أيهما أفضل الذبح أم الصدقة؟ إن كان لديّ مرض هل أذبح طلبًا للشفاء أم أتصدق؟ هل أخرج صدقة أم أضحي؟ إن للصدقة ثواب كبير عند الله يضاعف ثوابه لمن يشاء، والذبح أيضًا له فضل عظيم لكن أيهما أفضل؟ قد يكون الذبح أفضل في موقف ما وقد تكون الصدقة هي الأفضل في موقف آخر، لذا من خلال موقع زيادة سنخبرك عن موضع الأفضلية لكل منهما.
أيهما أفضل الذبح أم الصدقة؟
الذبح أو التضحية له فضل كبير عند الله، فسبحانه يحب أن تقام شعائر دينه الحنيف، والتضحية هي من أهم الشعائر، فقد قال تعالى:
“ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ” (الحج: 32) كما أن التضحية سنة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أما عن الصدقة فهي كفارة للذنوب، يخرجها العباد مرضاة للرب وابتغاء ظله يوم لا ظل إلا ظله، كما أنها تكفر الذنوب وتمحي الخطايا، كما أنها لا تقلل مال المتصدق أبدًا بل تزيده وتبارك فيه، كما أنها أحد أهم أسباب دخول الجنة، ولكن لكلاهما فضل عظيم، فأيهما أفضل الذبح أم الصدقة؟ في الحالات التالية يتضح الأمر.
1– في عيد الأضحى
حسب لجنة الفتوى بالأزهر الشريف، ذكر الشيخ السيد عبد الرحمن عبد المقصود أن الأضحية أحد شعائر عيد الأضحى المبارك التي يجب أن تقام ولا يصبح التصدق بثمن الأضحية بديلًا عنها، فلها الأفضلية في هذا الموضع لأنها عمل النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي علينا جميعًا أن تنبع هداه.
ذكر الشيخ أنه لو قام جميع الناس باستبدال الأضحية التي يتم ذبحها في عيد الأضحى بالصدقة لتوقفت شعيرة من شعائر الله في الأرض، وذكر الشيخ أن هذا الرأي هو ما ذهب إليه جمهور العلماء وهم الإمام مالك وأبو حنيفة والشافعي وأحمد، واستشهد بقول عبد الرازق الذي أسنده عن سعيد بن المسيب قال:
“لأن أضحى بشاة أحب إلى من أن أتصدق بمائة درهم”، مما يدل على أن ثواب التضحية هو أكبر عند الله من التصدق بضعف ثمنها.
كما استشهد الشيخ بقول ابن القيم: “الذبح في موضعه أفضل من الصدقة بثمنه ولهذا لو تصدق عن دم المتعة والقِرَان بأضعاف أضعاف القيمة لم يقم مقامه وكذلك الأضحية” ويؤكد ابن القيم في هذا الكلام عن مدى أفضلية الذبح عن الصدقة في وقت التضحية.. واستشهد بقول ابن قدامة في المغني: “والأضحية أفضل من الصدقة بقيمتها” الذي يؤكد فيه على أن ثواب إقامة شعيرة الله أفضل من التصدق.
كذلك بقول الإمام النووي في المجموع: “مذهبنا أن الأضحية أفضل من صدقة التطوع، للأحاديث الصحيحة المشهورة في فضل الأضحية، ولأنها مختلف في وجوبها، بخلاف صدقة التطوع، ولأن الأضحية شعار ظاهر” حيث يؤكد الإمام النووي في كلامه أنه حين تختار بين التضحية والتصدق عليك أن تختار التضحية لأن هناك خلاف في وجوبها فيبديها عن صدقة التطوع لهذا.
مما ورد في فضل الأضحية: حديث عائشة رضى الله عنها أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما عَمِلَ آدمي من عمل يوم النَّحْرِ أَحَبَّ إِلى الله من إِهْرَاقِ الدم، إِنه ليأتي يوم القيامة بقرونها وأَشعارِها وأَظلافِها وإِنَّ الدَّمَ ليقعُ من الله بمكانٍ قبل أَن يقع من الأَرضِ، فَطِيبُوا بها نَفْساً). رواه ابن ماجه والترمذي، وهذا برهان واضح من أم المؤمنين عائشة على فضل التضحية في يوم النحر وهو يوم عيد الأضحى.
عن زيد بن أرقم قال: قلت: يا رسول الله، ما هذه الأضاحي؟ قال: «سُّنة أبيكم إبراهيم»، قالوا: ما لنا منها؟ قال: «بكل شعرة حسنة»، قالوا: فالصوف. قال: «بكل شعرة من الصوف حسنة» رواه أحمد وابن ماجه، هذا الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- يخبرنا مدى عظمة ثواب التضحية في هذا اليوم، فيأخذ المسلم عن كل شعره من أضحيته حسنة.
