متى يهجر الزوج زوجته في الفراش

متى يهجر الزوج زوجته في الفراش، وما هي أقصى مدة من الممكن أن يهجرها خلالها في الدين الإسلامي، هي أسئلة يبحث الكثير عن إجابة لها، فقد حثنا ديننا أن تقوم العلاقات الزوجية على أسس قيمة مثل الرحمة والمودة، وأن يتخلى الزوجان بالصبر وسعة الصدر، وتجاوز كلاهما عن أخطاء الطرف الآخر، وذلك باستثناء بعض الحالات التي يحق فيها أن يهجر الزوج زوجته في الفراش عبر موقع زيادة.

متى يهجر الزوج زوجته في الفراش

قد حرم الدين الإسلامي على الزوج أن يهجر زوجته في الفراش دون وجود أحد الأسباب المشروعة، وقد اُشتق هذا الحكم من القاعدة العامة لتحريم هجر الإنسان المسلم لأخيه المسلم دون وجود سبب بغض النظر عن أي صفات سيئة به، وهو ما وصانا به أيضًا رسول الله عليه الصلاة والسلام، حيث قال:” لا تَباغَضُوا، ولا تَحاسَدُوا، ولا تَدابَرُوا، وكُونُوا عِبادَ اللَّهِ إخْوانًا، ولا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أنْ يَهْجُرَ أخاهُ فَوْقَ ثَلاثَةِ أيَّامٍ”. 

في الحالات التي يوجد بها سبب مشروع يقتضي الهجر فإن الحكم في تلك الحالة يتحول من الحظر إلى الإباحة، وذلك في إطار مجموعة من الشروط والضوابط المحددة، ولذلك فمن الجائز أن يهجر الزوج زوجته في حالة وجود سبب مشروع يقتضي الهجر، وهو ما اتفق عليه كلًا من الجمهور والظاهرية. 

هناك العديد من الأدلة التي تؤكد على جواز هجر الزوج لزوجته في الفراش، ومن أهم تلك الأدلة قول الله سبحانه وتعالى: “وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ”، وذلك بالإضافة إلى دليل آخر من السنة وهو ما ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام، فعن جابر بن عبد الله قال:” اعْتَزَلَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ نِسَاءَهُ شَهْرًا”. 

من الممكن أيضًا الاستدلال بالعقل على جواز هجر الزوج لزوجته في الفراش، وذلك للأثر الكبير الذي يتركه الهجر في نفوس النساء، وذلك نظرًا للفطرة الطبيعية للمرأة والتي لا تطيق الصبر على فراق زوجها. 

بالرغم من ذلك فإن الأصل في الدين الإسلامي فيما يخص العلاقة الزوجية هو أن تكون المعاشرة بينهما بالإحسان والمعروف، وذلك كما ورد في كتاب الله الكريم: “وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ”، “وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ”، وأن هجر الزوج لزوجته من الأمور الاستثنائية بين الزوجين ولا يجب اللجوء إليه إلا في الحالات التي تقتضي ذلك عند وجود أسباب مشروعة. 

اقرأ ايضًا: شروط عقد الزواج في الاسلام

أسباب هجر الزوج لزوجته في الفراش

هناك مجموعة من الأسباب المشروعة التي يباح فيها أن يهجر الزوج زوجته في الفراش دون أن يأثم، ويعد نشوز الزوجة من الأسباب الرئيسية التي أتيح فيها الهجر وفقًا لما اتفق عليه فقهاء الجمهور والظاهرية، وذلك وفقًا لقول الله تعالى:” وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ”. 

المقصود من كلمة النشوز في اللغة العربية هو العصيان، وكذلك كل شيء ارتفع عن الأرض، وتعريف المرأة الناشز أنها المرأة التي تترفَّع عن زوجها، وتكرهه، ولا تستجيب لأوامره، وبمجرد انتهاء النشوز ورجوع الزوجة إلى زوجها وطاعته كما فرض عليها الله سبحانه وتعالى فعلى الزوج أن لا يستمر في هجرها، وذل نظرًا لزوال السبب المشروع للهجر. 

يجوز أن يهجر الزوج زوجته في الفراش في حالة تأكده من قيام زوجته بارتكاب فعل ناشز، أو في حالة تخوفه من نشوزها إذا لم يهجرها في الفراش، أما دون ذلك فلا يحق له أن يهجرها. 

