متى توفى أنس بن مالك؟ وكيف كانت حياته؟ اختلف العلماء والمدونون في تحديد توقيت وفاة أنس بن مالك، وقد كانت حياته مليئة بالأحداث المشوقة، ولكن اختلفت تلك الحياة بعض الشيء من بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، لذلك نعرض لكم في هذا الموضوع متى توفى أنس بن مالك وما يدور حول حياته، وهذا من خلال موقع زيادة.
متى توفى أنس بن مالك
ضعف جسد أنس بن مالك رضى الله عنه في آخر أيامه بسبب إصابته بمرض البرص، وكانت وفاته نتاج ذلك المرض…
فقد اختلفت الأقاويل حول مماته، فيوجد من قال إنه توفى ف العام الأول والتسعون من الهجرة ومنهم من قال إنه توفى في العام الثاني والتسعون من الهجرة، كما أشار الحاكم النيسابوري في كتابه “المستدرك على الصحيحين” وهو أحد أهم مراجع الحديث النبوي وسير الصحابة، أن بن مالك رضي الله عنه توفى في العام الثالث والتسعون من الهجرة.
توفى انس بن مالك عن عمر يناهز المائة وثلاثة أعوام، وكان في ذلك إشارة لدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم له، حيث دعا له بطول العمر وكثرة الولد، فقد تجاوز نسل أنس بن مالك أثناء حياته المائة ولد، وقد ابتلى بوفاة الكثير من أولاده وأحفاده، فقيل إنه فقد في الطاعون فقط ما يزيد عن الستين من أبنائه وأحفاده.
توفى أنس بن مالك بالبصرة، وقد أوصى بأن يقوم على تغسيله محمد بن سيرين
وقد فعل وصلى عليه، كما أنه كان قد احتفظ بشعرة وعصا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأوصى بأن توضع الشعرة تحت لسانه والعصا بجانبه، وقد حدث ما ابتغى بالفعل.
اقرأ أيضًا: دعاء أنس بن مالك لرد كيد الاعداء
من هو أنس بن مالك
في إطار الحديث عن إجابة سؤال متى توفى أنس بن مالك، فهو أبو حمزة أنس بن مالك بن النضر الأنصاري الخزرجي من بني عدي بن النجار، ولد في يثرب قبل الهجرة بعشرة أعوام.
أمه هي أم سليم بن ملحان رضي الله عنها كانت أولى النساء اللاتي بادرن بالدخول إلى الإسلام، وقد عانت إثر ذلك فقد تسبب دخولها الإسلام هجران زوجها لها، حيث إنه رفض دعوة الإسلام فقامت بتربية أنس وإخوته وحيدة حتى خلف عليها الله بأبو طلحة الأنصاري فكان خير الزوج والأب لأبنائها.
كما أنها شاركت في العديد من الغزوات بجانب النبي صلى الله عليه وسلم وزوجها طلحة الأنصاري، وقد اشتهرت حينئذٍ أنها أول امرأة جعلت مهرها دخول زوجها الإسلام.
أنس بن مالك وخدمته لنبي الله
قدمته أمه إلى النبي صلى الله عليه وسلم عند هجرته للمدينة، وكان عمر أنس وقتها عشر أعوام، وقد رُوي عن أنس بن مالك بنفسه “لمَّا قدِم النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المدينةَ أخذت أمُّ سُليمٍ رضِي اللهُ عنها بيدي فقالت يا رسولَ اللهِ هذا أنسٌ غلامٌ لبيبٌ كاتبٌ يخدُمُك فقَبِلني رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم”
كانت هديتها تلك هي نعم الهدايا، فكان أنس غلام فطن يجيد الكتابة وكانت تلك المهارة حينئذٍ غير منتشرة بين المسلمين، فكان حقًا نعم الغلام فطنةً وذكاءً، وكان جانب رسول الله صلى الله عليه وسلم طيلة سكنه في المدينة لمدة عشرة أعوام سجل عنه وحفظ مئات الأحاديث.
كان من بين الأحاديث بعضها يختصه الرسول بها، وفى ذلك دلالة على حب رسول الله للغلام، فقد رافق رسول الله عشرة أعوام لم ينهره أو يضربه بها قط، فكان حب الرسول لأنس شيئًا لا يُخفى عن أحد، حتى أن أنس يومًا ما طلب من الرسول أن يكون شفيعًا له يوم القيامة، فرد الرسول قائلًا إنه سيكون شفيعه بيوم القيامة.
كما أوصاه الرسول بعدة وصايا حرص أنس بن مالك على تبليغها عنه بين طلابه، منها إصباغ الوضوء، فإن فيه زيادة في العمر، وكثرة السلام على من يلاقي، فإن في ذلك زيادة لحسناته، رحمة الصغير وتوقير الكبير لما فيهما من مرافقةٍ لنبي الله يوم القيامة.
