من هو فاتح مدينة القدس؟ وكم مرة تم فتح مدينة القدس؟ مدينة القدس هي أولى القبلتين وثالث الحرمين وهي مهد رسالات الأنبياء، وهي من بقاع الأرض المباركة التي ذكرها الله في كتابه الحكيم، فهي من أطهر بقاع الأرض وليس المسجد الأقصى فقط بل وما حوله كما ذكر الله تعالى، فلنتعرف معًا على هذه المدينة المباركة العريقة التاريخية وكيف تطورت بتاريخها عبر التاريخ وكيف انتهى بها الحال، نتعرف على إجابة سؤال من هو فاتح مدينة القدس في موضوعنا على موقع زيادة.
من هو فاتح مدينة القدس
فتح مدينة القدس في العصر الإسلامي كان على يد الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، والذي توسعت الفتوحات الإسلامية في عهده فوصلت إلى الشام والعراق ومصر وشمال إفريقيا، ويبقى السؤال كيف يكون فتح مدينة القدس على يد الخليفة عمر بن الخطاب نفسه وليس على يد أيًا من قائدي الجيوش الإسلامية آنذاك.
كان المسلمون قد ساروا إلى بلاد الشام لفتحها وكانوا مقسمين إلى عدة جيوش والعديد من القيادات وسار جيش المسلمين إلى بيت المقدس بقيادة أبو عبيدة بن الجراح، فوصل إلى أجنادين في البداية وكان بها ما بقى من جيش الروم فحاصرهم عمرو بن العاص حتى هزمهم، فهربوا إلى مدينة إيلياء (مدينة القدس حاليًا)، واعتصموا بها.
كانت مدينة إيلياء معروفة بمناعة أسوارها، فحاصرها المسلمون فترة طويلة، فلما رأى أسقف البطريركية وقتها “صفرونيوس” أنه لا فرار من الاستسلام، أرسل بوفد إلى جيش المسلمين المحاصر له يطلب منه أنه لن يتم تسليم المدينة إلا لخليفة المسلمين عمر بن الخطاب، وكان هذا طلبًا غريبًا ولكن هناك تفسير أن البطريرك كان قد خاف أن تتعرض الكنيسة العظمى لأي أعمال تخريب وكان قد سمع عن عدل الخليفة عمر بن الخطاب، فأراد من يتسلم منه المدينة هو الخليفة نفسه.
بالفعل عندما أرسل أبو عبيدة بن الجراح هذه الرسالة إلى عمر بن الخطاب احتار عمر في أمره ولكن سيدنا علي بن أبي طالب أشار عليه أن يذهب بنفسه إلى بلاد الشام وأن يتسلم المدينة بنفسه وقال له “إني أرى أنك إن سرت إليهم فتح الله هذه المدينة على يديك وكان في مسيرك الأجر العظيم”، فأخذ عمر بن الخطاب برأي علي بن أبي طالب وذهب بنفسه إلى بلاد الشام لفتح بيت المقدس.
يمكنك أيضًا الاضطلاع على: من بنى مدينة القدس
العهدة العمرية
هناك روايات تاريخية تقول أن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما خرج إلى الشام خرج هو وغلامه على دابة واحدة فكان يمشي حينًا ويركب حينًا، وعندما اقترب من بيت المقدس كان دور عمر بن الخطاب في المشي وقابلتهم منطقة كلها أوحال وأصر عمر أن يمشي فعندما وصل إلى الجيش المحاصر لبيت المقدس استنكر عليه أبو عبيدة بن الجراح ملابسه لما بها من أوحال فضربه عمر على صدره وقال له لقد كنا أذلاء وأعزنا الإسلام، وعندما رأى أسقف بطريركية بيت المقدس عمر بن الخطاب وسمع حديثه قال لعبيدة أن دولتكم باقية حتى قيام الساعة لأن دولة الحق والعدل تظل قائمة ولا تنتهي.
