متى يكون الزنا كامل

متى يكون الزنا كامل؟ وما هو حد الزنا في الإسلام؟ فقد حرم الله الزنا ومقدماته، فهو انتهاك غير أخلاقي بإقامة العلاقة الزوجية سرًا بدون زواج، وما يتبعها من نتائج غير محمود عقباها.

فما حرم الله شيئًا وجعله من الكبائر إلا لعظيم أثرها السيء على الأفراد والمجتمعات، فمهما اختلفت الثقافات والأديان، يبقى الزنا منبوذًا إلى يوم الدين، لذا دعونا نسلط الضوء على أحكام الزنا وذلك من خلال موقع زيادة.

متى يكون الزنا كامل؟

متى يكون الزنا كامل

يكره البعض مصطلح الزنا، ويفضلون أن يطلق عليه العلاقة الجنسية بدون زواج، ولكن هذا اللفظ أو غيره لا يمكن له تغيير حقيقة الأمر، فيبقى الزنا محرمًا بشدة، لما له من عواقب مخيفة تصيب الفاعل والمفعول معه، ولكن متى يكون الزنا كامل.

فمقدمات الفاحشة والتي تتمثل في اللمس، التقبيل، الاحتضان الشهواني بين الرجل والمرأة بدون زواج، تعتبر من المعاصي الكبيرة كونها تؤدي في نهاية الأمر إلى وقوع الزنا المحقق، ولكنها لا تعد زنا كامل، حيث لم يحدث خلالها وطء.

فالزنا الكامل هو دخول العضو الذكري للرجل في فرج المرأة بدون زواج، سواء كان هذا الدخول يصاحبه إيلاج أم لا، لكن هذا لا يعفي من أقدم على بدايات الأمر من العقاب، والذي سنتناول تفصيله لاحقًا، ولكن عليه أن يعلم قدر الجرم الذي يقترفه.

حيث قال رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم-:

إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنْ الزِّنَا أَدْرَكَ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ، فَزِنَا الْعَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَا اللِّسَانِ الْمَنْطِقُ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَيُكَذِّبُهُ” (صحيح البخاري).

اقرأ أيضًا: ما هو الزنا وما هو حكمه

تطبيق أحكام الزنا

بعد أن أجبنا عن تساؤل متى يكون الزنا كامل، علينا أن نعرف أن دين الإسلام دين عدل، فلم يفرض الأحكام المختلفة ويوجب تطبيقها إلا بهدف الحد من القيام بالمعصية.

فهي تهذيب وتأديب للنفس المذنبة، وتطبق حدود الله وشريعته إذا ثبت ارتكاب المعصية المعنية بها، فلا يصح تطبيق عقوبة الزنا على من لم يثبت وقوعه في تلك المعصية.

بل يعاقب من قام بإشاعة الفتنة ورمي الناس بالباطل في حال عدم الثبوت حيث قال الله تعالى في كتابه:

الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ” (الآية 4 سورة النور).

لذلك وضع ديننا الإسلامي عدة شروط حتى يستحق المذنب إقامة حد الله عليه بدون تهاون أو رحمة أو تشكيك، والتي تتمثل فيما يلي:

  • أن يكون الزاني على علم بماهية الزنا، ومدى حُرمته، ومع ذلك تعمد الوقوع فيه بكامل إرادته، من خلال النية المبيتة لحدوث ذلك.
  • أن يكون الزنا على صورته التي تحدثنا عنها، وهي قيام الرجل بإدخال الحشفة في قبل المرأة أو دبرها، ولا يشترط الأمر إنزال الرجل منيه، بل تلاحم العضوين في حد ذاته زنا كامل تم إتمام أركانه ويستوجب الحد.
  • ثبوت عملية الزنا من خلال إقرار الفاعلين بذلك أو بشهادة أربعة من الرجال المعروفة بتقوى الله أنهم قد رأوا تلك الفعلة الشنعاء، أو على الأقل شاهدوا غياب حشفة الرجل في فرج امرأة اجنبية عنه.

