أين نزلت سورة النبأ

أين نزلت سورة النبأ؟ وما هي ملابسات نزول آياتها الكريمة على النبي (صلى الله عليه وسلم)؟ هذه أسئلة يجب على كل مسلم أن يلم بإجاباتها لما فيها من موعظة وذكرى للسائلين، كما أنها تبين أن الإيمان باليوم الآخر أمر عقائدي، ومن موقع زيادة نتناول الحديث عن مكان نزول السورة الشريفة وأحداثها.

أين نزلت سورة النبأ؟

إن جواب المباشر عن سؤال موضوعنا اين نزلت سورة النبأ هو: نزلت سورة النبأ في مكة المكرمة.

الآن سنتطرق في الحديث عن ملابسات نزول هذه السورة المكية الشريفة فيما يلي.

اقرأ أيضًا: سبب نزول سورة النازعات

مكة المكرمة

كما ذكرنا لكم مسبقًا في إجابة سؤال أين نزلت سورة النبأ، أن هذا المكان هو مكة المكرمة، حيث إنها ليست مكان نزول سورة النبأ فقط بل هي مكان نزول أغلب السور القرآنية، وقد كان فيها نزول الوحي وبداية البعثة النبوية بالإسلام إلى أنحاء الأرض كافة، وقد بعث النبي في مكة بقبيلة قريش التي عاش بين ظهور أهلها المشركين لله العابدين للأصنام.

إن مكة المكرمة هي أقدس بقاع الرض ففيها المسجد الحرام، وهو ثاني القبلتين، ومركز الأرض عند الكعبة المشرفة، التي أمر الله الملائكة ببنائه عقب خلق الأرض، ثم أمر إبراهيم وإسماعيل بإعادة بنائه فوق الحجر الأساسي لبناء الملائكة.

تبعد مكة المكرمة عن مدينة النبي (صلى الله عليه وسلم) بمقدار 400 كم في اتجاه جنوب غرب المدينة المنورة، وتبعد عن الطائف بحوالي 75 كم شرقًا، وعن مدينة جدة بمقدار 72كم.

بالنسبة لخطوط العرض والطول، فإن مكة تقع عند تقاطع درجات العرض 21/25 شمالًا و39/49 شرقًا، وهي ذات تكوينات صخرية قاسية بل أن الجرانيت المكون لها شديد الصلابة.

تبلغ مكة من المساحة ما يعادل 850كم مربع، وترتفع عن سطح البحر بحوالي 277مترًا وهي مأهولة بالسكان منذ عهد إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام.

سورة النبأ

هي سورة مكية أنزلها الله تعالى على النبي (صلى الله عليه وسلم)، بوحي جبريل عليه السلام في أرض مكة المكرمة، وهي صورة المُفَصِّل وعدد آياتها أربعون آية، وهي بالترتيب الثامن والسبعين من ترتيب السور بالقرآن الكريم، وهي أول سورة بالحزب الـ 59 والأولى من سور الجزء الثلاثين.

كما يجدر بنا ذكر بعض الجوانب الأخرى التي تخص محور موضوعنا – أين نزلت سورة النبأ؟ – حيث تعد أول سورة أُنزلت بعد سورة المعارج، وبدأت السورة باستفهام استنكاري من الله للمشركين على عدم تصديق البعث والحساب والقيامة فبدأها الله تعالى بقوله (عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ) ومن الجدير بالذكر أن لفظ الجلالة لم يذكر مطلقًا في هذه الصورة.

أسباب نزول سورة النبأ

فيما أورد المفسرون حول أسباب نزول سورة النبأ والذي يرجع أثره إلى عبد الله بن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن قبيلة قريش بمكة كانت تتساءل فيما بينها على ما أنزل على النبي (صلى الله عليه وسلم) من القرآن، وما جاء به من خطاب الآخرة.

فيتجادلون فيما بينهم عن هذا الأمر العظيم الذي أتي به الإسلام وما حدثهم القرآن به عن البعث ثم القيامة ثم الحساب، فما كانوا له بمصدقين وظلوا حوله يتجادلون عن صحته تارة، ويهزئون منه تارة، وقد بين الله تعالى عبثهم في أمر البعث والحساب.

