السيطرة على العقول عن بعد

ماذا تعني السيطرة على العقول عن بعد؟ وكيف تتم هذه العملية؟ في هذه الحقبة الزمنية التي نشهدها حاليًا يمكننا القول بأن كل شيء مهما كان مستحيلًا فيما مضى أصبح الآن ممكن ومتوقعًا، وفي مقدمة هذه الأشياء المستحيلة سابقًا والممكنة حاضرًا هي السيطرة على عقل وتفكير شخص آخر من دون الحاجة إلى التواصل البصري أو المباشر معه، وسنتعرف إلى كل ما يخص هذا الأمر بالتفصيل من خلال موقع زيادة.

السيطرة على العقول عن بعد

إن السيطرة على العقول عن بعد لا تتم بطرق خارقة للطبيعة مثل السحر أو الفنون الغامضة، بل هي تحتاج إلى استراتيجيات معينة مع كل شخص لكي يتمكن صاحب القرار من السيطرة على الآخر والتحكم بطبيعة تفكيره، ويقصد بذلك هو عمل غسيل لمخ أحد الأشخاص والتأثير على طريقة ونهج تفكيره.

الهدف من السيطرة على العقول عن بعد هو خلق تبعية بعض الأشخاص لصاحب الفكر، لكي يتمكن من اتخاذ بعض القرارات بالنيابة عنهم مع إيهامهم بأن لهم مطلق الحرية في اتخاذ القرارات الخاصة بهم، وفي هذه الأثناء لا يكون الشخص مدركًا لِأنه يخضع لتأثير شخص آخر ولا يشعر بالتغيرات التي تطرأ على شخصيته.

اقرأ أيضًا: كيف اقوي شخصيتي؟

ما هو غسيل المخ

إن غسيل المخ هو الاسم الثاني لما يطلق عليه السيطرة على العقول عن بعد، وهو يعني التحكم في عقول الآخرين وإقناعهم ببعض الأفكار قسرًا أو حتى تعديل فكره وإصلاحه، وتعتمد فكرة غسيل المخ على التحكم في العقل البشري من خلال تقنيات نفسية محددة.

ينتج عن هذا الأمر تراجع قدرة الشخص المسيطر عليه على التفكير بشكل نقدي مستقل وإحلال أفكار مغايرة وغير مرغوب فيها، وكل ذلك في النهاية يؤدي لحدوث تغيرات عدة في المواقف والقيم والمعتقدات والعادات.

خلال حقبة الخمسينيات من القرن الماضي ظهر مصطلح غسيل المخ أو السيطرة على العقول عن قولًا وفعلًا في دولة الصين، وكانت الحكومة الصينية تدفع الناس إلى التعاون معها من خلال عمل غسيل مخ لهم، ثم انتشر هذا المفهوم وساد بشكل أكبر ومتتابع في ألمانيا النازية، ثم في الولايات المتحدة الأمريكية بهدف حل القضايا الجنائية وتجارة البشر.

استراتيجيات السيطرة على العقول عن بعد

إن السيطرة على العقول عن بعد تتم بناءً على مجموعة من الاستراتيجيات أو الطرق المتبعة لإتمام هذه العملية، وللتمكن من تحقيق السيطرة الكاملة على تفكير أحد الأشخاص يتم الاعتماد على الآتي:

1- اختيار الشخص الصحيح للسيطرة على عقله

إذا أراد الشخص أن يسيطر على تفكير أحد من الناس أو إعادة توجيهه سواءً لإصلاحه أو للفوز بتبعيته لا أكثر، فيجب عليه أن يكون دقيقًا في اختياره للشخص المراد تغيير فكره وميوله وطريقة تفكيره، لأنه ليس كل الأشخاص قابلين للسيطرة من طرف آخر سواءً كان خارجي أو قريب.

مثلًا ليس من السهل السيطرة على تفكير شخص يتمتع بمكانة مرموقة ويلعب دورًا قياديًا، ولكن من الممكن التحكم في تفكير أحد الأشخاص العاديين على سبيل المثال لهدف تجاري، كأن يكون الشخص يروج لمنتج معين أو يقوم بدعاية للانضمام إلى عمل أو نشاط معين.

