قصيدة الخنساء في رثاء أخيها صخر كاملة مع الشرح

قصيدة الخنساء في رثاء أخيها صخر كاملة مع الشرح من أكثر القصائد المؤثرة التي وردت في التاريخ نظرًا لقصة وفاة صخر وهو أخو الخنساء، وقصيدة الخنساء في رثاء صخر لاقت رواجًا كبيرًا عبر العصور، وذلك بسبب بلاغة القصيدة.

لذا من خلال موقع زيادة سنقدم لكم قصيدة الخنساء في رثاء أخيها صخر كاملة مع الشرح.

قصيدة الخنساء في رثاء أخيها صخر كاملة مع الشرح

الخنساء هي تماضر بنت عمرو بن الحرث بن الشريد السلمية، ولقبت بالخنساء بسبب ارتفاع أرنبتي أنفها، وتُعد قصيدتها في رثاء أخيها صخر من أكثر قصائد الخنساء التي تناقلتها الأجيال ومر عليها العديد من العصور.

بالرغم من ذلك لم تفقد رونقها وقيمتها البلاغية، ويأتي هذا الرواج بسبب أبيات القصيدة التي كانت تخرج من القلب مباشرةً إلى الورق لا من العقل حيث أنها كانت تحمل مشاعر الأسى والحزن على فقدان أخيها صخر.

قتل معاوية أخو الخنساء على يد هاشم دريد، بعدها قامت الخنساء بتحريض أخيها صخر أن يأخذ بثأره، فقام صخر بقتل هاشم فقط، ولكن قد تلقى طعنة في بطنه آلمته لمدة عام كامل.

توفي أخوها بسبب هذه الطعنة بعد عام كامل، وكانت الخنساء تحب أخاها صخر بشكل كبير، فبكت على موته بكاءً شديدًا، قيل إنها أصيبت بالعمى بسبب ذلك، لهذا أغلب أشعار الرثاء عند الخنساء تتحدث فيها عن أخيها صخر.

ظلت الخنساء بعد ذلك ترثوا أخاها صخر طيلة حياتها وبالكاد ذكرت أخاها معاوية، وفي إطار موضوع قصيدة الخنساء في رثاء أخيها صخر كاملة مع الشرح سنعرض لكم القصيدة كاملة ثم نقوم بشرحها بالتفصيل.

اقرأ أيضًا: النقد في العصر الجاهلي

نص قصيدة رثاء الخنساء لصخر

قصيدة الخنساء في رثاء أخيها صخر من أجمل ما قيل في الرثاء، ومن يقرأ القصيدة يستشعر ما بها من حب، واستكمالًا لموضوع قصيدة الخنساء في رثاء أخيها صخر كاملة مع الشرح سنعرض لكم نص القصيدة فيما يأتي:

“قذى بعينكِ أمْ بالعينِ عـوَّارُ ** أمْ ذرَّفتْ إذْ خلتْ منْ أهلهَا الدَّارُ

كانَّ عيني لذكـراهُ إذَا خطرتْ ** فيضٌ يسـيلُ علَى الخدَّينِ مدرارُ

تبكي لصخرٍ هي العبرَى وَقدْ ولهتْ ** وَدونـهُ منْ جديدِ التُّربِ أستارُ

تبكي خناسٌ فما تنـفكُّ مَا عمرتْ ** لَها عليهِ رنـينٌ وَهيَ مفتـارُ

تبكي خناسٌ علَى صـخرٍ وحقَّ لهَا ** إذْ رابـهَا الدَّهـرُ إنَّ الدَّهـرَ ضـرَّارُ

