ما هي المعلقات السبع

ما هي المعلقات السبع؟ ولماذا سميت المعلقات بهذا الاسم؟ فالمعلقات يدرسها كل محبٍ للأدب العربي زيادةً في معرفته بلغته الأم، كما أنها تُقرّر على طلاب بعض المراحل الدراسية.

لذلك في السطور القادمة عبر موقع زيادة سنعرض لكم ما هي المعلقات السبع مع شرح لبعض الأبيات منها، كما سنعرض لكم نبذة عن كل شاعر من شعراء المعلقات، وسبب تسمية المعلقات بهذا الاسم.

ما هي المعلقات السبع

الأدب العربي يذخر بالعديد من القصائد الشعرية الفريدة من نوعها، في مختلف عصوره الأدبية بداية من العصر الجاهلي الذي سبق بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى جاء رسول الله بالرسالة.

ثم يتدرج الأدب العربي مرورًا بعصر الأدب الإسلامي، ثم عصر الدولة الأموية، ثم عصر الدولة العباسية الأول والثاني، ثم الإمارات الإسلامية في الأندلس، حتى نصل إلى العصر الحديث والمعاصر.

أما الإجابة عن سؤال ما هي المعلقات السبع محددة في الحديث عن العصر الجاهلي، يقول بعض العلماء إن المعلقات سبعة، ومنهم من يقول إنها عشرة -رأي ضعيف-، وعلى كلٍ فإن شعراء المعلقات هم:

  • امرؤ القيس الكندي، ومعلقته “قِفا نبكِ”.
  • طرفة بن العبد البكري، صاحب معلقة “لخولة أطلال”.
  • الحارث بن حلزة اليشكري، معلقته “آذتنا ببينها”.
  • زهير بن أبي سُلمى المزني، ملعقته بدأها “أمن أم أوفى”.
  • عمرو بن كلثوم التغلبي، معلقته “ألا هُبي بصحنك”.
  • عنترة بن شداد العبسي “هل غادر الشعراء”.
  • لبيد بن أبي ربيعة العامري “عفت الديار”.

في السطور القادمة سنوضح لكم إجابة سؤال ما هي المعلقات السبع، مع توضيح شعرائهم، ونبذة عن كل شاعر.

اقرأ أيضًا: أجمل أبيات الشعر الجاهلي في الفخر وأشهر شعراء العصر الجاهلي والمقصود بالمعلقات

شرح وتحليل معلقة امرؤ القيس

لا يمكن بدء الإجابة عن سؤال ما هي المعلقات السبع دون البدء بمعلقة أمير شعراء عصره امرؤ القيس، وفي هذه الفقرة وسطورها سنعرض لكم نبذة عن امرؤ القيس، وبعضًا من أبيات قصيدته، وشرح وتحليل لها.

هو امرؤ القيس بن حجر بن حارث الكِندي، أبوه كان سيد بني أسد، وأمه أخت الشاعر الشهير المهلهل، ثار بنو أسد على أبيه فقتلوه، ولم يستطع أخذ الثأر.

فذهب إلى البلاط الحاكم، وأحب ابنة الملك، فعرف الملك وأعطاه بردة مسمومة جعلت جلده يتساقط، فسمي ذي القروح، وكان كثير السكر فهو الأمير الضليل، ونظم معلقته قبل الارتحال إلى البلاط الحاكم في أنقرة، ومن أبيات معلقته:

قِفا نَبكِ مِن ذِكرى حَبيبٍ وَمَنزِلِ** بِسِقطِ اللِوى بَينَ الدَخولِ فَحَومَلِ.

فَتوضِحَ فَالمِقراةِ لَم يَعفُ رَسمُه** لِما نَسَجَتها مِن جَنوبٍ وَشَمأَلِ.

كَأَنّي غَداةَ البَينِ يَومَ تَحَمَّلو** لَدى سَمُراتِ الحَيِّ ناقِفُ حَنظَلِ.

يبدأ امرؤ القيس قصيدته بنداء للمثنى، قيل إنه اعتاد في شعره مخاطبة المثنى، وقيل إنه كان مخاطبًا لأحد صاحبيه، وقيل إنه خاطب اثنين بالفعل من صاحبيه، والمقصود بقوله”بِسِقطِ اللِوى“.

