متى كانت غزوة الخندق

متى كانت غزوة الخندق؟ وما الذي دفع المسلمين لها؟ إن الجهاد في سبيل الله أعظم الطاعات والعبادات، وكم من تفضيل فضله الله للمجاهدين في سبيله، وكم من أجر وعدهم به في جنات الخلد يوم القيامة، ويتضح ذلك من خلال غزوة الخندق.

لذا من خلال هذا الموضوع الذي سيعرضه لكم موقع زيادة سنتعرف سويًا على إجابة سؤال متى كانت غزوة الخندق، كما سنتعرف على كل ما يتعلق بهذه الغزوة بشيءٍ من التفصيل.

متى كانت غزوة الخندق؟

متى كانت غزوة الخندق

قامت غزوة الخندق أو غزوة الأحزاب التي اجتمع بها مشركو العرب من قريش وغطفان وبني أسد وبني مُرة أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة في شهر شوال في العام الخامس هجريًا.

اقرأ أيضًا: قائد المشركين في غزوة بدر من هو أهم المعلومات عنه

أسباب غزوة الخندق

بعدما تطرقنا لعرض إجابة سؤال متى كانت غزوة الخندق، توجب علينا أن نعرض لكم أسباب قيام هذه الغزوة، تجدر الإشارة إلى أنه عندما هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة وأصحابه من المهاجرين، واحتموا في المدينة فاستقبلهم الأنصار أفضل استقبال ورحبوا بهم أفضل ترحيب.

فقام الرسول صلى الله عليه وسلم بعد الاستقرار في المدينة إلى وضع دستور ينظم الحياة بينه وبين يهود المدينة وبقية أهلها من غير المسلمين.

كان من ضمن هذا الدستور العهد الذي كان بين الرسول وبين يهود بني النضير، ونص العهد على ألا يأوي يهود بني النضير أيًا من أعداء الرسول صلى الله عليه وسلم.

لكن اليهود لم يحفظوا العهد وقاموا بنقضه حيث استقبل زعيم قبيلة بني النضير (سلام بن مشكم) أبي سفيان ابن حرب، وآواه وأخبروه ببواطن ضعف المسلمين.

فأرسل الرسول صلى الله عليه وسلم عليهم جيشًا من المسلمين يحاصروهم؛ حتى أذعنوا واستسلموا فأٌخرجوا من ديارهم وطُردوا من المدينة المنورة.

كيف بدأت غزوة الخندق؟

بعد أن تفرق شمل اليهود وخرجوا من المدينة المنورة، ولم يجدوا لهم مأوًا يأويهم، ولا أحدًا ينصرهم قرروا أن يحرضوا مشركي العرب على قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه في المدينة المنورة.

فخرجوا إلى مكة حتى إذا بلغوها أوقدوا نار الحرب بين مشركيها، وذهبوا إلى قبيلة قريش وأشعلوا صدورهم تجاه الرسول والمسلمين، وذكروهم بأن محمدًا ساوى بينكم عزيزي القوم وبين العباد والإماء، وأهان آلهتكم وشتت جمعكم وخرب تجارتكم.

فاشتعلت الحماسة في صدور قريش وحضروا وحدهم أربعة آلاف مقاتل مستعدًا لقتال الرسول صلى الله عليه وسلم، وأقنعوا قريش أن بقية القبائل العربية ستكون معهم تآزرهم وتعاونهم على لقاء المسلمين وقتلهم.

أنصاع بقية العرب لتحريض بني النضير وانضمت بقية القبائل وجمعوا عدتهم لملاقاة رسول الله، ولما علم النبي صلى الله عليه وسلم بتحالف المشركين ضده جمع المسلمين واستفتاهم في أمره وسألهم ماذا نحن بفاعلين؟

فقام أحد الصحابة وكان سلمان الفارسي، وأشار على الرسول بحفر خندق حول المدينة يمنع المشركين من الوصول إليهم كما يفعلون في بلاد فارس، وكانت فكرة حفر الخندق فكرة جديدة على العرب.

فأثنى الرسول على الفكرة وأمر المسلمون بحفر خندق، كما اقترح سلمان الفارسي، واجتمع المسلمون يحفرون تحت الشمس الحارقة في الصحراء، وقد أشتد عليهم الجوع والعطش وبلغ منهم مبلغه، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يشارك بيديه الشريفتين في حفر الخندق.

