عقيدتنا في عيسى عليه السلام

عقيدتنا في عيسى عليه السلام تكمن فيما يحدثنا عنه ديننا الإسلامي، حيث تعد عقيدة ثابتة لدى جميع المسلمين، حيث نستدل عليها من كتاب الله الكريم، وسنوضح لكم الآن من خلال موقع زيادة كل ما يخص عقيدتنا في عيسى عليه السلام بالأدلة القرآنية.

عيسى رسول الله

أول معلومة تخص عقيدتنا في عيسى أنه رسول الله، وقد أرسله الله لهداية عباده وإرشادهم إلى الطريق القويم ومعرفة الحق، ومعنى كونه رسول أي أنه مكلف بتبليغ الرسالة التي أمره بها الله سبحانه وتعالى، ويتمم مهمته بإبلاغها إلى البشر، حتى يعم الحق على العباد.

فكما يخبرنا القرآن في سورة النساء، في الآية رقم 171، يقول تعالى: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ) صدق الله العظيم

فهو ابن مريم البتول عليها السلام، وكلمة الله التي ألقى بها إلى مريم، وروح منه ورسوله ليبلغ رسالته مثلما أبلغها باقي الرسل، وهو آخر الأنبياء قبل الرسول صلوات الله وسلامه عليه.

اقرأ أيضًا: متى ولد عيسى عليه السلام

أحد أولي العزم من الرسل

اختص الله سبحانه وتعالى من عباده من اختاره للنبوة، ولتبليغ رسالته للعباد، واختص بعض من رسله، بأن جعلهم أولي العزم، وعقيدتنا في عيسى عليه السلام أنه أحد خمسة من أولى العزم، هم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام ومحمد عليه صلوات الله وسلامه.

ففي الآية السابعة من سورة الأحزاب، يقول الله سبحانه وتعالى: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا) صدق الله العظيم.

عن اختيار هؤلاء الخمس من الأنبياء من بين الأنبياء هو تفضيلًا لهم، لأن الله سبحانه وتعالى أخذ عليهم عهودًا ومواثيق، وقال بعض المفسرين لأنهم حاملي الشرائع والكتب.

عيسى عبد من عباد الله

أي أنه بشر كمثل باقي البشر، وليس بإله كما يزعم البعض، فبرغم التقدير والتبجيل الكبيرين لعيسى عليه السلام في عقيدتنا الإسلامية، إلا أن ما يميزنا في عقيدتنا في عيسى عليه السلام هو الإقرار ببشريته.

ففي سورة الزخرف، في الآية التي تحمل رقم 59، يقول الله تعالى: (إِنْ هُوَ إِلاَّ عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلاً لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ) صدق الله العظيم.

يخبرنا الله جل شأنه في هذه الآية بأن عيسى عليه السلام هو عبد من عباده، وإن كان قد أنعم عليه بالنبوة، وهو قد أرسل لبنى إسرائيل في الأساس ليبلغ رسالته ويؤدى أمانته.

الدعوة لعبادة الله

قام الرسول عيسى عليه السلام بدعوتنا إلى عبادة الله سبحانه وتعالى، ودعانا للتمسك بالأخلاق القويمة واتباع طريق الله وترك طريق الشيطان.

ففي سورة آل عمران، وتحديدا في الآية رقم 51 يقول الله جل علاه: (إِنَّ اللّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَـذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ) صدق الله العظيم.

كما يأمرنا نبينا عيسى عليه السلام في هذه الآية، بما أمره به الله سبحانه وتعالى، بأن نعبد الله ربنا وربه، وألا نشرك في عبادته شيئا، تلك هي عقيدتنا في عيسى عليه السلام.

ميلاد عيسى عليه السلام المعجز

فولادة نبي الله عيسى عليه السلام لم تكن مشابهة لبقية البشر، إذ لا يقاربها إلا خلق سيدنا الله آدم عليه السلام، فآدم عليه السلام هو أول البشر، وليس له أب أو أم، وعيسى عليه السلام ولد من أم فقط وليس من والدين.

