فضائل سورة البقرة

فضائل سورة البقرة هي السورة الثانية في ترتيب المصحف العثماني الشريف بعد سورة الفاتحة وقبل سورة آل عمران وهي أطول سورة في القرآن الكريم عدد آياتها 286 آية بها أطول آيات القرآن الكريم وهي آية المداينة (الآية رقم282) وبها اعظم آية في القرآن آية الكرسي (الآية رقم255)
وهي سورة مدنية بالإجماع فقد روي عن ابن عباس رضي الله عنه إنه قال” أن هذه السورة أول ما نزل بالمدينة، نزلت في أوقات متفرقة.

إلا آية واحدة نزلت على رسول الله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بمكة في حجة الوداع بمنى وهي: {وَاتَّقُوا يَومًا تُرجَعُونَ فِيهِ إِلى اللهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفسٍ مَا كَسَبَت وَهُم لا يُظلَمُونَ} (البقرة 281) فهي رحمة نزلت على الأرض من السماء في القرآن الكريم مع آية الربا.

عن ابن عباس رضي الله عنه إنه قال: بينما جبريل قاعدًا عن رسول الله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سمع نقيضًا فرفع رأسه، فقال:” هذا بابٌ من السماءِ فُتِحَ اليومَ، لم يفتح قط إلا اليومَ. فنزل منهُ ملكٌ، فقال: هذا ملكٌ نزل إلى الأرضِ، لم ينزل قط إلا اليومَ. فسلَّم وقال: أبشِرْ بنوريٍنِ أوتيتهما لم يؤتهما نبيٌّ قبلك. فاتحةُ الكتابِ وخواتيمُ سورةِ البقرةِ. لن تقرأَ بحرفٍ منهما إلا أُعطيتَه” (رواه مسلم)

فضائل سورة البقرة

إذا تحدثنا عن فضائل سورة البقرة بخلاف إن القرآن لجميع ما يقع بين دَفّتيه فضل عظيم وشفاء المؤمن فيه للجسد والروح قال الله تعالى:” وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا”(الإسراء82).
وتختص سورة البقرة بالعديد من الفضائل على سبيل العلم بها لا الحصر منها:

  • قال رسول الله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- “لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قُبُورًا فَإِنَّ الْبَيْتَ الَّذِي يُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ لَا يَدْخُلُهُ الشَّيْطَان” فسورة البقرة تقف حارس أمام كل شر قد يدخل البيت.
  • عن أبي ذر رضي الله عن أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ” أُعْطِيتُ خَوَاتِيمَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مِنْ بَيْتِ كَنْزٍ مِنْ تَحْتِ الْعَرْشِ، لَمْ يُعْطَهُنَّ نَبِيٌّ قَبْلِي” (رواه الإمام أحمد في مسنده)
  • نزل بها أعظم آية في القرآن ” اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ” (البقرة رقم55)
    – عن أبي ابن كعب رضي الله عنه أن رسول الله قال: ” يا أبا المنذر أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟”. قال: قلت الله ورسوله أعلم قال: “يا أبا المنذر أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟”. قال: قلت (الله لا إله إلا هو الحي القيوم..).
    قال فضرب في صدري وقال: “والله ليهنك العلم أبا المنذر”.
    – قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة، لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت”.
  • عن أبي مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- “مَنْ قَرَأَ بِالْآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ” في كتاب (فتح الباري لشرح صحيح البخاري) شرح الإمام ابن حجر العسقلاني هذا الحديث بأن المقصود بالآيتين هو من بداية قوله تعالى “آمن الرسول..” إلى آخر السورة.
    وفي شرح كلمة “كفتاه” قيل أجزأتاه عن تلاوة القرآن في ليلته مطلقًا سواء تلاوة خارج الصلاة أم داخل الصلاة.
    وقيل أجزأتاه عن صلاة قيام الليل في ليلته هذه.
    وقيل أجزأتاه عما يتعلف بالاعتقاد بسبب أنها تحتوي جوامع الإيمان والأعمال (عبادة القلوب والجوارح).
    وقيل دفعت عنه شر الشياطين وشر الإنس وقيل إنها كفتاه بسبب ما حصل منهما من ثواب عظيم.
  • قال رسول الله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” من قرأ سورة البقرة، توج بها تاجًا في الجنة” (رواه الدارمي) والحديث يبين منزلة السورة العظيمة.
  • عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أن الرسول قال – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” لكل شيء سنام، وإن سنام القرآن سورة البقرة”.
  • أنفرد الإمام أحمد في مسنده بذكر حديث معتمرعن أبيه عن معقل بن يسار أن الرسول – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال” الْبَقَرَةُ سَنَامُ الْقُرْآنِ وَذُرْوَتُهُ. نَزَلَ مَعَ كُلِّ آيَةٍ مِنْهَا ثَمَانُونَ مَلَكًا وَاسْتُخْرِجَتْ اللَّهُ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ مِنْ تَحْتِ الْعَرْشِ فَوُصِلَتْ بِهَا أَوْ فَوُصِلَتْ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ، وَيس قَلْبُ الْقُرْآنِ لَا يَقْرَؤُهَا رَجُلٌ يُرِيدُ اللَّهَ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ إِلَّا غُفِرَ لَهُ وَاقْرَءُوهَا عَلَى مَوْتَاكُمْ الْبَقَرَةُ سَنَامُ الْقُرْآنِ وَذُرْوَتُهُ. نَزَلَ مَعَ كُلِّ آيَةٍ مِنْهَا ثَمَانُونَ مَلَكًا وَاسْتُخْرِجَتْ اللَّهُ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ مِنْ تَحْتِ الْعَرْشِ فَوُصِلَتْ بِهَا أَوْ فَوُصِلَتْ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ، وَيس قَلْبُ الْقُرْآنِ لَا يَقْرَؤُهَا رَجُلٌ يُرِيدُ اللَّهَ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ إِلَّا غُفِرَ لَهُ وَاقْرَءُوهَا عَلَى مَوْتَاكُمْ”.
    وفسر الفقهاء قراءة سورة البقرة على المسلمين الذين يحتضرون لا على الموتى في القبور.
    ضعف أهل العلم هذا الحديث إلا إنه ورد بلفظ آخر عند النسائي وابو داود وابن ماجه؛ لذلك اتفق الفقهاء على العمل به.
  • عن أنس بن مالك قال أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:” إِنَّ الشَّيْطَانَ يَخْرُجُ مِنَ الْبَيْتِ إِذَا سَمِعَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ تُقْرَأُ فِيه” وهذا يدل على فضل سورة البقرة العظيم في حفظ ديار المسلمين وضرورة تلاوتها فيه.
  • روي عن ابن عمر – رضي الله عنهما- أنه ضل ثمان سنوات يحفظ سورة البقرة ويتدبر معانيها، ويسعى جاهدًا في تحقيق ما اشتملت عليه من أوامر ونواهي
    وذلك لعظمة ما بهذه السورة من أحكام شرعية (المعاملات والعبادات والحدود) بجانب ما شملته من عقيدة وتوحيد.
  • في مسند الإمام أحمد عن عبد الله بن بريدة عن ابيه أن النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ” تَعَلَّمُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ ولا يستطيعها الْبَطَلَةُ”
  • بها أكثر من 17 اسم من أسماء الله العلا وصفاته (وهي اسماء توقيفية أي لا يجوز ابتكار اسم وإنما نسميه عز وجل بما سمى به نفسه) وذلك فيه تشريف لسورة البقرة.
  • بها أطول آية في القرآن وهي آية الدين (رقم288) التي تحض المسلمون على ضرورة الاستشهاد على بيعهم وديونهم وكتابتها وعدم المماطلة في السداد.
  • بها أطول كلمة في القرآن الكريم (فَسَيَكْفِيكَهُمُ) في الآية رقم137.

إقرأ أيضًا: فضل خواتيم سورة البقرة للانسان

من أسماء سورة البقرة

  • فسطاط القرآن: لقبها بذلك السلف لعظمتها وكثرة الحكم والأوامر الإلهية بها فتحتوي على ألف نهي وألف أمر وألف خبر وألف حكم.
  • السنام.
  • الذروة.
    ( سبب تسميتها بالاسمين هو قول الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” البقرة سنام القرآن وذروته، نزل مع كل آية منها ثمانون ملكاً”(رواه الإمام أحمد).
  • الزهراء : بسبب قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” اقرؤوا الزهراوين: البقرة وسورة آل عمران”.
  • البكر.
  • العوان.
    (سميت بهذين الاسمين لأنهما أوصاف للبقرة التي أتى ذكر قصتها في السورة).

إقرأ أيضًا: سورة البقرة كم جزء وفي أي جزء من القران تنتهي سورة البقرة

مقاصد سورة البقرة

تتكون سورة البقرة من وحدة كاملة مقسمة إلى مقدمة، ثم أربع مقاصد رئيسة، ثم خاتمة
مقدمة سورة البقرة تعتني بالتعريف بالقرآن وبيان ما فيه من هدى للناس لا ينكره إلا ما كان في قلبه علة، وعلى عكس باقي الكتب الأرضية تضعنا مقدمة سورة البقرة أمام تحدي أنك لن تجد في هذا القرآن خطأ وإنه فيه الطريق الصواب  في الآية الثانية ” ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ  فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ” وتتجلى عظم نظم القرآن (كما قال عبد القاهر الجرجاني ) إن الجملة تحمل المعنين حسب القراءة و المعنين صواب، هذا من جمال بلاغة النظم القرآني.

