أين تذهب أرواح المؤمنين بعد الموت

أين تذهب أرواح المؤمنين بعد الموت؟ وأين يكون مستقرها؟ فمن المتعارف إليه بأنه عند الموت تفارق الروح الجسد وتنتقل من دار الدنيا إلى حيث أماكن أخرى تم توضيحها في كتاب الله والسنة النبوية، فأين تذهب أرواح المؤمنين بعد الموت، وهذا ما سنجيب لكم عنه من خلال موقع زيادة.

أين تذهب أرواح المؤمنين بعد الموت

يقول الله عز وجل في كتابه العزيز (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ) [آل عمران، 185]، لهذا يجب أن نؤمن بحقيقة الموت، فلا مفر منها، وأن نستعد لمثل هذا اليوم لأن أرواحنا سوف تُقبض، وتذهب إلى حيث تقودنا أعمالنا التي كانت في الدنيا إما للجنة أو للنار، لكن التساؤل هنا أين تذهب أرواح المؤمنين بعد الموت مباشرةً؟ حيث إن العلماء اختلفوا في مستقر الروح عقب الموت.

فمنهم من قال إن أروح المؤمنين سوف ترسل إلى الله في الجنة ما لم يكن صاحب الروح على دين أو فعل كبيرة من الكبائر، ومن رأى أن الأرواح سوف تظل في فناء الجنة بالتحديد على أبوابها، والآخرون قالوا إنها سوف تظل في القبر.

لكن في حقيقة الأمر وعلى الأرجح قبل الاستقرار في الآخرة تتنقل أرواحنا من دار الدنيا إلى حيث دار البرزخ، والذي يعد واحدًا من الغيبيات التي لا يستطيع إدراكها العقل بكل سهولة، ويُقصد بالبرزخ هو الحاجز بين الشيئين.

أما في الشرع فإن البرزخ هو المرحلة التي تأتي بعد الموت، حيث تكون الروح بين الدنيا والآخرة، وتستمر هذه المرحلة من وقت الموت حتى وقت البعث.

قد ذكر الله عز وجل البرزخ في قوله تعالى: (لَعَلِّيٓ أَعۡمَلُ صَٰلِحٗا فِيمَا تَرَكۡتُۚ كـَلَّآۚ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَآئِلُهَاۖ وَمِن وَرَآئِهِم بَرۡزَخٌ إِلَىٰ يَوۡمِ يُبۡعَثُونَ) [ٍالمؤمنون: 100].

فبعد أن ثبت أن هناك حياة البرزخ عقب الموت؛ فإنه يجدر بنا الإشارة إلى قول إن أرواح المؤمنين سوف تسرح في الجنة لكي ترى ما فيها من جمال وروعة، وتذوق ثمارها، وتعيش ما أعده الله عز وجل لها من الكرامة.

فإن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- قال ” إنَّما نسمةُ المؤمنِ طائرٌ تعلَّقَ في شجرِ الجنةِ، حتى يُرْجِعَه اللهُ تعالى إلى جسدِه يومَ يبعثُه” رواه كعب بن مالك.

اقرأ أيضًا: أقوال الإمام علي عن الموت

أقوال أهل السنة عن روح المؤمن بعد الموت

سوف نتطرق بشكل أكثر في موضوعنا الذي يعرض لكم إجابة سؤال أين تذهب أرواح المؤمنين بعد الموت، حيث إننا في هذه الفقرة سوف نتناول عرض أقوال أهل السنة بشأن الروح عقب الموت.

فإن مذهب أهل السنة عن الأرواح بعد الموت هو أن الملائكة سوف ترفع هذه الأرواح إلى الله عز وجل للسؤال، فإذا كانت هذه الأروح من السعداء أي من المؤمنين الصالحين فسوف يسيرون بها إلى الجنة.

حيث إنهم سوف يرون مقعدهم فيها، وهذا وقت غُسل الميت، ثم بعد ما يتم التغسيل والتكفين للميت تعود الروح مجددًا إلى الإنسان وتمكث بين جسده وكفنه، وفي هذه الحالة يستطيع الميت سماع من حوله دون أن يتكلم أو حتى يشير.

يمكن الاستدلال على ذلك في قوله تعالى: (فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ) [سورة الواقعة: 83:84].

ثم بعد دفن الجسد سوف ترد إليه الروح مجددًا لكي يجلس للسؤال بكلٍ من روحه وجسده، وذلك بدليل قول الرسول – صلى الله عليه وسلم-:

يأتيه ملَكانِ فيُجلسانِه فيقولان له مَن ربُّك؟ فيقولُ ربِّي اللهُ فيقولانِ له ما دينُك؟ فيقولُ دينِيَ الإسلامُ فيقولان ما هذا الرجلُ الذي بُعِثَ فيكم؟ فيقولُ هو رسولُ اللهِ فيقولانِ وما يدريكَ؟ فيقولُ قرأتُ كتابَ اللهِ فآمنتُ به وصدقتُ فذلك قولُه يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ الآيةُ قال فينادِي منادٍ من السماءِ أن صدق عبدِي فأفرِشوه من الجنةِ وألبِسوه من الجنةِ وافتحوا له بابًا إلى الجنةِ قال فيأتيه من رُوحِها وطيبِها ويُفسحُ له فيها مدَّ بصَرِه“.

