أسرار سورة البقرة الروحانية

أسرار سورة البقرة الروحانية من المواضيع المختلف عليها بين علماء الفقه الأصوليين وبين مشايخ الطرق الصوفية، بجانب أن المعالجين الروحانيين يرون تجاربهم في علاج المس والسحر بفضل الله باستخدام سورة البقرة.

لذلك دعونا في هذا الموضوع وعبر موقع زيادة نتحدث بشكل واسع حول أسرار سورة البقرة الروحانية حسب الأقوال المختلفة.

أسرار سورة البقرة الروحانية

مهما اختلفوا وناثرة الأقاويل حول أسرار سورة البقرة الروحانية، بين مؤيد ومعارض ومشكك لا ينكر أحد من كل الأطراف أن لها سر عظيم، سنحاول استكشاف بعض أسرارها من الأحاديث النبوية وأقوال كبار الصحابة، قد يبدو إننا نأخذ جانب الأصوليين لكن هم من يمتلكون الحجة المتصلة بسيد الخلق عليه الصلاة والسلام الذي نزل عليه الوحي، والمسلمين أجمعين يصدقون كل ما قاله، لكننا سنتناول آراء ما يقوله لنا المعالجين القرآنين فهم أقرب أناس للصواب ولا يستعينون بخدام.

مما لا شك فيه أن القرآن فيه شفاء للناس من الأمراض السحر والمس وما إلى ذلك، وقال ذلك المفسرين في تفسيرهم لقوله تعالى:

“وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا” (الإسراء 82)

وقال تعالى:

“وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ  قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى  أُولَٰئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ” (فصلت 44).

كما قد ورد الكثير من فضل سورة البقرة في كتاب الترغيب والترهيب للمنذري.

حيث ثبت أن سورة البقرة لها تأثير قوي على الفسقة من الجن الذين يحيدون عن النواميس الإلهية، لا سيما الآية:

“وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ” (البقرة 102)

مع التأكيد على بعض الجمل منها.

ستجدها في أغلب الرقى الشرعية، وأن قابلت معالج يتقي الله لن يتأخر لحظة في قراءتها عند رقيتك.

وهذا أصدق ما وصلنا له في البحث وراء أسرار سورة البقرة الروحانية بين المعاصرين، لكن الرسول صلى الله عليه وسم أخبرنا الكثير عنها.

اقرأ أيضًا: سورة البقرة للزواج في أسبوع ودعاء مستجاب لسرعة الزواج وحقيقة ذلك

أسرار سورة البقرة الروحانية في أقوال التابعين

قد روي عن ليث بن أبي سليم قال: بلغني أن هؤلاء الآيات شفاء من السحر بإذن الله، تقرأ في إناء فيه ماء، ثم يصب على رأس المسحور: الآية التي في سورة يونس:

“فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ”، وقوله: “فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ… بِرَبِّ الْعَالَمِينَ” (الأعراف 118-121) وقوله: “إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى” (طـه 69).
لكن ليث بن سليم التابعي القرشي لم يؤخذ منه حديث، واسقطه المحدثين: وقال عنه الإمام أحمد بن حنبل: “ليث بن أبي سليم مضطرب الحديث”.

أسرار سورة البقرة الروحانية في الحديث الشريف

ورد أكثر من حديث عن الرسول في فضل سورة البقرة وحمايتها للمؤمنين مثل:

عن أبو هريرة رضي الله عنه قال أن النبي -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- قال:

“لا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقابِرَ، إنَّ الشَّيْطانَ يَنْفِرُ مِنَ البَيْتِ الذي تُقْرَأُ فيه سُورَةُ البَقَرَةِ” (صحيح الترمذي 2877).

في هذا الحديث الشريف توجيه من النبي إلى أن القرآن يحي البيوت والقلوب، ودون القرآن البيوت تشبه المقابر التي لا حياة فيها، كما أنه -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- أشار إلى أن سورة البقرة تحفظ البيت من أن يدخله الشيطان، بأنها تحفظه من أن يقرب الشيطان منه، بل أن الشياطين تهرب من البيت وتكرهه.

