لماذا جعل الله الولادة مؤلمة

لماذا جعل الله الولادة مؤلمة؟ وهل لذلك الألم الشديد أجر عند الله عز وجل؟ إن الولادة أمر عظيم بالرغم من شدة الألم التي تحدثه؛ لأنها تعتبر حياة جديدة لشخصٍ جديد بإمكانه أن يُعمر الأرض ويجلب لها الخيرات.

تصر الأمهات على الإنجاب مع معرفتها التامة بمقدار الألم التي ستشعر به حين الولادة، ونحن من خلال موقع زيادة سنجيب عن سؤال لماذا جعل الله الولادة مؤلمة؟ بشيءٍ من التفصيل.

لماذا جعل الله الولادة مؤلمة

لماذا جعل الله الولادة مؤلمة

إن هذا السؤال يدور ببال العديد منا، ولإجابته وجوه عدة، ومن تلك الوجوه هي النظرة العلمية إلى عملية الولادة وما تمر به من مراحل متعددة، وهنالك وجه آخر وهو الوجه الإعجازي لقدرة الله عز وجل في هذا الأمر.

فكيف جعل الله أمر الولادة شديد الألم، ومع ذلك جعله غاية محببة إلى الكثيرين، وبدون ذلك الأمر لن تستمر الحياة ولن يتم إعمار الأرض، فسبحان الله خالق كل شيء.

إذا أردنا أن نجيب عن سؤال لماذا جعل الله الولادة مؤلمة، إجابة واضحة وصريحة، يمكننا أن نقول إن ألم الولادة ينتج عن مجموعة من الانقباضات والانبساطات التي تؤدي إلى اتساع عنق الرحم في المرحلة الأولى.

من ثمَّ تستمر تلك الانقباضات لتيسير عملية نزول الطفل من المهبل، وتستمر تلك الانقباضات والانبساطات حتى تخرج المشيمة وغيرها من الأشياء التي يجب أن تخرج من رحم الأم حتى لا تُحدث لها أية أخطار بالغة.

هذا هو التفسير العلمي الموجز للألم الناتج أثناء عملية الولادة، وسنقوم بشرحه بالتفصيل أثناء ذلك المقال، وتوضيح لماذا جعل الله الولادة مؤلمة وما حكمة الله من وراء ذلك الألم الشديد الذي تشعر به الأمهات أثناء كل عملية ولادة، وهل مع اختلاف طرق الولادة في عصرنا الحالي يختلف الألم؟ كل هذا وأكثر سنتعرف عليه فيما يلي.

اقرأ أيضًا: تجربتي مع الولادة بدون ألم

خطر عملية الولادة ما بين الماضي والحاضر

إن عملية الولادة هي إيذان بحياة جديدة، ولكن هذه الحياة لا تأتي بسهولة، فكانت الولادة في الماضي عملية شديدة الخطورة، حيث إنه من الممكن أن تتعرض الأم للموت أثناء ولادتها لطفلها، ومن الممكن أن يموت الطفل أثناء هذه العملية، ومن الأمور شديدة السوء أن تموت الأم هي ومولدها معًا في آنانٍ واحد.

في الماضي كان منتشر أيضًا مرض حُمى النفاس الذي يُمكن أن يُصيب الأم خلال فترة النفاس التي تُقدر بأربعين يومًا تبدأ من بعد وقت الولادة، وهذا المرض كان بإمكانه أن يُنهي حياة الأم.

لكننا الآن قد وصلنا إلى مرحلة مرتفعة من تقدم المجال العلمي في الطب والتعقيم وغيره من المجالات التي تُعين على تيسير عملية الولادة وجعلها أكثر أمانًا وأقل ضررًا، وذلك كله بفضل الله عز وجل ورحمته العظيمة بعباده.

