آيات لدفع البلاء والمصائب

كثير من آيات لدفع البلاء والمصائب قد وردت في القرآن الكريم لتهب للإنسان الصبر والتفكر في حكمة الله في ابتلائه، فهي كلمات أرسلها رحمة للعالمين فمنه البلاء والفرج ويكتب الرزق ويقدره لطفًا منه بعباده، وعبر موقع زيادة نذكركم ببعض هذه الآيات جعلها الله نورًا لقلوبكم وشفاءً لأرواحكم.

آيات لدفع البلاء والمصائب

يوجد الكثير من آيات الرحمة التي أنزلها الله في كتابه العزيز، فهي آيات لدفع البلاء والمصائب عن العباد، فيجد فيها العبد الراحة والسلوان ويرسل له خالقه فيها رسائل رحمته وحثه على الصبر حتى يدفع الله عنه مصابه.

  • {وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}] سورة آل عمران من الآية: 154[.

أنه بيده الأمر كله وأنه يختبر ما في يلج في صدور عباده فهو أعلى وأعلم بمكنونات القلوب.

  • أما قوله {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً ولكن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ۖ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ۚ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} ]سورة المائدة من الآية:48]

فيخبرنا الله بأن هناك نوع آخر من البلاء ابتلى به عموم الناس في اختلافهم في كل شيء وفي النعم التي وكلت إليهم ليختبر كل إنسان وما يصنعه بما رزقه الله وأننا جميعًا راجعون لله لنُسأل عما كنا فيه.

  • {وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الأعراف: 168].

بالإضافة لكل ما سبق من آيات لدفع البلاء والمصائب، فإن الله يخبرنا بعلمه بالصالح والطالح وأنه خلق الحسنات والسيئات لغرض البلاء ولينذر الناس لعلهم يرجعون إليه.

  • {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} [محمد: 31].

في هذه الآية فقد ذهب جمهور العلماء أنها تعني أن البلاء هو منحة المؤمنين التي يظهروا فيها مدى صبرهم وتحملهم، وأنهم لابد وأن يظهر الله هذا الصبر في قولهم وأفعالهم.

  • {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} [آل عمران: 142]،.

نزيد على ذلك أنه في هذه الآية يمني الله عباده بالجنة وأنها ثوابً عظيم للمؤمنين لا ينالها إلا الصابرين الذين جاهدوا أنفسهم وجاهدوا في الله حق جهاده.

اقرأ أيضًا: دعاء الصبر على البلاء

آيات في الصبر على المصائب

لم يرسل الله للمؤمنين آيات لدفع البلاء والمصائب فحسب، بل أرسل لهم كذلك ما يعينهم على الصبر ويحثهم عليه وعلى ثواب الصابرين، ومن آيات الصبر على المصائب في القرآن الكريم.

  • {وَبَشّرِ الصّابِرينَ * الّذِينَ إذا أصَابَتَهُم مُصِيَبَةٌ قَالُوا إنّا للهِ وَإنّا إلَيهِ راجِعُونَ * أُولئِكَ عَلَيهِم صَلَواتٌ مِن رّبِهِم وَرَحمَةٌ وَأولئِكَ هُمُ المُهتَدُونَ} [البقرة: 155 – 157].

ففي هذه الآيات بيان لعظيم فضل الصبر على الصابرين، فيبعث الله لهم بالبشرى على صبرهم واحتسابهم ويرزقهم ثلاث عطايا: صلواته عليهم، ورحمته وهداه.

  • {إنَّمَا يُوَفَى الصَابِرُونَ أجْرَهُم بِغَيرٍ حِسابٍ} [الزمر: 10].

هنا يعد الله الصابرين بوعد خاص بهم، وهو تمام أجرهم وإعفائهم من الحساب كباقي الخلق وذلك لبيان عظمة ومنزلة الصبر.