لاَ بدَّ منْ ميـتةٍ في صرفهَا عبرٌ ** وَالدَّهرُ في صرفهِ حولٌ وَأطوارُ

قدْ كانَ فيكمْ أبـو عمـرٍو يسودكمُ ** نعمَ المعمَّمُ للدَّاعـينَ نصَّـارُ

صـلبُ النَّـحـيزةِ وَهَّـابٌ إذَا منـعُوا ** وَفي الحـروبِ جريءُ الصَّدرِ مهصارُ

يا صخرُ ورَّادَ مــاءٍ قدْ تـنـاذرهُ ** أهلُ المواردِ مَا في وردهِ عارُ

مشَي السَّبنـتى إلى هيـجاءِ معضلةٍ ** لهُ سلاحانِ أنيابٌ وَأظـفارُ

وَما عجولٌ علَى بوٍ تطـيـفُ بـهِ ** لهَا حنـيـننانِ إعلانٌ وَإسرارُ

ترتـعُ مَا رتعـتْ حتَّى إذا ادّكرتْ ** فإنَّـنما هيَ إقـبالٌ وَإدبـارُ

لاَ تسمنُ الدَّهرَ في أرضٍ وَإنْ رتـعتْ ** فإنَّـما هيَ تـحـنانٌ وَتسجارُ

يوماً بأوجدَ منّي يـومَ فارقني ** صخـرٌ وَللـدَّهرِ إحلاءٌ وَإمرارُ

وإنَّ صخراً لواليـنَا وَسيّـدنَا ** وإنَّ صخراً إذَا نـشتُـو لنحَّـارُ

وإنَّ صخراً لـمقدامٌ إذَا ركبـوا ** وإنَّ صـخراً إذَا جاعُـوا لعقّارُ

وإنَّ صخراً لتأتـمُّ الهـداةُ بـهِ ** كأنَّـهُ علمٌ في رأسـهِ نـارُ

جلـدٌ جميـلُ المحـيَّا كاملٌ ورعٌ ** وَللحروبِ غـداةََ الـرَّوعِ مسعـارُ

حمَّالُ ألويةٍ هـبّــَاطُ أوديـةٍ ** شهَّادُ أنـديـةٍ للجـيشِ جرَّارُ

فقلتُ لمَّا رأيـتُ الدَّهرَ ليسَ لهُ ** معاتـبٌ وحدهُ يسدي وَنيَّـارُ

لقدْ نعى ابنُ نهيكٍ لي أخاَ ثـقـةٍ ** كانتْ ترجَّـمُ عـنهُ قبلُ أخبارُ

فبـتُّ ساهـرةً للنَّجمِ أرقـبهُ ** حتَّى أتَى دونَ غورِ النَّجمِ أستارُ

لمْ ترهُ جارةٌ يمـشِي بساحتهَا ** لريبةٍ حـينَ يخـلِي بيـتهُ الجارُ

ولا تراهُ وما في البيـتِ يأكلهُ ** لكنَّهُ بارزٌ بالصَّحنِ مهمـارُ

ومطعمُ القومِ شحماً عندَ مسغبهمْ ** وَفي الجدوبِ كريمُ الجدِّ ميسارُ

قدْ كانَ خالصتي منْ كلِّ ذي نسبٍ ** فقدْ أصيبَ فما للعـيشِ أوطارُ

مثلَ الرُّدينيِّ لمْ تنـفـدْ شبيـبتهُ ** كأنَّهُ تـحتَ طيِّ البـردِ أسوارُ

جهمُ المحيَّا تضيءُ اللَّيل صورتهُ ** آباؤهُ منْ طوالِ السَّـمكِ أحرارُ

مورَّثُ المجـدِ ميمـونٌ نقيبتهُ ** ضخمُ الدَّسيـعـةِ في العـزَّاءِ مغوارُ

فـرعٌ لفرعٍ كريمٍ غيـرِ مؤتشبٍ ** جلدُ المريرةِ عندَ الجمعِ فخَّـارُ

في جوفِ لحـدٍ مقيمٌ قدْ تضمَّـنهُ ** في رمسهِ مقمطرَّاتٌ وَأحجارُ

طلقُ اليدينِ لفعلِ الخـيـرِ ذو فجـرٍ ** ضخمُ الدَّسيـعةِ بالـخيراتِ أمَّـارُ

ليبكهِ مقتـرٌ أفنى حريبـتهُ ** دهرٌ وَحالفهُ بؤسٌ وَإقتـارُ

ورفقةٌ حارَ حاديهـمْ بمهلكةٍ ** كأنَّ ظلمتَها في الطّـخيةِ القارُ

لا يمنعُ القومَ إنْ سألوهُ خلعـتهُ ** وَلاَ يـجاوزهُ باللَّـيـلِ مـرَّارُ”

شرح قصيدة الخنساء لرثاء أخيها صخر

كما نرى أن أسلوب القصيدة البلاغي يفوق الوصف بسبب الطريق الذي سلكت فيه الخنساء كتابة هذا الرثاء الخالد ليومنا هذا، ومن أكثر الأشياء التي من الممكن ملاحظتها من قبل القارئ لهذا الرثاء هو أن الخنساء قامت بالتعبير عن حالتها بأسلوب السؤال، لا بطريقة خبرية واضحة من خلال سؤالها لنفسها ما سر البكاء عند سماع اسم اخيها صخر.

يتضح هذا الأسلوب المتبع في توضيح الخنساء وإخبار الناس بحالتها الصعبة من خلال أسلوبها الاستفهامي لا الخبري في الأبيات الأولى من القصيدة، قامت الخنساء بتوجيه السؤال إلى أعينها، وبالطبع لن تجيب عليها أعينها.

إنما هو الأسلوب الذي استخدمته الخنساء، والذي لاقى استحسانًا من أغلب السامعين والقارئين لهذا الرثاء، حيث جعلت من عينها شخصًا حزينًا على فراق صخر.

كما نرى أيضًا استخدام أسلوب المبالغة في العديد من الأبيات في هذا الرثاء، وعلى سبيل المثال: كلمة (ذرفت)، وهذه الكلمة إن دلت على شيء فإنها تدل على كثرة ذرف الدموع عند البكاء، وهذه الكلمة هي صيغة المبالغة للفعل الأصلي، ولكنها لم تستخدم هذه الكلمة نظرًا لكثرة البكاء.