في سورة آل عمران، يخبرنا الله سبحانه وتعالى في إحدى آياته وهي الآية رقم 59، إذ يقول: (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُون) صدق الله العظيم.

فعيسى عليه السلام مخلوق من تراب، كما خلق تمامًا سيدنا آدم عليه السلام، أبو البشر جميعًا، وخلق بأمر ومشيئة من الله سبحانه وتعالى وبإرادته.

بشارة عيسى عليه السلام بقدوم الرسول

قام رسول الله عيسى عند مجيئه، بتبشير الناس بأن من بعده سيأتي رسول من الله، والرسول القادم سيأتي من بعده ليس بينهما نبي فاصل، وإن اسمه سيكون أحمد، وهو أحد أسماء نبينا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ.

في الآية التي تحمل رقم 6 من سورة الصف، يقول الله سبحانه وتعالى: (وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ) صدق الله العظيم

تفسر الآية بأن الرسول عيسى عليه السلام جاء حاملًا للبشارة، من أن بعده سيأتي رسول من الله، ليكمل ما بدأه الرسل من قبل في هداية الناس.

اقرأ أيضًا: معجزات سيدنا عيسى عليه السلام

معجزات نبي الله عيسى عليه السلام في القرآن

لنبي الله عيسى الكثير من المعجزات، والتي تم ذكرها في آيات القرآن الكريم وأبلغنا بها رسول الله، وفي عقيدتنا في عيسى عليه السلام، الكثير من المعجزات التي وقع حدوثها بإذن من الله جل علاه، ومن أهم هذه المعجزات:

1ـ عذرية مريم ـ عليها السلام ـ

فكان حمل مريم في عيسى عليه السلام بدون أب، فلم يمسسها بشر ولم تتزوج قط، فكان ميلاده المعجز آية من الله ومعجزة منه للعباد كدليل على قدرته.

في الآية رقم 47 من سورة آل عمران، يقول الله سبحانه وتعالى: (قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُون) صدق الله العظيم.

فتتعجب مريم عليها السلام عندما أخبرت بأن سيكون لها ولدا، وهي العذراء التي لم يقم بشرى من قبل بلمسها، ولكنها إرادة الله المعجزة التي لا يوقفها أي مانع.

2ـ كلام عيسى ـ عليه السلام ـ في المهد

تعد من أكبر معجزات نبي الله عيسى هي كلامه وهو لا يزال طفلًا رضيعًا في المهد، فأيده الله بهذه المعجزة ليبرئ ساحة أمه، وينظف ساحتها من أي اتهام ينال من شرفها.

ففي السورة التي تحمل اسم مريم من الآية رقم 30 إلى الآية رقم 33، يقول الله سبحانه وتعالى: (قالَ إِنّي عَبدُ اللَّـهِ آتانِيَ الكِتابَ وَجَعَلَني نَبِيًّا* وَجَعَلَني مُبارَكًا أَينَ ما كُنتُ وَأَوصاني بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمتُ حَيًّا* وَبَرًّا بِوالِدَتي وَلَم يَجعَلني جَبّارًا شَقِيًّا* وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَومَ وُلِدتُ وَيَومَ أَموتُ وَيَومَ أُبعَثُ حَيًّا) صدق الله العظيم.

فتحدث نبي الله عيسى في مهده، جاء دفاعا عن شرف والدته، فهو يخبر السائلين الذين تكاثروا عليها وأمطروها بسهام شكوكهم، أنه نبي من الله ورسول منه وولادته ليست كباقي البشر، وأنه عبد صالح قد آتاه الله الكتاب وأوصاه بالصلاة والعمل الصالح.

