ما حكم صلاة التراويح

ما حكم صلاة التراويح عند المذاهب الأربعة؟ وما حكمها بصدد النساء؟ التراويح تعني الترويح عن النفس، وهي الاستراحة، وصلاة التراويح هي صلاة القيام في شهر رمضان المبارك التي تصلى بعد صلاة العشاء، وتنوعت آراء العلماء في حكم صلاة التراويح، ومن خلال موقع زيادة سوف نتعرف على إجابة سؤال ما حكم صلاة التراويح بشيء من التفصيل في كافة الحالات.

ما حكم صلاة التراويح

صلاة التراويح لا تعد واجبة وهذا ما اتفق عليه جمهور العلماء، ولكنها مستحبة استحبابًا شديدًا، فهي سنة مؤكدة قام بها النبي -صلى الله عليه وسلم- ورغب في أدائها، فقد كان يصلي من الليل في السفر، وفي الحضر، وفي رمضان وغيره، وأقل ما يصليه من التراويح ركعة واحدة بعد العشاء أو في آخر الليل، وكلما زاد فهو أفضل.

أكد الإمام أبو حنيفة أن صلاة التراويح سنة مؤكدة، والدليل على ذلك حفاظ الصحابة -رضوان الله عليهم- عليها، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أغلب الأوقات يوتر بإحدى عشرة ركعة ويسلم بعد كل ركعتين، وقد يوتر بركعة فقط، وربما يوتر بثلاثة عشر ركعة، وربما يوتر بركعات أقل، وصلاة التراويح تكون طوال شهر رمضان وتبدأ بعد كل صلاة عشاء، وقد يطال وقت الصلاة إلى قبل صلاة الفجر.

قد حث النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- على قيام رمضان حيث قال: (مَن قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ) حديث صحيح، رواه أبو هريرة، مصدره صحيح البخاري، وصلاة التراويح هي الصلاة التي يصليها المسلم في شهر رمضان المبارك في أول الليل وهي تسن في رمضان فقط، إذ اختصّ الله شهر رمضان بصيامه وقيام ليله.

روت عائشة -أم المؤمنين رضي الله عنها- قالت: (أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صلَّى في المسجِدِ فصَلَّى بصلاتِه ناسٌ، ثمَّ صلَّى من القابلةِ، فكَثُرَ النَّاسُ، ثمَّ اجتَمَعوا من الليلةِ الثَّالثةِ، فلم يخرُجْ إليهم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فلمَّا أصبح قال: قد رأيتُ الذي صنعْتُم فلم يمنَعْني من الخروجِ إليكم إلَّا أنِّي خَشِيتُ أن تُفرَضَ عليكم، وذلك في رَمَضانَ) حديث صحيح، مصدره صحيح أبي داود، فهذا دليل على أن صلاة التراويح سنة مؤكدة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وليست فرضًا.

اقرأ أيضًا: ما هي صلاة الأوابين؟

حكم صلاة التراويح جماعة

استكمالًا لموضوعنا عما حكم صلاة التراويح سنتعرف على آراء العلماء، وأصحاب المذاهب الأربعة في حكم صلاة التراويح جماعة.

قد اختلف العلماء في حكم الجماعة في صلاة التراويح، ولما مات النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- قام عمر بن الخطاب بجمع الناس لأداء صلاة التراويح خلف إمام واحد، لأن البعض كان يصليها منفردًا، والبعض الآخر كانوا يصلونها جماعة، فجمعهم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ليصلوا خلف أبي بن كعب رضي الله عنه.