المكان العالي من الرمال، وقيل في سقط إن سينها مثلثة أي تنطق بالفتح، أو الكسر، أو الضم، والحومل هو أحد الأماكن في زمانه، ثم ينتقل الشاعر في البيت الثاني إلى مكان آخر وهو المقرة، أما الرسم الذي ذكره فهو الأثر، وشمأل هو نطق شَمال في إحدى لكنات العرب.

الحنظل هو نبات صحراوي يشبه البرتقال في حجمه، وهو شديد المرارة، والناقف للحنظل أي هو من يحصده، ويفتح بيديه، وقيل ناقف الحنظل هو المتذوق لمرارته، فشبه مرارة الحب بالحنظل.

معلقة طرفة بن العبد البكري وشرحها

عند السؤال ما هي المعلقات السبع، يأتيك الجواب وفيه قول إن معلقة طرفة بن العبد هي أفضل المعلقات السبع، لذلك في هذه السطور سنعرض لماذا معلقة طرفة بن العبد هي الأفضل، كما سنعرض نبذة تعريفية عن طرفة بن العبد.

طرفة بن العبد بن سفيان بن سعد البكري من بني وائل، شاعر جاهلي من فحول الشعراء الجاهليين، ولد في البحرين، وكان أميًا، رباه خاله، اتصل بالملك بن هند، وكانت العلاقة بينهما على ما يرام إلى أن جاء للملك خبر بأن طرفة قد هجاه.

فأمر لطرفة بكتاب يرسله إلى إحدى المناطق في عُمان، مكتوب في الرسالة “حاملها يقتل”، ولم يستطع أن يقرأها بسبب أميته، فقتله المكعبر في العشرينيات من عمره، قالوا في العشرين، وقالوا في السادسة والعشرين، وقيل عنه إنه أشعر العرب ابن العشرين، أما معلقته:

لِخَولَةَ أَطلالٌ بِبُرقَةِ ثَهمَدِ** تَلوحُ كَباقي الوَشمِ في ظاهِرِ اليَدِ.

وُقوفاً بِها صَحبي عَلَيَّ مَطيَّهُم** يَقولونَ لا تَهلِك أَسىً وَتَجَلَّدِ.

كَأَنَّ حُدوجَ المالِكيَّةِ غُدوَةً** خَلايا سَفينٍ بِالنَواصِفِ مِن دَدِ.

خولة هي امرأة من بني كلب وهي إحدى قبائل العرب، ومنها بطن مالك التي ذكرها في البيت الثالث، وبرقة هو مكان بخلاف المدينة الليبية، وقيل إنه مكان اختلاط الحصى بالرمال، وثيل قطعة الأرض إن حملت فهي برقاء، ويعني في هذا البيت أن طلل أي أثر محبوبته باقٍ في برقة كالوشم في اليد.

البيت الثاني أخذه طرفة من معلقة طرفة بن العبد، مع اختلاف الكلمة الأخيرة، والسفين هو جمع سفينة، والنواصف هي الأودية، بينما دد هو اسم وادٍ عند العرب.

شرح معلقة الحارث بن حلزة اليشكري

لا يمكن إذا ما سألت أحدهم ما هي المعلقات السبع، قد يسردها لك دون أن يذكر معلقة الحارث بن حلزة، في هذه الفقرة سنعرض لك سبب جهلنا بالحارث بن حلزة، وما هي محلقته، وما قيل في شرحها.

الحارث بن ظليم بن حلزة اليشكري البكري من بني وائل، عاصر الحرب التي أقيمت بين تغلب وبكر، وكان من شعرائها، أما سبب الجهل بالحارث، هو قلة الأخبار التي وردت لنا عنه، فلم يصل إلينا من شعره سوى القليل منها المعلقة، وتوفي في آخر القرن السادس الميلادي، ويقول في معلقته:

آَذَنَتنا بِبَينِها أَسماءُ** رُبَّ ثاوٍ يُمَلُّ مِنهُ الثَواءُ.

آَذَنَتنا بِبَينِها ثُمَّ وَلَّت** لَيتَ شِعري مَتى يَكونُ اللِقاءُ.

بَعدَ عَهدٍ لَها بِبُرقَةِ شَمّا** ءَ فَأَدنى ديارَها الخَلصَاءُ.