حد الزنا

في حالة توافر الشروط السابقة وقع الزنا ووقع الفاعل والمفعول معه في كبيرة من الكبائر، واستحقا عقاب الله في الدنيا والآخرة، ولكن يجب التأكد من أركان كل شرط فيهما.

فمثلًا وطء الرجل امرأة لا تعنيه ظنًا منه أنها زوجته لأي سبب لا يندرج تحت مُسمى الزنا، الذي يوجب الخضوع إلى حد الله، كذلك الأمر في البدايات المثيرة بين الرجل والمرأة مهما بلغت، لا تعتبر زنا حيث لم يتم وطئها من القبل او الدبر.

شرع الله إقامة حد الزنا بعد معرفة الشخص بجواب سؤال متى يكون الزنا كامل وتوافر الشروط السابق ذكرها ولكن اختلف الجرم حسب الحالة الاجتماعية للزاني، ففي حالة غير المتزوج يكون الأمر أقل من المتزوج، وذلك لعدم وجود مبرر له فهو معه من تعفه وتمنعه من الزنا.

فيما يلي سوف نتناول النوعين على حدة، حتى يتسنى لنا المعرفة عن كثب بتفاصيل حد الزنا لكل منهما.

أولًا: حد الزنا لغير المتزوج

انقسم حد الله بخصوص الزنا لغير المتزوجين إلى قسمين وسأذكرهما لكم فيما يلي:

  • الجلد المطلق كما في قول الله تعالى:

الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ(سورة النور الآية 2)، واشترط الجلد أن يحضره حشد من المؤمنين للعظة والعبرة.

  • تغريب الزاني عامًا كاملًا عن بلدته، كما جاء في رأي جمهور الفقهاء، الجدير بالذكر أن التغريب لا يشمل المرأة فهو للرجل الزاني غير المتزوج فقط.

ثانيًا: حد الزنا للمحصنين

في حالة الزنا للمتزوج أو المرأة المتزوجة، يكون العقاب الدنيوي أكثر صرامة، حيث يتم رجم كل منهما حتى الموت، بدون تهاون أو تراجع، وذلك بعد ثبوت واقعة الزنا، سواء بالإقرار أو استشهاد الغير.

امتثالًا إلى قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الشَّيخُ والشَّيخَةُ إذا زَنَيا فاجلِدوهُما البَتَّةَ وفي رواية أخرى الشيخُ والشيخةُ إذا زنيا فاجلِدوهما البتةَ بما قضيَا من اللذةِ (صحيح).

كما جاءت رواية أخرى عن رسولنا الكريم:

“أنَّ رَجُلًا مِن أسْلَمَ أتَى النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو في المَسْجِدِ، فَقالَ: إنَّه قدْ زَنَى، فأعْرَضَ عنْه، فَتَنَحَّى لِشِقِّهِ الذي أعْرَضَ، فَشَهِدَ علَى نَفْسِهِ أرْبَعَ شَهَادَاتٍ، فَدَعَاهُ فَقالَ: هلْ بكَ جُنُونٌ؟ هلْ أحْصَنْتَ قالَ: نَعَمْ، فأمَرَ به أنْ يُرْجَمَ بالمُصَلَّى، فَلَمَّا أذْلَقَتْهُ الحِجَارَةُ جَمَزَ حتَّى أُدْرِكَ بالحَرَّةِ فَقُتِلَ” (صحيح البخاري).

الجدير بالذكر أنه لا يتم تطبيق حد الزنا على المرأة الحامل، حتى تضع حملها، فلا ذنب لروح بريئة أن تقتل جزاء ما اقترفته أمها، حيث جاءت امرأة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تعترف بذنبها بعد توبتها وأنها حملت جراء ذلك الفعل الشنيع.