هنا يستخدم تقنيات التواصل عن بعد بطريقة مميزة ومقنعة، لكي يتمكن من إدخال أفكاره وميوله إلى عقول الناس حتى يصل في النهاية إلى الهدف الذي يسعى من أجل تحقيقه، ولكن الذكاء هنا هو ألا يتولد لدى الطرف الآخر أي شعور بأنه يُساق أو يدفع من قبل قوة خارجية على التفكير بشيء معين أو اتخاذ قرار ما.

2- التخاطر

يقصد بالتخاطر هو التواصل بين الأشخاص من خلال العقل فقط دون أن يكون بينهم أي شيء ملموس، وبذلك يتمكن كلا الطرفان أن يفهما الذي يدور في فكر الطرف الآخر مهما كانت المسافة بينهما كبيرة، ولقد أكدت الأبحاث والدراسات العلمية أن هذا الأمر يحدث كنتيجة للأثر الكهرومغناطيسي للنشاط الكهربائي للعقل.

حيث إن جسم الإنسان توجد به الملايين من الخلايا ولكل منها وظيفة أو مهمة محددة، وهي تعمل على إرسال إشارات كهربائية فيما بينها وتكون تلك الإشارات بمثابة أمر متبادل بين مراكز المخ، ومن المخ إلى كافة أعضاء الجسم ولكن التخاطر أيضًا من الوارد جدًا أن يكون غير متعمد بالمرة، ومن الأمثلة على التخاطر الغير متعمد:

  • تلفظ شخصين عبارة واحدة في ذات الوقت.
  • التفكير العميق بشخص معين والتفاجئ بتلقي اتصال منه.
  • التفكير بأمر معين، وفجأة نجد شخصًا آخر يتحدث عنه.

أما بالنسبة إلى التخاطر المتعمد القائم على تخطيط مسبق فهو يكون بين شخص وشخص آخر لا يوجد بينهما وسيلة ملموسة للاتصال، ولكن جدير بالذكر أن هذا النوع من التخاطر لا ينجح إلا بعد ممارسات ومحاولات وتدريب طويل الأمد.

أهم ما في أن يركز الشخص على هدف أو غرض محدد لكي يتمكن المخ من تكوين معلومة معنية ثم يرسلها إلى دماغ الطرف المستقبل، هذا إلى جانب أن التخاطر ليس علمًا قائمًا بحد ذاته أو معتمد إلا أن العالم قد انتشرت به دراسة السيكولوجية الغير طبيعية، والنتائج العملية لهذه الدراسات أو التجارب تجزم بصحة هذا الأمر.

3- قانون الجذب

يمكن السيطرة على عقل وتفكير شخص آخر من خلال معرفة وتحديد السبب المراد السيطرة على تفكير شخص آخر عن بعد من أجله، وهنا يجب أن يكون الشخص غير متصنع أو مرتبك بل يجب أن يكون على طبيعته، لأن الطرف الآخر بمجرد أن ينجذب للشخصية ويتطبع بطباعها وبمرور الوقت يكتشف أنها كانت مصطنعة تنفلت زمام الأمور.

يجب أن يتبع الشخص سياسة النفس الطويل لكي يتمكن من إصلاح الطرف الآخر أو زرع الأفكار التي يريدها في رأسه من دون أن يشعر، فإن الأمر يحتاج إلى التقرب من ذلك الشخص ومن ثم التعرف إلى ميوله النفسي وتوجهاته الفكرية، لكي نجد مدخلًا أو ثغرة معينة يمكن من خلال استغلالها وإحلال أفكار أخرى مغايرة محلها.

اقرأ أيضًا: طرق السيطرة على العقل اللاواعي

4- المنطقية

إذا أردنا أن نسيطر على عقل وتفكير شخص آخر عن بعد وندفعه للقيام بشيء معين حتى وإن لم يكن يريده، فيجب أن نقنعه بالمنطق أن لذلك الشيء أهمية بالغة وتأثير عميق، إلا أن هذا الأمر يلزم له التمتع بقدرة كبيرة على الإقناع، فمثلًا يجب خلال الإقناع أن يتم شرح الموقف بطريقة مشوقة خطوة بخطوة للوصول إلى الهدف المرغوب فيه.

