هل يمكن الفصل بين الإحساس والإدراك؟

هل يمكن الفصل بين الإحساس والإدراك؟ استطاع الإنسان القيام بالعديد من الوظائف كفهم وإدراك العالم الخارجي، حيث تقوم المعطيات الحسية بتنظيم وتفسير هذه العمليات العقلية المعقدة وتقوم بإعطائها معني بناء على وظائف عقلية يقوم بها العقل مثل (التخيل -التذكر-الذكاء) أو بناء على خبرات سابقة.

هل يمكن الفصل بين الإحساس والإدراك؟

  • يتم تحديد علاقة الإنسان بالطبيعة عن طريق السعي والمحاولة في استيعاب العالم الخارجي، ومحاولة التواصل مع العالم الخارجي.
  • فلإحساس هو الشيء المشترك بين جميع الكائنات الحية فكلها تشعر مثلما نشعر فأصبحت الحواس هي العامل المشترك بين جميع المخلوقات.
  • فعملية الإحساس هي الوسيلة الأولى للتواصل بالعالم الخارجي.
  • فأصبحت الإحساس عملية فسيولوجية أو معرفة تتم مباشرة عن طريق التغير في المنبهات الخارجية أو إحدى الحواس للقدرة على التكيف مع العالم الخارجي.
  • وأعطي الله نعمة للإنسان وتعتبر السمة الثانية بعد الإحساس وهي العقل والإدراك بالعالم المحيط بالإنسان.

طرح المشكلة

  • خُلق جدلاً بين المفكرين بسبب التنوع في عمليات وطرق التكيف مع العالم في الخارج حول علاقة الإحساس والإدراك ببعضهما.
  • فيرى بعض الناس أن الفصل بينهما أمر مهم ولازم ويري البعض الأخر أن العمليتان يعتبران عملية واحدة في النهاية.
  • ولا يمكن أبداً المحاولة للفصل بين العمليتين، فجعلتنا هذه الآراء التساؤل والتردد بين الرأيين ونقول هل العمليتان واجب الفصل بنهم؟ أم التعامل معهم على إنهم عملية واحدة؟

يرشح لك موقع زيادة الإطلاع على المزيد من المعلومات حول ما هو الاسقاط النجمي وماهي أنواعه ونماذج له من خلال الرابط التالي: ما هو الاسقاط النجمي وماهي أنواعه ونماذج له

محاولة الإجابة عن أسئلة وحل المشكلة

  • قام علم النفس التقليدي بتأييد الرأي الأول وهي وجوب الفصل بين الإحساس والإدراك، وقالو إن الإحساس عملية تقوم داخل الجسم ومرتبطة به أما الإدراك مرتبط بالعقل فلذلك يعتبران كل عملية منهم مستقلة عن الأخرى.
  • يعتبر الإحساس حادثة فسيولوجية أما العقل فالعملية التي يقوم بها معقدة مثل عمليات التخيل والذكاء والتذكر.
  • ويتم توجيه كل هذه العمليات لموضوع معين فتكون وقتها الإحساس معرفة بها، تتم عملية الإدراك حسب الزمان والمكان، تشمل هذه النظرية الجانبين (العقلي – التجريبي).

الاتجاه العقلي:

  • منذ سقراط وأفلاطون تري النظرية العقلية أن معرفتنا مرتبطة بالعقل وأن الحواس عاجزه عن إمداد الإنسان بأي معرفة، لأنها تخطئ حيث يقوم العقل بالتدخل لإصلاح هذا الخطأ.
  • فنستنتج من ذلك أن الإدراك يتفوق على الإحساس في أشياء كثيرة فالناس الذي تحايد هذا المذهب يرون أن المعرفة تعود للعقل وليس للإحساس، لأن قضايا العقل صادقه صدق غير قابل لتشكيك فيه.
  • فالعقل قوة وهبة فطرية من الله وأحكامه إلزاميه وضرورية وتكون بالفطرة ويقول الفيلسوف دركارت “أن العقل هو أعدل قسمة بين البشر ” فقواعد العقل ثابته لا يستطيع اكتسابها من التجارب الحياتية.
  • يعتقد ديكارت أن الحدس هو النور الفطري حيث يمكن للعقل بإدراك فكرة ما مرة واحدة فلا يعتمد العقل علي الإحساس ولا يشترك فيه أي حواس و أييد ديكارت العديد من الفلاسفة منهم (سبينوزا-ماليبرانش-لايبنز ).
  • حيث قال الفيلسوف ديكارت “إني أدرك الأشياء بمحض وما في ذهني من قوة الحكم ما كنت أحسب أني أراه بعيني ” لأن الحواس لا يمكن أن تنتج قيمة معرفية صحيحة.
  • يقول أيضاً “إن الحواس خاضعة ومن الحكمة أن لا نطمئن لمن يخدعنا ولو لمرة واحدة “
  • فالعقل هو الذي يدرك المكعب مثلا فالحالة التي ترى فيها العين المكعب شيء يتكون من ٩ أضلاع و٣ أوجه.
  • فبالعقل يمكننا إدراك المسافات وبُعدها وإدراك البعد الثالث من الأشياء. حيث يقول باركلي “وجود الشيء قائم في إدراك أنا له ” حيث تفسيرها أن وجود الأشياء يرتبط بالذات. ويقول ويليام جيمس “لا يحس الراشد الأشياء بل يدركها”.

يمكنك الحصول على المزيد من المعلومات حول فاكهة تسمى بطعام الفلاسفة وما أصلها وفوائدها وقيمتها الغذائية عن طريق الرابط المعلن: فاكهة تسمى بطعام الفلاسفة وما أصلها وفوائدها وقيمتها الغذائية

الاتجاه الحسي:

  • يفسر أن التجربة والإحساس هي الأشياء التي يتوقف عليها إدراك الإنسان، وليس يتوقف على الإدراك المحرك والعقل.
  • وقال الرواقيون أن ليست الأفكار الذي نصنعها بأنفسنا وعقلنا هي مقياس المعرفة، وقال إن التجربة الحسية هي المصدر الذي نستقي منه جميع أفكارنا الكلية والتجارب الحسية.
  • الطفل ليس لديه تجارب ولا معرفة سابقة في التعامل مع الأشياء فيقوم بتحصيل هذه الأشياء بقوة خبراته الحسية شيئا فشيئاً، حيث قال الفيلسوف جون لوك “أن الإنسان لا يصل إلي المجرد إلا بالانطلاق إلي الملموس ” وقال “الحواس والمداك هما النافذتان الذي ينفذ منهما الضوء إلي الغرفة المظلمة ” المقصود بالغرفة المظلمة العقل .وقال أيضاً “ليس في العقل شيئاً جديد إلا وقد سبق وجوده في الحس أولا” ،حيث من يفتقد الحاسة يفقد معانيها ،ويتفق مع لوك الفيلسوف “دافيد هيوم” .

النقد الموجه:

  • دور العقل لا يمكن إنكاره في عملية الإدراك، فهذا لا يحق قول أن العقل يبدع دون استخدام حواس ولا يمكن الحواس قيام عملية منعزلة بدون العقل، فهنا القول أن يستحيل الفصل بين عمليتا الإحساس والإدراك فهما مرتبطين بشكل ملازم ومترابط، حيث الإدراك يساعد الإحساس والإحساس يساعد الإدراك كما يقول الجرجاني “الإحساس إدراك الشيء بإحدى الحواس.

للمزيد من المعلومات حول أسباب الإحساس بحرارة في الجسم مع أن درجة الحرارة طبيعية يمكنك النقر على الرابط المرفق: أسباب الإحساس بحرارة في الجسم مع أن درجة الحرارة طبيعية

نقيض الأطروحة

  • علم النفس الحديث يؤكد علي عدم القدرة علي فصل الإحساس والإدراك عن بعضهما، والفلسفة الحديثة تنظر أنهما عملية واحدة، وتقول أن الإدراك ما هو إلا شعور بالإحساس، حيث يقول ريد ” الإدراك هو الإحساس المصحوب بالانتباه” وتمثل هذه النقيضة تأييد للنظرية الظواهرية والجشطانية .

