ماذا يوجد في الجنة

ماذا يوجد في الجنة للمؤمنين الصابرين، فمن المعروف أن الجنة هي المكان الذي لا يدخله الضالين والفاسقين، فما وصف الجنة التي وعدنا الله وعده الحق بها؟

ما الدنيا إلا مرحلة عبور من خلالها نصل للجنة سالمين آمنين لنذوق بها النعيم الذي وعدنا الله به يوم الدين، فتخيُل ما بها هو عون العبد الصالح على صبره، لذا سوف نعرف ماذا يوجد في الجنة من خلال موقع زيادة.

ماذا يوجد في الجنة

ما الحياة في الدنيا إلا شقاء ومعاناة، فهي لم تخلق ليتمتع بها المؤمنون ولكن وجدت لتكون مرحلة عبور يصل من خلالها المؤمنون إلى محطة وصولهم وهي جنة النعيم، فقد كان قول الله تعال:

{لَقَدْ خَلَقْنَا الانْسَانَ فِي كَبَدٍ} [البلد: 4].

لذا يجب ألا نعطي الدنيا أكثر مما تستحقه، ونلتفت إلى غايتنا في الحياة وهي الوصول إلى الآخرة التي أعدها الله للعبد الصالح جزاء صبره في الدنيا، فبأس من بدل الآخرة بالدنيا فقد أضاع الاثنين.

لكن يتساءل دومًا العبد الصالح في لحظات صبره على شقاء الدينا، ماذا يعد لنا الله في الآخرة جزاء اتباع وعوده، فيكون سؤال ماذا يوجد في الجنة يشغل باله، فثقة العبد بالله عظيمة وكرم الله أعظم.

إن وصف الجنة أعظم مما قد طالب أن يلقاه العبد جزاء ورعه وزهده في الدنيا، فقد جاء عن رسول -الله صلى الله عليه وسلم- في حديثه الشريف قوله:

“قالَ اللَّهُ أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ ما لا عَيْنٌ رَأَتْ، ولَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، ولَا خَطَرَ علَى قَلْبِ بَشَرٍ، فَاقْرَؤُوا إنْ شِئْتُمْ {فلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لهمْ مِن قُرَّةِ أَعْيُنٍ} [السجدة: 17] “.

الراوي: أبو هريرة | المحدث: البخاري | المصدر: صحيح البخاري

فمهما ذهب الحالمون وأصحاب الخيال والصالحين عما قد يجدونه في جنة النعيم، فلن يستطع أحد الوصول لما قد أعده الله وحفظه للعابدين المتقين الذين تركوا الدنيا لجزائهم يوم الدين.

فقد قال الله -سبحانه وتعال- في كتابه الكريم:

مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الانْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ [الرعد:35].

فطوبى لمن صبر وبدل الدنيا بالآخرة، فله من الأجر العظيم ما سوف يغنيه عن أي شقاء قد رآه في الدنيا، عندما يذوق وعد الآخرة.

اقرأ أيضًا: هل كل المسلمين يدخلون الجنة

هل نتذكر عذاب الأرض في الجنة؟

إن المؤمنين مهما اشتدت عليهم قسوة الدنيا وما بها يعلمون إن جزاء الله أعظم، فكلما اشتدت عليهم الدنيا من عذاب كانوا على يقين من أن جزاء الآخرة خيرًا من عذاب الدنيا؟

فلا يغتر المؤمن بما قد يراه في الدنيا من شقاء، ويجد على النقيض ما عند العاصي من نعيم، فما هي إلا مرحلة عبور، فلا نلقي بال للطريق وما قد يحمله من صعاب وشقاء، ما دمنا على يقين من جمال محال الوصول.

فما فائدة اختيار الطريق الأسهل لنصل للمكان الأشقى، فجهة الوصول هي الأبقى، والطريق هو مرحلة لا تبقى وإن طالت، فيقول رسول الله في حديثه الشريف:

“يُؤْتَى بأَنْعَمِ أهْلِ الدُّنْيا مِن أهْلِ النَّارِ يَومَ القِيامَةِ، فيُصْبَغُ في النَّارِ صَبْغَةً، ثُمَّ يُقالُ: يا ابْنَ آدَمَ هلْ رَأَيْتَ خَيْرًا قَطُّ؟ هلْ مَرَّ بكَ نَعِيمٌ قَطُّ؟ فيَقولُ: لا، واللَّهِ يا رَبِّ ويُؤْتَى بأَشَدِّ النَّاسِ بُؤْسًا في الدُّنْيا، مِن أهْلِ الجَنَّةِ، فيُصْبَغُ صَبْغَةً في الجَنَّةِ، فيُقالُ له: يا ابْنَ آدَمَ هلْ رَأَيْتَ بُؤْسًا قَطُّ؟ هلْ مَرَّ بكَ شِدَّةٌ قَطُّ؟ فيَقولُ: لا، واللَّهِ يا رَبِّ ما مَرَّ بي بُؤْسٌ قَطُّ، ولا رَأَيْتُ شِدَّةً قَطُّ”.

