ما هو الحجر الأسود

ما هو الحجر الأسود الذي يتهافت الحجاج والمُعتمرين على الوصول له وتقبيله؟ في ظل إجابتنا على ذلك نعلم بأن الحجر الأسود يبدأ منه الطواف وينتهي منه، مما يعني بأن له قيم ومكانة كبيرة في الدين الإسلامي ومقدساته.

يوجد بعض المشككين في أهمية الحجر الأسود، وهناك من يضعونه موضع التبرك، لذا نتعرف على ما حكم كل منهم وما هو الحجر الأسود؟ من خلال موقع زيادة.

ما هو الحجر الأسود؟

إن للحجر الأسود مكانة مقدسة عند المسلمين فهو موضع بدء وانتهاء الحج والاعتمار أسوةً برسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقد أوصى الرسول الحجج بأن تكون بداية طوافهم من عند الحجر الأسود ومُنتهى طوافهم عنده.

فكل من مر عليه جاهدًا لينال سبيل لمسه وتقبيله والاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي الناحية الشرقية من الركن اليماني من الكعبة المشرفة، يقع موضع الحجر الأسود.

يقسم الحجر الأسود على أقسام مكونة من خمسة عشر حجرًا، متفاوتة الحجم حيث يكون منها الكبير يوازي حجم تمرة ومنها الصغير.

عندما ننظر للحجر الأسود نرى ثمانية أحجار فقط وتذهب عن أعيننا السبعة المتبقية، فكانت الأقاويل عن اختفائها هي:

  • ذهب البعض لجزم إن السبعة أحجار الغير ظاهرة للعين تدخل في بناء الكعبة المشرفة.
  • في حين أجزم البعض الأخر إن طبقة معجونة من العنبر الممزوج بالمسك والشمع تغطي الثمانية أحجار الغير ظاهرة للأعين.

ترى تلك الأحجار عند ملامسة الحجر الأسود وتقبيله بحيث تقع أعلى الحجر الأسود، ما يقارب المتر ونصف، وهو الارتفاع القائم للحجر الأسود عن سطح الأرض.

جاء الحجر الأسود من الجنة، فقد كان عند موضع نزوله شديد البياض الناصع، فاجتاح بياضه سواد ذنوب بني آدم، فأصبح لونه هو الأسود وسمي بالحجر الأسود.

فعن عبد الله ابن عباس -رضي الله عنه- إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: نزل الحجرُ الأسوَدُ من الجنَّةِ وهو أشدُّ بياضًا من اللَّبنِ فسوَّدته خطايا بني آدمَ رواه عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-.

بهذا كانت مكانة الحجر الأسود جليلة عند المسلمين جميعًا وعند من عرف “ما هو الحجر الأسود؟”.

اقرأ أيضًا: قصة الحجر الأسود وحكم تقبيل الحجر الأسود

مكانة الحجر الأسود

بعد أن تعرفنا على ما هو الحجر الأسود؟ يمكن أن نسأل لماذا نُقبل الحجر الأسود؟ الكثير يذهبون إلى تجليل مكانة الحجر الأسود لما ذُكر عنه في الأدلة الشرعية، وأوصى الرسول صلى الله عليه وسلم بمكانته، وكثرت الأحاديث التي ذُكر فيها.

هنا وجب التنبيه إلى أكثر من نقطة؛ أولها هي كثرة الأحاديث والأقاويل عن الحجر الأسود، حيث إن عددًا هائلًا من الأحاديث تضمنت الحجر الأسود، لكن عندما نرجع لإسنادها نجده باطل أو ضعيف.

فلا يجب أن نستدل ونهتدي لغير الأحاديث الصحيحة حتى لا نقع في أي باطل يضرنا في طاعتنا وعبادتنا وأسوّتنا برسول الله صلى الله عليه وسلم، لذا وجب على المسلم الحق الوعي بتلك النقطة سواء فيما يخص الحجر الأسود أو غيرها.

النقطة الثانية هي مكانة الحجر الأسود والتبرك به، فيجب البحث والرجوع لنعرف ما هو الحجر الأسود؟ لمعرفة مكانة الحجر في الأساس، فنكون عند مربط الفرس، وهي مكانة تبجيل وتعظيم، لاقتران الحجر الأسود بمكانة الجنة والاقتداء برسول الله.

نستدل من ذلك على أن قيمة الحجر هي مستمدة من قيمة التعبد لله عز وجل وقيمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهي ليست قيمة مستقلة بحد ذاتها.

