لماذا الطاووس لا يدخل الجنة

لماذا الطاووس لا يدخل الجنة؟ بحث علماء الدين والفقهاء في أمر هذا الطائر لمعرفة ماذا فعل ليأخذ هذا العقاب فهل كان في الجنة وطرد؟ أم أنه لم يدخلها من قبل.

تتردد الأقاويل الكثيرة حول الطاووس والأفعى وخيانتهم وطردهم من الجنة، وعدم السماح لهم بدخولها مرة أخرى، فهل هذا صحيح؟ ولماذا الطاووس لا يدخل الجنة، كل هذا سوف نعرفه من خلال موقع زيادة.

لماذا الطاووس لا يدخل الجنة؟

تتردد الكثير من القصص والأقاويل حول الطاووس والأفعى ومدى حقارتهم، فهم ممنوعين من دخول الجنة، بسبب ما ارتكبوه من جرائم جعلتهم يطردون منها، فهل تم التسليم المطلق بأن كل تلك حقائق، فأصبحنا نسأل لماذا الطاووس لا يدخل الجنة!

في حقيقة الأمور لا يجوز أن نسأل عن التفاصيل إلا بعض أن نسلم بالعموم، ولا نتمسك بالقشور ونترك لُب الأمور، لكن سوف نعرض الأمر بكل صوره فنعرف القصة الدارجة لتكون رد على سؤال لماذا الطاووس لا يدخل الجنة، ثم نسير بالطريقة الصحيحة فنعرف إن كان لتلك القصة أساس.

للرد على سؤال لماذا الطاووس لا يدخل الجنة بإيجاز دون اتباع منهج بحثي نقدي يكون الرد: لأن الطاووس كان دليل إبليس للشجرة التي حرم الله اكل ثمارها، فقد خالف أوامر الله وكان هو والثعبان حلفاء الشيطان للإطاحة بآدم عليه السلام.

لذا يجب أن يكون السؤال الصحيح هل قصة الطاووس وعدم دخوله الجنة صحيحة؟ وهل هناك طيور وحيوانات سوف تدخل الجنة من الأساس؟
هذا تفصيلًا ما سوف نذكره من خلال الفقرات القادمة، لنعرف ماهي حقيقة قصة تحالف الطاووس والأفعى مع الشيطان للإيقاع بآدم عليه السلام.

اقرأ أيضًا: هل الحيوانات تدخل الجنة

حقيقة طرد الطاووس والأفعى من الجنة

قد وردت الكثير من التفسيرات والأحاديث التي تؤكد قصة تحالف الشيطان مع الأفعى والطاووس لدخول الجنة، والوسوسة للشيطان لآدم عليه السلام، فتقول القصة:

“بعد أن أدخل الله آدم الجنة ظل يمكر الشيطان لإخراجه منها بشتى السُبل، وكان ما يعجزه عن فعل ذلك أنه لا يمتلك القدرة على العبور إلى الجنة والوصول لآدم، هنا كانت الأفعى هي خادمة لآدم فقرر الشيطان التحالف معها ليدخل عن طريقها لآدم.

فاستجابت الأفعى وحملت الشيطان في جوفها حتى أدخلته الجنة، بعد أن وصل الجنة تحالف مع الطاووس ليدله على موضع الشجرة التي حرم الله على آدم المساس بها.

فاستجاب الطاووس وكان للشيطان أيضًا حليف، فبعد أن أكل آدم من الشجرة طرد من الجنة وطردت الأفعى والطاووس، وحُرم على كل سلالتهم دخول الجنة” تلك هي القصة المتداولة عن طرد الطاووس والأفعى من الجنة والرد على سؤال لماذا الطاووس لا يدخل الجنة، لكن على ماذا تم استنادها!