فَمَحيّاةٌ فَالصَفاحُ فَأَعلى** ذي فِتاقٍ فَعَاذِبٌ فَالوَفاءُ.

الإيذان هو الإعلام أو الإشهار، والبين بفتح الباء، هو الفراق، أسماء هو اسم محبوبته، فعادة شعراء العصر الجاهلي البدء بالبكاء على الأطلال، كما فعل امرؤ القيس، وطرفة بن العبد في معلقتهما.

الثواء هو الإقامة، والكلمة مصدر ثلاثي من الفعل ثوى، كأنه يقول بأن أسماء قد أعلمتهم بالمفارقة، ثم أقام رحل، ولم تكن أسماء فيه، أما العهد المذكور في البيت الثاني فهو اللقاء، كأنه يقول إنها عزمت على الفراق بعد اللقاء في ربوة خضراء.

ثم يقول وفيها إشارة إلى عمرو بن هند: وَبِعَينَيكَ أَوقَدَت هِندٌ النارَ ** أَخيراً تُلوي بِها العَلياءُ.

كأنه يقول إلى الملك عمرو بن عند أنت الذي تسبب في إشعال هذه الفتنة بين بطني وائل بكر وتغلب، ولم يكن حكمك منصفًا، المقصود بقوله النار تلوي بها العلياء أي أنها ترتفع إلى عنان السماء، والنار هنا هي نار الحرب بين تغلب وبكر.

اقرأ أيضًا: شرح معلقة طرفة بن العبد لخولة أطلال

شرح معلقة عمرو بن كلثوم

ما إن تسأل أحد ما هي المعلقات السبع، إلا وذكر لك في مقدمتهم عمرو بن كلثوم، وقيل عن هذه المعلقة إنها أغرب المعلقات، وقيل إنها أطول المعلقات، وفي هذه الفقرة سنعرض لكم تحليل معلقة عمرو بن كلثوم، ولشخصيته الثائرة.

عمرو بن كلثوم بن مالك بن عتاب التغلبي من بني وائل، ولد في شمال الجزيرة العربية، أصبح سيدًا على قومه بني تغلب في عمر صغير، وعمر فيهم كثير، ومن أشهر ما فعله ابن كلثوم، أنه قتل الملك عمرو بن هند بين حاشيته.

ثم استرسل في معلقته التي قيل إنها أطول المعلقات السبع، فقيل إنها تزيد عن ألف بيت، وما بقي منها إلا ما حفظه الرواة، وقال ابن كلثوم فيها:

أَلا هُبّي بِصَحنِكِ فَأَصبَحين** وَلا تُبقي خُمورَ الأَندَرينا.

مُشَعشَعَةً كَأَنَّ الحُصَّ فيه** إِذا ما الماءُ خالَطَها سَخينا.

تَجورُ بِذي اللُبانَةِ عَن هَواهُ** إِذا ما ذاقَها حَتّى يَلينا.

الشاعر الوحيد من بين شعراء المعلقات الذي بدأ قصيدته بوصف الخمر، فالصحن هو القدح العظيم، والأندرين هي قرية بالشام، قيل إنها الأندرون أيضًا بالواو، ولأن عمرو بن كلثوم عاش في شمال جزيرة العرب، فهو يعرف دروب الشام.

مشعشعة أي الخمر ممزوجة بالماء، والحص هو نبات لونه أحمر يشبه الزعفران، ثم في البيت الثالث نجده يمدح الخمر، أنه يميل بصاحب الحاجة عن حاجته، وهواه، أما أشهر أبيات عمرو بن كلثوم فهي:

بِأَنَّا نُـوْرِدُ الـرَّايَاتِ بِيْضـاً** وَنُصْـدِرُهُنَّ حُمْراً قَدْ رُوِيْنَـا

الرايات البيض المقصود بها هي رايات الحرب، والبيت كناية عن كثرة سفك بني تغلب للدماء، ويدل على ارتواء الأبيض بالدماء، فكان قادة العرب يحملون الألوية في حروبهم ليدل كلاً منهم على قبيلته، وإن مات القائد تصبح رايته حمراء.

تحليل وشرح معلقة زهير بن أبي سُلمى

السؤال ما هي المعلقات السبع متشعب، ويختلف من شاعر إلى آخر، فإن سألوك عن أكثر شعراء العرب حكمة، وأي المعلقات أحسن نظمًا، فقل معلقة زهير بن أبي سُلمى، وفي هذه الفقرة سنعرض لكم شرحًا تحليليًا لقصيدة زهير بن أبي سلمى.

