ما حكم صلاة الجماعة

ما حكم صلاة الجماعة؟ وما فضل صلاة الجماعة؟ وما هي الصلوات التي تصلى في جماعة؟ اختلفت الآراء بشأن حكم صلاة الجماعة وبشكل خاص وقع الاختلاف حول صلاة الجماعة في المسجد، وفضل صلاة الجماعة عظيم، لذا فمن خلال موقع زيادة سنتعرف معًا عبر سطور الفقرات التالية على رأي العلماء والفقهاء بشأن حكم صلاة الجماعة محاولين الإجابة على كافة الأسئلة التي تتبادر إلى الأذهان بشأن هذا الأمر.

ما حكم صلاة الجماعة؟

يقول الله تعالى في كتابه الكريم (حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ)، ومن المعروف أن الصلاة هي فرض على كل مسلم بالغ عاقل قادر، وهي ثاني أركان الإسلام الخمسة وهم: (الشهادة والتوحيد بأن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، إقام الصلاة، إيتاء الزكاة، صوم رمضان، وحج البيت الحرام لمن استطاع).

فما حكم صلاة الجماعة؟ قال الإمام القرطبي رحمه الله تفسيرًا لقول (حافظوا) في الآية السابقة بأنها خطاب لجميع الأمة الإسلامية والمقصود هنا إقام الصلاة في أوقاتها المحددة دون تأخير للفرض والحفاظ والمداومة عليها.

أما عن حكم صلاة الجماعة للرجال فهو واجب في مذهب الحنابلة وبعض الحنفية، وقول عند الشافعية وهو اتفق عليه طائفة من السلف والإمام البخاري وابن المنذر وابن تيمية وابن عثيمين وأبن الباز، وهذا لقوله تعالى في سورة النساء- الآية 102: (وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ).

كما تستدل الطائفة الأولى المجيبة على سؤال ما حكم صلاة الجماعة بالوجوب على أن الله تعالى أمر في الآية الكريمة بالجماعة في صلاة الخوف وهو دليل على وجوبها، وبالتالي وجوب صلاة الجماعة في الأوقات الآمنة دون خوف المصلي.

أما الأقوال الأخرى فقد قاموا بسن صلاة الخوف في جماعة وهذا لِما قد يحدث ويُبطل الصلاة من الخوف مثل التقدم عن الإمام أو التخلف عن متابعته وعدم القدرة على استقبال القبلة، وبهذا فلو لم تكن الصلاة هنا في جماعة واجبة فصلاة الفرد في الأوقات العادية في جماعة سنة وغير واجب.

من الأدلة الأخرى على أن إجابة سؤال ما حكم صلاة الجماعة هو الوجوب، قوله تعالى (وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِين) وهنا يأتي الجمع في الأمر بالركوع مع الراكعين كإشارة إلى صلاة الجماعة.

اقرأ أيضًا: حكم صيام يوم الجمعة منفردًا

حكم صلاة الجماعة من السنة النبوية

استكمالًا لعرضنا إجابة سؤال ما حكم صلاة الجماعة فبرواية عن أبي هريرة، يقول صلى الله عليه وسلم: (أثقلُ صلاةٍ على المنافقينَ صلاةُ العِشاءِ وصلاةُ الفجرِ، ولو يَعلمُونَ ما فيهما لأَتوهُما ولو حبوًا، ولقد هممتُ بالصَّلاةِ فتُقام، ثم آمُرُ رجلًا يُصلِّي بالناس، ثم أنطلقُ معي برِجالٍ معهم حُزمٌ من حطَبٍ إلى قومٍ لا يَشهدونَ الصَّلاةَ، فأُحرِّقُ عليهم بُيوتُهم بالنارِ).

ففي هذا الحديث السابق دليل على وجوب صلاة الجماعة في المسجد على الرجال، وهنا يبين -صلى الله عليه وسلم- صفة من صفات المنافقين وهي ثِقل صلاتي الفجر والعشاء على نفوسهم، والنافقين هم من يظهرون الإيمان وفي قلوبهم الكفر، كما أن على المؤمنين السرعة في تلبية نداء المؤذن.

هنا يوضح صلى الله عليه وسلم بأنه أوشك على حرق بيوت المتخلفين عن صلاة الجماعة، وعقوبة كهذه لا تتم إلا إذا كان التخلف جاء عن أمر واجب حدوثه، في حديث آخر برواية مسلم عن أبي هريرة يقول صلى الله عليه وسلم:

“أتَى النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رجلٌ أعمى، فقال: يا رسولَ الله، إنَّه ليس لي قائدٌ يقودني إلى المسجِدِ، فسألَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن يرخِّصَ له، فيُصلِّيَ في بيتِه، فرخَّص له، فلمَّا ولَّى دعاه، فقال: هلْ تَسمعُ النِّداءَ بالصَّلاةِ؟ قال: نعَم، قال: فأجِبْ“.

