حكم كلام الحب بين المخطوبين

حكم كلام الحب بين المخطوبين واحدٌ من أهم الأحكام التي يجب أن يعرفها الشباب والفتيات المُقبلين على فترة الخطوبة، ذلك أن الخطبة لها آداب يجب مراعاتها منها ما يتعلق بكلام الحب بينهما.

لذا من خلال موقع زيادة سنقوم ببيان حكم كلام الحب بين المخطوبين بالاستناد إلى الشريعة الإسلامية، مع توضيح ما يجب الالتزام به في فترة الخطوبة.

حكم كلام الحب بين المخطوبين

حكم كلام الحب بين المخطوبين

إن فترة الخطوبة من أجمل الفترات التي يمر بها الشباب والفتيات قبل دخولهما في مرحلة الزواج وتزايد المسئوليات، حيث إنها الفترة التي تشهد سمو مشاعر الحب بينهما والمودة والألفة التي بها يتم استكمال زواجهما.

لذا تعتبر الخطوبة هي الطريق السليم والأوليّ لإتمام الزواج وتكوين الأسرة، لكن يبقى التساؤل عن أحكام الخطبة، وما يجب فعله بين المخطوبين وما لا يجب فعله، ومن أكثر ما يثير التساؤل هو طريقة الحديث فيما بينهما وكيفية ضبطها لذا سنتحدث عن حكم كلام الحب بين المخطوبين.

إذا كان كلام الحب بين المخطوبين في حدود العفة وليس به تجاوز فهو مباح، أما إن كان أكثر من ذلك وافتقد الاحترام، على أحدهما أن يمنع الآخر من ذلك، فلا يجوز التجاوز في فترة الخطوبة لأنها ليست شرعية كالزواج.

كما أن الأصل في الخطوبة أن ليس لها مدة معينة، وإنما هي موضوعة من أجل فهم المخطوبين لبعضهم والتعرف على الطبائع المختلفة رغبةً في جعل حياتهما الزوجية فيما بعد هادئة مستقرة.

لذا يجب مراعاة الاحتشام في هذه الفترة، والاحتشام ليس في المظهر الخارجي فقط وإنما هو في السلوك وأسلوب الحديث فيما بين المخطوبين.

فالخطبة هي وعد بالزواج فقط، لذا الخاطب والمخطوبة لا يزالان أجنبيان عن بعضهما البعض طالما أن الرباط بينهما لا يزال شائكًا ولا يصل للزواج.

اقرأ أيضًا: الخطبة والزواج في الإسلام وشروطها وأركانها وحقوق الزوج والزوجة

حكم كلام الحب بين المخطوبين في الشريعة الإسلامية

في البداية نذكر قول الله تعالى في سورة البقرة في بيان الخطوبة حينما قال عزّ وجلَّ: “وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ ۚ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَٰكِن لَّا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَن تَقُولُوا قَوْلًا مَّعْرُوفًا ۚ وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ” (الآية 235).

لعلّ من اليسير أن ندرك أن كل ما هو مخالف للشرع والقيم لا يجوز، فما نهانا الله عنه ننتهِ، لكن المُثير للفزع هو ترسيخ بعض العادات بين الشباب والفتيات، واعتقاد أنها صائبة وعادية لا تحمل الإثم.

إن الدين الإسلامي يدعو للحب بكل معانيه، فالبيوت لا تُقام إلا على الحب، لأن الحب هو سراج النفوس، فلا مانع من وجود الحب بين الفتاة والشاب المخطوبين لكن يجب أن نلتزم بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لم يُرَ لِلْمُتَحابَّيْنِ مثلُ النكاحِ” (صحيح الجامع).

لذا يجب أن يُكلل الحب بينهما بالزواج حتى يكون كلام الحب بكافة معانيه المعنوية والمادية حلالًا، لكن في فترة الخطوبة، وإن كان كلام الحب يُمهد للتواصل الجسدي الغير مُباح في هذه الفترة فإن هذا النوع لا يجوز.

بما أن الأصل في المخطوبة أنها أجنبية عن خطيبها طالما أن ليس بينهما زواج، فهذا يعني أن الآية الكريمة في سورة الأحزاب توضح حكم كلام الحب بين المخطوبين إن وصل لحد التجاوز.