اقرأ أيضًا: إحساس الميت بعد الموت

أقوال الصحابة والتابعين عن روح المؤمن بعد الموت

لعلك تساءلت ذات يوميًا عن أين تذهب أرواح المؤمنين بعد الموت رغبةً منك في التطلع إلى ما هو في علم الغيب، فعلى الرغم من أن الغيبيات لا يمكن الاطلاع عليها، إلا أن أهل السنة والصحابة والتابعين حاولوا أن يهدونا إلى بعضًا منها.

ذلك كما جاء في قوله تعالى: (وَيَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلرُّوحِۖ قُلِ ٱلرُّوحُ مِنۡ أَمۡرِ رَبِّي وَمَآ أُوتِيتُم مِّنَ ٱلۡعِلۡمِ إِلَّا قَلِيلٗ) [الإسراء: 85]، وبالنسبة لأقوال الصحابة والتابعين فإنها تعددت بشأن مستقر الروح عقب الموت.

إلى أن كانت الأقوال المرجحة، والتي تُظهر الأدلة أن السعداء أي المؤمنين الصالحين سوف تبقى أرواحهم في عليين، أما الأشقياء أي المذنبين والكافرين سوف تظل أرواحهم في الأرض كما أنها لن تصعد عنها.

فكما قال ابن حجر عن مستقر الروح عقب الموت إن أرواح المؤمنين ستكون في عليين، وأرواح الكافرين في سجين.

الحديث الشريف الواصف لحالة أرواح المؤمنين بعد الموت

روى البراء بن عازب حديث شريف مشهور عن الرسول – صلى الله عليه وسلم- بشأن مستقر الأرواح عقب الموت.

حيث إننا سوف نقوم بتقسيم هذا الحديث إلى ثلاثة أجزاء لتكون إجابتنا عن سؤال أين تذهب أرواح المؤمنين بعد الموت واضحة ودقيقة، وإليكم بالحديث:

  • قال النبي – صلى الله عليه وسلم- عن لحظة خروج روح المؤمن من الجسد “إِنَّ العبدَ المؤْمن إذا كان في انْقِطَاعٍ من الدُّنْيَا، وإِقْبالٍ من الْآخِرَةِ، نزل إليه من السَّمَاءِ ملائكةٌ بِيضُ الوجُوهِ، كأَنَّ وجوهَهُمُ الشمسُ ، معهُمْ كفنٌ من أكْفَانِ الجنَّةِ، وحَنُوطٌ من حَنُوطِ الجَنَّةِ ، حتى يَجْلِسُوا منه مَدَّ البَصَرِ ، ثُمَّ يَجِيءُ مَلَكُ المَوْتِ حتى يَجلِسَ عندَ رأسِه فيَقولُ : أيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ اخْرُجِي إلى مغْفِرةٍ من اللَّهِ ورِضْوَانٍ، فتخْرُجُ تَسِيلُ كما تسِيلُ القَطْرَةُ من فِي السِّقَاءِ“.
  • أما عن لحظة صعود الملائكة بأرواح المؤمنين بعد الموت إلى السماء ومدحهم، فإن الرسول – صلى الله عليه وسلم- قال ” فيَأْخذُها، فإذا أخَذَها، لم يَدَعُوها في يَدِه طَرْفَةَ عَيْنٍ، حتى يَأْخُذُوها فيَجْعَلُوهَا في ذلكَ الكَفَنِ وفي ذلكَ الحَنُوطِ، فيَخْرُجُ منها كأَطيَبِ نَفْخَةِ مِسْكٍ، وُجِدَتْ على وجْهِ الأرضِ، فيَصْعَدُونَ بِها فلا يمُرُّونَ بها على مَلَكٍ من الملائِكَةِ، إلَّا قالُوا: ما هذا الرُّوحُ الطَّيِّبُ؟ فيقولُونَ: فُلَانُ بنُ فُلَانٍ بأَحْسَنِ أسمائِه التي كانُوا يُسَمُّونَه بها في الدُّنْيَا – حتى ينْتَهُوا بها إلى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَسْتَفْتِحون له فَيُفْتَحُ له، فيُشَيِّعُهُ من كلِّ سماءٍ مُقَرَّبُوها إلى السماءِ التِي تلِيها، حتى يُنتَهَي إلى السماءِ السابِعةِ“.
  • كما أن الحديث الشريف ذكر لحظة إعادة روح المؤمن مجددًا إلى الأرض، وذلك عندما قال النبي – صلى الله عليه وسلم-: ” فيقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ: اكْتُبُوا كِتابَ عبدِي في علِّيِّينَ، وأَعِيدُوا عَبدِي إلى الأرضِ، فإِنِّي مِنها خَلَقتُهم، وفِيها أُعِيدُهُم، ومِنها أُخْرِجُهم تارةً أُخْرَى”.

