل الديانات مع بعضها البعض في الأمور الأساسية من عبادة الله وعدم الإشراك به وعمل الخير وتجنب الكبائر، وتختلف في الفروع من الأمور كل بما يناسب العصر الذي جاء فيه، فليست رسالة كاملة صالحة لكل زمان ومكان، عدا الإسلام جاء ليكون الدين الأخير إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

قد يعجبك أيضًا