يوضح هذا الحديث فضل صلاة الجماعة ووجوبها على الرجال، وقد جاء الرسول صلى الله عليه وسلم رجلًا أعمى قائلًا بأنه لا يملك من يقوده إلى المسجد ليصلي في جماعة طالبًا منه أن يرخص له الصلاة في المنزل، فرخص له الرسول صلى الله عليه وسلم الأمر، لكن عاد نبي الله فسأله (هلْ تَسمعُ النِّداءَ بالصَّلاةِ؟) أي هل تتمكن من سماع المؤذن من منزلك؟

فأجاب الرجل أجل، فقال له صلى الله عليه وسلم (فأجِبْ) أي أذهب للصلاة في جماعة، ومن هنا نستوفي أن حكم صلاة الجماعة هو الوجوب على الرجال وهذا الرجل أعمى، لذا فمن باب أولى أن يكون الحكم هو وجوب صلاة الجماعة على كل رجل مسلم قادر عاقل ولا رخصة ولا عذر يمكن من تركه إياها.

اقرأ أيضًا: أوقات النهي عن الصلاة

ما حكم صلاة الجماعة للنساء؟

يقول صلى الله عليه وسلم: (صلاةُ الجماعةِ تَفضُلُ صلاةَ الفذِّ بسَبعٍ وعِشرينَ دَرجةً) وفي هذا الحديث التعميم أي أن ثواب صلاة الجماعة عائدًا على الرجال والنساء على حد سواء، أما عن حكم صلاة الجماعة للنساء فهو مستحب وليس واجبًا.

هذا لِما جاء من الآثار عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: (أنَّها أمَّتِ النِّساءَ في صلاةِ المغربِ، فقامتْ وسْطهنَّ وجهَرَتْ بالقِراءةِ)، وما جاء عن أم ورقة ابن نوفل رضي الله عنها قال: (أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يَزورُها في بيتِها، وجعَل لها مؤذِّنًا يؤذِّنُ لها، وأمَرَها أن تؤمَّ أهلَ دارِها).

اقرأ أيضًا: حكم صلاة الجماعة في البيت وفق رأي دار الإفتاء

فضل الحفاظ على صلاة الجماعة

بعد أن تعرفنا على إجابة سؤال ما حكم صلاة الجماعة بشيء من التفصيل، فيمكننا الآن الإشارة إلى فضل صلاة الجماعة كما بين لنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، وهذا في الحديث الشريف المروي عن أبي هريرة عن الرسول صلى الله عليه وسلم:

(صَلَاةُ الرَّجُلِ في الجَمَاعَةِ تُضَعَّفُ علَى صَلَاتِهِ في بَيْتِهِ، وفي سُوقِهِ، خَمْسًا وعِشْرِينَ ضِعْفًا، وذلكَ أنَّهُ: إذَا تَوَضَّأَ، فأحْسَنَ الوُضُوءَ، ثُمَّ خَرَجَ إلى المَسْجِدِ، لا يُخْرِجُهُ إلَّا الصَّلَاةُ، لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً، إلَّا رُفِعَتْ له بهَا دَرَجَةٌ، وحُطَّ عنْه بهَا خَطِيئَةٌ، فَإِذَا صَلَّى، لَمْ تَزَلِ المَلَائِكَةُ تُصَلِّي عليه، ما دَامَ في مُصَلَّاهُ: اللَّهُمَّ صَلِّ عليه، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، ولَا يَزَالُ أحَدُكُمْ في صَلَاةٍ ما انْتَظَرَ الصَّلَاةَ)

الصلاة هي عماد الدين وهي الفرق بين المسلم والكافر، وقد حثتنا الآيات القرآنية والسنة النبوية جميعها على الإسراع إلى الصلاة وعدم تأخيرها وخاصةً صلاة الجماعة لِما فيها من فضل عظيم ومضاعفة للأجر، ومن خلال الحديث السابق بينا لنا الرسول صلى الله عليه وسلم فضلها.

فيوضح أن ثوبها يزيد عن ثواب المصلي منفردًا في منزله أو في محل عمله بحوالي خمسة وعشرين درجة، وفي الصحيحين جاء الحديث بلفظ (سبع وعشرين درجة)، ويعود الاختلاف هنا إلى حالة المصلي وكمال الصلاة والخشوع فيحصد البعض خمس وعشرين درجة والبعض الآخر سبع وعشرين.

ثم قام صلى الله عليه وسلم بذكر سبب هذا الفضل والمتمثل في قيام الفرد للوضوء والإخلاص فيه عن طريق القيام بكل سنه والآداب التابعة له، ثم ذهب إلى المسجد بغرض الصلاة فقط، فلا يخط هذا الفرد خطوة من منزله إلى المسجد إلا ويُرفع بها درجة في الجنان وإبعاد لذنب من ذنوبه.

كما تدعوا له الملائكة طوال جلوسه في مكان صلاته وبقائه مالم يحدث أي أمر يُفقده طهارته، وتقول الملائكة في الدعاء للمصلي في الجماعة: (اللهُمَّ اغْفِرْ له، اللَّهُمَّ ارْحَمْه)، والفرق بين المغفرة والرحمة يكمن في كون المغفرة هي: غفران الذنب وستر المؤمن وتجاوز الله عز وجل عنه، أما الرحمة في الإحسان إلى المؤمن.

كما أن من ينوي الصلاة في جماعة ويذهب لانتظار الإقامة في المصلى وهو يستغفر ربه له عظيم الثواب والأجر ويفوز باستغفار الملائكة له.

الصلاة هي عماد الدين وركن من أكان الإسلام الأساسية فبغض النظر عن حكم الصلاة في جماعة، فمن الأفضل الإخلاص والإحسان والتفاني في أداء العبادات على أكمل وجه حتى يصل الفرد إلى أعلى الدرجات في الجنة.

قد يعجبك أيضًا