هل السواك مفطر للصائم .. حكم استخدام السواك في الصيام

هل السواك مفطر إذا تم استخدامه في نهار رمضان؟ وما بال معجون الأسنان؟ هما سؤالين من الأسئلة التي ترد في بال المسلمين حول العام كل عام، سنجيب عن هذه الأسئلة في موضوعنا هذا بإذن الله.

هل السواك مفطر

قد أجاب دار الإفتاء المصرية على سؤال هل السواك مفطر بأنه يجوز للمسلم استعمال السواك وهو صائم لتنظيف أسنانه وأنه ليس مفطرًا، ومن المستحب أن يستخدمه المسلم خاصة في الصباح بعد الاستيقاظ من النوم.

لكن الفقهاء القدماء انقسموا في الرد على سؤال هل السواك مفطر إلى ثلاث آراء وهم:

  • يرى فقهاء الحنفية أنه غير مكره مطلقًا بعد الزوال وقبله (والزوال هو إذا زالت الشمس عن وسط السماء إلى جهة الغروب، وهذا هو موعد دخول وقت الظهر)

قال بهذا الإمام محمد بن حسن الشيباني في كتابه: (الأصل) 244/2.

  • أن السواك مكروه بعد الزوال، وهذا المذهب مشهور عند الشافعية والحنابلة.
    من الشافعية: كتاب (الأم وهو كتاب في الفقه الإسلامي)، للإمام الشافعي 101/2.
    من الحنابلة: كتاب (الفروع في الفقه الحنبلي)، لشمس الدين محمد بن مفلح 125/1.
  • أن السواك الرطب مكروه قبل الزوال وبعده على العموم، بينما السواك الجاف مباح قبل الزوال وبعده على العموم.

قال بذلك الإمام مالك في كتاب: (التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد) للحافظ ابن عبد البر.
كذلك في رواية عن الإمام أحمد في كتاب: (الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف أحد كتب) لعلاء الدين المرداوي 1/117

اقرأ أيضًا: المفطرات في رمضان عمدا أو بدون عمد بالتفصيل

أدلة القائلين بأن السواك مباح

استدل الفقهاء الذين أجابوا على سؤال هل السواك مفطر بأن السواك مباح للائم وغير الصائم قبل الزوال وبعده بعدة أحاديث، نرد منها:

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لولا أن أشقَّ على أمَّتي لأمرتُهُم بالسِّواكِ معَ كلِّ صلاةٍ” (السنن الكبرى للبيهقي 1/37).

فالرسول صلى الله عليه وسلم يحببنا في استخدام السواك؛ لأنه تطهير للفم عند الوقوف بين يد الله تعالى ومن آداب الصلاة نظافة الطهارة الخارجية والداخلية ونظافة الملبس والفم والأسنان، فلم يحدد الرسول صلى الله عليه وسلم في الحيث إذا كان ممنوع في الصيام، والأمر إذا لم يكن فيه تحديد فهو مباح.

إن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول أنه لا مانع من استخدام السواك عند كل صلاة إلا أنه يخاف علينا المشقة، ويلم في حالات المسلم أن يكون صائم في وقت صلاة.

عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: ” أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: (السِّواكُ مَطهَرةٌ للفمِ مَرضاةٌ للرَّبِّ)” (صحيح ابن حبان 1067).

إذا كان السواك مرضاة لله فهو واجب على المسلم في كل وقت وحين لا سيما وهو صائم، والسواك يطهر الفم فهو يجب للصائم أكثر من غيره، لأن الصائم يحتاج إلى طهير فمه، ويخفف من أثر الخلوف.
كما قد بين الرسول صلى الله عليه وسلم أن من دواعي مشروعية استخدام السواك هو تطهير الفم.

  • عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال أنه لم يرى بأس للسواك بالنسبة للصائم. (مصنف ابن أبي شيبة 2/295).

اقرأ أيضًا: هل بخاخ الربو يفطر الصائم

رأي القائلين بأن السواك مكروه في رمضان

استدل القائلين بأنه مكروه في رأيهم هذا بحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “ما مِن حسَنةٍ عملَها ابنُ آدمَ إلَّا كتبَ لَهُ عشرُ حسَناتٍ إلى سَبعِ مائةِ ضعفٍ، قالَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: إلَّا الصِّيامَ فإنَّهُ لي، وأَنا أجزي بِهِ يدَعُ شَهْوتَهُ وطعامَهُ مِن أَجلي، الصِّيامُ جنَّةٌ.
للصَّائمِ فرحَتانِ: فرحةٌ عندَ فطرِهِ، وفَرحةٌ عندَ لقاءِ ربِّهِ.
ولَخُلوفُ فَمِ الصَّائمِ أطيَبُ عندَ اللَّهِ مِن ريحِ المِسكِ” (صحيح النسائي 2214).

