متى توفي الرسول صلى الله عليه وسلم وكيف

متى توفي الرسول صلى الله عليه وسلم وكيف؟ وما ملابسات وفاته؟ تلك الأسئلة يعرف إجابتها أغلب المسلمين عن ظهر قلب، قلب دامي حزين يود لو أنه لم يذكر هذا اليوم أبدًا، يود كل مسلم أن يفتديه بروحه فيعيش إلى يوم يُبعثون إلا أنه سبق القول من الله عز وجل في سورة الأنبياء: وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ ۖ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ (34) كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (35)”

في هذا الموضوع على موقع زيادة سنتناول سنذكر بعض أقوال الفقهاء والمؤرخين في ذكرى أظلم يوم مر على البشرية.

متى توفي الرسول صلى الله عليه وسلم وكيف

لا يخلوا كتاب سيرة من فصل أخير يجبي على سؤال متى توفي الرسول صلى الله عليه وسلم وكيف توفى

فمن أشرطة الساعة التي أخبرنا به النبي صلى الله عليه وسلم عنها في حديث عوف بن مالك الأشجعي أنه قال: ” وَمَا أَتَيْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في غَزْوَةِ تَبُوكَ وهو في قُبَّةٍ مِن أَدَمٍ، فَقالَ: اعْدُدْ سِتًّا بيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ: مَوْتِي، ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ المَقْدِسِ، …” (صحيح البخاري 3176).

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: من هن مرضعات الرسول صلى الله عليه وسلم

تاريخ وفاته

كان ذلك الحادث الجلل في يوم الأثنين الثاني عشر من شهر ربيع الأول من السنة الحادية عشر لهجرته صلى الله عليه وسلم (12/ ربيع الأول/ 11هـ)، الموافق 8 يونيو لعام 632 ميلاديًا، وكان عمره صلى الله عليه وسلم حينها 63 عامًا..

كيفية الوفاة

أجمع الفقهاء على أن النبي صلى الله عليه وسلم مات شهيدًا بأثر السم الذي أكله في خيبر قبلها بمدة تقارب الثلاث سنوات، ويقول المؤرخون أن من دست السم في الشاة هي “زينب بنت الحارس بن سلام اليهودية” فعن أنس بن مالك أنه قال: ” أنَّ يَهُودِيَّةً أتَتِ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بشَاةٍ مَسْمُومَةٍ، فأكَلَ منها، فَجِيءَ بهَا، فقِيلَ: ألَا نَقْتُلُهَا؟ قالَ: لَا. فَما زِلْتُ أعْرِفُهَا في لَهَوَاتِ رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.” (صحيح بخاري 2617)

فلم يقتلها النبي في حينها إلا أنها قٌتلت قصاصًا لـ”بشر بن البراء” فيما بعد الذي أكل مع الرسول صلى الله عليه وسلم ومات من السم.

ظل أثر هذا السم في جسد النبي إلى أن مات به، فعن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ” كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ في مَرَضِهِ الذي ماتَ فِيهِ: يا عائِشَةُ ما أزالُ أجِدُ ألَمَ الطَّعامِ الذي أكَلْتُ بخَيْبَرَ، فَهذا أوانُ وجَدْتُ انْقِطاعَ أبْهَرِي مِن ذلكَ السُّمِّ” ( صحيح البخاري 4428)

في هذا الحديث تخبرنا أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في مرض موته أنه مازال يشعر بالألم في جوفه من أثر تلكك الشاة المسومة التي أكلها في خيبر، وأنه يشعر أن أوان مته قد اقترب بسبب تلك الأكلة (الأبهر هو الشريان الموصول بالقلب)، وكان ذلك بعد الأكلة بما يقارب الثلاث سنوات.

فأصابت الرسول صلى الله عليه حمى شديدة، وتروي السيدة عائشة رضي الله عنها لحظة موته وقالت:

” أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تُوُفِّيَ في بَيْتِي، وفي يَومِي، وبيْنَ سَحْرِي ونَحْرِي، وأنَّ اللَّهَ جَمع بيْنَ رِيقِي ورِيقِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ: دَخَلَ عَلَيَّ عبدُ الرَّحْمَنِ، وبِيَدِهِ السِّوَاكُ، وأَنَا مُسْنِدَةٌ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَرَأَيْتُهُ يَنْظُرُ إلَيْهِ، وعَرَفْتُ أنَّه يُحِبُّ السِّوَاكَ، فَقُلتُ: آخُذُهُ لَكَ؟ فأشَارَ برَأْسِهِ: أنْ نَعَمْ فَتَنَاوَلْتُهُ، فَاشْتَدَّ عليه، وقُلتُ: أُلَيِّنُهُ لَكَ؟ فأشَارَ برَأْسِهِ: أنْ نَعَمْ فَلَيَّنْتُهُ، فأمَرَّهُ، وبيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ أوْ عُلْبَةٌ – يَشُكُّ عُمَرُ – فِيهَا مَاءٌ، فَجَعَلَ يُدْخِلُ يَدَيْهِ في المَاءِ فَيَمْسَحُ بهِما وجْهَهُ، يقولُ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، إنَّ لِلْمَوْتِ سَكَرَاتٍ ثُمَّ نَصَبَ يَدَهُ، فَجَعَلَ يقولُ: في الرَّفِيقِ الأعْلَى حتَّى قُبِضَ ومَالَتْ يَدُهُ” (صحيح البخاري 4449)