الراوي: أنس بن مالك | المحدث: مسلم | المصدر: صحيح مسلم

فماذا يوجد في الجنة يجعل المؤمن يُصْبَغُ صَبْغَةً واحدة بها فينسى كل ما كان في الدنيا من شقاء! جاء قول الله تعال لوصف الجنة ليقول:

مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفّىً وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ [محمد:15].

فكان ذلك وصفًا للرد على سؤال ماذا يوجد في الجنة لا يتعدى الخمسة سطورًا لما بها، فماذا يوجد في الجنة من عناصر كانت كلها مسخرة لرفاهية المؤمنين؟

الخلود في الجنة

ما زال المؤمنون الصادقون يتسألون ماذا يوجد في الجنة، فما سؤالهم إلا طمعًا في كرم الله عز وجل وثقة في جزاؤه العظيم، فلا يسأل الضالين عن الذي في الجنة، فهم في الدنيا ضالين وخطاء ظنهم في تحديد كيفية الوصول للنعيم، فيسيرون في الأرض معتقدين أنها خالدة وجاهلون ما الذي تحمله الجنة من نعيم.

فمهما كان نعيم الدنيا فهو لا يقارن بذرة من نعيم الآخرة، وإن وجد الانسان في الدنيا نعيم فهي غير باقية وهو غير باقي، بل إن الآخرة هي الباقية وكل من بها باقي، فيقول في ذلك رسول الله-صلى الله عليه وسلم- في حديثه الشريف:

“دْخُلُ أهْلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ وأَهْلُ النَّارِ النَّارَ، ثُمَّ يَقُومُ مُؤَذِّنٌ بيْنَهُمْ: يا أهْلَ النَّارِ لا مَوْتَ، ويا أهْلَ الجَنَّةِ لا مَوْتَ، خُلُودٌ”.

الراوي: عبد الله بن عمر | المحدث: البخاري | المصدر: صحيح البخاري.

ففشل بيع من باع الخلود بالفناء، وساوى الآخرة بالدنيا وترك طاعة الله الخالق ليتبع شيطان نفسه فيضله عن السبيل الصحيح، وهو لا يعرف ماذا يوجد في الجنة، فيفتن بما في الدنيا.

فمهما بلغ حجم الدنيا لن يساوى بجنة رب العالمين وما بها، فقال الله تعال في كتابه الكريم:

وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّموَاتُ وَالأرض أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ [آل عمران:133]

فعندما يتساءل المؤمن ماذا يوجد في الجنة يعلم إن الله عنده خير الجواب، فلا يدخل الشك على إيمانه الراسخ فيظن إن شقاء الدنيا باقي، فإن ذلك باطل ولا يبقى إلا جزاء الآخرة، فعاقل من أدرك إن لحظات الدنيا فانية، وإنه مهما ظل بها سيرحل، ومهما اتسعت به ضاقت، فلحظات الدنيا لا تساوي شيء أمام نعيم الجنة.

فلا يتحاج ذلك لإيمان لكنه يكفي للشخص العاقل ليدرك تلك الثوابت، فمن منا ليس له صديق أو قريب شاهد وفاته؟ ومن منا شهد شخصًا أعطته الدنيا ولم تأخذ؟ ومن من رأى من الدنيا كل نعيمها ورضى؟

اقرأ أيضًا: هل يدخل الجنة غير المسلمين

ما هو عدد درجات الجنة؟

درجات الجنة هي الإقامة لعدل الله في الآخرة، فيبلغ العبد الدرجة التي يرتقي بها من خلال أعماله في الدنيا، فكل صابر في الدنيا أجر يكمل صبره، فكله محسوب لدرجاته في الآخرة.

