طريقة صلاة الاستخارة وشروطها ووقتها ومشروعيتها

طريقة صلاة الاستخارة فهي صلاة يلجأ بها المسلم إلى استخارة الله (عز وجل)، عندما يحتار في الاختيار ما بين أمرَين لا يستطيع أن يصل بينهما إلى قرار، حيث يدعو فيها الله تعالى، ويسأله أن يهديه للقرار الذي فيه خَير له، ولا تكون الاستخارة في أمر محرم أو مكروه، وهي سُنّة مُستَحبّة، ويمكن للمُستخير أن يُصلّي صلاة الاستخارة أكثر من مرّة في أوقات مختلفة، وسنوضح في هذا المقال طريقة صلاة الاستخارة عبر موقع زيادة

طريقة صلاة الاستخارة

طريقة صلاة الاستخارة هي كالتالي:

  • صلاة الاستخارة ركعتان من غير صلاة الفريضة، يقوم فيها المستخير بالدعاء الوارد عن نبي الله (صلّى الله عليه وسلّم)، وهو “اللَّهُمَّ إنِّي أسْتَخِيرُكَ بعِلْمِكَ، وأَسْتَقْدِرُكَ بقُدْرَتِكَ، وأَسْأَلُكَ مِن فَضْلِكَ العَظِيمِ، فإنَّكَ تَقْدِرُ ولَا أقْدِرُ، وتَعْلَمُ ولَا أعْلَمُ، وأَنْتَ عَلَّامُ الغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّ هذا الأمْرَ خَيْرٌ لي في دِينِي ومعاشِي وعَاقِبَةِ أمْرِي – أوْ قالَ: في عَاجِلِ أمْرِي وآجِلِهِ – فَاقْدُرْهُ لِي، وإنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّ هذا الأمْرَ شَرٌّ لي في دِينِي ومعاشِي وعَاقِبَةِ أمْرِي – أوْ قالَ: في عَاجِلِ أمْرِي وآجِلِهِ – فَاصْرِفْهُ عَنِّي واصْرِفْنِي عنْه، واقْدُرْ لي الخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ رَضِّنِي به، ويُسَمِّي حَاجَتَه”.
  • اختلف العلماء في موطن دعاء الاستخارة؛ أي ما إذا كان قبل السلام أم بعده، فذهب الجمهور إلى أنّ دعاء الاستخارة يكون أفضل بعد التسليم، ويجوز أن يدعوَ به قبل التسليم، ورجّح الإمام ابن تيمية أنّ دعاء الاستخارة قبل التسليم أفضل من الدعاء بعده، ويفضل أن يبدأ المُستخير دعاءه، ويختمه بحمد الله، والصلاة على رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم)، فيستقبل القبلة، ويرفع يديه، مع مراعاة آداب الدعاء، أمّا القراءة في صلاة الاستخارة، ففيها ثلاثة آراء، وهي:
  • رأى المالكية والشافعية والحنفية، استحباب قراءة سورة الكافرون بعد الفاتحة في الركعة الأولى، وقراءة سورة الصمد في الركعة الثانية بعد الفاتحة.
  • استحسان بعض السَّلَف قراءة الآيات “وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ۗ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ۚ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ*وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ*وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَىٰ وَالْآخِرَةِ ۖ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ”، وذلك في الركعة الأولى بعد الفاتحة، وفي الركعة الثانية قراءة الآية “وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا”.
  • رأى الحنابلة وبعض الفقهاء، عدم تحديد قراءة مُعيَّنة.

