متى كان وعد بلفور؟ ولمن مُنح؟ يُعد هذا الوعد ذو حدين، فقد يكون مشؤوم بالنسبة للعرب، ولكنه سعيد بالنسبة للصهاينة، حيث تم سلب الأرض الفلسطينية من شعبها ومنحها إلى الشعب الصهيوني الذي لم يكن له أرض ولا وطن، والآن سنعرض لكم إجابة سؤال متى كان وعد بلفور وكيف من خلال موقع زيادة.
متى كان وعد بلفور
تم وصف هذا الوعد بجملة تشتمل على ما ينصه هذا الوعد في جملة واحدة وهي “أرض بلا شعب لشعب بلا أرض”، حيث في خلال فترة تقاسم المنتصرون في الحرب العالمية الثانية أي في عام 1917م، قام وزير الخارجية البريطانية أرثر بلفور في 2 نوفمبر” تشرين” عام 1917م، بكتابة رسالة إلى أحد زعماء اليهود في بريطانيا وهو البارون روتشيلد.
توضح الرسالة تعاطف بريطانيا مع الحركة الصهيونية التي كانت تسعى في هذا الوقت إلى إقامة دولة لليهود في فلسطين، واتخاذها وطن.
تتضمن الرسالة طلب بلفور من روتشيلد بإبلاغ الصهاينة المتواجدين في المملكة المتحدة وايرلندا بتعاطف الحكومة البريطانية معهم والمتمثلة في أرثر بلفور، فبالتالي عملت الرسالة على تشجيع ودعم كل اليهود القاطنين في القارة الأوروبية.
كما نجحت هذه الرسالة في إقامة دولة لليهود داخل فلسطين، ولكن بعد مرور 31 عام من إرسالها، حيث تم تأسيس أو أعلان قيام الدولة الإسرائيلية داخل فلسطين في عام 1948م.
من الطبيعي وجود بعض الأسباب التي دفعت وزير الخارجية البريطانية أرثر بلفور إلى إرسال هذه الرسالة إلى اليهود، ومن هذه الأسباب:
- إرادة بريطانيا في الحصول على دعم الجالية الصهيونية في الولايات المتحدة، بل وفي قارة أوروبا كلها، وذلك بسبب أن الجالية الصهيونية كانت تتعاون مع الولايات المتحدة في الحرب العالمية الثانية، فكانت تريد بريطانيا أن توحد صفوفها مع الولايات المتحدة في الحرب.
- يوجد اعتقاد ولكنه ضعيف، وهو اعتقاد بريطانيا أن العهد القديم يطالب بحق إسرائيل في فلسطين.
- رغبة بريطانيا في تقليل الهجرة اليهودية نحو أوروبا، لما تحمله هذه الهجرات من أعباء على الدول الأوروبية.
- أما بالنسبة إلى بلفور نفسه فقام بتبرير إرساله هذه الرسالة إلى دوافع إنسانية، ولكن من المؤكد أنه كان يوجد له مصالح شخصية وراء هذا الوعد.
اقرأ أيضًا: هل بني إسرائيل هم إسرائيل حاليًا وما هي تفاصيل نشأتهم؟
نص الرسالة أرثر بلفور
بعد أن أجبنا لكم على سؤال متى كان وعد بلفور؟ وتعرفنا على موعده وعلى أسباب صدوره، سنعرض لكم الان نص وعد بلفور كامل:
وزارة الخارجية
الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني سنة 1917
عزيزي اللورد روتشيلد
يسرني أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة جلالته بالتصريح التالي الذي يعبر عن التعاطف مع طموحات اليهود الصهاينة التي تم تقديمها للحكومة ووافقت عليها.
“إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين وستبذل قصارى جهدها لتحقيق هذه الغاية، على ألا يجري أي شيء قد يؤدي إلى الانتقاص من الحقوق المدنية والدينية للجماعات الاخرى المقيمة في فلسطين أو من الحقوق التي يتمتع بها اليهود في البلدان الاخرى أو يؤثر على وضعهم السياسي”.
سأكون ممتنا لك إذا ما احطتم الاتحاد الصهيوني علما بهذا البيان.
آرثر بلفور
تتضمن هذه الصورة النص الأصلي له وعد بلفور، كما تتضمن متى كان وعد بلفور، ومن هو صاحبه.
ما حدث بعد إصدار هذا الوعد
تتوالى الأحداث بعد صدور هذا الوعد، فبعد أن عرضنا لكم متى كان وعد بلفور؟ فمن الجدير بالذكر أن الحكومة البريطانية قامت بعرض هذا الوعد على كل من رئيس فرنسا ورئيس المملكة المتحدة الأمريكية ووافقت عليه هذه الدول قبل نشرة.
كما قام الرئيس الأمريكي ويلسون بعمل إعلان رسمي لهذا الوعد عام 1917م، كما قامت اليابان بنشرة بشكل رسمي ايضًا في نفس العام.
تم عقد مؤتمر لقوات الحلفاء في عام 1920م، وأطلق عليه أسم” سان ريمو”، وتم الاتفاق في هذا المؤتمر على منح بريطانيا حق الانتداب على فلسطين، كما وافق مجلس عصبة الأمم المتحدة على مشروع الانتداب في عام 1922م، وتم تنفيذ الانتداب عام 1923م.