اقرأ ايضًا: تجربتي بالزواج من مصر

أقصى مدة لهجر الزوج لزوجته

اختلف العلماء من حيث آرائهم في تحديد أقصى مدة جائزة للزوج أن يهجر خلالها زوجته في الفراش، فقد انقسموا إلى رأيان وهما كالآتي: 

الرأي الأول

وهو يبيح للزوج أن يهجر زوجته في الفراش دون التقيد بفترة محددة من الوقت، فهو من يحدد المدة التي يجدها مناسبة حتى تعدل زوجته عن السبب التي هجرها بسببه، وهو ما اتفق عليه الجمهور من الشافعية، والحنفية، والحنابلة. 

كان الدليل الذي اتخذوه في هذا الرأي هو الآية القرآنية التي تناولت هجر الزوج لزوجته، حيث أن الآية لم تحدد مدة زمنية معينة، ولذلك فهو أكر مطلق لا يجب تقييده دون وجود دليل. 

الرأي الثاني

وهو الرأي الخاص بمذهب المالكية فقط، وفيه تم تحديد مدة زمنية للهجر وهي شهر واحد فقط، وفي بعض الحالات يحق للزوج أن يزيد من المدة لتصل إلى 4 أشهر بحد أقصى، وقد كان دليلهم في ذلك هو أن رسول الله عليه الصلاة والسلام لم يجامع زوجاته لمدة شهر كامل. 

وأن الشرع قد وضع مدة زمنية محددة يجوز خلالها أن لا يجامع الزوج زوجته، وهي مدة 4 أشهر بحد أقصى، وأنه من الأولى أن يتم تحديد مدة قصوى للهجر تتساوى مع تلك المدة التي حددها الشرع، وذلك نظرًا لأن تلك المدة هي أقصى مدة قد تستطيع خلالها المرأة الصبر على ابتعاد زوجها عنها، وفي حالة زيادة المدة عن ذلك فقد يتسبب هذا في ضرر نفسي للمرأة، وليس ذلك المرغوب فيه من هجر الزوج لزوجته. 

اقرأ أيضًا: تجارب الزواج من رجل ستيني

ضوابط هجر الزوج لزوجته

بالرغم من أن الرجل يجوز له أن يهجر زوجته في الفراش في حالة توفر أسباب مشروعة لذلك، إلا أنه عليه أن يتدرج في ردود أفعاله لعلاج نشوز زوجته، وذلك كما ورد في القرآن الكريم حيث قال الله تعالى: “وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا”، وفيما يلي تفسير لهذا التدرج الذي ورد في الآية السابقة: 

الوعظ

ففي حالة قيام الزوجة بفعل فيه إشارة إلى نشوزها، مثل تعاملها مع زوجها بتكبر، أو رفض الاستجابة لطلب زوجها لها إلى الفراش، أو العبوس في وجهه بشكل مستمر، فعلى زوجها أن يعظها ويحاول أن يلين من قلبها. 

كما وجب عليه أن يذكرها بواجباتها تجاه زوجها كما فرضها الله تعالى عليها، وترهيبها من غضب الله عليها في حالة عدم قيامها بتلك الواجبات، وفي حالة عدم اتعاظ الزوجة من أسلوب الوعظ فيحق للزوج أن يصعد الأمر إلى المرحلة التالية. 

الهجر في الفراش

من الضروري أن يقتصر هجر الزوج لزوجته فقط في الفراش، وأن لا يزداد عن ذلك ليتعدى خارج حدود المنزل، فلا يجب عليه أن يظهر هجره لها أمام أطفالهم أو الناس، وذلك لتجنب إهانة كرامتها أو إذلالها، وهو أمر غير مطلوب. 

وعليه أن يكتفي فقط بهجرها في الفراش، وهو أمر غير هين على الزوجة حيث يتسبب في شعور الزوجة بالضعف في أنوثتها، وقوتها، وجمالها، وعدم قدرتها على التأثير على زوجها. 

الضرب غير المبرح

يلجأ الزوج إلى هذا الخيار في حال فشل كافة الطرق السابقة، وإذا اضطر عليه فليكن الضرب غير مبرح، وأن لا يقوم بضربها على وجهها أو على مواطن جمالها، وأن يكون الضرب خفيف غير مؤلم، فالضرب المقصود منه هو العقاب وليس الانتقام، فالضرب على المثال يفضل أن يكون بيده على كتفها، أو أن يضربها باستخدام السواك، وما إلى ذلك من أنواع الضرب الخفيف الذي لا ينتج عنه أي أذى. 

بهذا ينتهي مقالنا عن إجابة سؤال متى يهجر الزوج زوجته في الفراش، والتعرف كذلك على أقصى مدة يحق له خلالها أن يهجرها، ومعرفة الأسباب المشروعة التي من الممكن أن يهجرها بسببها. 

قد يعجبك أيضًا