فقال تعالى: (وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنثِ الْعَظِيمِ (46) وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (47) أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ (48) قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ (49) لَمَجْمُوعُونَ إِلَىٰ مِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ) [46-50 الواقعة]

فرد الله على تساؤلاتهم بالجواب القاطع والتحذير والنذير المبين في القرآن بسورة النبأ فقال تعالى: (عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (1) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (2) الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ (3) كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (4) ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ) [1-5 سورة النبأ]

فقال تعالى منكرًا لتساؤل المشركين عن يوم القيامة بـ (عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ)، ثم تلاها بالآية الخبرية عنه فقال (عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (2) الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ (3)) وتبادل العلماء التفسير في أن النبأ العظيم هو البعث بعد الموت أو أنه يوم القيامة أو أنه القرآن الكريم، فقد اختلفوا فيما بينهم بالفعل عن الثلاث مسائل ولكن أرجح القول يذهب لأنه يوم القيامة.

ثم تلا الله تعالى قوله: (كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (4) ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (5)) في بيان شديد اللهجة معظم بالتكرار لتأكيد على جزاء من لم يصدق بيوم القيامة أو بالبعث للحساب، فبظنهم هذا سيكون الخلق عبثًا لا حق فيه ولا عدل، وتعالى الله عز وجل عن كل ذلك.

فما خلق الله تعالى السماوات والأرض إلا بالحق، ولأجل مسمى لا يعلمه إلا هو وحده، ليبعث العباد ويلقى كل عبد جزاء ما صنع في الحياة الدنيا.

اقرأ أيضًا: سبب نزول سورة النبأ

المقاصد من سورة النبأ

بعد أن تعرفنا إلى إجابة سؤال أين نزلت سورة النبأ، من المهم أن نعلم أيضًا مقاصد سورة النبأ، حيث إنه بالرغم من قصر السورة إلا أن مقاصدها كانت متعددة بل وفي غاية الأهمية في نفس الوقت، ويمكننا تقسيم مقاصد سورة النبأ كما يلي:

المقاصد التي وردت في الآيات من 1 إلى 16:

فقال تعالى: (عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (1) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (2) الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ (3) كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (4) ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (5) أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا (6) وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا (7) وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا (8) وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا (9) وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا (10) وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا (11) وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا (12) وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا (13) وَأَنزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا (14) لِّنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا (15) وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا (16)) [1-16 النبأ]

حيث كان البدء بالاستفهام الاستنكاري من الله تعالى لهؤلاء الذين ينكرون ويكذبون الحديث بالبعث والحساب بعد الموت، ثم تتضمن الآيات أن الإنسان مبعوث بعد موته ومحاسب على أعماله التي قضاها في حياته الدنيا.

حيث يصنع الفرد حياته الآخرة بما صنعه في الحياة الدنيا، ثم تأتي الآيات الدالة على قدرة الله تعالى على صنع كل شيء، وبيان بأنه بدأ الخلق فضلا عن أن يعيده، فيصف تعالى بأنه خلق الأرض ممهدة ليسهل الأمر على الخلق في الترحال. فجعل الجبال أوتادًا تشد الأرض وترسيها، ثم بين الله تعالى قدرته في خلقه برزقهم النوم، وبين آياته في الشمس والليل والنهار والرزق للعباد في النهار وراحتهم بالليل.

ثم بين الله عظيم خلقه في السماوات السبع وشدة خلقتهم، كما بين قدرته على إنزال المطر من السحاب المحمل بالماء وهو طائر في الهواء، وأنه يُخرج بقدرته بهذا الماء من النبات ما يجعل منه الغابات الملفوفة بالشجر والخضرة.

المقاصد التي وردت في الآيات من 17 إلى 30:

قال تعالى: (إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا (17) يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا (18) وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا (19) وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا (20) إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا (21) لِّلطَّاغِينَ مَآبًا (22) لَّابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا (23) لَّا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا (24) إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا (25) جَزَاءً وِفَاقًا (26) إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَابًا (27) وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا (28) وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا (29) فَذُوقُوا فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا (30)) [17-30 النبأ]

شرح الله تعالى في هذه الآيات ما كان قد تساءل عنه المشركون في بداية السورة وهو وصف يوم القيامة الذي يكذبون به ويتساءلون في صحته، فيوضح الله لهم علامات يوم القيامة وأهواله.