أما المقاصد:
-المقصد الأول: دعوة جموع البشر إلى دين الله الواحد الإسلام، وترك ما يعبدون من مخلوقات وآلهة خلقوها لأنفسهم، وأن الإسلام هو الدين الحق؟
– المقصد الثاني: ذكر أهل الكتاب (اليهود وقوم عيسى عليه السلام) ودعوتهم إلى إتباع دين الحق الذي يصدق ما نزل على موسى وعيسى عليهم السلام، وترك أتباع الهوى والباطل.
– المقصد الثالث: شرح شريعة الدين الإسلامي بالتفصيل.
– المقصد الرابع: تناول الدوافع التي تجعل الإنسان يتبع شرع الله عز وجل.

خاتمة سورة البقرة تتناول الذين استجابوا لدعوة الحق ومالهم في الدنيا والآخرة.

بعض من الجماليات البلاغية في سورة البقرة

  • الآية رقم 17 “مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نارًا فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ”.
    – التشبيه التمثيلي في قوله تعالى (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نارًا) حيث شبه حالهم بالذي يجلس حول النهار في ظلمات الليل وانطفئت ناره وتبقى له الظلام فقط, ونلاحظ هنا استخدام اللفظ استوقد ليس أقاد لدلال المشقة التي كابدها في هذه النار التي ذهبت، لدلال طبيعة هؤلاء المنافقين ويزيد صفتهم جلاء لقد استوقدوا النار ولما أضاءت لهم بنورها لم يستنفعوا بها.
    – مراعات النظير وهو فن يعرف عند البلاغيون بـ(التناسب والائتلاف)حيث جمع بين النور المادي الذي أضاءته النار ونور الإيمان الذي ذهب من المنافقون.
  • الآية رقم 16″ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى”
    – الاستعارة في قوله حيث شبههم من يشتري الضلالة كأنها شيء مادي ويأخذ بدل منها الضلال والخسران.
    – الإسناد المجازي في قوله لأن العرب كانوا أهل تجارة؛ فمن البديهي إنهم سينجذبون إليها أكثر.

سبب نزول سورة البقرة

ليست كل سور القرآن معروف لها سبب مذكر للنزول فهناك من السور ما ذٌكر لنا في الأثر والسنة عن سبب نزولها وهناك لم يذكر.
بيد أن هناك آيات الأحكام المتعلقة بسائر المسلمين مثل آيات الأحجام والحدود والوعد والوعيد والعبادات.
وفي بعض الأحيان يكون هناك آيات أو سور لها سبب نزول لكنها تخفي على الكثير من الصحابة.
وقال الإمام السيوطي: “قال الواحدي ولا يحل القول في أسباب نزول الكتاب إلا بالرواية والسماع ممن شاهدوا التنزيل ووقفوا على الأسباب وبحثوا عن علمها”.
وسورة البقرة نزلت طوال العهد المدني فلا يمكن الجزم بسبب النزول للسورة كاملة.

إقرأ أيضًا:  فضل حفظ سورة البقرة وقراءتها يوميًا

سبب تسمية سورة البقرة بهذا الاسم

سمية السورة بهذا الاسم – والله أعلى وأعلم-  بسبب ما ورد فيها من ذكر قصة سيدنا موسى عليه السلام  مع قومة بشأن القتيل الذي وجدوه ولا يعرف قاتله ؛ فأمره الله أن يأمر قومه بذبح بقرة دون وصف معين فكذبوه واتهموه بالسخرية منهم ثم تعنتوا وجادلوا
وتبدأ القصة من الآية رقم 67 بقوله تعالى  “وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِين”
وعدد كلمات سورة البقرة 6221 كلمة وعدد حروفها 1250500 حرف.

بذلك نكون قد نقلنا قول الفقهاء في تفسير آيات الله والأحاديث النبوية الشريف الواردة عن فضائل سورة البقرة كما تحدثنا عن أسماء سورة البقرة وبعض مقاصدها التي تجلى علمها للعلماء القدامى وسبب تسمية سورة البقرة بهذا الاسم، والحمد لله رب العالمين وصلى على خاتم الرسلين رزقكم الله وإيانا شفاعته يوم القيامة.

قد يعجبك أيضًا