النظرية الجشطانية

  • أُخذ اسمها من جشطلت ويمثلها (كوفكا – كوهلر) حيث يروا أن الإدراك والإحساس عمليتان مترابطتان ولا يمكن الفصل بينهم.
  • وتؤكد النظرية الجشطانية على النظرة الإجمالية التي نرى بها الشيء، فنحن لا يمكن أن ندرك المثلث كشكل يتكون من ٣ أضلاع و٣ زوايا بل ندركه ككل.
  • الشكل الإجمالي هو الذي يفرض علي العقل إدراكه بصوره معينة ومن زاوية أخري ويصبح العنصر الأساسي هو المحسوس والعالم الخارجي والأشياء الموجودة فيه والمحيطة بالإنسان، فحدد الجشطاليون أن الأشياء في العالم الخارجي تتكون في صوره منتظمة في صيغ معينة.
  • فيمكن إدراكها حسب الوضعية الموجودة، فيحدده عدة قوانين تسمي قوانين الانتظام منها (قانون التجاور وقانون الاستمرار وقانون الإغلاق وقانون الشكل) .

يرشح لك موقع زيادة الإطلاع على المزيد من المعلومات حول منشط للذاكرة وسرعة الإدراك وما هي أسباب الضعف من خلال الرابط التالي: منشط للذاكرة وسرعة الإدراك وما هي أسباب الضعف

النظرية الظواهرية

  • تقول ان الشعور والشيء المدرك هما عاملين يجب أن ينسجما ويتغير الشعور بتغير الإدراك والعكس صحيح ومن الفلاسفة الذين أيدوا هذا الاتجاه “هسرل”.
  • النظرية الظواهرية مشتقه من نظريه (phenomene) . وهي أن نكتفي بوصف ما يظهر من غير الاعتماد على نظريات أو فروض حيث يقول “ميرنوبونتي” “إن العالم الموضوعي هو نتاج متأخر لشعورنا وأن الشيء الأول هو إدراكنا أو إن شئت، إن الإحساس بالمفهوم التقليدي هو أثر متأخر يصدر عن الفكر وهو يتجه نحو الأشياء “حيث تفسر الظواهرية أن الشعور والإرادة والعاطفة ” تفسر الإدراك كما يسميها “ايدموند”.
  • ويفسر أيضاً أن إدراكنا بالعالم الخارجي لا يكون في حالة ثبات بل يتغير علي حسب الحالة النفسية التي يشعر بها الفرد.
  • أثناء حزننا نري العالم كئيباً وأسود ونراه عتمه على عكس الفرح نراه جميلاً وملون وفي الخوف نري العالم مرعب وقاسي وهناك العديد من الأمثلة النفسية على ذلك.
  • ومن أثار العاطفة أنه عندما نحب شخص لا نرى فيه الاكل شيئاً جميلاً ونري محاسنه ونتغاضى عن عيوبه ولا نراها على عكس الشخص الذي نكرهه لا نري فيه إلا كل شيء سيء.

التركيب

  • التفاعل بين الإحساس والإدراك يتميز بالبساطة والسهولة وبهذا نرتقي من عالم الصور الحسية إلى الصور العقلية، كما يقول الفيلسوف ريد ” الإدراك هو الإحساس المصحوب بالانتباه”.

حل المشكلة

  • وفي النهاية نقول أن اتصال الإنسان بالعالم الواقعي الخارجي ينطلق من الإحساس بالأشياء والتفسير كما يقول كانط “المفاهيم بدون حدوس حسية تظل جوفاء، والحدوس الحسية بدون مفاهيم عمياء”.

لقد قمنا في هذه المقال بمعرفة هل يمكن الفصل بين الإحساس والإدراك أم لا، وتعرفنا على أهمية العقل، وتحدثنا عن الاتجاه العقلي، والاتجاه الحسي، والنقض الموجه، ونقيض الأطروحة، والنظرية الجشطانية، والنظرية الظواهرية.

قد يعجبك أيضًا