اقرأ أيضًا: أعراض الحسد بعد قراءة سورة البقرة وتأثيرها على المعيون

سورة البقرة تحصن المؤمن من السحر

عن أبو أمامة الباهلي أن النبي -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- قال:

“اقْرَؤُوا القُرْآنَ فإنَّه يَأْتي يَومَ القِيامَةِ شَفِيعًا لأَصْحابِهِ، اقْرَؤُوا الزَّهْراوَيْنِ البَقَرَةَ، وسُورَةَ آلِ عِمْرانَ، فإنَّهُما تَأْتِيانِ يَومَ القِيامَةِ كَأنَّهُما غَمامَتانِ، أوْ كَأنَّهُما غَيايَتانِ، أوْ كَأنَّهُما فِرْقانِ مِن طَيْرٍ صَوافَّ، تُحاجَّانِ عن أصْحابِهِما، اقْرَؤُوا سُورَةَ البَقَرَةِ، فإنَّ أخْذَها بَرَكَةٌ، وتَرْكَها حَسْرَةٌ، ولا تَسْتَطِيعُها البَطَلَةُ” (صحيح مسلم 804).

قالَ مُعاوِيَةُ: بَلَغَنِي أنَّ البَطَلَةَ: السَّحَرَةُ.

شرح الحديث

يرشدنا النبي الكريم في هذا الحديث إلى فضل قراءة القرآن الكريم لأنه حبل الله الموصول والحصاة من الكيد الحرة لعنة الله عليهم، فيقول:

“اقْرَؤُوا القُرْآنَ” أي داموا على تلاوته واغتنموه في الدنيا.

“فإنَّه يَأْتي يَومَ القِيامَةِ شَفِيعًا لأَصْحابِهِ” أي أن القرآن يوم القيامة يتمثل للناس في صورة يرونها، مثلما تتمثل الحسنات والسيئات، ويكون شفيعًا لمن يتلونه، فهم أصحابه في الدنيا يحبونه ويأتمرون بأوامره.

“اقْرَؤُوا” كرر الرسول -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- الأمر للتخصيص، للدلالة على أن ما يأتي ذو فضل عظيم.

“الزَّهْراوَيْنِ” أي المميزتان، والنيرتان وذلك لكثرة أحكام الشرع و الحكمة وأسماء الله الحسنى وصفاته العلا بهم، ومما لا شك فيه أن كل سور القرآن منيرة لكن أختص الله هتان السورتان على لسان نبيه

“البَقَرَةَ، وسُورَةَ آلِ عِمْرانَ” السورتان اللتان خصصهما بالقراءة.

“فإنَّهُما تَأْتِيانِ يَومَ القِيامَةِ” أي تحضران وتتمثلان بالهيئة والثوب التذي أراده الله تعالى ويجازى به قراءهما، والإتيان هنا على الحقيقة، لكن كيفما يشاء الخالق.

“كَأنَّهُما غَمامَتانِ” والغمام هو ما يغم السماء ويسترها عن الناس، فسوف تأتي السورتان تحمي صاحبهما عن حر الشمس في هذا اليوم العظيم.

“كَأنَّهُما غَيايَتانِ” الغاية مفهومها أعم، فهي كل ما يستر الإنسان من فوقه، سواء كان سحابًا أو غيره.

“طَيْرٍ صَوافَّ” صواف هي الطيور الباسطة أجنحتها، فيقيان صاحبهما من حر هذا اليوم.

“تُحاجَّانِ عن أصْحابِهِما” أي تدفعان عنه القيود وزبانية جهنم، وتشفعان عنه وتجيب بدلًا منه عندما لا ينطق لسانه.

اقرأ أيضًا: فوائد سورة البقرة للرزق وسبب تسميتها ونزولها

تخصيص بعد تخصيص لسورة البقرة

“اقْرَؤُوا سُورَةَ البَقَرَةِ” تخصيص آخر بعد التخصيص الأول لبيان عظمة هذه السورة، فقد قال بالتعميم في بداية الحديث القرآن كله، ثم خصص من القرآن سورة البقرة وسورة آل عمران، ثم خصص منهما سورة البقرة.

“فإنَّ أخْذَها” أي تلاوتها والعمل بما ورد فيها.

“بَرَكَةٌ” وهي النماء والنفع الكبير لصاحبها.

“تَرْكَها حَسْرَةٌ” أي من يترك قراءتها سيندم على ما فاته من منفعة يوم القيامة وتحسر على ذلك

“ولا تَسْتَطِيعُها البَطَلَةُ” أي لا يقدر عليها وعلى تحصيلها البطلة وهم السحرة والعياذ بالله، ولا يستطيع أحد منهم أن يقرئها لانهم ابتعدوا عن طريق الحق وتلك السورة تجلد قلوبهم.
كما أن السحرة لا يستطيعون اختراق تحصينها للمؤمن، فهي حصن للمؤمن من تدبيرهم.