  • {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة 153]، في هذه الآية من سورة البقرة، يمن الله علينا بنعمتيه التي تساعد ابن آدم على تجاوز محنه ومصائبه، ويقول له أن السبيل لذلك هو الصبر والتضرع لله بالصلاة والقرب من ربه ليلهمه السلوان.

اقرأ أيضًا: دعاء المصيبة والابتلاء

أحاديث نبوية في البلاء والمصائب

بالإضافة لما ذكرنا من آيات لدفع البلاء والمصائب، فإن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم تكلم في هذا الصدد في عدة أحاديث ليبشر المؤمنين بفضل الله عليهم.

فنذكر في أحاديث الصبر على البلاء ما جاء عن سعيد الخدري أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

“شدُّ الناسِ بلاءً الأنبياءُ، ثم الأمثلُ فالأمثلُ، يُبتلى الناسُ على قدْرِ دينِهم، فمن ثَخُنَ دينُه اشْتدَّ بلاؤُه، ومن ضعُف دينُه ضَعُف بلاؤه، وإنَّ الرجلَ لَيُصيبُه البلاءُ حتى يمشيَ في الناسِ ما عليه خطيئةٌ” [صحيح الجامع].

ففي هذا الحديث إشارة أن البلاء على قدر الإيمان، وكلما زاد إيمان العبد وتمسكه بدينه حتى رزقه الله البلاء ليتخفف من ذنوبه ويضعها عنه الله ويرحمه برحمته الواسعة.

كما ذكر في حديث آخر عَنْ أبي يَحْيَى صُهَيْبِ بْنِ سِنَانٍ قال: قال رسول الله عليه وسلم:

“عَجَباً لأمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لأِحَدٍ إِلاَّ للْمُؤْمِن: إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خيْراً لَهُ” [صحيح مسلم].

فيه يتجلى بوضوح كون البلاء نعمة من الله يمن بها على المؤمنين من عباده، بل ويختصه بأنها خير لأنها تبين مدى صبره فيثيبه الله عليها.

أما في حديث آخر عن أبي سعيد وأبي هريرة – رضي الله عنهما – عن النبي قال:

“ما يصيب المسلم من نَصَب، ولا وَصَب، ولا هم، ولا حزن، ولا أذى، ولا غم، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه” [صحيح البخاري].

فبالإضافة لما ورد من آيات لدفع البلاء والمصائب والأحاديث السابقة، فيزيد الله في رحمته المهداة لعباده فيشمل عموم المسلمين بالرحمة والمغفرة عن كل بلاء يصيبهم حتى ولو كان بمقدار شوكة يشاك بها المسلم بدليل قول النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ.

أقوال الإمام الشافعي في الصبر على البلاء

الإمام الشافعي أحد أشهر أئمة المذاهب الأربعة في الفقه الإسلامي، وهو مؤسس علم أصول الفقه إضافة لغزير علمه ومعرفته الواسعة في علمي التفسير والحديث، فصح في كتابة الشعر فجعل يشدو أبياتًا منمقة باقية بحكمتها ليومنا هذا مثل:

وَما كُنتُ راضٍ مِن زَماني بِما تَرى

وَلَكِنَّني راضٍ بِما حَكَمَ الدَهرُ

فَإِن كانَت الأَيّامُ خانَت عُهودَنا

فَإِنّي بِها راضٍ وَلَكِنَّها قَهرُ

حيث يوضح في هذه الأبيات أن الرضا والصبر واجبين على المرء حتى لو أتاه القدر بما لا يشتهي، وأنه راضٍ بقهر الدنيا مهما زاد لعلمه أنها دار الباطل وليست دار الحق وذلك لإيمانه بأن الخالق لا يقدر ولا يدبر إلا ما فيه الخير.