5- الحوار

يمكن السيطرة على عقل شخص ما من خلال التحاور والنقاش معه، لمعرفة ما يجول بخاطره وربطه مع الهدف أو الفكرة المراد تحقيقها من خلال احتلال مساحة كبيرة جدًا من تفكيره، فمثلًا من الممكن أن يتم هذا الأمر عن طريق طرح الأسئلة بأسلوب بسيط لتلقي الإجابات حتى الوصول للثغرة التي يمكن استغلالها.

6- التعامل بمبدأ المقابل

عند العمد إلى السيطرة على العقول عن بعد يجب التعامل مع الشخص المستهدف بفكرة أنه عندما يتبع سلوكًا معينًا أو يتبنى فكرة ما، سوف يحصل في المقابل على خدمة أخرى أو منفعة، أي أنه يجب إقناع الطرف الآخر بأنه إذا أدى الشيء الذي نريده منه سوف يحصل في المقابل على شيء آخر يريده هو، وهذا لوحده كفيل بان تسيطر الفكرة على عقل الشخص من دون التواصل المباشر معه.

 7- التعاطف

تلعب العاطفة دورًا محوريًا بالغ الأهمية فيما يخص السيطرة على العقول عن بعد، فمن خلال التقرب من الشخص والتعرف إليه أكثر نصبح أكثر فهمًا واستيعابًا لمستوى العاطفة لديه، وهنا يمكننا الدخول إلى من ثغراته العاطفية لكي نسيطر على تفكيره من دون أن يلحظ ذلك، وهذا لأن العاطفة لديه غالبًا ما تؤثر على وجهاته وتوجهاته أكثر من العقلانية.

اقرأ أيضًا: أفضل 10 كتب تطوير الذات والثقة بالنفس وبناء الشخصية

فوائد السيطرة الإيجابية على العقول

قد تبدو فكرة السيطرة على عقول الناس غير مقبولة وغير جيدة بالمرة للوهلة الأولى، إلا أن هذا الأمر صحته نسبية جدًا وذلك لأن السيطرة على عقل أحد الأشخاص قد يكون الدافع من ورائه إيجابيًا، يعود على الفرد وعلى المجتمع بالنفع والفائدة، ومن أبرز الفوائد الإيجابية للسيطرة على العقول:

  • القضاء على النمطية الفكرية والتخلص من المشاعر والأفكار السلبية، والانتحاء ناحية التفكير الإيجابي الإبداعي.
  • مساعدة الأشخاص على تغيير الأوضاع السلبية لديهم بتأثير خارجي دون أن يشعروا بذلك، مثل التخلص من مشكلة السمنة المفرطة.
  • الوصول إلى مواطن الضعف في شخصية الإنسان والعمل على تقويتها وتوليد شعور لدى الشخص بالراحة والأمان والثقة بالنفس.
  • التعرف إلى الأشخاص عن كثب من دون حتى التواصل المباشر معهم وجهًا لوجه، للسيطرة على الأفكار السلبية والعادات الغير صحيحة، مما يعود عليه وعلى المجتمع بالنفع.
  • برمجة العقل اللا واعي على بعض الممارسات مثل الإيجابية في العلاقات بأنواعها، سواءً كانت عاطفية أو أسرية أو اجتماعية أو عملية.
  • تطوير الشخصيات من حيث المبادئ والأفكار وزيادة القدرة على الإبداع، والقضاء على فكرة التبعية الفكرية السلبية.

لا يمكننا إنكار حقيقة أن السيطرة على العقول عن بعد قد تكون لها نتائج سلبية، وهذا يعتمد في المقام الأول على رغبة أو هدف الشخص الذي يقوم بتلك المهمة، ومن الوارد جدًا أن يكون مبتغاه سلبيًا يضر بالفرد وبالمجتمع في آن واحد.

قد يعجبك أيضًا