نتبين من ذلك شدة الحمى التي كان بها صلى الله عليه وسلم فكان يشير إليها برأسه دون أن يتكلم، وكان يمسح على وجهه بالماء ليخفف من شدة الألم.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: قصة مولد الرسول صلى الله عليه وسلم

غُسل النبي

تم تغسيل النبي صلى الله عليه وسلم بملابسه فلم يجردوه منها، في وصول الصحابة لذلك أحد معجزات النبي صلى الله عليه وسلم.

عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت:

“مَّا أرادوا غسلَ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ قالوا: واللَّهِ ما ندري أنُجرِّدُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ من ثيابِهِ كما نجرِّدُ مَوتانا، أم نَغسلُهُ وعلَيهِ ثيابُهُ؟ فلمَّا اختَلفوا ألقى اللَّهُ عليهمُ النَّومَ حتَّى ما منهم رجلٌ إلَّا وذقنُهُ في صَدرِهِ، ثمَّ كلَّمَهُم مُكَلِّمٌ من ناحيةِ البيتِ لا يَدرونَ من هوَ: أن اغسِلوا النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ وعلَيهِ ثيابُهُ، فقاموا إلى رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ فغسَلوهُ وعلَيهِ قميصُهُ، يصبُّونَ الماءَ فوقَ القميصِ ويدلِّكونَهُ بالقَميصِ دونَ أيديهم …” (صحيح أبي داود 3141)

تروي السيدة عائشة رضي الله عنها أنه عندما أرادوا (الصحابة وأهل البيت علي بن أبي طالب والفضل بن عباس وأسامة بن زيد …) تغسيل النبي صلى الله فقالوا انهم لا يعلمون هل يجردون النبي من ملابسه كما يفعلون مع الموتى، أم ينزعون عنه بعض الثياب ويتركون ما يستر عورته، أم يتم تغسيله في ملابسه، واختلفوا في ذلك.

في ذلك الوقت ألقى عليهم الله الموت، وتأكيدًا لذلك تقول السدة عائشة ” حتَّى ما منهم رجلٌ إلَّا وذقنُهُ في صَدرِهِ” كناية عن النوم في استغراق وهو قعود.

في تلك الحالة كلمهم مكلم من ناحية البيت لا يدرون من هو وقال الفقهاء لعله ملك، قال لهم: ” أن اغسِلوا النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ وعلَيهِ ثيابُهُ” في حينها قاموا من نومهم فغسلوا النبي في ملابسه.

كيفية هذا الغسل تصفها السيدة عائشة بأنهم كانوا يصبون الماء فوق ملابسه ويدلكونه فوق الملابس دون المساس ببشرته.

تكفين النبي

أجمع علماء الأمة الإسلامية أن النبي صلى الله عليه وسلم قد تم تكفينه في ثلاث أثواب وفي ذلك قالت السيدة عائشة رضي الله عنها: ” كُفِّنَ رسولُ اللَّهِ في ثلاثةِ أثوابٍ بيضٍ يمانيةٍ كُرسُفٍ، ليسَ فيها قَميصٌ، ولا عمامةٌ …” (أخرجه أحمد 25601)

أي أن النبي صلى الله عليه وسلم تم تكفينه في ثلاث أثواب قطنية، وليس فيه قميص أي ليس في تلك الثلاث أثواب ما يُلبس على شكل الجسم، والعمامة هي التي يتم ارتدائها على الرأس.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: من هي زوجة الرسول التي لقبت بأم المساكين

دفن النبي

يقول أبو بكر الصديق رضي الله عنه: ” لمَّا قُبِضَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ اختَلَفوا في دَفنِه، فقال أبو بَكرٍ: سمِعتُ مِن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ شَيئًا ما نَسيتُه، قال: ما قبَضَ اللهُ نَبيًّا إلَّا في المَوضِعِ الذي يُحِبُّ أنْ يُدفَنَ فيه. ادفِنوه في مَوضِعِ فِراشِه” ( صحيح الترمذي 1018)

قال هذا الحديث أبو بكر رضي الله عنه عندما اختلف الصحابة في مكان دفن النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لهم أن الأنبياء يُدفنون في المكان الذي ماتوا فيه، فرفعوا الفراش الذي مات عليه النبي صلى الله عليه وسلم وحفروا ودفنوه فيه، قيل كان ذلك في أخر ليل يوم الثلاثاء أو في يوم الأربعاء.

يمكنك أيضًا الاضطلاع على: متى ولد الرسول ومتى توفي

بذلك نكون قد ذكرنا أقوال الفقهاء في إجابة سؤال متى توفي الرسول صلى الله عليه وسلم وكيف وملابسات موته وغُسله وتكفينه، ندعو الله أن يرحمنا ويلحقنا به في جناته، والصلاة عليه وآله أجمعين.

قد يعجبك أيضًا