اقرأ أيضًا: أغراض الشعر الجاهلي ومميزاتها

الأساليب المستخدمة في قصيدة الخنساء في رثاء صخر

من الواضح أن الخنساء قد أتت بكل الخبرة الشعرية والإمكانيات التي تتمتع بها في مجال الشعر، حيث استخدمت أساليبًا رائعة، وقامت بوضعها في رثائها لأخيها صخر لتدل على مدى تعلقها به.

قد اتضح هذا جليًا في العديد من المواضع فمن أكثر الأساليب التي استخدمتها الخنساء في هذا الرثاء هو أسلوب المبالغة، وجاء استخدامها لهذا موضحًا حالة الحزن الكبيرة التي كانت تمر بها بعد وفاة أخيها صخر.

أيضًا كانت الخنساء كثيرًا ما تستخدم في هذا الرثاء أسلوب التصريع والذي ظهر لنا في البداية من البيت الأول، وكان هذا الأسلوب لاتفاق القوافي في كلٍ من الشطرين الأول والثاني، كما أنها كانت تستخدم أسلوب التجريد، مثل: من تجرد من جسده وخرج منه وأصبح يخاطب نفسه، وكأن الخنساء تخاطب شخصًا أخر يرد عليها، ويشعر بما فيها من حزن وألم.

اقرأ أيضًا: أشهر الكنايات في اللغة العربية

شرح الأبيات في قصيدة الخنساء في رثاء اخيها

سوف نقدم لكم فيما يلي شرحًا تفصيليًا لأبيات قصيدة الخنساء، وذلك في إطار موضوع قصيدة الخنساء في رثاء أخيها صخر كاملة مع الشرح.

“قذى بعينكِ أمْ بالعينِ عـوَّارُ ** أمْ ذرَّفتْ إذْ خلتْ منْ أهلهَا الدَّارُ”

تتوجه الخنساء في هذا البيت بالسؤال إلى عينيها المجهدة من كثرة البكاء، وتتعجب من توقف عينها من ذرف الدموع في بداية البيت، وتتساءل ما إن كان توقفها عن البكاء بسبب العوار أو مرض آخر يمنع عينها من البكاء.

لكنها في آخر البيت قد وصلت إلى السبب الذي جعل عينيها تتوقف عن ذرف الدموع وهو أن جفاف عينيها ما هو إلا بسبب كثرة البكاء على أخيها صخر.

“كانَّ عيني لذكـراهُ إذَا خطرتْ ** فيضٌ يسـيلُ علَى الخدَّينِ مدرارُ”

تشبهت الخنساء في هذا البيت كثرة الدموع التي تنزل على خديها بالسيول بسبب حزنها الشديد والألم الذي كانت تشعر به بعد وفاة صخر اخيها.

“تبكي لصخرٍ هي العبرَى وَقدْ ولهتْ ** وَدونـهُ منْ جديدِ التُّربِ أستارُ”

توضح الخنساء في هذا البيت مدى الحزن والأسى الذي تشعر به بعد وفاة صخر، والذي تحسبه الخنساء أنه مصيبة كبرى ولا تستطيع أن تتحمل ما حدث له، كما أنها أصبحت تعلم بعد وفاته أنه لا يفصل بينها وبينه سوى التراب.

“تبكي خناسٌ فما تنـفكُّ مَا عمرتْ ** لَها عليهِ رنـينٌ وَهيَ مفتـارُ”

تزيد الخنساء في هذا البيت توضيح الشعور الذي ابتُليت به بسبب وفاة أخيها صخر لدرجة أنها تريد الاستمرار في الصراخ والنحيب على فراقه حتى تنتهي حياتها هي الأخرى، بل وترى أنها بعد كل هذا الأسى الذي تشعر بها والحزن أنها مازالت مُقصرة في حق أخيها صخر.

“تبكي خناسٌ علَى صـخرٍ وحقَّ لهَا ** إذْ رابـهَا الدَّهـرُ إنَّ الدَّهـرَ ضـرَّارُ”

ترى الخنساء في هذا البيت أنه من حقها الحزن والإكثار من البكاء والعويل على فراق أخيها صخر لأن الدهر على حد قولها لم يترك أي نوع من أنواع الابتلاءات إلا وقد أذاقها منه، وأنه لا مفر منه ولا أمان له.

“وإنَّ صخراً لواليـنَا وَسيّـدنَا ** وإنَّ صخراً إذَا نـشتُـو لنحَّـارُ”

في تمجيد أخيها في هذا البيت والثناء عليه، وتذكير القوم بأنه كان سيدهم وكبيرهم، وليس هذا فحسب، بل أنه كان كريمًا أيضًا فلم يكن يبخل على محتاج ولا ينهر السائلين.

رثاء الخنساء لأخيها صخر يعد من أجمل ما كُتب في الرثاء، لأنك حينما تقرأه تستشعر قلبها الحزين، وتستشعر دموعها التي ذرفت في كل شطر من القصيدة.

قد يعجبك أيضًا