كيفية كتابة رواية وتنسيقها

كيفية كتابة رواية مميزة وشائقة تجذب القارئ لتحقق الفكرة التي تتمناها ليس بالأمر الصعب المحال، فمن الممكن إذا امتلكت الموهبة والخيال اللازم واتبعت بعض الإرشادات ستجد بين يديك رواية عندما تقرأها تشعر بالفخر لأنك أنت من كتبها.

كيفية كتابة رواية

قبل البداية يجب أن تعي فعلًا أنه لا يوجد قوانين للإبداع، كما إنه لا يوجد سقف للأحلام، ولا سماء تمنع الخيال؛ لكن هناك بعض القوانين التي تضعها لنفسك ولا يمكنك كسرها إذا كنت تريد نجاح روايتك، مثل اللغة التي أخترتها ومستواها في كل الحالات يجب أن تخلوا من الأخطاء، والقاعدة الأهم هي البناء الروائي الذي يجعل القارئ يكمل الرواية، ولا تخرج عن تعريف الرواية كعمل أدبي،
فالرواية هي فن من فنون الأدب النثري يعتمد على السرد ويتسم بالطول، ذات شخصيات متنوعة وأحداث كثيرة، تكون خيالية أو مستمدة من الواقع.

أولًا تحتاج أن تأخذ وقت ليس بالقصير لكتابة الفكرة العامة التي تدور في فلكها الرواية، فقرة قصيرة قرابة الـ20:15 كلمة، دون تحديد أسماء أو ماهية الشخصيات.
بعد ذلك حاول تلخيص أحداث فكرتك في عدة صفحات بصورة موجزة، تضم بداية المشكلة الكبرى وكيف حلها، والأفكار التي تريد طرحها.
هكذا أصبح لديك المسودة الأولى لروايتك، المرحلة القادمة هي خلق البناء الهيكلي للرواية عن طريق سكب ما كتبته في المسودة على هيئة عناصر الرواية في طريقك بالسرد القصصي.

إقرأ أيضًا: ما هو السرد وما هي نظرية السرد؟.. تعرف على أنواع السرد وفق المدارس الأدبية المختلفة

عناصر الرواية

هي اللبنات التي تبني بها روايتك كبناء مكمل فعال يؤدي دوره، فالعناصر كثيرة ومتنوعة وهي:

شخصيات الرواية

الشخصيات هي اللبنة الأولى في الرواية فهم الذين يحملون على عاتقهم ملامح الرواية، لذلك يجب اختيارهم وبنائهم بحكمة.

أنواع الشخصيات

تنقسم الأشخاص في الرواية إلى عدة أنواع حسب عدة تصنيفات تهتم بجانب واحد.

  • من حيث المساحة/ الدور: هناك شخصيات محورية (الأبطال) تتوجد في أحداث الرواية بما يزيد عن 50% من الأحداث وهي شخصية محورية تقود الرواية.
    وشخصيات مساندة تعمل في مساعدة الراوي في ربط الأحداث ببعضها دون أن تتعدى المساحة التي وضعت فيها كما يقول النقاد (الشخصية المساعدة هم أبطال لكن في روايات أخرى) وشخصيات ثانوية، يضيف بعض النقاد صنف رابع من الشخصيات هم الشخصيات الذين لم يظهروا بذاتهم في الرواية لكن كان لأعمالهم أو أقوالهم دور فعال في مجريات الأحداث داخل الرواية.
  • من حيث النمو والتحول: هناك شخصيات تتقدم في السن داخل أحداث الرواية وشخصيات من بداية أول فصل إلى النهاية وهي كبيرة في السن، أو شخصيات تموت في أحداث الرواية.
    على صعيد آخر تغيرات في أيدولوجيات الشخصيات فهناك شخصية تضل طوال الرواية على نفص التفكير، والدوافع، وشخصيات تتغير دوافعها وأفكارها بسبب أحداث الرواية.
    والشخصيات المتناقضة التي تحدث عملية جذب الانتباه عند القارئ مثلًا طوال الرواية يكون شرير وقرب النهاية يُكشف أنه كان طيب ولكن كان له أهداف أخرى أهم، أو كان البطل يفهم خطأ، أو شخصية طوال الرواية تكون ضعيفة العقل ومن ثم تكتشف إنه يختفي وراء هذا الرداء.