فقد أخرج البخاري في صحيحه عن عبد الرحمن بن عبد القاري أنه قال: (خَرَجْتُ مع عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عنْه، لَيْلَةً في رَمَضَانَ إلى المَسْجِدِ، فَإِذَا النَّاسُ أوْزَاعٌ مُتَفَرِّقُونَ، يُصَلِّي الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ، ويُصَلِّي الرَّجُلُ فيُصَلِّي بصَلَاتِهِ الرَّهْطُ، فَقَالَ عُمَرُ: إنِّي أرَى لو جَمَعْتُ هَؤُلَاءِ علَى قَارِئٍ واحِدٍ، لَكانَ أمْثَلَ ثُمَّ عَزَمَ، فَجَمعهُمْ علَى أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ، ثُمَّ خَرَجْتُ معهُ لَيْلَةً أُخْرَى، والنَّاسُ يُصَلُّونَ بصَلَاةِ قَارِئِهِمْ، قَالَ عُمَرُ: نِعْمَ البِدْعَةُ هذِه، والَّتي يَنَامُونَ عَنْهَا أفْضَلُ مِنَ الَّتي يَقُومُونَ يُرِيدُ آخِرَ اللَّيْلِ وكانَ النَّاسُ يَقُومُونَ أوَّلَهُ).

إن مراد عمر هنا بالبدعة هي البدعة الحسنة وليست بدعة الضلالة المذمومة في الشرع، وسنسلط الضوء في الفقرات التالية على ما حكم صلاة التراويح عند الأئمة والفقهاء الأربعة، كما يلي:

1- المذهب المالكي

يرى المالكية أنّ صلاة التراويح مستحبة استحبابًا شديدًا وهذا الحُكم يشمل الرجال والنساء؛ لحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يرويه أبو هريرة: (مَن صامَ رَمَضانَ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ، ومَن قامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ) حديث صحيح، رواه أبو هريرة، مصدره صحيح البخاري.

لذلك يرون أن صلاة التراويح في جماعة من الأمور المستحبة لأن ذلك العمل قائم من عهد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه وأرضاه- حين جمع الناس عليها في جماعة، وقولهم إن من خاف على نفسه من الرياء فصلاته منفردًا تكون أفضل له أي يصليها في بيته وحده منفردًا أو جماعة مع أهل بيته.

يشترط في هذا الأمر أن تكون صلاته في بيته أنشط له وألا يتكاسل عن تلك العبادة العظيمة إذا صلى في بيته، وذلك لأن الجماعة تشد بعضها بعضًا على الخير وتكون أعلى لهمة الرجل، فيجب ألا تكون صلاته في البيت تؤدي إلى تعطيل الصلاة في جماعة في المسجد.

2- المذهب الحنفي

يرى الحنفية أنَّ الجماعة في صلاة التراويح سنة على سبيل الكفاية إذا قام بها البعض فإنها تسقط عن البقية وكان ذلك كافيًا عن باقي الناس، أمَّا في حالة أسقطها الجميع فلم يقم جماعة من الناس بأدائها فإن ذلك يكره لأنهم تركوا سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- بالكلية، ولو تركها أحد من الناس فإن ذلك يعود عليه وحده فلا يأخذ ذلك الأجر العظيم وسيضيع ذلك الخير الكبير.

أما إذا كان الإنسان فقيهًا أو قدوة لغيره أو عالمًا يقتدي به الناس فإنه يحرص على أدائها جماعة في المسجد كي يتعلم منه الناس.

3- المذهب الشافعي

في صدد توضيح ما حكم صلاة التراويح نذكر أن الشافعية قالوا بأن صلاة التراويح في جماعة سنة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- واستدلوا بحديث النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أنه جمع الناس عليها عدة ليال، ولم يخرج إليهم في باقي الليالي؛ مخافة أن تُفرَض عليهم، كما جمع عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- الناس عليها إذ جمع الرجال على أبي بن كعب، والنساء على سليمان بن أبي حَثمة.

4- المذهب الحنبلي

يأتي قول الحنابلة موافقًا لقول الشافعية في المسألة، حيث قالوا إنّ صلاة التراويح من السُّنَن المُؤكَّدة التي سَنّها النبيّ -عليه الصلاة والسلام- وهي من شعائر الإسلام الظاهرة؛ واستدلّوا بالحديث الذي روته عائشة -رضي الله عنها- وذهبوا إلى سنية التراويح في الجماعة.