حيث قال الله تعالى: فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا” (الآية 32)، ذلك لبيان تحريم التلذذ بالكلام فيما بينهما من أجل أغراض بعيدة عن العفة والشرف.

اقرأ أيضًا: المواضيع التي يجب مناقشتها في فترة الخطوبة وأسئلة تطرح في هذه الفترة

حكم كلام الحب بين المخطوبين في آراء الإفتاء

إن الحب يحمل في طياته استعمالات شتى، منها ما يخص التقدير والاحترام، فهما مقترنان فالتقدير يأتي من الحب، كما أن الحب ناتج عن الاحترام والتقدير، أما الاستعمال الآخر فهو الإعجاب أو ربما ميل القلب للمحبوب ولصفاته الحسنة، وفي كلا الاستعمالين لا توجد مشكلة.

فالحب في ذاته شيء مقدس لا يحتمل التدنيس، وهو معنويّ يظهر في المشاعر وما بداخل الإنسان، إلا أن هنالك أناسًا يستعملونه كأداة من أجل الوقوع في المنكر، ربما عن عمد وكثيرٌ عن جهل واعتياد.

بمعنى آخر، إن كان الغرض من الخطوبة هو السعي للعلاقة الجسدية لا الحياة الزوجية، واقترن ذلك بكلام الحب والغزل بين المخطوبين، وكان هناك دلائل على سوء النية، سواء كان في وقت متأخر من الليل أو غيرها من الأمور، فإن هذا ما نشير إلى عدم جوازه، لأنه مخالفًا لمعنى الحب الذي أشرنا إليه سلفًا.

فحينما يتواجد الحب يتواجد معه الإخلاص والمودة والرحمة، فإذا كان بين المخطوبين دليلًا على الحب، لظهر ذلك في سلوكهم وتصرفاتهم بل وتقديرهم لبعضهم البعض، كما أن الاحترام نابعٌ من عدم مخالفة الشرع، فالمرء ما إن يحترم نجده يحترم ذاته أولًا ويحترم من يُحبه.

إذًا كلام الحب بين المخطوبين إن كان فيه إشارةً للسير في الطريق الممنوع فهذا غير جائز، علاوةً على أن التقدير بين الطرفين وعدم الإفراط في كلام الحب في غير دواعيه، وجعله مكنونًا في النفس إلى أن يحين أوانه بزواج رسميّ، هو الأرجح في إتمام الخطوبة، بمعنى أن من حالات فسخ الخطوبة هو العجلة فيما ليس بأوانه واستعمال الحب في معانٍ أخرى لا تليق به.

دور المشاعر في كلام الحب بين المخطوبين

أحيانًا يرد البعض بأن هناك تناقضًا بين القول بأن حكم كلام الحب بين المخطوبين غير جائز في حالة استخدامه بطريق خطأ، وبين القول بوجود الحب ذاته وحلاله بين المخطوبين، فكيف يتواجد الحب دونما مشاعر؟

تتواجد المشاعر ولا ننكر ذلك، لكن يجب أن يتم تغليفها بالأخلاق، ويجب أن تضبطها الشريعة، وإلا كان من اليسير التعبير عنها، فالمشاعر في أصلها مكنونة لأوانها، فالعبرة في السلوك المرتبط بها والذي يجب ألا يكون تجاوزًا بأي حال، لأن الخطبة لها آداب ولا خلاف على ذلك.

الأصل في العلاقة بين المخطوبين

في المراسلة والحديث فتنة عظيمة ولكن كثير من الناس لا يفقهون، وبالتالي هي خطر يجب الابتعاد عنه حتى لا نقع في المحظورات والنواهي، فالشيطان يتواجد بينهما حتى يغريه بها ويغريها به ومن ثمَّ يتصاعد الأمر للوقوع في الخطأ والكبائر؛ لذا كيف يكون زواجًا مُباركًا من الله إن كانت بدايته معصية الله؟

إذًا فالميل القلبي للمحبوب ليس به حرج فهو أمرٌ خارج عن الإرادة، لكن التصرفات المخالفة للشرع شيء آخر؛ لأن الصواب هو إتباع حدود الله أما تعديها يُعد من الظلم، إنه ظلم للنفس وللمحبوب من خلال تعريضه للحرام المخالف لرضا الله عز وجلّ.

