كم دامت دعوة الرسول الجهرية

كم دامت دعوة الرسول الجهرية؟ وما موقف المشركين من الجهر بالدعوة؟ ذلك أن رسول الله مُذ نزل عليه الوحي مكث لنحو ثلاث سنوات يدعو إلى الله سرًا، وذلك من خلال دعوة من يثق بهم من قومه، منتظرًا الأمر من الله عز وجل بالجهر بالدعوة والصدع بها، فلما جاء أمر الله بالجهر لاقى الرسوم الكريم من التكذيب والأذى ما لاقى، وذلك عبر مراحل الدعوة الجهرية كلها، والتي نُبينها عبر موقع زيادة.

كم دامت دعوة الرسول الجهرية؟

كان من حكمة الله عز وجل أن جعل الدعوة في بداية الإسلام سرية، لئلا يُفاجئ أهل مكة بما يُهيّجهم.

نزل أمر الله عز وجل على رسوله الكريم في السنة الرابعة من البعثة بالمرحلة الثانية من مراحل الدعوة وهي الدعوة الجهرية، فقد قال الله في سورة الحجر: ” فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ” (آية: 94).

لذا تختلف مدة الدعوة الجهرية نظرًا لتعدد مراحلها، فانقسمت إلى ثلاث مراحل كلٌ منها له مدة زمنية محددة، وهي:

  • المرحلة الأولى للدعوة الجهرية: كانت جهرية باللسان فقط، ورؤساء الأشهاد، بعد الدعوة السرية التي استمرت لثلاث أعوام منذ البعثة.
  • المرحلة الثانية: من السنة الأولى بعد الهجرة، وحتى عام 6 هجريًا في صلح الحديبية، وفيها كانت الدعوة جهرًا مع قتال البادين والمعتدين حال صدور القتال منهم.
  • المرحلة الثالثة: بدأت من صلح الحديبية، وفي تلك المرحلة كانت الدعوة جهرًا مع قتال المعادين لدين الله، ومن يقف أمام الدعوة ويمنع الناس دخول الإسلام، وذلك بعد إنذاره أولًا.

تعد المرحلة الثالثة للدعوة الجهرية هي ما استقر عليها من تشريع في الدعوة والجهاد، لذا إن كنت تتساءل كم دامت دعوة الرسول الجهرية، فإنها ما كان من دعوة وتشريع منذ الأمر بها وحتى تمام الدين وارتضاء الإسلام، وإلحاق نبيه بالرفيق الأعلى.

اقرأ أيضًا: بحث كامل عن الهجرة النبوية الشريفة من مكة إلى المدينة والدروس المستفادة منها

جهر النبي بالدعوة للناس عامة

بدايةً كان الجهر بالدعوة في أولى مراحلها على نطاق ضيق يشمل الأهل والمقربين لرسول الله، ثم جاء الأمر للنبي الكريم بدعوة رؤساء قريش وقاداتهم، حتى تشمل بطون قريش بأسرها، فقال: ” وأنذر عشِيرَتَك الأقربين” (سورة الشعراء: 214).

حيث وقف رسول الله على جبل الصفا ونادى على بطون قريش قائلًا: يا بني فهر، يا بني عدي، يا بني هاشم، يا بني مخزوم.” تجمع القوم إثر مناداة رسول الله، حتى أن الرجل منهم إذا تعثر عليه الخروج أرسل رسولًا لينظر الأمر، إذ علموا أن أمرًا جللًا أوشك على الوقوع.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث المروي عن ابن عباس:

 “ أرأَيْتُم لو أخبَرْتُكم أنَّ خَيلًا بسَفْحِ هذا الجبلِ تُريدُ أنْ تُغِيرَ عليكم أصدَّقْتُموني)؟ قالوا: نَعم قال: فإنِّي ({نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ} [سبأ: 46]) فقال أبو لَهَبٍ: تبًّا لك سائرَ اليومِ أمَا دعَوْتُمونا إلَّا لهذا ثمَّ قام فنزَلت: ({تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} [المسد: 1] وقد تَبَّ وقالوا: ما جرَّبْنا عليك كذِبًا.

بعد أن دعا رسول الله قريش، كان أمر الله له توسيع الدعوة، حيث جاء الأمر لأهل مكة وغيرها، فقال تعالى: “فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ” فهُنا أمر رسول الله بدعوة الناس كافة مع اتجنب الصدام مع المشركين، الذين لا يدخرون جهدًا في محاربة الدين.