الولادة أمر عظيم وإعجاز رباني

إن مجموعة الحركات والسكنات التي يُحدثها الجنين، ومجموعة الانقباضات والانبساطات التي تحدث للرحم، إلى أن يتم طرد الجنين إلى خارج بطن أمه مع صوت بكاء يصدر عنه، وارتفاع صوت الضحكات التي تنُم عن مدى سعادة كل من حوله بقدومه.

الأمر الذي يجعلنا نريد أن نعرف أكثر لماذا جعل الله الولادة مؤلمة؟ كما يجعلنا أيضًا نتعجب من أمر اختلاط البكاء بالضحك عند حدوث الولادة، ويتضح ذلك في قول الإمام الشافعي:

ولدتك أُمُكَ يـــا ابـن آدم باكـيًا … والناسُ حولك يضحكون سرورًا

فاعمل ليومٍ أن تكون إذا بكوا … فـي يومِ موتك ضاحكًا مسـرورًا

كما اتضح لنا من تلك الأبيات أن الطفل يأتي إلى الحياة وهو يبكي، كأنه يتنبأ بالعناء الذي سيمر به في هذه الحياة، ويرشدنا الشاعر في بيته الثاني أنه يجب على هذا الإنسان أن يُحسن العمل في الدنيا ويفعل الخير ويتجنب إيذاء الآخرين حتى يرضى الله عنه ويكافئه بالجنة، ويعوضه عن أي أسى وشقاء قد مر به في الحياة الدنيا.

تجدر الإشارة إلى أن الطب الحديث قد أقر أن عملية الولادة هي عملية لا إرادية يُحدثها الجسم بإذن الله تعالى، ولا دخل لأي إنسان فيها.

فعند وصول الحمل إلى نهايته، ويحين موعد الولادة الذي يعلمه الله وحده، يُقدر الله الولادة ويجعل الجسم يقوم بتلك العملية على ثلاث مراحل سنشرحها لكم بالتفصيل لنبين مدى قدر الإعجاز الإلهي الذي يحدث أثناء عملية الولادة.

مراحل عملية الولادة

تمر عملية الولادة بثلاثة مراحل:

  • أول مرحلة: هي اتساع عنق الرحم.
  • ثاني مرحلة: هي الولادة أو طرد الجنين من الرحم.
  • ثالث مرحلة: هي ولادة المشيمة بأغشيتها أو ما يُسمى بالخلاص.

1- المرحلة الأولى “اتساع عنق الرحم”

إن مرحلة توسيع عنق الرحم هي مرحلة صعبة للغاية فهي قد تستغرق وقت طويلًا يبدأ بساعتين وأحيانًا قد يصل إلى ست عشرة ساعة أو أكثر، وفي بداية هذه المرحلة يقوم الرحم بالانقباض، وتأخذ كل انقباضة من 30 – 35 ثانية، وتحدث هذه الانقباضات كل 15 أو 20 دقيقة.

كما أشرنا من قبل أن هذه الانقباضات تكون لا إرادية، بمعني أن الأم لا تتحكم في بدئها أو توقفها، أو أن تجعلها أسرع أو أبطأ.

مع مرور الوقت في هذه المرحلة، يزداد معدل الانقباضات من الوضع التي كانت عليه حتى تصير كل دقيقة أو دقيقتين، وتبلغ الانقباضة الواحدة من الوقت ما يصل إلى 90 ثانية، ولعلنا يجب أن ننبهك إلى أن العامل النفسي له دور بالغ الأهمية في تيسير أو تعسير الولادة.

فإذا كانت الأم تشعر بخوف من الولادة وتتنبأ بحدوث خطر يمكنه أن يلحق بها أو يلحق بمولودها، فهذا سيجعل أمر الولادة شديد التعسر، ويمكنه فعلًا أن يُلحق بها وبمولودها الضرر، أما إذا هيئت الأم نفسها إلى استقبال طفلها الجديد، ونبهت نفسها إلى أن فترة الألم لن تطول وستكون مكافأتها هي حمل طفلها بين ذراعيها؛ فذلك بالطبع سيُشعرها بالسعادة ويجعلها تتأهب لتلك الولادة.

