ما هي أنواع الصدقة الجارية غير المال؟ وما هو فضل الصدقة الجارية؟ إن المسلمون يتسابقون في فعل الخيرات والطاعات التي تساعدهم على التقرب من المولى عز وجل، ومن أحب الأعمال إلى الله تعالى هي الصدقة، وسوف نتحدث من خلال موقع زيادة على أنواع الصدقة الجارية بشكل مفصل.
أنواع الصدقة الجارية غير المال
إن الصدقة هي أحد الطاعات التي تساعد على التقرب من الله تعالى، وهي من الأفعال التي يتم عملها ابتغاء مرضاة الله وجزائه، ولقد قال الراغب الأصفهاني في الصدقة على أنها ما يقوم العبد بإخراجه تقربًا من الله عز وجل، ولقد جاء في كتابه العزيز أن الله تعالى وصف الزكاة بالصدقة، وذلك في قوله تعالى:
“خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ“
وتعتبر الصدقة الجارية هي أحد أنواع الصدقة التي يأخذ المسلمة ثوابها حتى بعد مماته، وذلك وفقًا للحديث الشريف رواه أبو هريرة عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- حيث قال:
“إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنْه عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له“
ولقد جاء في الأحاديث النبوية أنواع الصدقة الجارية غير المال، وهي عبارة عن أمثلة، وذلك للتحبيب والترغيب في القيام بها، وجاءت كالتالي:
1- شق الأنهار
يُقصد به شق المسلم للأنهار للناس حتى يسهل وصول الماء لهم ليشربوا منها هم ودوابهم ويسقون الزرع، حيث يعتبر الماء من أهم مقومات الحياة، فمن يقدر على المساعدة في إيصاله للناس، ينال ثوابًا عظيمًا بحياته، وهذا الثواب يستمر بعد الممات، ونجد أن هذا العمل يتم تنفيذه بأكثر من طريقة في وقتنا الحالي، وذلك مثل:
- وضع برادات مياه في المساجد.
- مد المياه بواسطة الأنابيب إلى المناطق التي تحتاج إلى الماء.
اقرأ أيضًا: آيات وأحاديث عن الصدقة وفضلها
2- غرس نخلة
أما عن قيام العبد بغرس النخل في المناطق السكنية وجعلها سبيلًا للفقراء والمحتاجين يأكلون منه يعتبر من ضمن أنواع الصدقة الجارية غير المال، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“ما من مسلمٍ يغرسُ غرسًا أو يزرعُ زرعًا فيأْكلُ منْهُ إنسانٌ أو طيرٌ أو بَهيمةٌ إلَّا كانت لَهُ صدقةٌ“.
حيث نجد أن النخلة من الأشجار المعمرة، والتي تبقى قائمة بعد موت زارعها، فيدوم أجر الشخص الذي زرعها كلما أكل منها الطير والدواب والناس.
3- التبرع بالملابس
من أنواع الصدقات التي تساعد على دخول السرور على الفقراء والمحتاجين هي التبرع بالملابس، وهي تعتبر إحدى أنواع الصدقة الجارية غير المال، وذلك لأن إكساء المسلمين المحتاجين من الأمور العظيمة عند الله تعالى.
4- بناء المساجد
إن المساجد هي بيوت الله -جل وعلا- ولقد أذن أن يرفع فيها اسمه ويسبح بها الناس، ومن يبني مسجدًا لنيل رضى الله تعالى نال أجرًا عظيمًا ممتدًا كلما سجد فيه ساجدًا أو ذُكر فيه اسم المولى، وإنه سينال خير الجزاء، ولقد جاء عن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- قال:
“إنَّكُمْ قدْ أكْثَرْتُمْ، وإنِّي سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- يقولُ: مَن بَنَى مَسْجِدًا لِلَّهِ -تَعَالَى-، قالَ بُكَيْرٌ: حَسِبْتُ أنَّه قالَ: يَبْتَغِي به وجْهَ اللهِ، بَنَى اللَّهُ له بَيْتًا في الجَنَّةِ”.
5- توزيع المصاحف
فتوزيع المصاحف يعتبر نوع من أنواع الصدقة الجارية غير المال، حيث يمكن للشخص الذي يرغب في صدقته تتبعه حتى بعد مماته أن يقوم بطباعة المصاحف ووضعها وقف في بيوت الله تعالى، وفي دور العلم، حتى يقوم بالقراءة بها أكبر عدد من المسلمون، وبالتالي ينال ثوابًا عظيمًا.
