طلاق الشقاق من طرف الزوج

طلاق الشقاق من طرف الزوج في الشريعة والقانون أمر من الهام التعرف عليه لحالات الطلاق المتعددة وخاصة في عصرنا الحالي الذي أصبحت فيه حالات الطلاق تكاد تقارب حالات الزواج باليوم الواحد، بل تكاد تتعداه، ومن موقع زيادة نقوم بالبحث في حالة طلاق الشقاق من طرف الزوج.

طلاق الشقاق من طرف الزوج

ينسى الكثير من الأزواج أن أساس العلاقة التي قام عليها عقد الزواج هي الألفة والمودة والمحبة والسكن من الرجل للمرأة ومن المرأة للرجل، ومع المشاكل التافهة التي تواجههم يبدأ كل منهم في إلقاء اللوم على شريكه، مما يتطور سريعًا إلى حالات الشقاق بينهما.

أما لتوضيح معنى عنوان موضوعنا الرئيسي والذي نتخصص به في هذا البحث وهو طلاق الشقاق من طرف الزوج، فنوضحه معكم باختصار بأنه كالتالي:

الشقاق بين الزوجين هو حدوث النزاع والفراق بينهما، لكن أمر النكاح والجماع لا يفسد بحدوث الشقاق، ولا يفسد الشقاق عقد الزواج ولا يبطله.

لكن في الحالات التي يحدث فيها الشقاق فقد بين لنا الشرع كيفية التعامل مع الشقاق بين الزوجين بمنتهى العدل والحكمة من الله تعالى، قال تعالى:

(الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ۚ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ۚ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا (34) وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا (35)) [34-35 النساء].

ففي الآية الخامسة والثلاثون من سورة النساء بين الله تعالى أن حل الشقاق بين الزوجين هو في إرسال حكمين من ذوي العقل من أهل الزوج والزوجة، ليصلحا بين الزوجين.

اما من ناحية القانون فإن القاضي بعد بحثه في أمر الشقاق بين الزوجين يقوم بالزجر لمن كان منهما السبب الرئيسي في حدوث الشقاق، ويعمل القاضي بجميع الدول التي تطبق الشريعة الإسلامية على بما جاء به الله تعالى في كتابه وتشريعه بأن يرسل حكمًا من أهل الزوج وحكمًا من أهل الزوجة.

اقرأ أيضًا: طلاق الشقاق من طرف الزوجة

مُسَبِّبْ طلاق الشقاق

لا يعلم الكثير من الناس أن القاضي يأخذ بحكم الحكمين الذي أرسلهما للإصلاح بعد محاولتهما الإصلاح بين الزوجين، ولا يرجع للزوجين فيما تم.

فإما أن يكون الحكمان قد استطاعا العمل على إصلاح أمر الزوجين أو أن يبلغا القاضي بأن الأمر وصل إلى حد فسخ عقد الزواج ووجوب الطلاق، لعدم إمكانية مواصلة الزواج.

يكون رأي الحكمين في مسبب الشقاق سبب رئيسي لقرار القاضي لمسبب طلاق الشقاق فإما أن يكون طلاق الشقاق من طرف الزوج

أو من طرف الزوجة، ويتم ذلك بقياس القاضي لنسب حالات الإساءة التي تمت من ناحية كل منهما، كما في الحالات التالية:

  • طلاق الشقاق من طرف الزوجة، يتم إجراء طلاق الخُلع في حالة إذا كانت الزوجة هي مسبب حالة الشقاق، فيتم تحديد العوض المناسب بشرط ألا يزيد عن المهر وما اشتمل عليه عقد الزواج من مستحقات للزوجة.

ذلك عملًا بما جاء من تشريع من رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمر الخلع بطلب من للزوجة، فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال:

أن جَميلةَ بنتَ أُبَيِّ بنِ سَلولَ أتت النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقالت: واللهِ ما أعتِبُ على ثابِتٍ في دِينٍ ولا خُلُقٍ، ولكنِّي أكرَهُ الكُفرَ في الإسلامِ، لا أُطيقُه بُغْضًا، فقال لها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أترُدِّينَ عليه حَديقَتَه؟ قالت: نعَمْ، فأمَرَه رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن يأخُذَ منها حديقَتَه ولا يزدادَ” [الرباعي – فتح الغفار].

  • إذا كان طلاق الشقاق من طرف الزوج، وهو موضوعنا الأصلي فيقرر الحكمان أن يطلقاهما بطلقة بائنة، ويكون للزوجة في هذه الحالة من نفقة العدة كلها لكن من دون المقبوض من المهر.
  • إذا بين الحكمان أن الشقاق سببه مشترك بين الزوجين، يتم حسم الطلاق بينهما على جزء من المهر يحدد بنسبة إساءة كل منهما للآخر، وفي حالة صعوبة تحديد نسبة الإساءة لتقدير نسبة المهر المستحقة، يقيمان فيما بينهما أمر التعويض المستحق بشرط عدم زيادته على قيمة المهر نفسه.

حالات طلاق الشقاق من طرف الزوج

هنا التوضيح الأشمل لأمر أحقية المرأة في طلب الطلاق، حيث يكون طلاق الشقاق من طرف الزوج وليس من طرف الزوجة، ويكون هو مسبب الإساءة ومسبب الشقاق الواقع بينه وبين زوجته.