3ـ إنزال مائدة من السماء

قام الله سبحانه وتعالى بإنزال مائدة من السماء على عيسى عليه السلام واتباعه من الحواريين، عندما طلبوا دليل تطمئن له قلوبهم على صدق حديثه وصحة نبوته، فطلب من الله لهم رزقا من السماء وكان له ما طلب.

ففي سورة المائدة و التي سميت كذلك لورود قصة مائدة عيسى عليه السلام بها ، في الآيات من 122 و حتى 114، يقول الله سبحانه و تعالى: (إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّـهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ* قَالُوا نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَن قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ* قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّـهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) صدق الله العظيم.

المقصود هنا من المائدة هو كثير الطعام، وهو ما طلبه منه الحواريون فأجابهم نبي الله عيسى بتقوى الله، وعندما أصروا بدعواهم ألا يزال بقلوبهم بعض من الشك، دعا الله بما طلبوا، فأجابه الله وأيده بهذه المعجزة.

4ـ إحياء الموتى وشفاء المرضى

توجد هناك العديد من المعجزات الأخرى، والتي أيد بها الله سبحانه وتعالى، نبيه عيسى تأييدًا لموقفه وتعضيدا له، مثل إحياءه للموتى وشفائه للأعمى والأبرص، ونفخه في تماثيل من الطين كهيئة الطير لتدب فيها الحياة بأمر الله جل علاه.

تروى الآية رقم 49 من سورة آل عمران هذه المعجزات، في قوله تعالى: (وَرَسُولًا إلى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّـهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الموتى بِإِذْنِ اللَّـهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) صدق الله العظيم.

يخبرنا الله عن بعض معجزات نبيه عيسى التي أيده بها عندما أرسله لبنى إسرائيل، مثل تحويله تماثيل الطير لطيور حية، وشفائه لأصحاب الأمراض وإحيائه للموتى، وأنه كان يخبر الناس بما يأكلون أو يدخرون في بيوتهم، وكل هذا بفضل وبإذن من الله سبحانه وتعالى.

صلب المسيح عيسى عليه السلام في القرآن

في صحيح عقيدتنا في عيسى عليه السلام أنه لم يقتل، ولم يصلب، برغم منقول بعض الكافرين بأنهم قاموا بقتله وصلبه، ولكن جاء القرآن لنفى كل هذه الرواية، ولكن ما حدث أن شبه لهم.

تخبرنا الآيتين رقم 157 و158 من سورة النساء عن هذه الواقعة، حيث تقول: (وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا) صدق الله العظيم.

تحكى الآيات عن ادعاء الكافرين لقتلهم رسول الله وصلبه، وهو ما يختلف في عقيدتنا في عيسى عليه السلام، فينفى الله سبحانه وتعالى لقتلهم له أو لصلبه، وكل ما حدث هو أن شبه لهم، وقام الله برفع نبيه إليه.

اقرأ أيضًا: صفات المهدي المنتظر

نزول نبي الله عيسى في آخر الزمان

لعل من أهم ما يميز عقيدتنا في نبي الله عيسى عليه السلام هي إيماننا المطلق بنزوله آخر الزمان، فينزل نبي الله عيسى في آخر الزمان ليحكم بالحق، ويحكم بشريعة الله وأحكامه، ويمنع الناس عن الباطل، وينتقم من المسيخ الدجال.

ففي سورة طه، وتحديدا في الآية رقم 55، يقول الله سبحانه وتعالى: (مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى) صدق الله العظيم.

يخبرنا الله بعودة نبيه للأرض مرة أخرى، وموته ودفنه فيها كسائر البشر، ثم خروجه الأخير منها في يوم الحشر بصحبة باقي العباد.

إن عقيدتنا في عيسى عليه السلام عبد الله ونبيه، هي عقيدة ثابتة حيث اصطفاه الله عن عباده كما اصطفى جميع الأنبياء، وأيدهم بمعجزاته لهداية العباد، واصطفاه مع قلة من أنبيائه وخصهم بأولي العزم.

قد يعجبك أيضًا