أمّا فيما يتعلّق بأداء صلاة الاستخارة مُستقِلّةً، أو أدائها مع صلوات أخرى، فأقوال العلماء هي:

  • اتفق بعض العلماء على أنه لا تصح صلاة الاستخارة مع الصلاة المكتوبة، وذلك لقول الرسول (صلى الله عليه وسلم) “فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِن غيرِ الفَرِيضَةِ”.
  • اتفق بعض العلماء على أفضلية أداء صلاة الاستخارة مُستقِلّةً أفضل من صلاتها مع غيرها.
  • صلاة الاستخارة ضمن السُّنَن الراتبة، أو الصلوات ذات الأسباب، مثل صلاة تحية المسجد وصلاة الضحى، وقد اختلف العلماء في هذا، ولهم فيه رأيان، هما:
  • صحّة أداء صلاة الاستخارة مع أيّ صلاة غير الفريضة.
  • صحّة أداء صلاة الاستخارة في النوافل المُطلَقة، مثل أن يركع ركعتَين طاعة لله، ولكن لا يصحّ أداؤها في النوافل المُعيَّنة، مثل السُّنَن الرواتب، والصلوات ذات الأسباب، وقد فرّقوا هنا بين النوافل، وقسّموها إلى معينة ومُطلَقة.

ولمعرفة المزيد من المعلومات حول كيفية صلاة الاستخارة ووقتها ودعائها مكتوب نوصي بالاطلاع على هذا المقال: كيفية صلاة الاستخارة ووقتها ودعائها مكتوب

وقت صلاة الاستخارة

للعلماء أقوال فيما يتعلق بوقت صلاة الاستخارة، وهذه الأقوال هي:

  • يجوز أداء الصلوات ذات الأسباب في وقت النهي إن وُجِدت الأسباب الداعية لها، ومن هذه الصلوات صلاة الاستخارة، وهو قول بعض الحنابلة والإمام الشافعيّ، ورواية عن الإمام أحمد، واستدلّوا على هذا في أنّ النهي عن الصلاة في وقت النهي قد دخله تخصيص، مثل جواز قضاء الصلوات الفائتة، وجواز إعادة الصلاة لمن دخل المسجد وبه جماعة يُصلّون فأراد أن يُصلّي معهم وإذا كان في وقت النهي، ولا تدخل الصلوات ذوات الأسباب في أحاديث النهي؛ نظرًا لأنّها مُقترِنة بسبب.
  • عدم جواز أداء أيٍّ من صلوات النوافل المقرونة بسبب مُطلق، وهذا مذهب المالكية، والأحناف، وهو القول المشهور عن الإمام أحمد، وقد استدلّوا على هذا بأنّ أحاديث النهي بلغت حَدّ التواتر؛ فهي أقوى بعمومها، وعليه فإن صلاة الاستخارة لا تجوز في وقت النهي، ويمكن لمن يريد أداء الاستخارة بالدعاء أن يدعوَ بأيّ وقت يشاء؛ لأنّ الدعاء يصحّ في جميع الأوقات، أمّا إن كانت بالصلاة والدعاء فتكون ممنوعة في أوقات الكراهة لدى المذاهب الأربعة، وقد صرح بذلك الشافعية والمالكية، واستثنى الشافعية إباحتها في الحرم المكّي في أوقات الكراهية، أمّا الحنفية والحنابلة فقد استدلوا بذلك على عموم المَنع.
  • على المُستخِير أن يقبل على الاستخارة بذهنٍ خالٍ، ولا يكون قلبه مائلًا إلى أحد الأمرَين، والأفضل للمُستخِير أن يختار أفضل الأوقات، وأكثر الأوقات بركة هو الثلث الأخير من الليل؛ حيث أنه من أفضل أوقات استجابة الدعاء؛ كما قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) “يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إلى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يقولُ: مَن يَدْعُونِي، فأسْتَجِيبَ له مَن يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَن يَسْتَغْفِرُنِي فأغْفِرَ له”.