كان أصل الأمر في الشرع هو عدم جواز طلب الزوجة الطلاق من الزوج بلا سبب مقنع وكافٍ في نظر العرف والقاضي، ففيما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قالك:

أيُّمَا امرأةٍ سألت زوجَها طلاقًا في غيرِ ما بأسٍ فحرامٌ عليها رائحةُ الجنةِ” [صحيح أبي داود] .

لكن هناك حالات لن يستقيم بها استمرار الزواج، ففيها يكون الطلاق هو أنسب الحلول لرفع الضرر، فقد لا تستطيع الزوجة إكمال عقد زواجها لأسباب منها:

  • عدم وفاء الزوج بما عليه من نفقات لبيته وزوجته.
  • إذا تضررت الزوجة من الزوج لأسباب مثل الضرب المبرح أو السب، أو إكراهها على ما لا يرضي الله تعالى، أو أن تتبين الزوجة من أن زوجها قد أشرك أو كفر بالله تعالى.
  • إذا كان الزوج كثير الغياب عن البيت ولا يمارس حقوق الزوجة الشرعية، حيث قد تخاف بعض النساء من الفتنة أو الوقوع في المحرمات والزنا، فتخاف من بعد زوجها طالبة الانفصال لتتزوج من غيره.
  • أن يكون الزوج مرتكبًا للكبائر أو تاركًا للصلاة أو شاربًا للخمر، أو أن يكون مجرمًا أو سارقًا.

الحالات السابقة من حالات طلاق الشقاق من طرف الزوج بسب أنه صاحب المفسدة في حدوث الطلاق.

اقرأ أيضًا: أسباب رفض دعوى الطلاق للشقاق

حقوق المطلقة للضرر

وهي الحقوق التي يحكم بها القضاء في حالات طلاق الشقاق من طرف الزوج، فبعد نجاح الدعاوى القضائية التي ترفعها الزوجة على الزوج بالمحاكم بسبب ما أصابها من ضرر من الزوج.

فبأخذ شهادة الشهود أو تقارير طبية تفيد وقوع هذا الضرر، هنا تتمكن الزوجة من الاحتفاظ بحقوقها الشرعية والمادية كافة، حيث يقرر القاضي عندها تحميل الزوج نتائج أفعاله فيحدد نفقات الزوجة الواجبة على الزوج بعد الطلاق وهي كالتالي:

  • قائمة المنقولات، فلو أن الزوجان اتفقا على وجود عقد بقائمة المنقولات التي بالمنزل وأن تكون من حق الزوجة حالة أن يطلقها، فتستحق الزوجة جميع ما بهذه القائمة من محتويات.
  • نفقة المتعة، بالنظر إلى قانون الأحوال لشخصية فإن نفقة المتعة ليست نفقة ثابته مستمرة ولكنها تعويض لخاطر المطلقة لما أصابها من ضرر.

وتستحق المتعة في حال وقوع وثبوت الضرر بحكم طلاق نهائي وليس رجعي، وهذا تطبيقًا للمادة 101 من قانون الإثبات، ولا تقل نفقة المتعة عن سنتين.

  • نفقة العدة، تبدأ من تاريخ الطلاق وليس من تاريخ العلم به، وتستمر خلال أشهر العدة، وتسقط نفقة العدة في حالات مثل نشوز الزوجة أو وفاتها أو ارتدادها عن دين الله تعالى.
  • المؤخر، تستطيع المطلقة بـ طلاق الشقاق من طرف الزوج الحصول على مؤخر الصداق المسمى في عقد الزواج.
  • حضانة الأطفال، حيث تحل المطلقة بضرر على حق الحضانة لأطفالها، ولو تزوجت الأم تنتقل الحضانة إلى أم الأم، ثم للأب ثم الأخت ثم أخت الأب.
  • نفقة الأطفال، بعد حصول المطلقة بـ طلاق الشقاق من طرف الزوج، على أطفالها وحضانتهم فإن من الطبيعي إلزام الزوج المتسبب في الطلاق أن يقوم بدفع كافة مصاريف ونفقات الأولاد من مأكل ومسكن وملبس، ويمكن للأم الحصول على مسكن الزوج.
  • مصروفات الدراسة والعلاج، حيث يلزم القانون الأب بالإنفاق على دراسة أطفاله وهم في حضانة الأم، كما يلزمه بمصاريف العلاج اللازم لهم في حال أن مرض أحد الأطفال.

اقرأ أيضًا: نموذج طلب طلاق الشقاق من طرف الزوجة

قواعد النفقة وتقديرها

يقوم القاضي بتقدير النفقة بحسب حالة الزوج المادية، حيث يقدر القاصي دخل الزوج وتعمل المحكمة على تقصي راتبه ودخله من مصدر عمله، كما تقوم المحكمة بالتحري عن أملاك الزوج وممتلكاته.

حيث يكون الحكم بالنفقة الشهرية الثابتة للمتطلبات أعلاه، أو بالحجز على ممتلكات الزوج أو بالحبس حتى قيامه بالدفع.

إن في أمر طلاق الشقاق من طرف الزوج أحقية للزوجة أو ولي أمرها أن يطلقها من الزوج للضرر أو أن تخلع نفسها منه.

قد يكون الطلاق حلال، ولكنة أبغضه، فما إن يجمع الله بين رجل وزوجته إلا وتكون تلك اللبنة التي تكمل بناء المجتمع ككل بأبناء صالحين وبناء صالحات، فما إن تهدم تلك اللبنة إلا ويتأثر المجتمع ككل.

قد يعجبك أيضًا