يا مَن يُعانِقُ دُنيا لا بَقاءَ لَها

يُمسي وَيُصبِحُ في دُنياهُ سَفّارا

هَلّا تَرَكتَ لِذي الدُنيا مُعانَقَةً

حَتّى تُعانِقَ في الفِردَوسِ أَبكارا

إِن كُنتَ تَبغي جِنانَ الخُلدِ تَسكُنُها

فَيَنبَغي لَكَ أَن لا تَأمَنَ النارا

أما في هذه الأبيات فينتقد الإمام الشافعي من يتمسك بالدنيا كأنها كل ما يملك، وينسى أنها الوسيلة لغاية أكبر وأعظم وهي الدار الآخرة فيذكره أن يتفكر في الآخرة ولا يخشى نوائب الدنيا وبلاءها بل يعمل لأجل الغاية التي خلق لها ولا يغفل عنها.

 تَوَكَّلتُ في رِزقي عَلى اللَهِ خالِقي

وَأَيقَنتُ أَنَّ اللَهَ لا شَكَّ رازِقي

وَما يَكُ مِن رِزقي فَلَيسَ يَفوتَني

وَلَو كانَ في قاعِ البِحارِ العَوامِقِ

سَيَأتي بِهِ اللَهُ العَظيمُ بِفَضلِهِ

وَلَو لَم يَكُن مِنّي اللِسانُ بِناطِقِ

فَفي أَيِّ شَيءٍ تَذهَبُ النَفسُ حَسرَةً

وَقَد قَسَمَ الرَحمَنُ رِزقَ الخَلائِقِ

كما قال في هذه الأبيات إن المرء عليه أن يصبر على البلاء ويوقن أن الله مدبر أمره وما كتب له سيأتيه ولو كان في أعماق البحر، فلا يحق للمرء أن يتحسر ويرهق نفسه بالندم على ما يضيع منه في دنيا قدر الله فيها كل شيء.

اقرأ أيضًا: فوائد ذكر الله والاستغفار

البلاء نعمة الله ورحمته في الأرض

قد يجزع بعض الناس عندما يمسهم الضر أو البلاء، وقد يظن بعضهم أن الله أراد بهم شرًا أو أن البلاء علامة على عدم رضا الله، ولكن الله يطمئنا في كتابه الكريم وفي الأحاديث الشريفة أن البلاء غرضه إما اختبار للإنسان فيثبت صبره ورضاه، إما رحمة من الله ليغفر ذنوب عبده.

فرغم أن البلاء يتنوع في مصادره وآثاره إلا أن جميعه رحمة، وسبق أن وضحنا في ذكرنا لآيات لدفع البلاء والمصائب أن الله يعلم ما في صدور الجميع، ولا يعطي لعباده ما لا يطيقوه، بل يقدر لهم رزقهم حتى من البلاء.

فإن البلاء رزق لأن كل عطايا الله رزق، وكل ما يمن به على عباده خيرًا حتى لو صعب على الإنسان فهم ذلك في حينها، فلله في خلقه شئون لا يعلمها سواه، وحكمة الله من كل شيء لا يشترط يدركها الإنسان.

نزيد على ذلك قولنا بأن على الإنسان الذي خلقه الله بعقله الناقص – ونقصد بالنقصان هنا وجود قدرات محددة له – ألا يتفكر في تدابير الغيب التي دبرها الله الذي له الكمال وحده، فالعقل خلق ليتعايش مع الدنيا لا ليرهق نفسه بتدابير الله وكيل بها ومطلع عليها.

فليس كل أمر يمكن أن ندركه، وليس بالضرورة أن نرى حكمة الله في بلائه لنا في الدنيا، بل الأولى بالمؤمن أن يترك الأمر كله لله وأن يعلم يقينًا أن ربه يعلم ما لا يعلمه وهو علام الغيوب.

البلاء يكون على قدر الطاعة، والفرج على قدر حسن الظن بالله تعالى، فذلك الظن الذي نجى موسى من فرعون وشق له البحر ليدركه مولاه من الظالمين، فقبل الجزع علينا أن نفكر مليًا في قوله تعالى: {فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [الصافات 87].

قد يعجبك أيضًا