اقرأ أيضًا: متى وقت صلاة الوتر

أفضلية صلاة التراويح جماعة أم بشكل منفرد

هنا تعرض لنا مسألة أخرى وهي صلاة التراويح في جماعة أفضل أم صلاتها بشكل منفرد سوف نعرضها لكم فيما يلي ونرى اختلاف العلماء فيها، وذلك في إطار موضوعنا عما حكم صلاة التراويح.

فيقول المالكية إن صلاة التراويح في المنزل أفضل منها في جماعة لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (صلُّوا أيُّها الناسُ في بُيُوتِكُمْ، فإنَّ أفضلَ الصَّلاةِ صلاةُ المَرْءِ في بَيتِه إِلَّا المَكْتُوبَةَ) حديث صحيح، رواه زيد بن ثابت، مصدره صحيح الجامع، وهذا يخالف قول من قال بأن صلاتها في جماعة أفضل.

قد عرضنا فيما سبق قول المالكية في ذلك أن صلاة الرجل في بيته إن خاف الرياء أفضل له كما ذهبوا إلى استحباب تأدية التراويح بشكل منفرد في منزله ليكون ذلك أقرب إلى الإخلاص، وبعيداً عن الرياء، ما لم يَكن هُناك تعطيلٌ لجماعة المسجد التي تقام.

أما الشافعية فقد قالوا بأن الأصحّ عندهم أن صلاة التراويح في جماعة أفضل من صلاتها بشكل منفرد؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد صلاها في جماعة وكذلك فعل الصحابة ولنا في رسول الله أسوة حسنة وفي سنة الصحابة هداية لنا لا نضل بها.

ذهب الحنفية إلى أنّ صلاة السنن في البيت أفضل، فيما عدا صلاة التراويح فإن إقامتها في المسجد في جماعة أفضل من الصلاة في البيت، وذلك لأن بداية تشريعها في جماعة كما تقدم في حديث عائشة رضي الله عنها.

وافق الحنابلة قول الشافعية والحنفية في أن صلاة التراويح في جماعة أفضل من الصلاة منفردًا واستدلوا بفعل الصحابة وما روي عن البيهقي أنّ عليّاً -رضي الله عنه- كان يجعل للرجال إمامًا، وللنساء إمامًا لأدائها.

هنا نقول ما خلاصته أن صلاة السنة في المنزل أفضل، وفقًا لما قاله النبي -صلى الله عليه وسلم- أن أفضل الصلاة في المنزل إلا المكتوبة ويستثنى من ذلك صلاة التراويح فهي ليست داخلة في ذلك العموم لحديث عائشة -رضي الله عنها- أن النبي صلى الله عليه وسلم- صلاها في جماعة ولفعل الصحابة رضوان الله عليهم بعد مماته.

اقرأ أيضًا: حكم سماع الأغاني في رمضان قبل الإفطار أو بعده

حكم صلاة التراويح للنساء

بعد أن تعرفنا على حكم صلاة التراويح للرجال في جماعة، فيتساءل البعض عما حكم صلاة التراويح للنساء، سوف نتعرف فيما يلي على مشروعية صلاة التراويح للنساء.

صلاة التراويح ليست واجبة، ولكنها مستحبة كما سبق وذكرنا، فالسنة للمؤمن والمؤمنة التهجد في جنح الليل ولو بركعة واحدة أو ثلاث ركعات، كذلك في سنة الضحى، وهكذا التراويح في رمضان قيام رمضان كله سنة، ومن هذا فإن صلاة المرأة للتراويح جائز لها مع جماعة أهل بيتها أو مع جماعة المسلمين في المكان المخصص لهم في المساجد.

صلاة التراويح سنة مؤكدة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فلها ثواب وأجر عظيم، وربما بها ليلة القدر، ومن قامها إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه.

قد يعجبك أيضًا