اقرأ أيضًا: مراحل الولادة الطبيعية للبكر وعلامات قربها

2- المرحلة الثانية “الولادة”

تستغرق هذه المرحلة فترة تبدأ من عدة دقائق ويمكنها أن تصل إلى نصف ساعة، وذلك في حالة الأم التي تعرضت للولادة من قبل.

يمكن أن تستغرق وقتًا أطول من ذلك في حالة الأم التي تلد للمرة الأولى في حياتها، وهذه المرحلة يحدث فيها ما يُعرف بعملية الطرد (Expulsion)، كما تكون الانقباضات أثناء هذه المرحلة لا إرادية وذلك يكون لمدة أطول ومسافة أقصر فيما بينها.

هنالك معلومة في غاية الأهمية تُبين لنا مدى قدرة الله الإعجازية ورحمته بنا، وهذه المعلومة هي أن كمية الضغط ـ الذي يحدث بعضلات الرحم والبطن أثناء عملية الولادة ـ الواقع على المولود تقدر بما يقارب من 25 رطلًا أثناء كل انقباضة قوية، ومن رحمة الله بنا أن هذه الانقباضات لا تحدث بشكل متصل.

لأنه في كل انقباضة قوية من هذه الانقباضات لا يستطيع الدم أن يصل إلى الجنين من خلال المشيمة، فلو كانت هذه الانقباضات تحدث بشكل متصل، لتسبب ذلك في موت الجنين قبل ولادته.

لخطورة ذلك الأمر يجب على الأطباء أن ينتبهوا إليه، ولا يستخدمون أية أدوية قابضة للرحم مثل “Oxytocin” التي تجعل الرحم تشنج فظيعة يمكنها أن تؤدي إلى وفاة المولود إذا استخدمت بشكل خاطئ.

في أثناء تلك الانقباضات، يظهر جزء من رأس الطفل في كل انقباضة، ويزداد ظهوره أكثر مع تكرر تلك الانقباضات إلى أن يخرج الرأس من فتحة المهبل، وفي بعض الحالات لا يحدث هذا بشكل طبيعي، ويرجع ذلك إلى كبر حجم رأس المولود.

في هذه الحالات ليس بوسع الأطباء سوى شق منطقة العجان في نفس اتجاه فتحة الشرج؛ ليساعد ذلك في خروج رأس الطفل ومن ثم خروج الطفل، ويمنع ذلك أيضًا من تمزق الأنسجة.

علينا أن نعلم أن 19 من كل 20 ولادة تكون فيها الرأس هي الجزء الأول الذي يبدأ في الظهور ومن ثم الخروج، أما في باقي الحالات فيمكن أن يبدأ في الظهور أحد هذه المناطق (القدمين أو الحبل السُري أو ظهر الطفل)، وفي هذه الحالات يمكن للطبيب أن يتعامل بحرفية ومهارة لكي يُخرج الطفل بسلامة أو يمكنه أن يلجأ لطريقة الولادة القيصرية.

الولادة القيصرية

في وقتنا الحالي إن حدثت تلك الأمور التي تحدثنا عنها أو لم تحدث، عادة ما يقوم الأطباء بشق أسفل البطن حتى يخرجوا الطفل وهو ما يُسمى بـ (الولادة القيصرية)، وسميت الولادة القيصرية بهذا الاسم نسبة إلى يوليوس قيصر؛ لأنه أول من وُلد بهذه الطريقة حيث إن أمه قد ماتت أثناء ولادته وكان لا يزال بداخل بطنها فقام الطبيب بشق بطنها لإخراجه وكُتب له أن يعيش ويصبح إمبراطور روما.