فطلب منها الذهاب حتى تضع حملها، فأتت له بعد ولادتها، فطلب منها أن تعود مجددًا بعد فطام طفلها، وبالفعل تم تطبيق حد الرجم عليها بعد ذلك، لما في ديننا من رحمة واسعة.

اقرأ أيضًا: عقوبة الزاني في الدنيا والآخرة

الزنا غير الكامل

بعد أن عرفنا متى يكون الزنا كامل، علينا أيضًا المعرفة بالزنا غير الكامل، وهو زنا الجوارح دون الوطء الذي لا يوجب الحد، ولكن يلزمه التوبة النصوح، كما جاء في حديث الرسول “العينُ تَزني والقلبُ يَزني فزِنا العينِ النظَرُ وزِنا القلبِ التمَنِّي والفَرجُ يُصَدِّقُ” (صحيح)

إنَّ لمس المرأة الأجنبية عن عمد من الذنوب الكبيرة التي تستوجب التوبة، فعلينا أن نتجنب مواضع الشبهات، ونبتعد قدر المستطاع عمّا حرم الله، حيث يأتي الزنا غير الكامل على النحو التالي:

  • الزنا بالعين، وهو النظر لما حرم الله -عز وجل- وعدم الامتثال لأوامره فيما يخص غض البصر، حيث إنَّ النظر خطوة من خطوات الشيطان، التي قد تتسبب في وقوع الزنا إذا تم إتباعها.
  • الزنا بالأذن، وهو الاستماع إلى الكلمات المثيرة، والتي تدعو إلى الفسق والوقوع في المحظور.
  • الزنا بالقلب، وهو أن يتمنى الرجل أو المرأة إقامة العلاقات الجنسية مع الأجانب، مما يحرك الشهوة في نفس كلًا منهما من خلال التخيل العقلي لذلك.
  • الزنا بالقدم، وهو توجه الرجل أو المرأة إلى مكان خلوة كل منهما بالأخر، بهدف إقامة علاقات محرمة، حتى وإن كانت دون حدوث إيلاج أو إدخال، مبررين ذلك أنه ليس جنسًا بالشكل الذي يضعه في دائرة الكبائر.
  • الزنا باللسان، ويكون ذلك بالتفوه بالكلام الجنسي المثير للغرائز، والذي يحرك الشهوة في الرجل والمرأة، فيفكران في الوقوع في المحرمات، سواء عن طريق الإنترنت أو المحادثات التليفونية.
  • الزنا باليد، وهو لمس أي جزء في المرأة الأجنبية بشهوة، والأمر ينطبق على المرأة مع الرجل الأجنبي، والوقوع في ذلك يشمل كل الأفعال الجنسية من قبل وأحضان وتلامس دون إدخال، وهو ما يسمى بالتفخيذ.

الآثار المترتبة على الزنا الكامل دينيًا

بعد أن عرفنا متى يكون الزنا كامل، علينا أن نعرف ما يترتب على الوقوع فيه من الناحية الدينية، وهو المتمثل فيما يلي:

  • يؤدي وقوع أحد الزوجين في الزنا إلى فساد البيت، دون أن يدري الطرف الآخر سبب ذلك، فهو ينزع البركة من الأسرة، فتكثر المشكلات التي قد تؤدي على الطلاق.
  • قد ينتج عن الزنا ذنوب أقبح كقتل الأطفال الناجمة من تلك الفحشاء، خوفًا من الفضيحة أو التخلي عنهم، فيكبر الطفل مقهورًا بفعل ليس له يد فيه.
  • لا يتزوج الزاني إلا بزانية مثلهن وكذلك الأمر في المرأة، تحقيقًا لقول الله -عز وجل- الزَّانِي لا يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ(الآية 3 سورة النور).
  • يضيع الزنا الحسنات يوم الموقف الأعظم، حيث أخبرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذلك في حديثه الشريف “حُرمةُ نساءِ المجاهدينَ على القاعدينَ كحرمةِ أمَّهاتِهم، وإذا خلَّفَه في أَهلِهِ فخانَه قيلَ لَه يومَ القيامةِ: هذا خانَك في أَهلِك فخُذْ من حسناتِه ما شئتَ فما ظنُّكُم (صحيح)
  • الزنا يقوم بنزع التقوى من ضمير المسلم، فيسهل له ارتكاب كافة المعاصي، دون الحياء من الله ولا الخوف منه، فهو يجحد القلب.
  • يمنع الوقوع في الزنا من استجابة الدعاء حيث قال رسول الله فتحُ أبوابُ السماءِ نصفَ الليلِ فينادِي منادٍ هل من داعٍ فيُستجابُ له هل من سائلٍ فيُعطَى هل من مكروبٍ فيُفرَجُ عنه فلا يَبقَى مسلمٌ يدعو بدعوةٍ إلا استجاب اللهُ له إلا زانيةً تسعَى بفرجِها أو عشَّارًا” (صحيح).
  • يعد الزنا من أسباب تفشي العذاب في الأمة، وذلك من خلال قيامه بنزع الإيمان من قلوبهم والعياذ بالله.

اقرأ أيضًا: ما هو الزنا الغير كامل وما هي أنواعه؟

أضرار الزنا الكامل من الناحية الدنيوية                  

في إطار الحديث عن إجابة متى يكون الزنا كامل، نشير إلى أنَّ الله لا يُحرّم شيئًا إلا لمعرفته عز وجل بحجم الخطر الذي يشكله ذلك الذنب، فتتشكل مضار الزنا في الدنيا على النحو التالي:

  • يتسبب الزنا في قطع العلاقات بين الناس، لانشغال الزاني بشهواته وانسياقه ورائها.
  • تؤدي العلاقات غير المشروعة إلى فساد المجتمعات وخلق الأنساب، والقضاء على مستقبل الأولاد القادمة عن طريقه بشكل أو بآخر.
  • يتسبب الزنا في فضح المرأة وأهلها، وجلب العار عليها طيلة حياتها.
  • يتسبب الوقوع في الفحشاء بصورة كاملة في العديد من الأمراض الجنسية، كالهربس والقرح والإيدز الذي قد يؤدي بدوره إلى الوفاة.

طرق تجنب الوقوع في الزنا الكامل

هناك عدة نصائح، إذا اتبعها المسلم، لن يقع فريسة لأهواء النفس ولن ينال الزنا منه، والتي سأسردها عليكم فيما يلي:

  • الانتباه إلى أضرار الزنا الدينية والدنيوية، وذلك بهدف الاتعاظ.
  • تسهيل أمور الزواج على الرجل والمرأة من خلال تيسير المهور والمتطلبات.
  • منع الخلوة بين الرجل والمرأة لتجنب الوقوع في الفاحشة، حيث نبه الرسول الكريم إلى ذلك حيث قاللا يخلُوَنَّ بامرأةٍ، فإنَّ ثالثَهما الشَّيطانُ(صحيح)
  • نشر التعاليم الإسلامية الصحيحة، والتقرب على الله -عز وجل-.
  • اختيار الرفاق الذين يحثون على طاعة الله والامتثال إلى أوامره، وتجنب ما نهى الله عنه.
  • تأدية فروض الله في أوقاتها، فهي تنهى عن الفواحش كافة.
  • الحد من الاختلاط إلا في الحدود المسموح بها في الأماكن العامة.
  • الإكثار من الصيام في حالة عدم القدرة على الزواج في الوقت الحالي.

اقرأ أيضًا: التوبة من الزنا

الآن وقد عرفنا متى يكون الزنا كامل، وما العواقب التي تعود على الزاني في حياته وفي دينه، وكيف للشخص أن يتجنب الوقوع في تلك المعصية، حتى يفوز برضا الله والجنة وينعم بالحياة السوية في ظل ديننا الطاهر.

قد يعجبك أيضًا