كتب الخليفة عمر بن الخطاب مع صفرونيوس أسقف مدينة بيت المقدس “العهدة العمرية” وبها أعطى عمر بن الخطاب حرية العقيدة وأمنهم على كنائسهم وممتلكاتهم وأراضيهم وألزمهم فقط بالجزية، وبذلك يبدأ الحكم الإسلامي لمدينة إيلياء (بيت المقدس أو القدس حاليًا).
في روايات تاريخية تحكي أنه عندما حان وقت الصلاة طلب أسقف المدينة من الخليفة عمر بن الخطاب أن يصلي في الكنيسة ولكن عمر رفض وخرج وصلى في مكانٍ بعيد عن كنيسة القيامة وعندما سأل صفرونيوس عن السبب قال له عمر أنه يخشى أن يتخذ المسلمون هذه الصلاة منهجًا لهم ويأخذوا من الكنائس مكان للصلاة فيها اقتداءً بعمر، فتيقن صفرونيوس بأن الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب هو الخليفة العادل الذي سيحافظ على المسيحيين وكنائسهم وممتلكاتهم وأعراضهم.
بناء الخليفة عمر بن الخطاب للمسجد في بيت المقدس
قرر الخليفة عمر بن الخطاب أن يبني مسجدًا ولكنه كان يبحث عن المسجد الأقصى الذي وصفه الرسول صلى الله عليه وسلم وكان يبحث عن قبة الصخرة التي أسرى منها الرسول صلوات الله وسلامه عليه إلى السماء في الإسراء والمعراج، وقد وجد عمر بن الخطاب المسجد بالفعل بعد بحث شاق ووجد قبة الصخرة خرابًا، تكاد أن تكون ملامحها مختفية تمامًا، لما تعرض له المكان من انتهاكات على يد البيزنطيين، وعليه فقد أمر الخليفة عمر بن الخطاب بتطهير المسجد الأقصى وقبة الصخرة وبناء أول مسجد هناك وتم حماية قبة الصخرة وبناء مظلة خشبية فوقها.
استمر الحكم الإسلامي لبيت المقدس قرابة الأربعة قرون حتى كانت الحروب الصليبية التي استطاعت أن تستولي على مدينة بيت المقدس، في أثناء الحكم الإسلامي لمدينة بيت المقدس قام الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان بإنشاء مسجد قبة الصخرة فوق الصخرة الشريفة وجعلها ذهبية اللون لتصبح معلمًا بارزًا بالمدينة، ثم قام الخليفة الوليد بن عبد الملك ببناء الجامع القبلي، واهتم الأمويون والعباسيون بمدينة بيت المقدس فكانت منبرًا علميًا في شتى المجالات.
يمكنك أيضًا الاضطلاع على: عبارات وكلمات عن القدس وفلسطين
من هو فاتح مدينة القدس للمرة الثانية؟
استولى الصليبيون على مدينة بيت المقدس بعد حصار دام شهرًا واحدًا وفور دخولهم المدينة قتلوا كل من كان في ساحة القتال من رجال ونساء وأطفال وشيوخ بل أنهم أيضًا قتلوا أكثر من سبعون ألف من المسلمين واليهود واستولوا على ممتلكاتهم وانتهكوا المقدسات الإسلامية واليهودية، بل أيضًا فرض على المسيحيين الأرثوذكس الشعائر الكاثوليكية، وقاموا بوضع الصليب على مسجد قبة الصخرة.
يمر ما يقرب من 100 عام من استيلاء الصليبين على مدينة بيت المقدس وما حولها حتى يأتي البطل العظيم السلطان صلاح الدين الأيوبي الذي يبدأ بتجميع الجيوش الإسلامية لتحرير بيت المقدس وتحرير الشام من يد الصليبين الطغاة ويبدأ في انتصارات متتالية بتحرير إمارات الشام الواحدة تلو الأخرى حتى موقعة حطين الشهيرة والتي ينتصر فيها صلاح الدين على كل قادة الصليبين بل ويقتل بيده القائد أرنولد أمير الكرك وذلك بسبب ما تسببه من إيذاءٍ للمسلمين واضطهادٍ لهم وسفك الدماء بغير حق.