أقوال العلماء عن مكان أرواح المؤمنين بعد الموت

من الجدير بالذكر أيضًا أن نوضح من خلال إجابتنا عن سؤال أين تذهب أرواح المؤمنين بعد الموت ما أجمع عليه العلماء، حيث إن بعضهم يرون أن روح المؤمن بعد موته وقبل النفخة الأولى أي قبل ظهور أول حدث من أهوال يوم القيامة تظل متواجدة.

فإن النفخة الأولى هي التي يموت عندها كل الخلائق إلا ما يريده الله عز وجل، ويمكن تلخيص أقوال العلماء العديدة في النقاط التالية:

  • يقول بعض العلماء إن الروح سوف تفنى عند حدوث النفخة الأولى مستدلين على ذلك بقوله تعالى: (كُلُّ مَنۡ عَلَيۡهَا فَانٖ (26) وَيَبۡقَىٰ وَجۡهُ رَبِّكَ ذُو ٱلۡجَلَٰلِ وَٱلۡإِكۡرَامِ (27)) [سورة الرحمن].

دلالات خروج الروح من الجسد

دفعنا التساؤل عن أين تذهب أرواح المؤمنين بعد الموت إلى البحث عن الأسئلة الأكثر ترافقًا لهذا السؤال، ومن أبرزها سؤال ما الدلالة على خروج الجسد من الروح بالفعل، حيث إننا سوف نجيب لكم في السطور التالية.

أخبرنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم- أن الروح سوف يتم قبضها عند انتهاء الأجل من قِبل ملك الموت، وسوف يكون معه أعوان لكي يعاونه، وذلك كما جاء في قوله تعالى: (قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ) [السجدة: 11].

كما أنه أخبرنا – صلى الله عليه وسلم- أن هناك العديد من العلامات التي تدل على خروج الروح ومن أبرزها هي شخوص البصر، فعن أم سلمة – رضى الله عنها-: “دَخَلَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ علَى أَبِي سَلَمَةَ وَقَدْ شَقَّ بَصَرُهُ، فأغْمَضَهُ، ثُمَّ قالَ: إنَّ الرُّوحَ إذَا قُبِضَ تَبِعَهُ البَصَرُ“.

كما أنه عند موت الإنسان الصالح تتنزل الملائكة عليه لكي تبشره بالجنة وتعمل على طمأنته، وهذا كما جاء في قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ) [فصلت: 30].

قال البعض أن الملائكة سوف تتنزل على الأرواح عند خروجها من القبور، وقيل بل في القبور، وذلك أثناء لحظة الاحتضار فسوف تأتي لتبشره بأنه من أهل الجنة، وتأنسه من وحشة القبر.

اقرأ أيضًا: علامات النزاع قبل الموت

مستقر مختلف الأرواح عقب الموت

كما تعرفنا إلى أين تذهب أرواح المؤمنين بعد الموت، فإننا سوف نتعرف أيضًا إلى الأماكن التي سوف تذهب إليها الأرواح الأخرى لتغذية عقولنا بالمعلومات المفيدة، وإليكم بتلك المعلومات:

  • أرواح الأنبياء: تستقر أرواح الرسل في أعلى المنازل أي في عليين، وكذلك في الرفيق الأعلى، وهذا كما رويت السيدة عائشة رضى الله عنها قائلة ” سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ يقولُ عندَ وفاتِه اللَّهم اغفِر لي وارحَمني وألحِقني بالرَّفيقِ الأعلَى“.

لكن من الجدير بالذكر أنهم متفاوتون في هذه المنزلة، أي أن الأنبياء لن يبلغوا المرتبة نفسها.

  • أرواح الشهداء بعد الموت: سوف تكون عند الله عز وجل، فإن الشهداء سيظلون أحياء عند خالقهم يرزقون، كما هو في قوله تعالى: ( وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) [آل عمران، 169].
  • استقرار أرواح المؤمنين بعد الموت: حيث إن كعب بن مالك روى عن الرسول – صلى الله عليه وسلم- أنه قال “أرواحُ المؤمِنينَ في أجوافِ طيْرٍ خُضْرٍ تُعلَّقُ في أشْجارِ الجنةِ، حتى يَرُدَّها اللهُ إلى أجْسادِها يومَ القيامةِ“، وهذا يدل على بقاء هذه الأرواح معلقة في شجر الجنة حتى يوم البعث.
  • أرواح العصاة: جاءت العديد من الأقاويل بشأن مصير العصاة، حيث قيل إن من ينام عن الصلاة المكتوبة، فسوف يتم شدخ رأسه بصخرة، أما الزناة سوف يعذبون بثقب يتشابه مع التنور، فالأمر يختلف على حسب معاصيهم.
  • الأرواح المحبوسة على باب الجنة: قيل إن من عليه دين سوف تظل روحه على باب الجنة.
  • أرواح الكفار: سوف تخرج من أجسادهم مثل الريح النتنة.
  • أرواح الأطفال: سوف تكون في الجنة.

إن أرواح المؤمنين بعد موتها ستذهب إلى دار البرزخ حيث ما بين الدنيا والآخرة، والتي تعد من الأمور الغيبية كما قال أهل السنة والصحابة والتابعين، وهذا داخل القبر حتى يوم البعث.

قد يعجبك أيضًا