بعد إعلان قرار الانتداب وبدء تنفيذه، اختلفت ردود أفعال العرب، حيث شعر البعض بالغضب والنفور، وشعر البعض الآخر بالغضب والرغبة في القيام بثورة لرد الحق لصاحبه مرة أخرى، لذلك قامت بريطانيا بإرسال رسالة إلى الشريف حسين وتتضمن الرسالة الآتي:
تأكيد بريطانيا أنها لن تسمح بالاستيطان الإسرائيلي إلا عندما تتفق مصلحة العرب مع هذا الاستيطان من جميع النواحي، ولكنها في نفس الوقت قامت الحكومة البريطانية بإعطاء أوامر إلى القوى المتواجدة في الأراضي الفلسطينية، تشير تلك الأوامر إلى ضرورة إطاعة أوامر الجالية اليهودية بالكامل” برئاسة حاييم وايزمن”.
كما طلبت من المهاجرين اليهود القادمين من الغرب في روسيا ومنطقة أوروبا الشرقية بالتوجه إلى فلسطين مباشرةً والاستيطان فيها، مما يؤدي إلى بطلان القرارات التي كانت تشتمل عليها الرسالة المبعوثة من الحكومة البريطانية إلى العرب.
أما عن حالة الشعب الفلسطيني فأنه كان يصيبه في هذه الفترة حالة من الذهول والبغض والغضب من هذا الأمر الذي طرأ عليهم فجأة، فقد حاول الشعب الفلسطيني جاهدًا في منع الاستيطان اليهودي ولكن كل هذه المحاولات كانت بلا جدوى، وكانت أول هذه المحاولات ثورة البراق عام 1929م، ثم تلتها ثورة 1936م.
اقرأ أيضًا: ما هي أهمية الموقع الجغرافي لفلسطين؟
محاولات بريطانيا في الاستيطان اليهودي.
بعد أن أجبنا عن سؤال متى كان وعد بلفور؟ سنعرض لكم محاولات بريطانيا في الاستيطان اليهودي داخل فلسطين، حيث قامت الحكومة البريطانية بتوجيه جميع اليهود المهاجرين تقريبًا من جميع الدول الأوروبية إلى فلسطين وأمرهم بالاستيطان فيها.
لكن اعترض اليهود الليبراليين على هذه الأوامر حيث كانوا قد تأقلموا واستطاعوا الاندماج في المجتمعات التي عاشوا فيها، ولكن لم تأخذ بريطانيا هذا الاعتراض بعين الاعتبار وتركت لهذه الفئة الحرية في اختيار مكان معيشتهم.
لم يؤثر ذلك الاعتراض عامةً في حركة الصهاينة إلى الاستيطان في فلسطين، فقد حدث في عام 1947م تغير تام في هذه القضية، حيث أصدر قرار من قبل القاضي بتقسيم فلسطين، ليحظى اليهود بحلمهم في الحصول على وطن خاص بهم، ولكن كان هذا القرار ظالم لحد كبير بالنسبة للشعب الفلسطيني.
طالب العرب بريطانيا في الرجوع عن هذا الوعد الذي يضمن حق الصهاينة ويظلم الشعب الفلسطيني أشد الظلم، حيث شاهد الشعب الفلسطيني اشد أنواع الظلم في الفترة التي تلت إصدار هذا الوعد، ومازالت تشهد هذا الظلم حتى الآن.
كما طالب بتعويض الشعب العربي ماديًا ومعنويًا عما تسبب فيه هذا الوعد من صعوبات للشعب الفلسطيني، ولكن رفضت بريطانيا سحب هذا الوعد، وظلت تُساند الشعب اليهودي حتى آخر لحظة، ولكنها وعدت الشعب العربي بضمان حقوقهم، وعدم تجاوز اليهود حقوق الشعب الفلسطيني باي شكل كان، ولكن لم يتم الاتفاق كما ينص عليه.
اقرأ أيضًا: هل بني إسرائيل هم إسرائيل حاليًا وما هي تفاصيل نشأتهم؟
من هو ارثر بلفور؟
في إطار إجابتنا عن متى كان وعد بلفور؟ لا بد من معرفة من هو بلفور:
هو رجل سياسة بريطاني ولد في 25 يوليو 1848م وتوفي في 19 مارس 1930م. كان رئيس مجلس الوزراء في بريطانيا في الفترة من 11 يوليو 1902م إلى 5 ديسمبر 1905م. كما شغل منصب وزير الخارجية في بريطانيا في الفترة من 1916م إلى 1919م في حكومة ديفيد لويد جورج.
هو صاحب الوعد الشهير الذي يُعرف باسمه وهو وعد بلفور الذي ينص على توفير وطن للصهاينة، وذلك للأسباب السابق ذكرها.
كما أبدى بلفور بالإعجاب بشخصية الزعيم الصهيوني حاييم وايزمان الذي التقى به في عام 1906م، فتعامل مع الصهيونية على أنها قوة سياسية يمكن أن تساعد بريطانيا خارج نطاق أوروبا، وذلك بعد أن تم إقناع الرئيس الأمريكي بقدرة الصهاينة على المساعدة في الحرب العالمية وبالفعل نجحت في المشاركة معهم في هذه الحرب.
كما سبق القول إن هذا الوعد أعطى حق لمن لا حق له، كما سلب حقوق من لهم الحق، وكان قائم على ظلم فئة وهي الشعب الفلسطيني، ونصر فئة أخرى وهي الشعب الصهيوني، وما وعد بلفور به قد تحقق للشعب الصهيوني.