ملامح الشخصيات في الرواية

لبناء الشخصية في الرواية هناك ثلاث أبعاد يجب توضيح ملامحها، وهي:

  • خَلق وخُلق الشخصية: كل ما يتعلق بالشخصية من ناحية الشكل الخارجي من طول ووزن وأمراض وجمال وحتى طول الشعر ولون العينين إذا كان هذا مفيد في الأحداث، بجانب الملامح الخُلوقية من تدين، أو عدمه، الصدق، أو الكذب، أو الانحراف الأخلاقي.
  • مستوى الشخصية في السلم الاجتماعي، كل ما يتعلق بالشخصية من سكن ودخل شهري ومأكل وملبس.
    ثقافة الشخصية ومستوى تعليمه وعلاقاته المتبادلة مع أقرانه وأصدقائه وعائلته…
  • الشخصية: هو أهم ما يجب بنائه في الشخصية، مكنون الشخصية، رغباتها، أحلامها، مشاعرها

بالطبع الجوانب الثلاثة تتأثر ببعض وتؤثر فيما بينها، فقد تكون الشخصية عندها أزمة نفسية بسب حالته الاجتماعية، أو لديه مرض نفسي مثل: النرجسية بسب الجمال الخارجي، أو معتزل للعالم بسب مرض عضوي.

ليس من شروط كل شخصية أن تظهر كل هذه الجوانب بها، إنما يُظهر المبدع ما يجده مناسب فقط لمجريات الأحداث.

ثانيًا: الحوار

هو الكلام الذي يقوله المبدع على لسان الشخصيات لا الأفعال.
الحوار إما أن يكون بين الشخصيات أو حوار داخلي (منلوج)، وهو طريقة مباشرة لتوضيح الشخصيات والأبعاد التي تحدثنا عنها فيما سبق، يراعى فيه المبدع البعد الاجتماعي للشخصية في انتقاء الألفاظ التي تناسبها.

ثالثًا: الزمان والمكان

الزمكان هو الوعاء الذي يروي المبدع من خلاله قصته يجب أن يكون محدد يكتمل لدى المتلقي تكوين الصورة.

  • الزمان: قد يكون ممتد طويل يمثل مقطع طولي في حياة بلد ما، أو يتتبع شخصية بعينها من الميلاد حتى الموت، مثل: ثلاثية القاهرة لنجيب محفوظ.
    قد يكون مقتطع يمثل مطع عرضي في يوم البطل ويحكي الرواية في نطاق هذا الزمن، مثل: رواية باقي من الزمن ساعة لنجيب محفوظ.

لذلك فرق النقاد بين زمن الحكاية/ القصة وزمن السرد، فقد يكون الأثنان متطابقين إذا كان السرد يمشي مع الحكاية أو يكونا غير متطابقين إذا كان السرد يستغرق زمن أطول من زمن الحكاية.
أي أن زمن القصة هو زمن الذي استغرقه وقوع الحدث المروي في القصة، يخضع لتتابع منطقي وفق وقوع الحدث للزمان الحقيقي.
زمن السرد: هو الزمن الذي تتم فيه رواية القصة على لسان السارد.

  • المكان قد يكون ثابت ويجعل الرواية أشبه بالمسرحية، والأغلب أن يكون متغير ومتعدد، وقد يكون هو بطل الرواية الذي يدور حوله الصراع ويخلق تبعية للأماكن الأخرى إليه، مثل: رواية زقاق المدق لنجيب محفوظ

رابعًا: الحبكة

هي جمع الأحداث مع بعضها في نسق معين يراه المبدع مناسبًا لإيصال الفكرة التي تدور حولها الرواية، مع ترقيع مناطق الخلل بحوادث جديدة، ويخلق من خلالها روابط خفية وظاهرة بين الشخصيات.
ثم يقوم بجمع كل ما سبق والإمساك بأطراف كل الخيوط الحكائية في نسق سردي يختاره المبدع، ومع تصاعد الحبكة تقوم بخلط الصراع بين الشخصيات وتقاطع مسارتهم وتأزيم كل المصالح مع بعضها فيما يسمى بالذروة أو ذروة التوتر السردي، وقد أتفق النقاد على تسميتها بالـ(العقدة)، وعلى المبدع أن يختار الطريقة التي تحل بها العقدة في نهاية الرواية أو تنتهي قبيل النهاية بعقدة أخف منها التي بدوها تنحل في نهاية الرواية.

خطوط الحبكة

يفرق نقاد الأدب بين خطين متوازيين لا بد من توافرهما في الحبكة الروائية هما:

  • الخط الزمني لتصاعد الأحداث وتقاطعها.
  • التصاعد في نفسية الشخصيات والشحن المتزايد لها من حيث البعد النفسي وتقاطع الرغبات المخفية لكل الشخصيات.