بعد موقعة حطين هرب كل المنهزمين في المعركة إلى مدينة بيت المقدس واحتموا بها ولكن السلطان صلاح الدين الأيوبي يخرج خلفهم ويحاصر المدينة بالجيش الإسلامي لمدة أسبوع لتسلم إليه بعدها مدينة بيت المقدس ويعود العدل والسلام مرة ثانية إلى مدينة بيت المقدس وإلى فلسطين كلها، ويحافظ صلاح الدين على حرية الأديان والممتلكات والأنفس.
يمكنك أيضًا الاضطلاع على: دعاء لفلسطين والمسجد الأقصى والقدس
المكانة الدينية والتاريخية لمدينة القدس
بعد أن تعرفنا على إجابة سؤال من هو فاتح مدينة القدس، حان الوقت لنتعرف على المكانة الدينية والتاريخية لهذه المدينة العظيمة التي ذكرها الله تعالى في كتابه الكريم “سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ” (سورة الأسراء1).
فهي من بقاع الأرض الطاهرة المباركة ولها مكانة غالية في قلوب المسلمين فقد اصطفاها الله بالإسراء والمعراج ليؤم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنبياء الله جميعًا من هناك وتبدأ رحلة الإسراء والمعراج من قبة الصخرة إلى السماوات السبع، كما أنها مهد الأنبياء فهي أولى القبلتين وثاني المسجدين بعد المسجد الحرام وهو ثالث الحرمين.
قد روي عن رسول الله صلوات الله وسلامه عليه “كُنْتُ أقْرَأُ علَى أبِي القُرْآنَ في السُّدَّةِ، فَإِذَا قَرَأْتُ السَّجْدَةَ سَجَدَ، فَقُلتُ له: يا أبَتِ، أتَسْجُدُ في الطَّرِيقِ؟ قالَ: إنِّي سَمِعْتُ أبَا ذَرٍّ يقولُ: سَأَلْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ عن أوَّلِ مَسْجِدٍ وُضِعَ في الأرْضِ؟ قالَ المَسْجِدُ الحَرَامُ قُلتُ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: المَسْجِدُ الأقْصَى قُلتُ: كَمْ بيْنَهُمَا؟ قالَ: أرْبَعُونَ عَامًا، ثُمَّ الأرْضُ لكَ مَسْجِدٌ، فَحَيْثُما أدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ فَصَلِّ.
أهمية مدينة القدس للديانات السماوية الثلاث
تضم القدس أقدس الأماكن في العالم أجمع فيها المسجد الأقصى ومسجد قبة الصخرة التي أسرى برسول الله من هناك وهو موجود بالحي الإسلامي بالمدينة، أيضًا بها كنيسة القيامة فهي تقع في نفس المكان الذي شهد صلب السيد المسيح من هناك ووفقًا للأعراف المسيحية فإن قبر السيد المسيح يوجد هناك بكنيسة القيامة، وهي موجودة بالحي المسيحي بالمدينة.
أما في الحي اليهودي لمدينة القدس فيوجد حائط المبكى أو الحائط الغربي الذي يعتقد اليهود أنه ما تبقى من هيكل سليمان الذي كان قائمًا في نفس المكان.
يمكنك أيضًا الاضطلاع على: عدد الفلسطينيين في العالم في الأعوام الأخيرة
بهذا نكون قد تناولنا في موضوعنا من هو فاتح مدينة القدس في المرة الأولى وهو الخليفة عمر بن الخطاب نفسه وفتحها وأنهى بها حكم البيزنطيين الظالم، وتناولنا من هو فاتح مدينة القدس للمرة الثانية وهو السلطان صلاح الدين الأيوبي الذي أنتهى على يده حكم الصليبين في المنطقة وأقام العدل مرة ثانية، وقد ذكرنا بعض المعلومات القيمة عن مدينة القدس وأهميتها، ونتمنى أن نكون قد أفدناكم.