هذه العملية قديمًا كانت تُقام في الحالات شديدة الخطورة التي كانت تستوجب حدوثها، ولكنها الآن صارت من أشهر العمليات التي تحدث مرارًا وتكرارًا وكأنها أمر طبيعي لذلك أمر آلام الولادة المتعارف عليها لا يشعر به الكثير من النساء، وإنما يشعرون بآلام أخرى أثر الجراحة التي حدثت بأجسامهن.

ما هي آلام الطلق؟

آلام الطلق هي الآلام التي تنشأ عن المرحلتين الأولى والثانية، وهذه الآلام فاقت أي ألم آخر، ومع شدة صعوبة ذلك الألم إلا أنه يزول أثره فورًا بمجرد أن يُلامس الطفل جسد أمه، وذلك يجعلها بالطبع تبتسم ابتسامة عظيمة بالرغم من التعب التي شعرت به.

إن ذلك الألم الذي يحدث في المرحلة الأولى يرجع إلى نقص نسبة الأكسجين في عضلات الرحم وذلك بسبب انقباض الأوعية الدموية للرحم، أما في المرحلة الثانية، فخروج الطفل من مهبل الأم قد تحدث آلام شديدة، وذلك بسبب اتساع عنق الرحم واتساع المهبل ومنطقة العجان.

اقرأ أيضًا: ماهي علامات الولادة قبل الطلق ؟

المرحلة الثالثة “الخلاص”

تبدأ هذه المرحلة مع ولادة الجنين وتنتهي عند خروج المشيمة وأغشيتها، وذلك يحدث عند انفصال المشيمة وأغشيتها من جدار الرحم، وبعد انفصالها يقوم الرحم بطردها عن طريق الانقباضات التي تطرأ على جدار الرحم.

يجب علينا معرفة أن المشيمة نفسها لا يمكنها الانقباض، ولكن ما يحدث هو انكماش المشيمة بالتدريج من مكان التصاقها بالرحم وذلك يحدث مع كل انقباضة، حتى انفصالها تمامًا عن جدار الرحم، وبعد ذلك يقوم الرحم بطردها إلى الخارج.

تستغرق هذه المرحلة وقت يتراوح بين 15 ـ 60 دقيقة سواء مع الأم متعددة الحمل أو مع الأم التي تمر بأول تجربة، أي أن هذه المرحلة تأخذ في المتوسط حوالي 30 دقيقة.

إن هذه الانقباضات التي تحدث في المرحلة الثالثة هي انقباضات بالغة الأهمية، لأن لولا حدوثها، لكانت هنالك فواهات دموية عديدة بداخل الرحم تنفتح بعد تحرر المشيمة من جدار الرحم، وهذه الأوعية المنفتحة يمكنها أن تجعل الأم تنزف الدماء بغزارة حتى الموت.

لعلنا نعلم من خلال شرح تلك المراحل الثلاث لماذا جعل الله الولادة مؤلمة، وما أهمية ذلك الألم في مجيء إنسان جديد إلى هذا العالم، ألا يستحق ذلك الأمر حدوث كل تلك الآلام.

إذا أردنا أن نجيب عن سؤال لماذا جعل الله الولادة مؤلمة؟ فيمكننا أن نقول إن أمر الولادة هو أمر عظيم، وأي أمر عظيم يجب أن يصدر عنه عناء وتعب لكي ينتج ثماره اليافعة، ومجيء إنسان جديد بإمكانه أن يحدث تقدم كبير لهذه الأرض، هذا غير الشعور الرائع الذي تشعر به الأم عن رؤيتها لطفلها للمرة الأولى، كل ذلك بالطبع يستحق هذا الألم.

بذلك نكون قد تعرفنا على إجابة سؤال لماذا جعل الله الولادة مؤلمة، بالإضافة إلى المراحل التي تمر بها الحامل أثناء الولادة، ونتمنى أن نكون قد قدمنا لكم الإفادة المرجوة.

قد يعجبك أيضًا