إقرأ أيضًا: قصة شجرة الدر أول امرأة تجلس على عرش بلد من بلاد المسلمين

خامسًا: السرد

هو طريقة الحكي الذي يختارها المبدع للربط بين كل ما سبق من شخصيات وأحداث ويتنوع لثلاث أنواع:

السرد المتسلسل

يقوم فيه المبدع بالانتقال بين الأحداث بتتابع منطقي زمني فلا يقدم حدث ولا يؤخر حدث عن مكانه الصحيح.. وإذا احتاج المبدع إلى الرجوع بالزمن لذكر أي حدث إنما يعود على لسان أحد الشخصيات أو يعود بذاكرة أحد الشخصيات.

يمكن أن ينتقل بين الأحداث بالأمام بأي نسق يراه مناسب بوتيرة ثابتة أو قفزات حرة غير منضبطة، ويستخدم هذا اللون من السرد في الروايات التاريخية في أغلب الأحيان.

السرد المتقطع

هو عكس السرد المتسلسل فلا يعتمد على زمن سردي ثابت أو منضبط فيمكن للمبدع البدئ بأي زمن والانتقال إلى الماضي أو المستقبل حتى تتكون صورة كاملة لدى القارئ وفي الأغلب تكون قبل العقدة، لكن يجب أن يحذر المبدع من تشتيت القارئ وأن يتوه منه بين الأزمنة إذا زاد الأمر عند حده المقبول.

السرد بالتناوب

هذه الطريقة تكون مختلفة قليلًا وانتشرت في الآونة الأخيرة حيث يقوم المبدع بفتح الحكي في عدد قصص على خطوط متوازية وينتقل من واحدة إلى أخرى دون أي نظام ثابت أو مساحة لكل قصة منهم، وهنا تنقسم إلى ثلاثة أصناف يختارها المؤلف

  • أن تكون القصص في أزمنة وأماكن متفرقة ولا تتقاطع أبدًا، لكن يجمعهم خط سردي واحد من حيث وقوعهم تحت نفس الظروف الاجتماعية أو الصحية، أو اشتراكهم في الهدف أو حتى إنهم يجمعهم نفس المكان كما في الروايات التي يكون البطل فيهم هو المكان.
  • حكاية قصة واحدة في زمن واحد لكن الانتقال يكون بين الشخصيات التي ستتقابل فيما بعد وتجتمع القصص كلها في العقدة وتنتهي الرواية دون الانتقال بين قصص.
  • أن يكون الانتقال بين قصتين في أزمنة مختلفة الأقدم منهم يؤثر في الأحدث وعندما تتلاقى نهاية القصة الأقدم مع بداية القصة الحديثة تبدأ العقدة وينتهي الخط السردي للقصة الأقدم وتكمل الرواية القصة الحديثة فقط.

سادسًا: لغة الرواية

المراد بلغة الرواية هي لغة الحوار بين الشخصيات، فهي التي يتغير مستواها حسب البعد الاجتماعي لكل شخصية وعلى المؤلف أن يختار بين اللغة الفصحى أو اللغة العامية أو اللغة الوسطى.
إنما في السرد والتعليق لا تنازل عن اللغة الفصحى مهما كان الموضوع عظيم أو حقير.

سابعًا: نهاية الرواية

هي اللحظة التي يتوق إليها كل قارئ حتى وإن كان مستمتع بالرواية فيجب أن تكون منطقية بالنسبة للأحداث، وألا تنتهي الرواية وبعض الخطوط السردية منسية، إلا إذا كان المبدع يريد أن تكون ذات نهاية مفتوحة.
تعددت المدارس في أنواع النهايات بصورة كبيرة؛ فأصبحت كل النهايات ممكنة ولها تبرير نقدي أي كانت حزينة أو سعيدة، مفتوحة أو حتى دون نهاية تمامًا كما في بعض روايات ما بعد الحداثة.

إقرأ أيضًا: ملخص رواية البؤساء Les Misérables رائعة فكتور هوجو

 ثامنًا مراجعة الرواية ونشرها

قبل التوجع بالرواية مكتوبة على ورق أبيض إلى دار نشر يجب على المؤلف تصحيحها لغويًا والتأكد خلوها من أي أخطاء لغوية، بجانب تنقيحها عدة مرات وتغير ما يجده من أحداث غير منطقية أو تحدث  ثغرة في متن الحبكة.

بعد ذلك اختيار دار نشر مناسبة ذات خبرة في فنيات الطباعة والنشر والتوزيع وتصميم الغلاف واختيار الاسم.. والأهم ألا ييأس المؤلم إذا تم رفض روايته من دار نشر أو أثنين أو ثلاثة، مؤكد أنه سيجد من يُقدر عمله.

بهذا نكون قد أجبنا على سؤال كيفية كتابة رواية في ثمانية خطوات سهلة يمكن من خلالها بناء رواية متكاملة بجانب موهبة المبدع الفطرية.. نرجو أن نكون قد أفدناكم.

قد يعجبك أيضًا