فالأصل في العلاقة بين المخطوبين بل والمتوجين أيضًا أن يعزز كلًا منهما الآخر على طاعة الله والتقرب إليه عز وجل، لا على مخالفته والتعرض لسخطه.

جدير بالذكر هنا أن نشير إلى رأي الأئمة الفقهاء في حكم كلام الحب بين المخطوبين، حيث تم الإجماع على أن تظل المخطوبة في حكم الأجنبية بالنسبة لخطيبها حتى يتم الزواج شرعيًا، وإباحة التعارف بينهما والألفة والمودة في غير مخالفة لشرع الله ونواهيه.

فالقاعدة العامة تشير إلى أن ما يجري من الحديث بين الخطيب وخطيبته ينبغي ألا ينحرف عن حدود الحديث الجائز بين الرجل والمرأة الغير محرمين على بعضهما، مع تجنب الكلام المثير للشهوة، وإلا التعجيل بالزواج يكون من الأصوب.

اقرأ أيضًا: هل يجوز للخاطب رؤية خطيبته بدون حجاب وما الدليل على ذلك؟

آداب الخطبة

في إطار حديثنا عن حكم كلام الحب بين المخطوبين نشير إلى الآداب الواجب اتباعها في الخطبة؛ حتى ينعم الله على المخطوبين بإتمام الزواج الصالح، فالخطبة تختلف عن الزواج؛ لذا فإن لها حدود لا يجب تخطيها حتى الزواج.

إن الخطبة ليست عقدًا شرعيًا، بل هي فرصة لمزيد من التعارف والاطمئنان من شريك الحياة، وبالتالي فهذا جوهر موضوع حكم كلام الحب بين المخطوبين، حيث طالما كانت الخطبة أمرًا ليس مؤكدًا في اكتماله لزواج؛ فلا يُمكن أن تكون الأمور مباحة كالزواج، لأن الخطبة كثيرًا ما يتم فسخها وهذا ما نشهده كثيرًا لأسباب شتى، لذا هي فترة اختبارية ليس إلّا.

لذا يجب على الفتاة المخطوبة أن تعطي اعتبارًا لسمعتها وكرامتها، وأن تصون نفسها حتى أن يأذن الله بزواجها، كما أنه على الرجل أن يراعي حق من يتقدم لخطبتها، فلا يتجاوز بقول أو فعل، حتى يرزقه الله زوجةً صالحة وحياة مستقرة.

ضمن حديثنا عن آداب الخطبة نشير إلى أنه لا يجوز لأحد أن يخطب على خطبة أحد، ويجب أن يراعي الأهالي ذلك الأمر، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المُؤْمِنُ أَخُو المُؤْمِنِ، فلا يَحِلُّ لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَبْتَاعَ علَى بَيْعِ أَخِيهِ، وَلَا يَخْطُبَ علَى خِطْبَةِ أَخِيهِ حتَّى يَذَرَ” (صحيح مسلم).

كما أن أهمية الخطبة تتضح في الابتعاد عن أبغض الحلال عند الله وهو الطلاق، فحينما لا يوجد خطبة من الممكن أن يكتشف أحد الزوجين سوء الطباع في الآخر فلا تكون الحياة مستقرة فيما بينهما لذا يلجؤون للطلاق، وبالتالي يجب مراعاة فترة الخطوبة وآدابها سعيًا للحياة المستقرة.

اقرأ أيضًا: كيف اتعامل مع خطيبي الجريء ونصائح هامة للتعامل

من تعجَّل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه؛ لذا لا يجب أن يكسر المخطوبين حاجز الاحترام فيما بينهما ويتجاوزان فيما ليس لهما، فقط الانتظار إلى أن يُتم الله عليهما بالزواج، وهذا ما قمنا بتوضيحه في بيان حكم كلام الحب بين المخطوبين، ونتمنى أن نكون قد أفدناكم.

قد يعجبك أيضًا