اقرأ أيضًا: كيفية إخراج الصدقة عن الميت
2– للشفاء من المرض
بعض الأشخاص عندما يمرض في بيتهم أحد يخرجون عنه الصدقة أو يذبحون له بنيه أن يشفيه الله من مرضه، لكن أيهما أفضل الذبح أم الصدقة؟ لقد رد الشيخ عويضة عثمان أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية بادئًا حديثه بأن شفاء المريض يكون بيدي الله -سبحانه وتعالى- وليس أحد غيره.
أضاف الشيخ أنه لم يرد أن الذبح من أسباب الشفاء لكن الصدقة من أسباب الشفاء نظرًا لفضلها الكبير، كما أن الذبح قد يقع ضمن نطاق الصدقة، لكن ليس هناك نص قرآني أو أي حديث يدل على أن الذبح يشفي المريض فهذا ليس من ديننا، لذا فالإجابة على سؤال أيهما أفضل الذبح أم الصدقة؟ تكون أن الأفضل هنا والأصح هي الصدقة.
أكمل الشيخ متحدثًا عن فضل الصدقة وكيف أنها تشفي المريض وتتفرج الكرب، كما أنه يمكن للمسلم أن يخرج الصدقة شكرًا لله على شفاء المريض أو أن يذبح المسلم ويوزع اللحم شكرًا لله فهذا كله جائز.
اقرأ أيضًا: أنواع الصدقة الجارية غير المال
حكم التضحية
التضحية هي واحدة من شعائر الإسلام التي لها فضل كبير عند الله سبحانه وتعالى، فيغفر الذنوب عند أول قطرة دم تقع من الاضحية، فهي من أعظم العبادات التي يجب أن يتقرب بها المسلم لله سبحانه وتعالى.
على أن الأضحية هي سنة مؤكدة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- على مذهب الشافعية والحنابلة والعديد من العلماء الآخرين، ويستدلون على هذا بقول أم سلمة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّىَ فَلاَ يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا»، أما عن مذهب أبي حنيفة فإن التضحية واجبة وأيده في هذا المذهب المروري وربيعة والليث بن سعد وأبي يوسف والأوزاعي والثوري ومالك.
اقرأ أيضًا: أفضل أنواع الصدقة بنية الشفاء
فضل الصدقة
تعتبر الصدقة من أحب الأعمال إلى الله -سبحانه وتعالى- حيث يكفر بها السيئات ويغفر الذنوب، ومن فضل الصدقة ما يلي:
- تكفر السيئات، فكل صدقة يخرجها المسلم يكفر الله بها سيئاته لأنها تطفئ غضب الله سبحانه وتعالى، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في فضلها: (الصدقةُ تُطفِئُ الخطيئةَ كما يُطفئُ الماءُ النارَ).
- تزيد المال وتبارك فيه ويقتضي المنطق أنها تنقصه لكنها تزيده وتبارك فيه، كما أن الله يرسل الرزق لعباده المتصدقين، فقد قال تعالى: (مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّـهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللَّـهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)
- تقي المتصدق من شرور الدنيا وتحميه من الأذى، فإن كان مريضًا فإن الله يشفيه، كما قال النبي عن فضل الصدقة في إبعاد الأذى في حادثة كسوف الشمس: (إنَّ الشمسَ والقمرَ آيتانِ من آياتِ اللهِ لا يخسِفانِ لموتِ أحدٍ ولا لحياتِه، فإذا رأيتُم ذلك فادْعوا اللهَ وكبِّروا وصلُّوا وتصدَّقوا).
- إن المتصدق يظله الله يوم القيامة في ظله في الوقت الذي لن يكون هناك ما يستظل به الناس غير عرش الرحمن حيث قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ في ظِلِّهِ، يَومَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ: …. ورَجُلٌ تَصَدَّقَ، أخْفَى حتَّى لا تَعْلَمَ شِمَالُهُ ما تُنْفِقُ يَمِينُهُ)،
- تدعو الملائكة للمتصدق بالرزق حيث قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (ما مِن يَومٍ يُصْبِحُ العِبادُ فِيهِ، إلَّا مَلَكانِ يَنْزِلانِ، فيَقولُ أحَدُهُما: اللَّهُمَّ أعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، ويقولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا).
إن لكل من الذبح والصدقة فضله الذي لا يمكن المقارنة بينه وبين الآخر، لكن الجدير بالذكر أن لكل منهما مواضع تفضيل على المسلم أن يتحرى عنها.