6- حفر الآبار
إن حفر الآبار بهدف انتفاع الناس به من أكثر الصدقات التي تعود بالنفع على الناس والدواب، وكلما انتفع بها من الكثير من الكائنات الحية كلما زاد استمرار الأجر الذي يناله الشخص، والدليل على الحديث النبوي الشريف، روى أبو هريرة -رضي الله عنه- عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال:
“بيْنَما رَجُلٌ يَمْشِي بطَرِيقٍ، اشْتَدَّ عليه العَطَشُ، فَوَجَدَ بئْرًا فَنَزَلَ فيها، فَشَرِبَ ثُمَّ خَرَجَ، فإذا كَلْبٌ يَلْهَثُ، يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ العَطَشِ، فقالَ الرَّجُلُ: لقَدْ بَلَغَ هذا الكَلْبَ مِنَ العَطَشِ مِثْلُ الذي كانَ بَلَغَ بي، فَنَزَلَ البِئْرَ فَمَلَأَ خُفَّهُ ثُمَّ أمْسَكَهُ بفِيهِ، فَسَقَى الكَلْبَ فَشَكَرَ اللَّهُ له فَغَفَرَ له قالوا: يا رَسولَ اللَّهِ، وإنَّ لنا في البَهائِمِ أجْرًا؟ فقالَ: نَعَمْ، في كُلَِّ ذاتِ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أجْرٌ“.
اقرأ أيضًا: كيف أنوي الصدقة للميت
7- الولد الصالح
فالأبناء من الممكن أن يكونوا من الصدقات الجارية لأبيهم، حيث إن الأب والأم الذين يحسنوا تربية أبنائهم بشكل جيد في حياتهما، ويعلمونهم أصول الدين الإسلامي وأهم القواعد التي تخص ذلك، نجد أنه هذه التربية تعود عليهما بعد مماتهما.
حيث إنه كلما كان الولد صالح كلما استجاب الله تعالى لهم، لذا لابد من تربية الأبناء بشكل جيد تربية صالحة، وقد قال جلَّ وعلا: “وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ“.
8- العلم النافع
إن الله تعالى رفع شأن العلماء والعلم، وأعز مقامهم، حيث إن العلماء هم ورثة الأنبياء، ويقصد بالعلم هنا هو إرشاد الناس لقواعد الدين الإسلامي، وتعريفهم بالمولى -عز وجل- الأمر الذي يجعلهم يهتدون في طريق الحق، والتفريق بين المحرمات والأمور المحللة.
قد جاء عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “سَلوا اللهَ عِلمًا نافعًا وتعَوَّذوا باللهِ مِن علمٍ لا ينفعُ”.
إذًا يعتبر العلم النافع من أنواع الصدقة الجارية غير المال، حيث إذا مات العالم يزال عمله ينتفع به الكثير من الأشخاص ويورثونه، ويبقى العالم في قبره ينال خير الجزاء على كل كلمة قالها أو وضعها في كتاب.
9- تشييد المباني مجانا للمأوى والتعليم
من الممكن أن يأتي تشييد المباني التي تساعد الكثير من الأشخاص المحتاجين الذين لا يقدرون على تكلفة العلاج أو من لا مأوى لهم مثل العجزة أو الايتام، كما يعتبر أيضًا بناء المستشفيات من أنواع الصدقة الجارية غير المال، ويمكن أيضًا شراء مساكن للأرامل والمطلقات، بالإضافة إلى إمكانية بناء المدارس.
اقرأ أيضًا: فضل الصدقة في العشر الأواخر من رمضان
فضل الصدقة الجارية
في إطار عرض أنواع الصدقة الجارية غير المال وجب التعرف على فضل الصدقة الجارية، حيث يجهل الكثير هذا النوع من الصدقات ويقومون بإنفاق أموالهم في إعطاء الفقراء والمحتاجين، فالصدقة الجارية تعتبر من السنن الثابتة في القرآن الكريم.
كما أنها وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولقد أوضحت الشريعة الإسلامية فضل الصدقة الجارية، ورغبت أيضًا في الصدقة المالية.
إن الصدقات الدائمة أو الجارية هي التي تبقى بعد موت الشخص، أما عن الصدقات العاجلة، فهي صدقات لا تبقى، ولكنها من الصدقات الهامة أيضًا التي لها جزاء عظيم، قال الله عز وجل:
“مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ ۖ وَمَا عِندَ اللَّهِ بَاقٍ ۗ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ“.
أما الدليل على ما ورد عن أم المؤمنين السيدة عائشة -رضي الله عنها- قالت:
“أنهم ذَبَحُوا شاةً فقالَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ما بَقِيَ منها؟ قلْتُ: ما بَقِيَ منها إلَّا كَتِفُها، قال: بَقِيَ كلُّها غيرُ كَتِفِها“.
أنواع الصدقة الجارية غير المال متعددة، وهي من الصدقات التي لها فضل عظيم عند الله تعالى، كما أنها تدوم حتى بعد الممات، وهي التي حُبس أصلها وبقيت منافعها يستفاد بها الناس.