كما قال بعض المفسرين أن البطل هم الكسالى الذين لا يقدرون على حفظها ولا قراءتها لكسلهم وقعودهم عن بذل المجهود.

سورة البقرة تمنع الشيطان من البيت

عن سهيل بن سعد قال أن النبي -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- قال:

“إنَّ لكلِّ شيءٍ سَنامًا وإنَّ سَنامَ القُرآنِ سورةُ البقرةِ مَن قرَأها في بيتِه ليلًا لَمْ يدخُلِ الشَّيطانُ بيتَه ثلاثَ ليالٍ ومَن قرَأها نهارًا لَمْ يدخُلِ الشَّيطانُ بيتَه ثلاثةَ أيَّامٍ” (صحيح ابن حبان 780).

في هذا الحديث الشريف بلفظ صريح يرشدنا الرسول -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- إلى تلاوة سورة البقرة وسماها سنام القرآن لبيان عظمها.

كذلك قال أنها تمنع الشيطان من دخول البيت الذي تُقرأ فيه في الليل لمدة ثلاث ليال، وإذا قُرئت في بالنهار تحمي البيت من دخول الشيطان لمدة ثلاث أيام، وبذلك يرشدنا إلى أن نقرأ سورة البقرة في بيوتنا أطراف الليل وآناء النهار.

اقرأ أيضًا: فضل قراءة سورة البقرة لتحقيق الأمنيات واسمائها وقصتها ولماذا سميت سورة البقرة بهذا الأسم؟

أخر آيتان في سورة البقرة تحمي المؤمن من الشيطان

عن أبو مسعود عقبة بن عمرو أن النبي –صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ– قال:

“الآيَتانِ مِن آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ، مَن قَرَأَهُما في لَيْلَةٍ كَفَتاهُ” (صحيح البخاري 4008).

في هذا الحديث الشريف يرشدنا النبي إلى تلاوة أخر السورة إن لم نسطع  قراءة السورة كلها، وقد فسر الفقهاء قوله: “كَفَتاهُ” بأنها تكفيه الشيطان وتبعه عنه، أو أنها تكفيه عمل تلك الليلة لعظم أجرها، و في كلا الحالتين هو فضل عظيم للمؤمن.

أخر آيتان في سورة البقرة تحمي البيت من الشيطان

عن النعمان بن بشير أن النبي -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- قال: “إنَّ اللَّهَ كتبَ كتابًا قبلَ أن يخلُقَ السَّماواتِ والأرضَ بألفي عامٍ أنزلَ منهُ آيتينِ ختمَ بِهما سورةَ البقرةِ ولا يقرآنِ في دارٍ ثلاثَ ليالٍ فيقربُها شيطانٌ” (سنن الترمذي 2882).

في هذا الحديث الشريف يرشدنا النبي -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- إلى قراءة أخر آيتان من سورة البقرة وقال أنها تحمي البيت من دخول الشيطان لمدة ثلاث ليالي كاملة، بل تمنع الشيطان من الاقتراب من البيت حتى.

اقرأ أيضًا: أواخر سورة البقرة مكتوبة بالتشكيل وفضلها كما ورد في السنة النبوية

تَذْكِرة، إن الذكرى تنفع المؤمنين

وجدنا الكثير من الوصفات مجهولة المصدر، أو معلمة أن أصحابها أهل بدعة، أو شرك بالله والاستعانة بالجن وما إلا ذلك والعياذ بالله، يأمرون الناس بقراءة سورة البقرة بأعداد معينة في أوقات معينة، أو يطلبون منهم أن يقطعوا السورة إلى قطع ويقرونها بأعداد معينة.

أو الأدهى من ذلك بعضهم يطلب أن تقرأ كلمات معينة من السورة وتترك أخرى، وسترى طائر أسود يخرج من جسمك في المنام …، وغيرها الكثير من الحيل الدنيئة المبتدعة.

لا نجد في الشرع الحنيف ذكر لمثل كل تلك الأفعال، والعمل بها بدعة، والاعتقاد بها أن هي من تجلب النجاح أو الرزق أو الولد هو شرك بالله تعالى، وهذا بعيد كل البعد عن أسرار سورة البقرة الروحانية الصحية الواردة إلينا بالأسانيد الصحية عن النبي -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-.

قد يعجبك أيضًا