حيث تتغير معالم الأرض والكون بالنفخة الأولى بالصور، ثم يبين الله للكافرين مصيرهم للنار حيث يكفرون بيوم اللقاء المعلوم، فيبين لهم كيف سيكونون خالدين في النار فلا يذوقون إلا الحميم والعذاب، حيث سيصدقون بآيات الله تعالى وحسابه.

المقاصد التي وردت في الآيات من 31 إلى 40:

من المهم توضيح مقاصد سورة النبأ على نحو سريع دون التعرض للتفسير الكامل لآياتها في سياق إجابتنا عن سؤال أين نزلت سورة النبأ، ففي المقاصد التي جاءت في الآيات من 31 إلى 40 حيث قال تعالى:

(إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا (31) حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا (32) وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا (33) وَكَأْسًا دِهَاقًا (34) لَّا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا (35) جَزَاءً مِّن رَّبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا (36) رَّبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَٰنِ ۖ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا (37) يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا ۖ لَّا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَٰنُ وَقَالَ صَوَابًا (38) ذَٰلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ ۖ فَمَن شَاءَ اتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ مَآبًا (39) إِنَّا أَنذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا (40)) [31-40 النبأ]

بعد أن بين الله تعالى عاقبة المكذبين بيوم القيامة والبعث، بين جزاء المصدقين به من عباده المؤمنين، وأنه تعالى أعد لهم من النعيم والفوز بالجنان المليئة بالحدائق ذات العناقيد المتدلية، وما بها من الحور العين اللاتي لم يمسهن أحد قبلهم.

كما أن الله تعالى أنعم عليهم بنعمة الأمن والسكينة والطمأنينة ما لم ينعم به على غيرهم، فما ذلك إلا للصالحين.

فضائل سورة النبأ

بعد ذكرنا لإجابة سؤال أين نزلت سورة النبأ، ألا وهو مكة المكرمة حيث تجادل المشركون في أمر يوم القيامة، ولا ينفصل فضل سورة النبأ وقراءتها أو الاستماع لها عن فضل القرآن الكريم كله، فهي سورة من سور القرآن، وتأخذ صفة أجر قراءة القرآن وحفظه وتعليمه.

أما فيما ذكر في النبأ خاصة فنذكر من حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال: (قالَ أبو بَكْرٍ رضيَ اللَّهُ عنهُ: يا رسولَ اللَّهِ قد شِبتَ، قالَ: شيَّبتني هودٌ، والواقعةُ، والمرسلاتُ، وعمَّ يتَسَاءَلُونَ، وإِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) [صحيح الترمذي]

اقرأ أيضًا: الفرق بين السور المكية والمدنية

أسماء سورة النبأ

لا شك أن اهتمامنا بالسؤال عن أسماء سورة النبأ بعد الذي علمناه عنه لا يقل أهمية عن سؤال موضوعنا أين نزلت سورة النبأ، فكثير من سور القرآن الكريم هي التي سميت بفواتح السورة.

فقد جاء في البخاري تسميتها بـ “وعمَّ يتَسَاءَلُونَ” كما ذكرها الكثير على هذا النحو، أما الإمام القرطبي فقد أسماها عمَّ كما سمي الجزء الثلاثين والأخير من كتاب الله بهذا الاسم المشهور بسبب بداية الجزء الأخير به.

كما أنها قد سميت بسورة التساؤل، بسبب أن الله تعالى بدأها بالتساؤل، كما أن من أسمائها سورة المعصرات لما جاء في آياتها (وَأَنزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا) أما في كتاب الإتقان، فقد جاءت بأسمائها الأربعة، وهي:

النبأ – عم – المعصرات – التساؤل.

فكان هذا ما جاء حول سورة النبأ في لمحة سريعة.

إن إجابة سؤال أين نزلت سورة النبأ أتاحت لنا الفرصة في معرفة العديد من الأمور التي تخص سورة النبأ، وتخص مكان نزولها، وهذا ما يجب على جميع المسلمين معرفته، ليس في هذه السورة فقط، بل في جميع السورة القرآنية.

قد يعجبك أيضًا