كان الرسول يدعو للمسلمين ويقول بينما يحفر معهم الخندق “اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة فأغفر للأنصار والمهاجرة”، وكان المسلمين يردون على النبي وينشدون “نحن الذين بايعوا محمدا على الجهاد، ما بقينا أبدًا”.

معجزات غزوة الخندق

أشتد الجوع بهم ولم يجدوا عنه مصرفًا، فكان بعضهم يربط على بطنه حجر من شدة الجوع الشديد، وكان حفر الخندق صعب على المسلمين والمدة الزمنية التي يملكوها لإنهائه قبل وصول المشركين قصيرة.

فلما أشتد عليهم الجوع، أتي أحد الصحابة وكان يدعى جابر بن عبد الله وأخبر الرسول أنه قد حضر القليل من الطعام يكفي الرسول وبعض أصحابه، فلما علم الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك نادى على المسلمين أن يجيئوا معه، وقال “أيها الناس، هلموا إلى بيت جابر، فإنه قد صنع لكم طعامًا”.

كان عدد المسلمين في ذلك الوقت ثلاثة آلاف، فهرع المسلمين إلى بيت جابر من شدة الجوع؛ فلما دخل الرسول صلى الله عليه وسلم الى منزل جابر بن عبد الله سأل “أين القدِر؟” فأشاروا إليه وكان قدرًا صغيرًا يكفي بضع أشخاص فقط لا غير.

فنفث النبي بالقدر ودعا الله، ثم نادى أصحابه أن هلموا وكلو؛ فغرف الصحابة الثلاثة آلاف من هذا القدر الصغير حتى شبعوا، فقال أحد الصحابة بعد أن أنهى طعامه “فنظرت الى القدر، فكأنه كان أكثر مما كان”، وكانت هذه إحدى معجزات النبي صلى الله عليه وسلم.

كانت إحدى الصحابيات قد أحضرت طبقًا به تمرًا لأخيها وأباها؛ فأخذه النبي ووضعه على بساط ثم دعا الصحابة أن يأكلوا منه؛ فأكل جميع الصحابة منه حتى شبعوا.

أثناء حفر الخندق ظهر للمسلمين صخرة كبيرة لم يستطيعوا كسرها؛ فأخذ الرسول صلى الله عليه وسلم الفأس وضرب الصخرة ضربةً، ثم قال الله أكبر أعطيت مفاتيح الشام.

فانقسمت الصخرة ثم ضرب ضربة أخرى فقال الله أكبر أعطيت مفاتيح فارس فانقسمت الصخرة، من ثم قال الله أكبر أعطيت مفاتيح صنعاء فتفتت الصخرة تمامًا.

اقرأ أيضًا: اول غزوة للرسول وما هي أسبابها والنتائج التي ترتبت عليها

أحداث غزوة الخندق

بعدما تعرفنا على إجابة سؤال متى كانت غزوة الخندق، تجدر الإشارة إلى أن المشركين قد وصلوا إلى المدينة، أربعة آلاف من قريش وستة آلاف من غطفان وغيرها من قبائل العرب، وكان المسلمين لا يزيدوا عن ثلاثة آلاف مقاتل، ولم ينتاب المسلمين أي شكوك في نصرهم وأن الله سيصدقهم وعده الذي وعد. قال الله تعالى

وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا” صدق الله العظيم.

كان المنافقين الموجودين بين المسلمين متذبذبين وخائفين من عدد الكفار الكبير مقابل عدد المسلمين. قال الله تعالى

“وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا (12)”صدق الله العظيم.

كان المسلمين ثابتين أمام الكفار في أماكنهم، ودُهش الكفار عندما رأوا الخندق وقالوا هذه مكيدة من المسلمين، وحاولوا دخول الخندق لكن المسلمين لم يعطوهم فرصة لذلك وأطلقوا عليهم السهام والنبال.

فوجد المشركون منفذا في الخندق فأخترقوه بقيادة عمرو بن عبد وُد وعكرمة بن أبي جهل، فواجههم المسلمين بقيادة على بن أبي طالب، وتبارز عمرو بن عبد وُدٍ مع الإمام علي بن أبي طالب، فقتله “عليّ” شر قتلة.