موضع الاستشهاد: قوله صلى الله عليه وسلم:

“ولَخُلوفُ فَمِ الصَّائمِ أطيَبُ عندَ اللَّهِ مِن ريحِ المِسكِ”

والخلوف هو الرائحة الكريهة لفم الصائم، ولا تظهر في أغلب الأحيان إلا في نهاية النهار، لذلك نجد بعض الفقهاء حدوا استخدامه بالزوال.

أما رأيهم في ذلك مبني على أنه هذا الخلوق لما كان السبب فيه طاعة الله لا ينبغي إزالته، وذلك بالقياس على دم الشهيد، كما أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بأن يُدفن الشهيد بدمه كما في حديث جابر بن عبد الله الذ قال فيه: “أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يَجمَعُ بينَ الرجُلَينِ مِن قَتلَى أحُدٍ في الثوبِ الواحِدِ ثم يقولُ أيُّهما أكثَرُ أَخذًا للقرآنِ فإذا أُشيرَ له إلى أحَدِهِما قدَّمه في الَّلحدِ وقال أنا شهيدٌ على هؤلاءِ يومَ القيامَةِ وأمَر بدَفنِهِم في ثِيابِهِم ولَم يُصَلِّ عليهِم ولَم يُغَسَّلوا” (صحيح البخاري 4079).

اقرأ أيضًا: هل يجوز غسل الاسنان بالمعجون اثناء الصيام وما هي المفطرات

الرد على القائلين بأن السواك مكروه في رمضان

قام علماء الفقه بالرد على القائلين بأن السواك مكروه استخدامه برمضان في عدة نقاط، أهمها:

  • القياس الذي قاموا به خطأ لأن العلة في ترك دم الشهيد عليه ودفه بملابسه، هو أنه يبعث يوم القيامة على هذه الحالة، جرحه ينزف دمًا، لونه كلون الدم لكن رائحته مثل المسك.

كما جاء في أحد الأحاديث: ” أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: والذي نَفْسِي بيَدِهِ لا يُكْلَمُ أَحَدٌ في سَبيلِ اللَّهِ، واللَّهُ أَعْلَمُ بمَن يُكْلَمُ في سَبيلِهِ إلَّا جَاءَ يَومَ القِيَامَةِ، واللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ، والرِّيحُ رِيحُ المِسْكِ” (صحيح البخاري 2803).
لذا يمكن القول بأنه ليس من المكروه تجفيف ماء الوضوء ولا مكروه غسل ثياب العالم من أثر الحبر، رغم أن كلاهما ناشئ عن عبادة في سبيل الله تعالى.

  • ربطوا حكم المكروه بالزول وهذا غير دقيق ولا ينطبق على كل البشر، فمن الناس من تحصل عندهم هذه الرائحة مبكرًا ومنهم من تحصل عنده في وقت متأخر ومنهم من لا تحصل عنده هذه الرائحة من الأساس.
    كما أنها تعتمد على وقت السحور ومعدل الهضم، فإذا انتفت العالة انتفى المعلول.
  • لو سلمنا بأن فضيلة الخلوف تتزاحم مع فضيلة السواك ويجب تقديم إحداهما، فإن فضيلة السواك مقدمة، وكون أن الخلوف عند الله أطيب من رائحة المسك هذا لا يعني أن نقدم فضيلة الخلوف على فضيلة السواك.

كما قال الإمام الشوكاني: “السواك نوع من التطهير المشروع لأجل مخاطبة الرب -سبحانه وتعالى- لأن مخاطبة العظماء مع تطهير الأفواه تعظيم لا شك فيه، ولأجله شرع السواك، وليس في الخلوف تعظيم ولا إجلال، فكيف يقال: إن فضيلة الخلوف تربو على تعظيم ذي الجلال بتطييب الأفواه له”

  • إن السواك لا يقضي على رائحة الخلوف، لأن هذه الرائحة آتية من المعدة وليست من الفم، والسواك يُستخدم في الفم.

مثلًا إذا تناول إنسان بصلًا لن تذهب رائحته باستخدام السواك، حيث أن سبب ذلك يكمن في المعدة. (طرح التثريب في شرح التقريب 101/4).

على ذلك فإن الفقهاء انتهوا إلى أن السواك مشروع للصائم في كل الأوقات.

اقرأ أيضًا: شروط صحة الصيام عند المذاهب الأربعة ومبطلاته وشروط وجوب الصيام

بذلك نكون قد نقلنا لكم إجابة السؤال هل السواك مفطر من أقوال الفقهاء ورأي كل فقيه وأدلته، والرأي الذي استقر عليه قلوب الفقهاء في النهاية، ندعو الله أن يكون قد وفقنا لما يحبه ويرضاه، والصلاة والسلام على رسول الله.

قد يعجبك أيضًا