فعندما نذهب لتقبيل ولمس الحجر الأسود فإننا نفعل ذلك عبادة وليس تبركًا، حيث إن فعلنا هذا هو أُسوة بفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو مصنف كعبادة لله وتنفيذ لأمره، وليس عبادةً للحجر وتبركًا به.

نعود هنا لقصة أمر الله عز وجل للملائكة بأن تسجد لآدم، فكان تنفيذ الملائكة لأمر له ليس تقديسًا لآدم ومكانته، لكن تقديس لأمر الله وطاعته.

فعندما رفض إبليس أن يسجد كان رفضه خروجًا عن طاعة الله عز وجل، وليس مصنف كعدم اقتناع بمكانة سيدنا آدم عليه السلام، وكذلك هو الأمر مع الحجر الأسود، فعندما نسأل ما هو الحجر الأسود؟ نكون على علم إننا لا نعبد الحجر ولكن رب الحجر.

عمر ابن الخطاب والحجر الاسود

قد أوفى للرد عن تلك الجزئية المتعلقة بالتبرك بالحجر الأسود عمر ابن الخطاب –رضي الله عنه-، فقد روي:

أنَّهُ جَاءَ إلى الحَجَرِ الأسْوَدِ فَقَبَّلَهُ، فَقالَ: إنِّي أعْلَمُ أنَّكَ حَجَرٌ، لا تَضُرُّ ولَا تَنْفَعُ، ولَوْلَا أنِّي رَأَيْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُقَبِّلُكَ ما قَبَّلْتُكَ” صحيح البخاري.

فلم يكن قول عمر-رضي الله عنه- عدم اقتناع بقول رسول الله، إنما كما فسر الإمام أبو جعفر الطَّبَرِي، إن المسلمون في ذلك الوقت كانت فئة كبيرة منهم هي حديثة العهد بالإسلام.

فقد تركت عبادة الأصنام لفترة ليس بالبعيدة، فقد جاء قول عمر-رضي الله عنه- هداية وتصويبًا لهم لعدم الخلط بين التعبد من خلال الحجر الأسود وبين عبادته والتبرك به، فيكونون على علم بسؤال ما هو الحجر الأسود؟ ويوقنون أنه أداة لعبادة الله ليست للتبرك به.

فقد دل ذلك على مدى ما كان لدى عمر-رضي الله عنه- من وعي وبصيرة وبعد نظر، وتتضمن إجابة “ما هو الحجر الأسود؟” على ذلك.

اقرأ أيضًا: الذي وضع الحجر الاسود في مكانه بعد سقوط الكعبة

حكم تقبيل الحجر الأسود

بعد أن اهتدينا إلى مكانة وقيمة الحجر الأسود النابعة من مكانة وعظمة طاعتنا لله عز وجل وتنفيذًا لأوامر ديننا الإسلام وأوامر رسوله محمد -صلى الله عليه وسلم- بتقبيله، فسوف نعرف ما هو حكم تقبيل الحجر الأسود؟

حيث إن تقبيل الحجر الأسود يعد كفارة للذنوب واقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم، فقد وجب على المسلم أن يقبل الحجر عند الوصول له في كل دورة عند الكعبة المشرفة فهو ركن من أركان الحج.

فقد روى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حديثه الشريف:

“واللهِ لَيَبْعَثَنَّه اللهُ يومَ القِيامةِ له عينانِ يُبصِرُ بِهِما، ولِسانٌ ينطِقُ به، يَشْهَدُ على مَنِ اسْتَلَمَه بِحقٍ” (صحيح).

فإن لم يستطع الحج أو المُعتمر ذلك فعليه مسحه بيده، كما ورد عن عبد الله ابن عمر-رضي الله عنه- عندما قال:

“رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يَسْتَلِمُ الحَجَرَ بيَدِهِ، ثُمَّ قَبَّلَ يَدَهُ، وَقالَ: ما تَرَكْتُهُ مُنْذُ رَأَيْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَفْعَلُهُ”، صحيح مسلم.

كما ورد عن رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام:

“رَأَيْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَطُوفُ بالبَيْتِ، وَيَسْتَلِمُ الرُّكْنَ بمِحْجَنٍ معهُ وَيُقَبِّلُ المِحْجَنَ”، صحيح مسلم.