صد المسلمين المشركون عن الخندق، واشتدت المواجهة بينهم حتى قتل من المشركين عشرة ومن المسلمين ستة أفراد، وكان من النوادر التي حدثت في هذه المعركة أن المسلمين انشغلوا بالقتال عن أداء صلاة العصر حتى غربت الشمس.

باقي تفاصيل غزوة الخندق

استكمالًا لعرض باقي تفاصيل غزوة الخندق، تجدر الإشارة إلى أن حُيي بن اخطب سيد بني النضير الذين قلبوا الأحزاب على النبي صلى الله عليه وسلم قد تسلل إلى المدينة، وذهب ليهود بني قريظة وكانوا من اليهود الذين حفظوا عهدهم مع الرسول صلى الله عليه وسلم.

حاول استمالتهم حتى أقنعهم ونقض بنو قريظة عهدهم مع الرسول، وأرسلوا جاسوسًا ليتجسس على بيوت المسلمين في المدينة؛ فرأته صفية عمة الرسول صلى الله عليه وسلم فضربته بعامود فقتل، وفزع اليهود وظنوا أن النبي قد ترك في المدينة من يحميها، ولم يكن في المدينة سوى النساء والشيوخ والأطفال.

علم الرسول فأرسل من المؤمنين من يستقص الأخبار لهم، ويتأكد إن كانت بني قريظة قد نقضت العهد فعلا أم لا، ولما علم المؤمنين هذا زلزلوا واهتزت وجدانهم، وكان هذا ابتلاءً عظيمًا من الله لهم، ليختبر قوة إيمانهم ومدى صبرهم وثقتهم بالله عز وجل. قال الله تعالى

“هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا (11)” صدق الله العظيم،

وبدأ المنافقون في صفوف المؤمنين بالتخلي على النبي وأصحابه بحجة أنهم يريدون حماية بيوتهم من بني قريظة. قال الله تعالى

” وَإِذْ ُيَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا (12)”صدق الله العظيم

وبدأت صفوف المسلمين بالانشقاق وعرض الرسول أن يقوموا بمعاهدة صلح مع غطفان كفار مكة مقابل ثمار من المدينة، فرفض المسلمون ذلك.

في نهاية الغزوة حدثت معجزة كبيرة، حيث دخل الإسلام نعيم بن مسعود وهو من غطفان، فاتفق مع الرسول على خداع المشركين، وذهب إلى اليهود وأخبرهم أن قريش لن يحاربوا معهم، وأن يطلبوا منهم رهائن حتى يتأكدوا من صدق نيتهم.

ذهب لقريش وأخبرهم أن اليهود غدرت بيهم وسوف يطلبون منهم رهائن، وبهذا انشقت صفوف اليهود ومشركي مكة بخطة نعيم بن مسعود، واتهم كلًا فريق منهما الآخر، ومن هنا بدأت تظهر بوادر النصر تحوم حول المسلمين.

اقرأ أيضًا: متى كانت غزوة خيبر؟ ونتائجها والدروس المستفادة منها

نهاية غزوة الخندق

طال الحصار على المسلمين ما يقارب الشهر، فجمع النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه وقال لهم من يأتني بخبر القوم، ويكون صاحبي يوم القيامة، فلم يقم أحد من المسلمين من شدة الخوف الذي مليء قلوبهم.

كرر الرسول هذا الطلب ثلاث مرات فلم يقم أحد، فأختار النبي حذيفة ليأتي النبي بخبر المشركين، وكان يومًا شديد البرودة، والريح فيه شديدة، والظلام حالك، وبدأ المشركون ينسحبون مع أبا سفيان من شدة البرد، وبشر حذيفة الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا الأمر.

في النهاية انسحب جميع المشركين وعادوا الى مكة ونصر الله المسلمين، قال الله تعالى

وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا” صدق الله العظيم.

بذلك نكون قد عرضنا لكم إجابة سؤال متى كانت غزوة الخندق، كما تعرفنا على كافة المعلومات المتعلقة بهذه الغزوة التي كانت علامة فارقة ومعجزة كبيرة للمؤمنين، ونتمنى أن نكون قد قدمنا لكم الإفادة المرجوة.

قد يعجبك أيضًا