زهير بن أبي سلمى المزني، أحد أشهر شعراء العصر الجاهلي، هو شاعر بن شاعر، قريب شاعر، وأبو شاعر، فابنه هو الصحابي الجليل كعب بن الزهير، وقيل عن زهير أنه شاعر الحوليات.

لنظمه لقصيدة كل حول، والحول بفتح الحاء هو العام الهجري، أما معلقة زهير فتبدأ ويقول فيها:

أَمِن أُمِّ أَوفى دِمنَةٌ لَم تَكَلَّمِ** بِحَومانَةِ الدُرّاجِ فَالمُتَثَلَّمِ.

وَدارٌ لَها بِالرَقمَتَينِ كَأَنَّها** مَراجِعُ وَشمٍ في نَواشِرِ مِعصَمِ.

أم أوفى كناية عن منازل الحبيبة، والدمة هو ما اسود من أثر الدموع على الخد، وقيل الدمنة هي الحقد، والبغضاء، حومانة الدراج مكانين لدى آل مالك، والمقصود بالبيت أن زهير ظل يبكي على الطلل الخاص بالمحبوبة، حتى اسودت وجنتيه من الدموع.

ثم يستكمل زهير الأبيات، ويقول في آخر قصيدته:

وَمَن يَغتَرِب يَحسِب عَدُوّاً صَديقَهُ** وَمَن لا يُكَرِّم نَفسَهُ لا يُكَرَّمِ.

وَمَهما تَكُن عِندَ اِمرِئٍ مِن خَليقَةٍ** وَإِن خالَها تَخفى عَلى الناسِ تُعلَمِ.

لِسَاْنُ الْفَتَى نِصْفَهُ وَنِصْفٌ فُؤَاْدُه** فَلَمْ يَبْقَىْ إِلاَ صُوْرَةُ اللَّحْمِ وَالدم.

معروف عن زهير الحكمة في شعره، فيقول في هذه الأبيات أن الإنسان الذي يعيش في أرضٍ غير أرضه قد يظن العدو صديقًا له، لابتعاده عن أهله، وعلى الإنسان أن يكرم نفسه.

فإن حاول قدر الإمكان أن يجعلها لا تظهر وألا يفضح، عرفها الناس، أما البيت الأخير فيعني به أن المرء يفكر في الكلمة قبل أن ينطق بها، وإن صلح اللسان، والقلب لن تعطي الهيئة قيمة.

معلقة لبيد بن أبي ربيعة وشرحها

من ضمن إجابات سؤال ما هي المعلقات السبع التي قد تفاجئ القارئ، هي معلقة لبيد بن أبي ربيعة، فلم يصل إلى أسماع الكثير هذه القصيدة، وفي هذه الفقرة سنعرض لكم شرح معلقة لبيد بن أبي ربيعة.

لبيد بن ربيعة بن مالك بن عقيل العامري، وقيل لبيد بن أبي ربيعة، من الشعراء المخضرمين، وهو الشاعر الوحيد الذي نظم معلقة ثم عاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودخل في الإسلام ولم ينظم إلا بيتًا واحدًا في إسلامه.

عاش عمرً طويلاً، قيل مائة وعشرين منهم النصف في الإسلام، مات في الكوفة، وقال في مطلع معلقته:

عَفَتِ الدِيارُ مَحَلُّها فَمُقامُها** بِمَنىً تَأَبَّدَ غَولُها فَرِجامُها.

فَمَدافِعُ الرَيّانِ عُرِّيَ رَسمُها** خَلَقاً كَما ضَمِنَ الوُحِيَّ سِلامُها.

دِمَنٌ تَجَرَّمَ بَعدَ عَهدِ أَنيسِها** حِجَجٌ خَلَونَ حَلالُها وَحَرامُها.

رُزِقَت مَرابيعَ النُجومِ وَصابَها** وَدقُ الرَواعِدِ جَودُها فَرِهامُها.

عفت بتسكين الفاء تعني امتنعت أو تجنبت، الرجام والغول هما جبلان معروفان عند العرب، وقيل في شرح هذا البيت أنه بدأ البداية العادية للمعلقات، والقصائد العربية بالبكاء على الأطلال.