من تحمل في الدنيا الشقاء سوف يجد ما يقابل تحمله بارتفاع درجاته في الآخرة، فليست درجات الدنيا هي مقدار العبد ولكن درجات الجنة.

عدد درجات الجنة هو مائة درجة يدخل المؤمن درجاته بحسب قيمة صالح أعماله، فكان للمجاهدين درجات وللصائمين درجات ولمقيمين الصلاة الزكاة درجات، فقد جاء ذلك في حديث رسول –صلى الله عليه وسلم- عندما قال:

“مَن آمَنَ باللَّهِ ورَسولِهِ، وأَقامَ الصَّلاةَ، وصامَ رَمَضانَ، كانَ حَقًّا علَى اللَّهِ أنْ يُدْخِلَهُ الجَنَّةَ، هاجَرَ في سَبيلِ اللَّهِ، أوْ جَلَسَ في أرْضِهِ الَّتي وُلِدَ فيها، قالوا: يا رَسولَ اللَّهِ، أفَلا نُنَبِّئُ النَّاسَ بذلكَ؟ قالَ: إنَّ في الجَنَّةِ مِئَةَ دَرَجَةٍ، أعَدَّها اللَّهُ لِلْمُجاهِدِينَ في سَبيلِهِ.

كُلُّ دَرَجَتَيْنِ ما بيْنَهُما كما بيْنَ السَّماءِ والأرض، فإذا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَسَلُوهُ الفِرْدَوْسَ، فإنَّه أوْسَطُ الجَنَّةِ، وأعلى الجَنَّةِ، وفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ، ومِنْهُ تَفَجَّرُ أنْهارُ الجَنَّةِ”.

الراوي: أبو هريرة | المحدث: البخاري | المصدر: صحيح البخاري

أعلى درجات الجنة الأعلى هي الوَسِيلَةَ التي تمنى رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أن يكون من ساكنيها فجاء في حديثه الشريف:

“إذا سَمِعْتُمُ المُؤَذِّنَ، فَقُولوا مِثْلَ ما يقولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ، فإنَّه مَن صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً صَلَّى اللَّهُ عليه بها عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِيَ الوَسِيلَةَ، فإنَّها مَنْزِلَةٌ في الجَنَّةِ، لا تَنْبَغِي الا لِعَبْدٍ مِن عِبادِ اللهِ، وأَرْجُو أنْ أكُونَ أنا هُوَ، فمَن سَأَلَ لي الوَسِيلَةَ حَلَّتْ له الشَّفاعَةُ”.

الراوي: عبد الله بن عمرو | المحدث: مسلم | المصدر: صحيح مسلم

فكان دعاء المسلمين لرسولهم الكريم:

“اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة

فتكريم رسولنا وهادينا هو تكريم لكل مسلم مؤمن برسول الله.

اقرأ أيضًا: هل تختار المرأة غير زوجها في الجنة

ما هي أعلى درجات الجنة؟

بعد أن عرفنا ماذا يوجد في الجنة من عدد درجات، نسأل ما هي أعلى درجات الجنة فقد عرفنا منها درجات الوسيلة، وهي أعلى الدرجات.. فما هي الدرجات الأخرى؟

إن لكل فرد درجة ومنزلها تحددها أعماله في الحياة، وللرسل أيضًا منازل ودرجات فُضلت بعضهم على بعض فكان لكل منهم درجة تفوق الآخر وتناسب عمله، فقد جاء قول الله تعال:

“عرفنا تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۘ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللَّهُ ۖ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ ۚ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ۗ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَٰكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ (253) سورة البقرة.

لم تذكر لنا جميع أسماء درجات الجنة المئة لكن فصلت لنا بعضها، فقد ذكر القرآن الكريم بعض أسماء درجات الجنة لنكون على بينة، وعند يوم الحساب العلم الأعظم، فلا نعرف في الدنيا إلا ما أباح الله لنا علمه، فقد قال الله تعال:

“فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17)” سورة السجدة.

فكانت الأسماء التي ورد ذكرها في القرآن من درجات الجنة هي:

  • الفردوس
  • المقام الامين.
  • مقعد صدق.
  • دار السلام.
  • جنات عدن.
  • دار النعيم.
  • دار المقامة.
  • دار الخلد.
  • جنة المأوى.
  • دار الحَيَوَان.