شروط صلاة الاستخارة

صلاة الاستخارة لها عدة شروط، ومنها ما يلي:

  • أن تكون الاستخارة في الأمور التي لا يعلم المسلم خيرها من شرّها؛ فالواجبات والعبادات لا يُستخار لها، وكذلك المنهيات والمحرّمات، باستثناء إذا أراد الشخص بيان خصوص الوقت في ذلك؛ مثل أن يستخير المسلم للحج في هذا العام أم الذي بعده.
  • أن تكون صلاة الاستخارة في الأمور المباحة.
  • يشترط لصلاة الاستخارة نفس شروط صلاة الفريضة؛ كاستقبال القبلة، وستر العورة، والطهارة من الحدثين، وغيرها من الشروط العامة للصلاة، والنفساء والحائض لا تصحّ منهم الصلاة، ولكن يمكنهم التوجّه إلى الله (سبحانه وتعالى) بدعاء الاستخارة في تلك الحالة.

ولمعرفة المزيد من المعلومات حول كيفية الاستخارة بالقران عند السنة نوصي بالاطلاع على هذا المقال: كيفية الاستخارة بالقران عند السنة وما أنواع الاستخارة

مشروعيّة صلاة الاستخارة وأهمّيتها

يلجأ المسلمون إلى أداء صلاة الاستخارة؛ اقتداءً برسول الله (صلّى الله عليه وسلم)؛ ففي حديث جابر بن عبد الله أنّه قال “كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ في الأُمُورِ كُلِّهَا، كما يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ القُرْآنِ”، والمسلم بأداء الاستخارة فهو يفوض أمره إلى الله تعالى ويتوكّل عليه، ويرضى بقضائه، وهي تعويض من الله (سبحانه وتعالى) للمسلمين عن التطيُّر، والاستقسام بالأزلام الذي كان مُنتشرًا في زمن الجاهلية، وتكمن أهمّية صلاة الاستخارة، في ثلاثة أمور، وهي:

  • نَفي تعلُّق القلب بشيء غير الله (سبحانه وتعالى) واللجوء إليه، وتفويض الأمر إليه، والتوكُّل عليه، ممّا يُعزِّز توحيد الله في القلب.
  • الأخذ بالأسباب يرافقه توفيق الله للمسلم في سَعيه، وكتابة النجاح له في اختياره؛ فمن يصدق الله في سؤاله منحه الله حاجته ولم يَرُدَّه.
  • تحقيق الطمأنينة، واليقين في قلب العبد، والرضا بقضاء الله وقَدَره، فيردّ الهمَّ والحزن الذي قد يحصل بسبب اختياره.

علامات الاستخارة ونتائجها

فيما يتعلق بعلامات الاستخارة، فيعرف المُستخِير أثر صلاة الاستخارة إمّا بعلامات القبول، أو علامات عدم القبول، واتفق الفقهاء الأربعة على أن علامات القبول تُؤدّي إلى انشراح الصدر؛ ومَيل القلب لأحد الأمرَين ميلًا بعيدًا عن هوى النفس، أما علامات عدم القبول فتؤدي إلى انصراف النفس عن الأمر، وعدم تعلق القلب به، هذا فيما يتعلّق بعلامات الاستخارة، أمّا فيما يتعلّق بما يفعله المسلم بعد أداء صلاة الاستخارة، فهناك أقوال مختلفة للعلماء، حيث لا يوجد حديث يوضح العلامات التي تلي صلاة الاستخارة، وفيما يلي بعض أقوال العلماء في هذا الشأن:

  • إقدام العبد على أمره، وعدم الانتظار لحدوث شيء، فإذا تيسّر له، أو أعرض عنه فهو اختيار الله (سبحانه وتعالى) له.
  • وجود ثلاثة أحوال للمسلم بعد صلاة الاستخارة، وهي:
  • إقبال النفس على الأمر، وخُلوّها من الحيرة فيه والتردُّد، وهنا له أن يُقدِم على العمل، ويمضيَ فيه، وهو دليل على أنّ الله (سبحانه وتعالى) هو الذي اختار له ذلك الأمر.
  • انصراف النفس عن الأمر، وانعدام قلّة الرغبة فيه، وهنا يجوز له ألّا يمضيَ في الأمر.
  • بقاء الشخص في حيرة وتردُّد، وهنا له أن يمضيَ في الأمر إذا ترجّح في عقله النَّفْع منه، وعليه أن يُحسنَ ظنَّه بالله؛ بأنّ اختيار الله تعالى له هو الخير، أو يمكنه إعادة صلاة الاستخارة أكثر من مرّة، فإذا لم يترجّح له أحد الأمرَين، فإنّه يستشير من يَثِق به، فما صَرَفه الله إليه فهو الخير.
  • النظر إلى ما يميل هواه إليه ومخالفته؛ فإذا كان يهوى أحد الأمرَين قبل الاستخارة فلا يفعله؛ لأنّ متابعة الهوى مذمومة أحيانًا، ومُخالفته محمودة، فليفعل المستخير ما كان يُخالف هواه قَبل الاستخارة.
  • تكرار صلاة الاستخارة، فقد قال الشافعية، والحنفيّة، والمالكيّة، أنّه ينبغي تكرار الاستِخارة بالصَّلاة والدعاء 7 مرّات، إذا لم يظهر له شيء، أمّا إذا انشرح صدره للأمر فلا داعي أن يكرر الاستخارة، ولم تذكر كُتب الحنابلة رأيهم في هذا، ولا يُعتبَر النوم بعد الاستخارة شرطًا لصحّتها، وإذا حصلت الرؤيا فلا يُشترَط أنّها تكون بسبب الاستخارة؛ ولهذا لا تُبنى عليها الأحكام الدينية، أو العملية، أو الدنيويّة.

ولمعرفة المزيد من المعلومات حول ماذا يحدث بعد صلاة الاستخارة نوصي بالاطلاع على هذا المقال: بعد صلاة الاستخارة ماذا يحدث وكيف نصليها ودعاء الاستخارة

حُكم دعاء الاستخارة

يُشرَع للمُسلم أن يستخير الله (سبحانه وتعالى) بالدعاء دون أن يُصلي الاستخارة؛ حيث يستطيع أن يدعو الله تعالى بدعاء الاستخارة في أيّ حال؛ فالحاجة إليها دائمة ومُتكرِّرة، خصوصًا إذا كان الأمر مُستعجَلًا، أو إذا كانت المرأة حائضًا، والأكمل أن يجمع المسلم بين الصلاة والدعاء، فإذا اقتصر على الدعاء فقط فلا بأس؛ لأنّ الاستخارة سُنّة لا حرج في تَركها.

ولمعرفة المزيد من المعلومات حول دعاء صلاة الاستخارة نوصي بالاطلاع على هذا المقالدعاء صلاة الاستخارة ومتى يتم صلاة الاستخارة وما يستحب فيها

الفرق بين الاستخارة والاستشارة

تكون الاستخارة من العبد إلى الله (سبحانه وتعالى)، يطلب فيها المسلم من الله تعالى أن يُيسّر له أمره، ويختار له الصالح، أمّا الاستشارة فتكون من العبد إلى عبد آخر من أهل العلم والثقة، يطلب منه النُّصح، وكلا الأمرَين مسنونان؛ حيث كان رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) يستشير أصحابه بأمر من الله، وذلك في قول الله تعالى “فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِين”، ويفضل أن يقوم العبد باستشارة إخوانه وأهل العلم أولًا، فإذا ظهرت له المنفعة بالفعل بعد الاستشارة فيقوم باستخارة الله فيها، وإذا استشار العبد أحدًا فعليه أن يتخيّر أهل الصلاح في العلم والدين والعقل، والأمانة والخبرة.

وهنا نكون قد وصلنا إلى نهاية المقال وذلك بعد أن تم توضيح كافة المعلومات عن طريقة صلاة الاستخارة وشروطها ووقتها ومشروعيتها وأهميتها وعلاماتها ونتائجها وحكمها والفرق بين الاستخارة والاستشارة، ونرجو أن ينال المقال على إعجابكم.

قد يعجبك أيضًا