المدافع بفتح الميم هي مكان الاندفاع، والمقصود بمدافع الريان أي الأماكن التي تنبعث منها المياه، وقيل إن جرير قد اقتبس منه أحد أبياته، المضمون من البيتين أن لبيد توحش البيتين الموجودين عند جبلي الغول والرجام.

التجرم هو الانقطاع، والعهد هنا يعني اللقاء لا الميثاق، فكأنه يقول إن آثار البيوت كما هي كأن أهلها لم يفارقوها، المقصود بقوله مرابيع النجوم، الأنواء الربيعية العليلة، أما الودق فهو من أقوال العرب في الشتاء، والرواعد هي السحب الرعدية.

البيت الختامي للبيد فيه حكمة، ويعني فيه أن أبناء القبيلة يهرعون لنجدتها:

وَهُمُ السُعاةُ إِذا العَشيرَةُ أَفظِعَت**وَهُمُ فَوارِسُها وَهُم حُكّامُها.

تحليل معلقة عنترة بن شداد

إن كان السؤال ما هي المعلقات السبع الشهيرة، لجاءت معلقة عنترة بن شداد في المرتبة الأولى، في هذه الفقرة سنعرض لكم أبيات من معلقة عنترة بن شداد، وشرح لها، ولبعض معانيها.

عنترة بن عمرو بن شداد بن معاوية بن قُراد العبسي، اشتهر بشعر الفروسية فسُمي أبا الفوارس، وكان معروف عنه عشقه ولوعته بابنة عمه عبلة بنت مالك بن قُراد، وقال فيها عديد أشعار الغزل، كما اشتهر عنه الفخر والاعتزاز بنفسه، فقال في معلقته:

هَل غادَرَ الشُعَراءُ مِن مُتَرَدَّمِ** أَم هَل عَرَفتَ الدارَ بَعدَ تَوَهُّمِ.

يا دارَ عَبلَةَ بِالجَواءِ تَكَلَّمي** وَعَمي صَباحاً دارَ عَبلَةَ وَاِسلَمي.

فَوَقَفتُ فيها ناقَتي وَكَأَنَّه** فَدَنٌ لِأَقضِيَ حاجَةَ المُتَلَوِّمِ.

وَتَحُلُّ عَبلَةُ بِالجَواءِ وَأَهلُن** بِالحَزنِ فَالصَمّانِ فَالمُتَثَلَّمِ.

حُيِّيتَ مِن طَلَلٍ تَقادَمَ عَهدُهُ** أَقوى وَأَقفَرَ بَعدَ أُمِّ الهَيثَمِ.

يبدأ عنترة بن شداد معلقته بسؤال استنكاري لا إجابة له، عن الشعراء، وأين هم الآن، هل غادروا خوفًا منه عندما قال الشعر، أم هلكوا، وماتوا، وهل ستكون نهايتي مثلهم في المكان الموحش الغريب أم سأبلغ بشعري ما لم يبلغوه.

ثم ينادي في البيت الثاني على بيت حبيبته، وهي عبلة، وفي الشطر الأول استعارة مكنية حيث شبه البيت بإنسان مرسول من عنترة بالسلام إلى عبلة، ويكمل أن ناقته تعرف بيت المحبوبة فوقفت عنده ليبكي ببيت المحبوبة حتى تأتي عبلة.

ثم يصور الجماد بإنسان مرة أخرة، فيقول إن الطلل قد حياه، وهي استعارة مكنية أيضًا حيث صور الطلل بإنسان يحيي، والطلل هو أثر الخيمة، ونارها في الأرض، الهيثم هو فرخ النسر، ويشبه حالته بالفقر الشديد كحال النسر الصغير بعد فقده أمه، أما القفر هي المكان الموحش الذي لا زرع فيه ولا ماء، وقد تستعمل للدلالة على الفقر.

اقرأ أيضًا: الشعر الجاهلي في الحب والشوق ومن هم أشهر الشعراء

أشعار أخرى لشعراء المعلقات

استقر العلماء على أن إجابة سؤال ما هي المعلقات السبع، من اسمه يدل على سبع شعراء بسبع معلقات، لكن منهم من قال إن صيغة ما هي المعلقات السبع هي خاطئة والأصل المعلقات العشر، لذلك في سطور هذه الفقرة سنعرض لكم الشعراء الثلاثة للمعلقات.