فلا نجاهد في معرفة ما لم يذكره الله لنا، لأن الله أعلم بما يجب أن نعرفه، بل نجاهد في الدنيا لتحقيق الخير والصالح واتباع آيات القرآن الكريم وسُنن النبي صلوات الله وسلمه عليه، حتى نحجز لأنفسنا أعلى الدرجات في جنة الخالدين.

ما هو فردوس الجنة؟

عند سؤالنا ماذا يوجد في الجنة يجب أن نذكر الفردوس، فإن الفردوس الأعلى من أعظم الدرجات في الجنة، وهو وأعلاهم مكانة ومنزلة، فلا يدخلها إلا الصالحون المؤمنون.

فلا يوجد عبد صالح يؤمن بوعد الله الحق إلا وهو من الساعون للوصول لها وتحصيل مكانتها، فقد قال الله تعال في كتابه المبين:

“إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا (107)سورة الكهف.

فقد وضع الله –سبحانه وتعال- آيات ليهتدي بها المؤمنون في مسعاهم لدخول الجنة واللحاق بمنزلة الفردوس الأعلى، فكانت تلك الآيات مبينة في سورة المؤمنون لتكون هدى للمسلمين، كما جاء في استهلال الله تعال لسورة المؤمنون بقوله الكريم:

“قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) سورة المؤمنون.

فإن من اتبع سائر الآيات كان فعلًا من الفالحين الذين هم حاصدون درجة الفردوس، لذا سوف نقوم الآن بصياغة تلك الآيات لنرى كيف يكتب لنا الله أن نكون من أهل الفردوس بأعمالنا الصالحة وسعينا في الأرض، فكانت آيات أهل الفردوس هي:

  • “الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2)”: إن أولى الآيات التي يتباين منها من له مكانة دخول الفردوس هي الخشوع، فلا يدخلوها إلا الخاشعون، والخشوع هو القلب والنفس أمام الله –عز وجل- فيكون العبد الذي خشعت نفسه، هو خاشع في كل أمور دنياه ودينه.
  • “وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3)”: اللغو هو كل حديث يحمل في طياته شرك وذنب ومعاص وفسق، فلا يجوز أن يكون من أهل الفردوس الأعلى من يحمل حديثهُ تلك الصفات.

في الدنيا من كثرة معاصيهم كثيرين، لذلك خص الله فردوسيه لمن عرضو عن اللغو.

اقرأ أيضًا: لماذا طرد الله الطاووس والثعبان من الجنة

آيات أهل الفردوس

كان ذكر الله سبحانه وتعال تفصيلًا لمن أخصتهم لنيل درجة الفردوس الأعلى، فجاءت باقي الآيات مكملة لتقول:

  • “وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4)”: الزكاة هنا مقصود بها زكاتين، وهما زكاة المال أي أداء الصدقات والحق المالي للفقراء والمحتاجين على المسلمين، وزكاة النفس بإبعادها عن كل فسق ومعصية، فمن أدى زكاة النفس والمال كان من أهل الفردوس.
  • “وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) الا عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَىٰ وَرَاءَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7)”: من سمات المؤمنون الصادقون الابتعاد عن كل الشهوات والفتن وصون النفس من كل شرًا وسوء، والبقاء على السبيل الذي شرعه لنا الله.

ذلك ليس بالضئيل إلا على المسلمين الصادقين، فيصون المسلم الصادق فرجه عن طريق البعد عن كل ما هو غير محلل له، ويتقي شبهات الله ويحفظ فرجه وعمله، ليكون في الآخرة من أهل الفردوس.

  • “وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (8)”: هنا ذكر الله –عز وجل- بدون تخصيص لما ماهيتها الأمانة، فتشمل هنا الأمانة كل ما اؤتمن عليه العبد أمام الله، فيدخل بها الأمانات المادية كأمانة المال المواثيق والعهود.

كذلك تدخل معها الأمانات المعنوية كأمانة الأسرار وحفظها، وأيضًا يدخل في لفظة الأمانة، أمانة العبد مع ربه، فيؤدي العبد حقوق الله تعال ولا يخلفها.

  • “وَالَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9)”: إن الفردوس الأعلى كتبت للمؤمنين المتقين فلا يدخلها إلا الصالحين، ومن سمات الصلاح أداء حقوق الله والمحافظة على صلاته، فالعبد الصالح هو من سعى لحصاد منزلة الفردوس الأعلى.

فمن امتلك تلك الصفات واتبع سبيل الله يكون في يوم القيامة من الذين اصطفهم الله لنيل الفردوس الأعلى ويكونوا به من الخالدين، فيتخم الله -سبحانه وتعال- بقوله:

 “أُولَٰئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (11)” سورة المؤمنون.