استمرت الدعوة الجهرية بعدها إلى أن رسخ الدين، وتمت كلمة رب العالمين، بيد أن البعض يظن أنها فترة معينة، فتساءلوا: كم دامت دعوة الرسول الجهرية؟

اقرأ أيضًا: قصة هجرة الرسول

أسباب الجهر بالدعوة

لم تكن الدعوة لتبقى سرية إلى الأبد، كان لا بد من خروجها للعلن ردًا على شبهات المعاندين، وإخراج الناس من ظلمات الجهل إلى نور الإيمان، وكان ثمّة أسباب عدة للجه بالدعوة، نبينها في ضوء الإجابة عن تساؤل كم دامت دعوة الرسول الجهرية.

1- بيان أن الإسلام منهج حياة

ذلك أن استمرار السرية في الدعوة يعطى انطباع أن هذا الدين يدعو للانزواء والتبتل والانقطاع عن الناس تمامًا، فكان لا بد من دحض تلك الشبهة، وبيان أن الإسلام منهج حياة كامل، وأن مفهوم العبادة شامل لكافة مناحي الحياة، وتصحيح تلك المفاهيم الخاطئة.

2- تحقيق أغراض الدعوة السرية

ذلك أن الفترة الزمنية التي مرت بها الدعوة السرية كانت كافة لتحقيق الأهداف المنشودة، والوصول إلى النتائج المرغوبة، ولو استمرت الدعوة السرية أكثر من ذلك؛ لم تكن لتحقق نتائج أخرى.

فكانت الدعوة الجهرية فرصة لقياس مدى جدية الصحابة، وامتحان إيمانهم، ومعرفة مدى تمسكهم بقضيتهم ودينهم، والعلم بمدى قوتهم وصبرهم، حيث مروا في مراحل الدعوة الجهرية بكثير من البلايا والاختبارات، بذلوا فيها الجهد والمال والنفس في سبيل إعلاء كلمة الله.

3- زيادة أعداد المسلمين

ذلك أن عدد المسلمين قد اكتمل 40 شخصًا في دار الأرقم بن أبي الأرقم بإسلام عمر بن الخطاب وزاد تنوعهم فكان منهم القوي، والغني، والصاحب، أنفقوا في سبيل القضية مالهم دون سؤال، وقدموا أرواحهم دون تردد، أمثال أبي بكر الصديق، وعثمان بن عفان، عليّ بن أبي طالب، وحمزة بن عبد المطلب.

4- تقوية أواصر الدين

ذلك أن الدعوة حينما يتسع نطاقها خارج مكة فإن هذا يكون سببًا في وجود من يعمل لصالح المنهج الإسلامي في كل مكان، ففضلًا عمن أرسلهم رسول الله إلى الأمصار للدعوة، وُجِد آخرون كان لهم دور في نشر الدعوة وتثبيت العقيدة.

اقرأ أيضًا: لماذا ندرس السيرة النبوية؟

5- تحدي الصحابة لقريش

ذلك أنهم قد بذلوا من التضحيات مع رسول الله منذ دعوته ما جعلهم متأهبون ومستعدون للدعوة الجهرية، مما يمكنهم من الوقوف أمام أعداء الإسلام، والتمكن من نشر دينهم ورسالتهم في كافة ربوع الأرض.

6- استفزاز قريش

كان سببًا من أقوى أسباب جهرية الدعوة هو معرفة ما يفكر فيه قريش من أفكار انتقامية تجاه المسلمين، وبالفعل كان لها دور في إبراز ذلك حيث كانت سببًا في معرفة العدو الشريف، ومن لا خير فيه، فكانت العلنية سببًا في إسقاط أبي لهب إلى الأبد، بينما أظهرت العلنية نماذج إيجابية أمثال الُطعم بن عُدي.

على الرغم من عدم اعتناقه الإسلام، بيد أنه كان لها مواقف تدل على النخوة والشهامة، فعندما خرج النبي إلى الطائف داعيًا أهلها للإسلام، لم يكن ليدخل مكة إلا مع أحد كبرائها، وقام بهذا الدور المطعم.

لعل أقوى الأسباب للجهر بالدعوة هو تنفيذًا لأمر الله عز وجل، وصدع رسول الله بالحق كما أمره الله، ولم يمنعه من ذلك عداوة المشركين، ولا تنكيلهم بالمؤمنين، فكانت العاقبة الحسنى لرسول الله والمؤمنين.

ملكوا الدنيا بأسرها، وهدوا الناس إلى الطريق القويم، وكانت لهم الحسنى عند رب العالمين.

في تلك المرحلة من مراحل الدعوة كانت وِجهة رسول الله إلى رب العالمين، لذا فإنه -عليه الصلاة والسلام- لم يلتفت إلى استهزاء المستهزئين، ولا إعراض المعرضين، ماضيًا في طريقه يدعو إلى الإسلام.

قد يعجبك أيضًا