كذلك أضاف أنس بأنه إن استطاع أن يصبح ويمسي وليس في قلبه غل لأحد، فإن في ذلك بركة وتوسع في الرزق، وختم قوله بالمبيت آخر الليل طاهرًا، فإن مات يكون شهيدًا.
اقرأ أيضًا: كم مرة اعتمر الرسول؟.. إجابة السؤال استنادًا للحديث الذي رواه أنس بن مالك
حياته بعد وفاة النبي
بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ظهر المرتدون عن الإسلام، فكانت حروب الردة هي خير رادع لهم، وقد شارك أنس بن مالك رضي الله عنه الخليفة الأول أبو بكر الصديق في تلك الحروب، حيث كان من أمهر الرماة حينئذ وكانت أشهر المعارك هي معركة اليمامة.
تغيرت الأحوال بعد حروب الردة وبدأت الدولة الإسلامية بالتوسع، فبعثه أبو بكر الصديق إلى البحرين وذلك لجباية أموال الذكاة، واستشار في ذلك عمر بن الخطاب وكان رده مشتق من قول أمه حين قدمته للنبي صلى الله عليه وسلم “أبعثه فإنه لبيب كاتب”.
حين قام أنس بن مالك بإتمام مهمته وعاد للمدينة، وجد أن الصحابيّ أبو بكر الصديق قد مات وتم تولية عمر بن الخطاب أمر خلافة المسلمين، فسلمه ما جمعه في البحرين من أموال الجباية والذكاة.
بعد ذلك شارك أنس بن مالك عمر بن الخطاب في العديد من الغزوات والفتوحات الإسلامية، فشارك في فتوحات العراق وبلاد فارس، وكان له أثر كبير في معركة القادسية، كما أنه قد أسر حاكم بلاد تستر أثناء المعركة وقدمه إلى عمر بن الخطاب.
أقام أنس بن مالك رضي الله عنه بالبصرة، حيث قام بالتفرغ لرواية أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولما تولى عبد الله بن الزبير الخلافة بعث إليه ليصلي بالناس بالبصرة، فصلى بهم أربعين يومًا.
التف حوله ما يزيد عن مائتي راو في البصرة فقد اشتهر بالمدينة بأنه أكثر الرواة دقة عن رسول الله، وبلغ عدد الأحاديث التي رواها عنه قرابة الألفان ومائتي وثمانين حديثًا اتفق منهم البخاري ومسلم على مائة وثمانين حديثًا.
اقرأ أيضًا:دعاء أنس بن مالك ونشأته وحياته ووفاته
خلاف أنس بن مالك مع الحجاج بن يوسف الثقفي
بعد أن عرضنا إجابة سؤال متى توفى أنس بن مالك، يوجد بعض المواقف التي قد واجهها أنس من بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم، فكان من أبرزها أنه تعرض حين ذاك لمحنة عظيمة، فقد هاجمه الحجاج بن يوسف الثقفي…
كان هذا حين جمع الناس بالبصرة وأتى بأنس بن مالك ووصفه بما ليس فيه واتهمه بالنفاق ومسايرة الحاكم، وقام بختم تلك المهانة بختمٍ في يده وقيل أنه كان في عنقه أيضًا “عتيق الحجاج” قصد بذلك إهانته وتشويه صورته أمام الناس.
لم يهدأ أنس بن مالك وقتها حتى بعث برسالته لأمير المؤمنين، وكان وقتها عبد الملك بن مروان فكتب إليه شاكيًا ما فعله الحجاج ومشيرًا إلى أنه خادم رسول الله فقد صاحبه وخدمه لعشرة أعوام لم يفعل فيها أو بعدها ما يدنس تلك الصحبة الكريمة.
كما أضاف أنه لولا أنه يخشى على أولاده من بعده لقال في الحجاج ما قال
وما خشى أي ميتة سيموت، وختم رسالته بقوله “لو أن اليهود والنصارى
أدركوا من خدم رسولهم لأكرموه وإن الحجاج يعرض بي حوكة البصرة”.
غضب عبد الملك بن مروان مما فعله الحجاج فبعث إليه يعنفه وينهره، وأمره بأن يعتذر لأنس بن مالك عما بدر منه، فسارع الحجاج إلى أنس وأخذ بخاطره وقال له فيما معناه أنه فعل ما فعل ليرى أهل العراق أنه حتى لو كان ما كان من أقرب الأقربين إلى ما سكت عنه قط وما تركته فكان بئس مضرب المثل الذي ضربة، وكان أنس أسفًا هو كبش الفداء لتوصيل الرسالة.
في حياة الصحابة دروس وعبر ودليل ومنهاجٌ نسير عليه، فإن اقتضينا به هُدينا إلى الصراط المستقيم، وقد ترك لنا أنس بن مالك تراثًا عظيمًا لا يُترك، ألا وهو أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولعل تلك الأحاديث هي صدقته الجارية بعد موته، فبهذا نكون قد عرضنا إجابة سؤال متى توفى أنس بن مالك وما يدور من حوله.