فنسأل الله أن نكون يوم القيامة من الذين يرثون الفردوس، فنعد أنفسنا لأن نقومها ونهذبها لتسلك سبيل الله.

نعيم الجنة وخيرها

قد كانت آيات الله السابقة هي الهادية والمرشدة لنا لنعرف كيف نصل إلى الجنة، فماذا يجب علينا أن نفعل في سبيل الوصول إلى الجنة بعد أن عرفنا ما بها من نعيم.

فإن الجنة كما ورد عن رسولنا الكريم:

فِي الجَنَّةِ خَيْمَةٌ مِن لُؤْلُؤَةٍ مُجَوَّفَةٍ، عَرْضُها سِتُّونَ مِيلًا، في كُلِّ زاوِيَةٍ مِنْها أهْلٌ، ما يَرَوْنَ الاخَرِينَ، يَطُوفُ عليهمِ المُؤْمِنُ.

الراوي: أبو موسى الأشعري | المحدث: مسلم | المصدر: صحيح مسلم

فإن كان في خيمة واحدة من خيم الجنة لها عرض ستون ميل، فماذا هو حال الجنة كلها وقد عرفنا إنها لا تحمل إلا النعيم للمؤمنين، فمهما تركنا العنان لخيالنا لن نصل لما بداخلها، لكن ما نعرفه إننا لن نتمنى شيء ولن نجده بها، فكما قال تعالى:

لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ خَالِدِينَ كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْئُولًا {الفرقان:16}

كما قال سبحانه في سورة فصلت الآية 31:

(وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ).

فقد مر العبد بمرحلة الشقاء والاختبار ليكون من الناجحين، فكما تضعنا الدنيا أمام امتحانات نشقى في إعداد أنفسنا لها بمذاكرة ومراجعة النصوص والمراجع، ثم نكون بعدها على قمة الدنيا عندما نحصل على نتيجة ما قدمنا.

فإن الله خير المكافئين، فإن لنتيجة طاعة العبد لهُ واتباعه احكامه الجزاء العظيم، لكن باختلاف أن فرحة نجاح الدنيا ماهي إلا لحظات يعود بعدها العبد ليشقى، فإن نعيم الآخرة خالد خلودها وخلود العبد بها، فيقول رسول الله في حديثه:

“مَن يَدْخُلُ الجَنَّةَ يَنْعَمُ لا يَبْأَسُ، لا تَبْلَى ثِيابُهُ ولا يَفْنَى شَبابُهُ”.

الراوي: أبو هريرة | المحدث: مسلم | المصدر: صحيح مسلم.

اقرأ أيضًا: هل يجوز قول مثواه الجنة

متاع الجنة للمؤمنين

قد بدأنا بسؤال جائز بل واجب على كل عبد صالح أن يسأله ليعرف ما جزاء أعماله، وهو ماذا يوجد في الجنة، فإن أعطينا الكلمات حريتها لتكتب -فقط- ما أقره الله لنا في آياته الكريمة وقاله على لسان رسوله مما يوجد في الجنة.

سوف نجد إننا قد ملئنا الصفحات والكتب دون أن نوفي ما بها، فكيف بعد كل هذا نفضل الدنيا عليه! فقد قال الله تعال في كتابه المبين:

“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إلى الأرض ۚ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخرة ۚ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخرة الا قَلِيلٌ (38)” سورة التوبة

فكل ما نذكره ونقوله عن أشياء هي ليست إلا ما يستطيع عقلنا الدنيوي أن يتحملها ويزنها، فنحاول أن نقيس متاع الآخرة بالدنيا، لكن ما في الآخر لا نقدر على تصوره.

فحتى صورتنا عنه عندما نسأل ماذا يوجد في الجنة، هي صور دنيوية، فأنهار الآخرة ليست كأنهار الدينا، ونعيمها ليس كنعيم الدنيا، لذا ليكون سؤال ماذا يوجد في الجنة، بداية هداية لنا وصبرًا لشقائنا فنكون على يقين إن ما عند الله أفضل.

إن ما يوجد في الجنة هو الجزاء العظيم الذي لا يحصل عليه إلا المستحقين، فلنعسى في الدنيا خيرًا ليكتب لنا الله أن نكون منهم.

قد يعجبك أيضًا