قد تم تداول تلك القصة بناءًا على أحاديث تم إثبات ضعف سندها، فلا ترتقي ليعتد بها كأحاديث، كما إنها جاءت في تفسيرات عدة علماء، فتفسير ابن كثير مثلًا جاء ليقول:

“إن الْحَيَّةَ كَانَتْ خادم آدم عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْجَنَّةِ، فَخَانَتْهُ بِأَنْ مَكَّنَتْ عَدُوَّ اللَّهِ مِنْ نَفْسِهَا، وَأَظْهَرَتِ الْعَدَاوَةَ لَهُ هُنَاكَ، فَلَمَّا أُهْبِطُوا تَأَكَّدَتِ الْعَدَاوَةُ، وَجُعِلَ رِزْقُهَا التُّرَابَ، وَقِيلَ لَهَا: أَنْتِ عَدُوُّ بَنِي آدم وَهُمْ أَعْدَاؤُكِ، وَحَيْثُ لَقِيَكِ مِنْهُمْ أَحَدٌ شَدَخَ رَأْسَكِ” تفسير ابن كثير ” (1/236) “

لكن تم إثبات فيما بعد إن كل تلك ما هي إلا من الإسرائيليات التي تم نشهرها، ولا يتم الاعتماد على أي منها ولا على أي من الأحاديث التي ثبت ضعفها، فلا يجب أن نعتمد القصة بناءً عليهما ثم نسأل لماذا الطاووس لا يدخل الجنة.

اقرأ أيضًا: هل ينتقم الثعبان من قاتله

الإسرائيليات المختلفة

عند ظهور الدين الإسلامي دخل الكثيرين من أهل الكتاب الذين كانون يتبعون الإنجيل والتوراة، وكان كل منهم يأخذ ثقافته من كتابه المقدس ويعتمد عليه في تفسير شتى الأمور الحياتية الخاصة به.

فعند دخولهم الإسلام حمل كل منهم ثقافته معه، فمن هنا كانت بداية ظهور الإسرائيليات، وهي الأحاديث المنقولة من الإنجيل والتوراة المستخدمة، وفي غالب أمرها يكون إسنادها ضعيف وحرف للقصة الحقيقية.

فعندما نسأل لماذا الطاووس لا يدخل الجنة، يجب أن نعود لأصل الأمر، لنعرف من أين جاءت القصة من الأساس، فقد قال ابن كثير رحمه الله:

” ذكر المفسرون من السلف كالسدي بأسانيده، وأبي العالية، ووهب بن منبه وغيرهم، هاهنا أخبارا إسرائيلية عن قصة الحية، وإبليس، وكيف جرى من دخول إبليس إلى الجنة ووسوسته ” (1/236) تفسير ابن كثير.

من هنا يثبت حقيقة الأمر بأن القصة كان أساسها من الإسرائيليات، فلا يصح التعامل معها كموضع إسناد وثقة.

فقد الشيخ أحمد مدكور –الشيخ الأزهري- في تصريح له “إن تلك الروايات والقصص عن طرد الطاووس والأفعى من الجنة ما هي إلا افتراء وكذب، ولا صحة لها في الدين الإسلامي”

فيكفينا ما ذكره الله تعال في كتابه الكريم الذي لا شك به عن قصة خروج آدم عليه السلام من الجنة، فقال تعالى:

(فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدم هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى) طه/120.

(فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ ۖ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إلى حِينٍ) (36) سورة البقرة.

فلا يجوز أن نضيف القصص والأحاديث من وحي إسناد لا صحة له وندخل على الإسلام الباطل الذي يراد به باطل.

اقرأ أيضًا: من هو النبي الذي يفر من زوجته يوم القيامة؟

هل كل الإسرائيليات باطلة؟

كان للإسرائيليات أثر سلبي كبير في علم التفسير والأحاديث، حيث أدخلت الشك في قلوب كل المفسرين فيصبحون يشككون في كل ما يسمعون ويقرأون، كما أدخلت نوع من أنواع الخيال في الدين الإسلامي.

فتروي تفاصيل وقصص لم تذكر في الدين ولا يعرف لها إسناد وخبر، لكن لا يعني ذلك إن كل ما روي عن بني إسرائيل هو باطل، فمنها ما ذكر صحته وتأكيده فيتم الاعتماد عليه، لذلك قسم الروايات الإسرائيلية لأربع مواضع هما:

  • روايات ثبتت صحتها.
  • روايات ثبت باطلها.
  • روايات مسكوت عنها.

قبل أن نذهب للسؤال عن قشور الأمر يجب أن ندرك أُصوله، فلا نسأل لماذا الطاووس لا يدخل الجنة قبل أن نتأكد من صدق قصته.

قد يعجبك أيضًا