لم يغير علماء اللغة العربية سؤال ما هي المعلقات السبع، إلى المعلقات العشر إلا بعد الأدلة القوية والحجة الواضحة، ليس بسبب زيادة عدد أبيات المعلقات فحسب، بل لجودة شعرهم، وهؤلاء الشعراء هم:

  • الأعشى ميمون بن قيس، وقصيدته “ودع هريرة”.
  • عبيد بن الأبرص، وقصيدته “أقفر من أهله”.
  • النابغة الذبياني، وقصيدته “يا دار مية”.

الأعشى ميمون بن قيس، هو ميمون بن قيس بن جندل، والأعشى صفته لأنه كان لا يرى بالليل، صاحب أشهر الأبيات الشهيرة في الأدب العربي التي كانت من أسباب أن نأتي به في إجابة ما هي المعلقات السبع، بل العشر:

كَأَنَّ مِشيَتَها مِن بَيتِ جارَتِها*** مَرُّ السَحابَةِ لا رَيثٌ وَلا عَجَلُ.

هذا البيت من معلقة الأعشى في وصف محبوبته، وأنها رزينة في مشيها، كالسحاب الذي لا يمر بسرعة كبيرة، ولا يمر بالبطء الشديد.

أما عبيد بن الأبرص بن عوف بن جشم الأسدي، من دهاة العصر الجاهلي، يقول:

أَرضٌ تَوارَثُها شُعوبُ** وَكُلُّ مَن حَلَّها مَحروبُ إِمّا قَتيلاً وَإِمّا هالِكاً** وَالشَيبُ شَينٌ لِمَن يَشيبُ

يقال إن هذا البيت هو ما أوهن إجابة العلماء عن سؤال ما هي المعلقات السبع، المقصود بهذه الأرض أرض العراق.

أما النابغة الذبياني فيجد علماء الأدب العربي أنه من الواجب وضعه في شعراء المعلقات لجودة شعره، وحسن صنعته، فيقول في معلقته:

قالَت لَهُ النَفسُ إِنّي لا أَرى طَمَعاً** وَإِنَّ مَولاكَ لَم يَسلَم وَلَم يَصِدِ.

سبب تسمية المعلقات بهذا الاسم

عرضنا لكم في الفقرات السابقة إجابة سؤال ما هي المعلقات السبع، لكن ما هو سبب تسمية المعلقات بهذا الاسم، في سطور هذه الفقرة سنعرض لكم الإجابة عن هذا السؤال.

لا يهم أكان السؤال ما هي المعلقات السبع، أو كان ما هي المعلقات العشر، فالعلماء اتفقوا على أسباب التسمية، واختلفوا على عدد الشعراء، وأسباب التسمية كثيرة منها ما ضعفه جمهور علماء الأدب، ومنها ما أيده.

المعلقات كانت تكتب بماء الذهب وتعلق عل أستار الكعبة، المقولة خاطئة لأن شعراء المعلقات ليسوا جميعًا من مكة، المعلقات كانت تعلق على عمود الخيمة، المقولة أيضًا خاطئة لأن العرب كانوا كثيري الترحال.

هذا غير أن ما يجعل القولين السابقين غير صحيحين بالمرة، هو أن الأمة العربية في السابق كان يغلب عليها الفقر والأمية، فكيف لأمي فقير كثير الارتحال أن يكتب معلقة، بل وكيف أن تكتب بماء الذهب، وهو لا يملك قوت يومه.

الرأي الأقرب إلى الصواب أنها كانت تعلق بالأذهان لأن العرب كانوا سرعي الحفظ، حاضري البديهة على الدوام، فقيل إن بعض من شعراء المعلقات نظموا قصائدهم في وقتها بصورة لحظية، البيت تلو البيت، حتى تكتمل القصيدة.

اقرأ أيضًا: أبرز وأهم شعراء العصر الجاهلي: أفضل 10 شعراء في العصر الجاهلي بالصور

إن المعلقات من ذخائر الأدب العربي ولؤلؤه المكنون، الذي يجعل المرء أكثر فخرًا بلغته العربية، وكثير المعرفة بتاريخ العرب لتوثيق الشعراء حالاتهم في المعلقات.

قد يعجبك أيضًا