فإن عجز عن ذلك الحج أو المعتمر فما عليه سوى الإشارة على موضعه بيده، كما ذكر عن عبد الله ابن عباس -رضي الله عنه- في قوله:

“طَافَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علَى بَعِيرِهِ، وكانَ كُلَّما أتَى علَى الرُّكْنِ، أشَارَ إلَيْهِ وكَبَّرَ وقالَتْ زَيْنَبُ: قالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: فُتِحَ مِن رَدْمِ يَأْجُوجَ ومَأْجُوجَ مِثْلُ هذِه وعَقَدَ تِسْعِينَ”، صحيح البخاري.

بذلك نكون قد اهتدينا لما هو موضع الحجر الأسود في الإسلام.

اقرأ أيضًا: قصة الحجر الاسود مع الرسول

الحجر الأسود على مر التاريخ

مع مكانة الحجر الأسود عند المسلمون وكونه أحد مناسك الحج والاعتمار، هناك من لم يكن نظرهم بأبعد من رؤية الحياة الدنيا وما فيها، وعجز نظرهم القاصر عن رؤية ما بعد ذلك من الخلود في الآخرة، إما في نعيم الجنة أو جحيم النار.

فنجد من نظر للحجر الأسود نظرة دنيوية على أنه لا يتعدى كونه حجر نفيس وحاول نهبه، ونجد أن الحجر لم يكن في موضع سلام طول الدهر، فقد مر على مدار تاريخ ذلك الحجر الكثير من الحوادث التي سوف نستعرض البعض منها في الآتي.

حادثة عمرو بن الحارث

استكمالًا للإجابة عن “ما هو الحجر الأسود؟” فإننا نذكر حادثة عمرو بن الحارث مع الحجر الأسود؛ خلال فترة خروج قبيلة جرهم من مكة، حيث سعى عمرو بن الحارث لسرقة الحجر الأسود والانتفاع منه، مما قد يدخله عليه من مكسب.

بالفعل تسلل ابن الحارث للكعبة وقم بنزع الحجر منها، ثم هرب به ليدفنه في أحد بقاع الصحراء، حتى تأتي الفرصة لبيعه، لكن لم تجري الرياح كما تشتهي سفينة ابن الحارث، فقد شهدت سيدة من أحد افراد بني خزاعة ما قام به عمرو.

فقامت بنقل فعلته للقوم وإرشادهم لموضع دفن الحجر، وفشلت محاولة ابن الحراث لسرقة الحجر.

حادثة هجوم الكعبة

في خلال فترة جاهلية ما قبل الإسلام، خطط جماعة تُبع على الهجوم على الكعبة المشرفة ونهب الحجر الأسود منها.

فكان البطل في تلك القصة هو الخويلد والد خديجة بنت الخويلد -رضي الله عنها- حيث قام مع جماعة من الرجال بمجابهة هؤلاء التُباع، وبالفعل فشلوا في الهجوم على الكعبة المشرفة وتحقيق مسعاهم، وحفظ الله الحجر في مكانه سالمًا.

حادثة حريق الكعبة

في فترة ما قبل الإسلام، حدث حريق هائل أهلك هيكل الكعبة وجدرانها، فأصبحت على وشك الانهيار الكامل، وهنا سقطت الحيرة على سادة مكة بما يجب أن يفعلوه لإعادة إحيائها.

حتى أرشدهم الوليد ابن المغيرة وهو أحد حكماء مكة وأغنى أغنياها ووالد سيف الله المسلول خالد ابن الوليد -رضي الله عنه- بانتزاع الحجر وإعادة ترميم الكعبة ثم إعادة وضعه في موضعه الأصلي قبل الترميم.

فتم ذلك فعلًا، والجدير بالذكر إن تلك الحدثة التي اختلف بها سادة مكة على من الذي سوف ينال شرف حمل الحجر ونقله لموضعه، حتى اتفقا على أن يكون من يحكم في ذلك هو أول من يمر عليهم.

فقد كان ذلك هو رسولنا محمد -صلى الله عليه وسلم- فأرشدهم إلى صواب الرأي بأن يوضع الحجر على قطعة ثوب ويحمل الثوب ممثل من كل قبيلة في مكة، فينال الجميع شرف حمله.

وقد مرت الكثير من الأحداث الأخرى على الحجر الأسود، لكن الله دوما كان خير حافظ، فبقي لنا الحجر أحد قطع الجنة في الأرض.

إن للحجر الأسود مكانة عالية عند المسلمون فهو أحد آثار الجنة، ومناسك الحج والاعتمار، وله العديد من الفضائل التي تعود على المسلم بالأجر العظيم.

قد يعجبك أيضًا